أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - الحب في زمن الكورونا














المزيد.....

الحب في زمن الكورونا


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 7985 - 2024 / 5 / 22 - 10:21
المحور: الادب والفن
    


كنت منهمكةٌ بالمراسلة مع صديقتي عبر الماسنجر، حينما سرتْ همهمة بين ركاب الباص.
أول الأمر لم اهتم بمعرفة ما يجري، فحديث صديقتي عن حبيبها الذي هجرها بعد علاقة دامت سنوات ويرتبط بأخرى، كان حدث الساعة بالنسبة إليّ، قنبلة الموسم، تسونامي عظيم غطى على كل الأحداث الصغيرة، وابتلعها كما تبتلع الحيتان بشهية الأسماك الصغيرة.
بدأت أفكر معها لوضع خطةً محكمة لاسترجاع الحبيب الهارب، الخائن، الناكر للأيام الجميلة التي جمعتهما، والذكريات الرائعة التي تقاسماها معًا، ليس حبًا فيه، أو تمسكًا به، بل انتقام منه، ليعرف أنها ليست لقمة سائغة، فسقف كرامتها عال جدًا، لن يستطع الوصول إليه.
رغم علمي بكذبها، إلا إنني فضلت الصمت في تلك اللحظة.
حين كتبت جملتها الأخيرة، أرسلتْ معها صورة لوجه غاضب.
ارتفاع مستوى الأصوات، جعلني أطلب منها تأجيل الموضوع لأنّ حدثًا غريبًا يقع في الباص، شوش على أفكاري وسبب في انقطاع سلسلتها.
سخريتها مني، ونعتها لي بأن جميع حلقات أفكاري صدئة وغير نافعة، لم يثيرا غضبي لأنَّ خيالها في تلك اللحظة، يسمح لها بتصور أيُّ شيء لا وجود له.
أغلقتُ هاتفي وبدأت اتلفت، متجاهلة رسائل صديقتي وسألت الرجل الجالس في المقعد الموازي لمقعدي عن سبب توقف الباص المفاجئ. هز رأسه وكتفيه ومطَ شفتيه علامة عدم المعرفة.
شعوري بالخجل، جعلني أفتح الهاتف وأقرأ رسائل الحبيبة المغدورة.
لم أفهم كلمة مما كتبتْ، تصاعد الأحداث في الباص، لجم رغبتي في الفهم وقضى على شهيتي للحديث معها.
فجأة، انتبهت إلى الرجل الجالس بجانبي، كررت عليه السؤال. كنت أتوقع نفس الرد. ما حصل كان الأسوأ، اكتفى بالنظر إليّ ثم استدار نحو النافذة.
نظراته البلهاء ورسائل الصديقة المستفزة، وصوت إشعارات تلك الرسائل والفوضى التي احتلت المكان، أشعلت النار في شراييني، أما دخان تلك النار أخذ يتجمع فوق رأسي كغيمة ثقيلة حجبت الرؤية عني.
نظرت إلى السماء خلال النافذة، لا شيء سوى الغيوم، إلى ماذا يحدق هذا الأحمق؟!
نهضت من مكاني أحاول معرفة ما يجري، رجال مسلحون يرتدون ملابس بألوان غامقة يحيطون بالباص، عدد منهم يقف قرب نافذة السائق يأمرونه بفتح أبواب الباص.
ارتجفتْ كل خلايا جسدي حينما رأيت رجلًا منهم ينظر إليّ ويبتسم. لمحت واحدًا منهم يرتدي زي الأطباء.
" ربما يوجد مجرم بيننا " تفوهت بهذه الكلمات امرأة ستينية، جارتها الشابة ردّت:
"حتى لو كان الأمر صحيحًا، فهؤلاء ليسوا رجال شرطة".
أحدهم بدأ يرسل للسائق إشارات توعد في الهواء، بينما أخذ الباقون ينقرون على زجاج النوافذ مما سبب رعبًا لجميع الركاب.
في هذه اللحظة، استجمعت ماتبقى من شجاعتي المسفوحة، وسألت جاري عن كل ما يحدث.
اكتفى بالابتسام وسحب يده حين وجد يدي فوقها. مشاعر إحراج وخجل تمكنت مني.
رسائل الصديقة المستمرة وهي تلعن الحبيب الخائن وتنعته بأقبح الصفات، جعلتني أشعر بأن العالم مكان غير آمن.
تعزز لدي هذا الشعور ونما حينما رأيت جاري يبتسم ببلاهة للطبيب الواقف بين المسلحين، ثم يوزع نظراته بيني وبين ذلك الرجل.
هل يمكن للموت التجسد بهيئة إنسان؟!
فكرت في مغادرة مكاني، المقاعد كلها مشغولة بالإضافة إلى أن أقدامي فقدت قدرتها على الحركة.
تهيأ لي أنني أسمع نبضات قلبي عندما صعد المسلحون الباص وبدأوا يتفرسون في وجوهنا ومعهم الطبيب الذي وضع يديه في جيب ردائه الناصع البياض.
وصل أحدهم ومعه الطبيب إلى مقعدي، تجاهلني وهو يأخذ ورقة من يد الرجل الجالس بجانبي وبدأ يقرأ:
هذا الرجل أبكم وأصم.
أما الطبيب، قال لي بصوت كأنه قادم من عالم آخر والكمامة على وجهه:
- سيدتي، جاركِ مصاب بالكورونا!



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أدوات استفهام
- آدم الأخير
- فوز الكلابي موشاة بأحلام قصصها
- يوميات سائق كيا
- نشط منذ ساعة
- نافذة على الخريف
- مداهمة قلب
- موت الوهم
- لمن الصورة؟
- ليلة الحفل
- حوارية بين فوز حمزة والشاعر عبد السادة البصري
- للظلام أجنحة
- في انتظار نون
- فنجان شاي
- غفوة
- عاشق الروح
- شدو اللآلئ
- ستون ثانية وثانية
- رسالة إلى الله
- رصاصة في الذاكرة


المزيد.....




- فنانة مصرية مشهورة تؤدي مناسك الحج على كرسي متحرك
- قصة الحملات البريطانية ضد القواسم في الخليج
- أفراح وأتراح رحلة الحج المصرية بالقرن الـ19 كما دونها الرحال ...
- بسام كوسا يبوح لـRT بما يحزنه في سوريا اليوم ويرد على من خون ...
- السعودية تعلن ترجمة خطبة عرفة لـ20 لغة عالمية والوصول لـ621 ...
- ما نصيب الإعلام الأمازيغي من دسترة اللغة الأمازيغية في المغر ...
- أمسية ثقافية عن العلاّمة حسين علي محفوظ
- ثبتها الآن.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على نايل سات واستمت ...
- عروض لأفلام سوفيتية وروسية في بوينس آيرس
- -مصر القديمة.. فن الخلود-.. معرض لقطع أثرية مصرية في سيبيريا ...


المزيد.....

- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - الحب في زمن الكورونا