حرب الإبادة الجماعية امام محكمة العدل الدولية

سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 7851 - 2024 / 1 / 9 - 17:29
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    

الف مثقف عالمي يصدرون بيان التضامن مع الشعب الفلسطيني

"إذا كان لمحكمة العدل الدولية أن تتوصل إلى نتيجة بشأن الإبادة الجماعية، فلن يتعين على المحكمة الجنائية الدولية أن تقرر وقوع إبادة جماعية؛ وسيكون على المحكمة الجنائية الدولية فقط أن تقرر من هم الأفراد المسؤولون عن الإبادة الجماعية". تكتب ماروجيه كوهن الحقوقية الأميركية، رئيس سابق لنقابة الحقوقيين بالولايات المتحدة، وعضو مكتب الاتحاد العالمي للحقوقيين الديمقراطيين. وتضيف " أظهر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية انحيازًا صارخًا لصالح إسرائيل".حيال هذا الانحياز يترتب " دعوة الهيئة العمومية للأمم المتحدة لعقد جلسة تحت بند "الاتحاد من أجل السلام" لتجنب فيتو أميركي يعطل قرار المحكمة الدولية بعد تحويله الى مجلس الأمن للتنفيذ"، توصي ماروجيه كوهن من اجل العدالة لشعب فلسطين .


بينما تواصل إسرائيل ارتكاب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في غزة - حيث تجاوز عدد القتلى الآن 20 ألف شخص (نحو 70% من النساء والأطفال) - يبدو العالم عاجزاً عن وقف الإبادة .
أقدمت إدارة بايدن، الداعم الرئيسي لإسرائيل، على نعطيل قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المتخذ أخيرا في 22 ديسمبر/كانون الأول، فمسخه مجرد موقف رمزي؛ يدعو القرارالذي تم الاتفاق عليها إلى تقديم المساعدات الإنسانية، دون وقف إطلاق النار الذي يسمح بوصول حر للمساعدات إلى سكان غزة. لقد حفظت الولايات المتحدة ماء وجهها الدبلوماسي من خلال عدم استخدام حق النقض المعتاد، لكنها لم تصوت لصالح القرار، واختارت بدلا من ذلك الامتناع عن التصويت.
وفي اليوم نفسه، حذرت باولا جافيريا بيتانكور، المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان للمشردين داخليا، من أن إسرائيل تسعى إلى تغيير تركيبة سكان غزة بشكل دائم من خلال أوامر إخلاء إضافية، وهجمات ممنهجة وواسعة النطاق على المدنيين والبنية التحتية المدنية في مناطق جنوب غزة.
تم تجاهل الدعوات لتقديم المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين الى المحكمة الجنائية الدولية، حيث أظهر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية انحيازًا صارخًا لصالح إسرائيل.
في 13 تشرين الثاني/نوفمبر، رفع مركز الحقوق الدستورية دعوى قضائية نيابة عن منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية والفلسطينيين والأمريكيين الفلسطينيين ضد الرئيس جو بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن، متهمًا إياهم بالتخلف عن منع الإبادة الجماعية والتواطؤ في الإبادة الجماعية. الدعوى القضائية تسعى للحصول على أمر من محكمة الطوارئ لوقف الدعم العسكري والدبلوماسي الأمريكي للحكومة الإسرائيلية، وتوثق الدعوى كيف ترتكب إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية على النحو المحدد في اتفاقية الإبادة الجماعية. وستعقد جلسة الاستماع في يناير كانون الثاني.
ومع ذلك، تستمر المذبحة بلا هوادة.

"المحكمة العالمية" تفصل في النزاعات بين الدول

ينص نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على محاكمة الأفراد الذين يرتكبون جرائم الإبادة الجماعية أو يساعدون أو يحرضون عليها. وعلى النقيض من ذلك، فإن محكمة العدل الدولية (ICJ أو "المحكمة العالمية") - الذراع القضائي لنظام الأمم المتحدة - تعمل على حل النزاعات بين البلدان.
يمكن لأي دولة من الدول الأطراف الـ 153 في اتفاقية الإبادة الجماعية، بل ويجب عليها، أن تحيل جريمة الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية. تنص المادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية على ما يلي:
"المنازعات بين الأطراف المتعاقدة المتعلقة بتفسيرهذه الاتفاقية أو تطبيقها أو تنفيذها، بما في ذلك تلك المتعلقة بمسؤولية الدولة عن الإبادة الجماعية. . . يقدم إلى محكمة العدل الدولية بناء على طلب أي من أطراف النزاع."
ولا يزال التحقيق الرسمي في"الوضع في دولة فلسطين" معلقًا في المحكمة الجنائية الدولية منذ ما يقرب من ثلاث سنوات. إذا كان لمحكمة العدل الدولية أن تتوصل إلى نتيجة بشأن الإبادة الجماعية، فلن يتعين على المحكمة الجنائية الدولية أن تقرر وقوع إبادة جماعية؛ وسيكون على المحكمة الجنائية الدولية فقط أن تقرر من هم الأفراد المسؤولون عن الإبادة الجماعية.
في الشهرين الماضيين، حثت الدول الأطراف في اتفاقية الإبادة الجماعية – بما في ذلك جنوب أفريقيا وبنغلاديش وبوليفيا وجزر القمر وكولومبيا والجزائر وتركيا – المحكمة الجنائية الدولية على التحقيق مع المسؤولين الإسرائيليين بتهمة الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في غزة. وتشمل الدول الأخرى التي تنتقد تصرفات إسرائيل باكستان والبرازيل وتشيلي وبليز والأردن وأيرلندا وهندوراس والبحرين وفنزويلا وإيران وكوبا.
ينبغي حث هذه الدول على إحالة مسألة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية. وإذا قدم أحدهم طلبًا، فسيكون لمحكمة العدل الدولية الاختصاص القضائي للنظر في الأمر. ويجب أن يذهب قرارها بعد ذلك إلى مجلس الأمن لتطبيقه، على الرغم من أن ذلك قد يكون محدودًا لاعتبارات سياسية.
وعندما استندت البوسنة والهرسك إلى اتفاقية الإبادة الجماعية ضد صربيا فيما يتعلق بمذبحة سريبرينيتشا عام 1995، أصدرت محكمة العدل الدولية حكمها ضد صربيا. وقد أدى ذلك مباشرة إلى المحاكمات في المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة.
وفي عام 2004، أصدرت محكمة العدل الدولية فتوى ضد إسرائيل في قضية الجدار العازل الذي بنته على الأراضي الفلسطينية. هناك قضية رأي استشاري أخرى معلقة في محكمة العدل الدولية حول شرعية احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، والتي من المتوقع أن تحكم فيها محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل.
ولكن إذا قامت دولة طرف في اتفاقية الإبادة الجماعية بإحالة مسألة الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية، فمن الممكن أن يكون لقرار المحكمة سلطة ملزمة.
وفي 12 ديسمبر/كانون الأول، حضر كريج موراي، سفير المملكة المتحدة السابق لدى أوزبكستان، جلسة للأمم المتحدة في جنيف بدعوة من فلسطين. مثللت بالاجتماع أكثر من 120 دولة. تحدث موراي إلى العديد من المندوبين حول سبب عدم قيام أي دولة بإحالة مسألة الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية.
وكتب موراي: "الإجابة أصبحت الآن واضحة بالنسبة لي". "لا يعني ذلك أن الناس يشعرون بالقلق من أن ادعاء الإبادة الجماعية لن ينجح في محكمة العدل الدولية. والمشكلة هي أن الجميع متأكدون تمامًا من أنها ستنجح».
قرار المحكمة العالمية بشأن الإبادة الجماعية سيكون ملزماً للمحكمة الجنائية الدولية
"تكمن المشكلة في أنه، بمجرد أن تقرر محكمة العدل الدولية أن هذه جريمة إبادة جماعية، يترتب على ذلك ليس [رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين] نتنياهو ومئات من كبار المسؤولين الإسرائيليين والعسكريين هم فقط القابلون لتحمل المسؤولية بصورة شخصية"، حسب تقدير موراي؛ بل إن من الواضح تمامًا أن “منفذ الإبادة الجماعية جو” بايدن، وكذلك [رئيس حكومة المملكة المتحدة ، ريشي] سوناك وأعضاء إدارتيهما قابلون أيضا لتحمل المسؤولية جنائياً بالتواطؤ، نظرا لتفقديمهم الدعم العسكري للإبادة الجماعية".
يضيف موراي : “لا يمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تتجاهل حكمًا بالإبادة الجماعية صادر عن محكمة العدل الدولية ولن يكون أمامها خيار سوى إصدار أوامر اعتقال”.
ما من شك في أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة. ووصف كريج مخيبر، المدير السابق لمكتب نيويورك لمفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان (الذي استقال في أكتوبر احتجاجا على فشل الأمم المتحدة في منع الإبادة الجماعية الإسرائيلية) بأنها "غير مسبوقة - قضية كتاب مقررحول الإبادة الجماعية".
وفي حديثه في ندوة عبر الإنترنت يوم 13 كانون الأول (ديسمبر) برعاية معهد دراسات السياسات ولجنة الأصدقاء للتشريعات الوطنية وعملMPower، قال مخيبر إن إسرائيل قتلت سلالات كاملة وعائلات متعددة الأجيال وأحياء بأكملها في غزة.
لقد دمرت إسرائيل البنية التحتية المدنية وفرضت عمدا المرض والجوع والعطش ونقص الرعاية الطبية على سكان غزة. وقال مخيبر إن هذا يرقى إلى التعمد في فرض ظروف معيشية تهدف إلى تدمير الفلسطينيين كليًا أو جزئيًا، وهو ما يشكل عملاً من أعمال الإبادة الجماعية.
وأشار مخيبر إلى أن محكمة العدل الدولية يمكنها استنتاج نية الإبادة الجماعية من سلوك إسرائيل. لكنه أضاف أن المحكمة لا تحتاج إلى استنتاج النية من السلوك لأن إسرائيل تعلن صراحة عن نيتها الإبادة الجماعية من خلال التصريحات العامة التي ينطق بها مسؤولون في الحكومة الإسرائيلية: النية لتحويل غزة إلى أنقاض، ودفن سكان غزة، وما إلى ذلك. قال مخيبر: “لم أر حالة كهذه من قبل”.

يجب عقد جلسة للجمعية العمومية تحت بند "الاتحاد من أجل السلام"

"وهناك أيضًا إجراء يمكن للجمعية العمومية أن تلجا اليه للحيلولة دون حق النقض الأمريكي في مجلس الأمن. ’الاتحاد من أجل السلام‘، قرار اتخذته الجمعية العامة للتغلب على حق النقض الذي استخدمه الاتحاد السوفيتي أثناء الحرب الكورية، يمكن بموجبه للجمعية العامة أن تدعو الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة إلى فرض حظر تجاري على إسرائيل وحثها على تنظيم قوة عسكرية للتدخل في غزة؛ يمكن للجمعية العامة أيضًا تعليق عضوية إسرائيل في الجمعية العمومية .
أضاف كريج مخيبر،" انضممت إلى أكثر من 1000 مثقف عالمي في التوقيع على بيان الضمير والقلق، دعونا ’الحكومات الوطنية لحظر ووقف جميع شحنات الأسلحة إلى إسرائيل ، خاصة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، اللتين يتوجب عليهما أيضًا سحب وجودهما البحري الاستفزازي من شرقي البحر الأبيض المتوسط." طالبنا "مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والجمعية العمومية إصدار قرار بذلك دون تأخير".
علاوة على ما تقدم حثثنا "بشكل لا لبس فيه على وقف فوري لإطلاق النار والشروع بمفاوضات دبلوماسية تحت إشراف جهة محترمة ومحايدة، تهدف إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الطويل والضار إجراميا لغزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. كتبنا في البيان أن "هذه العملية يجب أن تحترم بالكامل حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير المصير وأن تأخذ في الاعتباراللائق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة".
خرج ملايين البشر في أرجاء المعمورة للتظاهر بالشوارع احتجاجا على الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل. يتوجب مضاعفة الجهود لتعبئة الرأي العام للضغط على الدول اذات التأثير الحاسم على إسرائيل كي تحملها على رفع مسألة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إلى محكمة العدل الدولية وعقد الجمعية العامة تحت شعار "الاتحاد من أجل السلام". يجب علينا أيضا أن ندعم حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات[بي دي إس] لإجبار إسرائيل على إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية. إن سكان غزة يستحقون أن نقوم بعملنا الفوري والعاجل.

#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات