أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حمد - انتخابات أوروبا ديمقراطية وانتخابات العراق ديمقراطية جدا !















المزيد.....

انتخابات أوروبا ديمقراطية وانتخابات العراق ديمقراطية جدا !


محمد حمد

الحوار المتمدن-العدد: 7832 - 2023 / 12 / 21 - 00:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لو سمح لي القاريء الكريم أن اصف له بطريقة دقيقة مشهد من مركز الاقتراع يوم الانتخابات في دولة أوروبية اقيم فيها منذ عقود. وبعد ذلك يحكم بنفسه على نوعية وجودة الديمقراطية والشفافية لديهم ولدينا نحن الذين ما زلنا نحبو وبصعوبة شديدة على طريق الأمم المتخصرة التي تمتلك شعور بالمسؤولية واحترام الدستور والقانون، نابع عن ثقافة سياسية متاصّلة حتى عند الناس البسطاء.
الآن ابدا بوصف المشهد باسلوب سينمائي تقريبا. وانا فيه "البطل" الرئيسي بلا منافس ! :
مركز الاختراع الذي اصوّت فيه مخصّص لثلاثة احياء كبيرة متجاورة. في الساعة العاشرة صباحا ( طبعا على راحتي) توجّهت الى مركز الاقتراع وهو في مدرسة ابتدائية كبيرة تبدا بساحة كبيرة للسيارات. وفي يوم الانتخابات تكون ساحة السيارات مخصصة لبعض المسؤولين عن العملية الانتخابية ولسيارات المعاقين واصحاب الاحنياجات الخاصة.
انا الآن اقف بالطابور خارج المدخل الرئيسي لمركز الاقتراع. وإلى جانبي عدد من الناس. الجميع يقفون بهدوء ونظام نحسدهم عليه نحن ابناء الفوضى والتدافع . طبعا لا توجد ثلاثة اطواق امنية وقوات اخرى على بعد كما هو الحال في إنتخابات العراق. ولا توجد طائرات تجوب سماء المنطقة. ولا توجد قوات امنية تتجول في المناطق المجاوىة لمراكز الاقتراع. . ولا اشخاص يشترون الاصوات او يبيعون البطافات الانتخابية او الترويج لهذا المرشح او ذلك. ان هذه الامور ممنوعة منعا باتّاً.
امسك في يدي بطاقتي الوطنية او الهوية الشخصية مع بطاقة الانتخاب التي يحق لي من خلالها المشاركة. وتكون نافذة لعشر سننوات. لا توجد بطاقة بايومترية ولا إليكترونية ولا حبر بنفسجي ولا بصمة اصابع للتحقق من شخصية المواطن، كما يحصل في الديمقراطية العراقية الفريدة من نوعها.
وعندما تقدمتُ بضعة امتار مع الطابور السائر ببطء. القيتُ نظرة سريعة إلى الداخل. تصوّرا ماذا رايت؟رابت عنصرين فقط من رجال الدرك. اكرّر، عنصران ففط بالزي العسكري المعروف هنا. وفي حزام كل واحد مسدس الخدمة أو الواجب. وليس رشاشة اوتوماتيكية ولا خوذة ولا
درع مضاد للرصاص ولا كفوف ونظارات سوداء، كما يحصل في إنتخابات العراق. رأيت احدهما جالسا خلف طاولة صغيرة ( او رحلة جلبها من احد الصفوف) وفي يده جريدة رياضية، انا ايضا من قراء تلك الجريدة. اما رجل الدرك الآخر فكان يجلس على الدراجات الاولى للسلّم المؤدي الى الطابق الثاني. هذا المشهد أثار فضولي فسالتُ نفسي: معقول! إنتخابات محلية يحرسها عنصران فقط من رجال الدرك؟ لكن صوتا من داخلي اجاب على سؤالي: نعم يا رجل، هذا هو الوافع كما تراه عيناك.
انا الآن على وشك الدخول للأدلاء بصوتي. وارى اماني ستة أو سبعة شباب ذكور وإناث جالسين خلف طاولة مستطيلة وامامهم سجلات وأوراق أخرى. وفي نهاية الغرفة أو المركز يقف رجل يبدو أنه أكبر سنا من الآخرين. وأمام هذا الرجل صندوق من الخشب العادي. صدّقوني يا ناس ! صندوق من الخشب العادي. وأعتقد أن هذا الصندوق استخدم سابقا في أكثر من عملية انتخابية. سلّمت هويتي الشخصية وهي ايضا من النوع القديم الى احد الشباب الجالسين فالقى بدوره نظرة على السجل المفتوح أمامه فوجد اسمي فورا وأشار لي أن اذهب الى الرجل الواقف خلف الصندوق الخشبي، الذي سلمني هو الآخر وبكل ادب ربما لأنني اكبر سنّا من ابيه، بطاقة التصويت مع قلم يشبه قلم الرصاص لكنه من نوع خاص. لا يمكن إزالة أو تشويه أو مسح ما يكتب به. وعليه فلا حبر بنفسجي ولا أجهزة متطوّرة تكلف الدولة ملايين الدولارات. ثم قال لي: اذهب الى الكابينة رقم ٢. ولاحظت أن كل غرفة تحتوي على ثلاث كابينات فقط. وهذا يعتمد على نوع الانتخابات طبعا. وضعت علامة x على اسم الحزب الذي اصوت له دائما. وغالبا من يكون من الأحزاب الخاسرة !
خرجت من الكابينة وسلّمت قسيمة أو بطاقة الاقتراع الى الرجل (ابو الصندوق) الذي وضعها بدوره داخل الصندوق وانا اتابع حركته يديه. وبما أن النساء يشاركن بالانتخابات بكثافة وباوقات مختلفة خصوصا في فترة الصباح. وبالتالي فإن الدخول الى غرفة الاقتراع يكون بالتناوب، مرة يدخل رجل ومرة تدخل امرأة..وهكذا دواليك.
وأود أن أشير إلى نقطة مهمة جدا هنا. الا وهي، عندما تنتهي العملية الانتخابية في العاشرة مساءا تغلق الصناديق في جميع المراكز بشريط لاصق فقط. وبحضور مسؤولي ذلك المركز وبإشراف الرئيس فيه. ونسيتُ ان اذكر ان جميع الموظفين في مراكز الاقتراع وفي جميع أنحاء البلاد يتم اختيارهم عن طريق القرعة. بعد أن تنشر بلدية المدينة إعلانا لمن يريد المشاركة في عملية عد وفرز وتدقيق بطاقات الانتخاب وغيرها من الامور. واعرف بحكم الخبرة أن الكثير من الشباب يتقدمون بطلباتهم إلى البلدية سعيأ وراء الحصول على مبلغ من المال لا بأس به لقاء عمل لمدة ثلاثة أيام فقط.
بعد إغلاق الصناديق مباشرة يبدا المتواجدون في كل مركز اقتراع بالفرز والعد وينقلون النتائج مباشرة إلى وزارة الداخلية واللجنة العليا المشرفة على الانتخابات عبر " منصّة" إلكترونية خاصة بالانتخابات فقط. واللجنة المشرفة على عملية الانتخابات اسمها "اللجنة العليا" وليس "المفوضية العليا المستقلة" كما في العراق. ثم مستقلّة عن ماذا؟
طبعا صفة "المستقلة" تعني ضمنا أن هناك شكوك ومخاوف بعدم نزاهة ومصداقية العملية الانتخابية برمتها.
كما أنني لم اسمع هنا اطلاقا عن "عصا الذاكرة" ونقلها بالطائرة إلى المركز. ولم اسمع اطلاقا عن خطة أمنية معقدة ودخول القوات الأمنية من جيش وشرطة في حالة انذار "ح،" وكان العراق موشك على الدخول في حرب اقليمية او مهدّد بغزو برّي. ولم اسمع أو أرى اطلاقا رئيس الدولة أو الحكومة أو أي مسؤول سياسي أو حكومي آخر يصرّح في التلفزيون قائلا: "اشكر قواتنا الأمنية على تأمين العملية الانتخابية التي جرت بلا حوادث ومشاكل". اضف إلى ذلك أخي القاريء ان نسبة المشاركة كما اعلن عنها في العراق، بغض النظر عن من قاطع الانتخابات، لا تستحق هدر ملايين الدولارات وتجييش المجتمع وقطع الطرقات.
على كل حال، ادليت بصوتي لقناعتي بأن المشاركة في الانتخابات هي واجب وليس حق شخصي فقط. وسلّمني احد الشباب الجالسين في مركز الاقتراع هويتي الشخصية وبطاقة الانتخاب وعليها ختم وتاريخ الجولة الانتخابية. وبودّي أن أشير هنا إلى أن هويتي الشخصية " البطاقة الوطنية" لا يوجد
فيها ذكر لا لديني ولا لطائفتي ولا لقوميتي ولا "لاصلي وفصلي" ولا حتى لحالتي الاجتماعية. هذه يا اخوان أمور شخصية تتعلق بك انت ولا شأن للدولة بها. لا شان للحكومة أن كنت تاكل حمّص بطحينه أو ملوخية أو تشريب دجاج. نحن هنا نعيش كمواطنين وليس كاتباع مكوّنات وطوائف واديان وأعراق. ومتى وصل العراق إلى مرحلة يعيش فيها العراقي كمواطن فقط وليس شيئا آخر، عند ذلك يمكن القول إن العراق أصبح بلدا متحضّرا وديمقراطيا قولا وفعلا.
وفي الختام يجب الاعتراف بأن الانتخابات في الدول الأوروبية هي عبارة عن "عرس ديمقراطي" حقيقي أما الانتخابات في العراق فهي مع الاسف الشديد "رعب ديمقراطي" حقيقي محفوف بالمخاطر.
فيا احفاد خمس حضارات عريقة من اين جئتم بهذه "الديمقراطية" العديمة اللون والطعم والرائحة؟
طبعا باستثناء راحة الفساد الكريهة !
.
.



#محمد_حمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما انصف القوم ضبّه زيلينسكي واورسولا الطُرطُبة
- من هو المعمّم الذي لا يريد الخير لنفسه ولا لغيره ؟
- اسرائيل واحة النازية في الشرق الأوسط
- اتهموتي بجريمة الانتماء إلى الوطن !
- تمرّدت عليّ خطواتي وهجرتني الطرقات
- العراق دولة تُدار بالتفاهمات وتطييب الخواطر !
- بقايا ملامح مجهولة الوجه
- أرصفة العمر معبّدة بالعراقيل
- نمرود الانبار أصبح مواطنا عاديا !
- هولوكوست فلسطيني تحت أنظار الجميع
- سقطت جميعُ الأقنعة !
- إخفاء الحقيقة تحت خراب الواقع
- كحرفٍ منسيّ في سطرٍ منقولٍ بأناملِ اعمى
- قرارات الأمم المتحدة حبر على ورق شفاف !
- نظرة طائشة افقدتني زمام المغامرة
- نعيبُ زماننا والعيبُ فينا !
- ايها الفلسطيني، لقد أسمعت لو ناديت حيّا !
- لا خير في دولةٍ يحميها الآخرون
- ما زالوا يطالبون الضحية بضبط النفس !
- اوكرانيا وزيلينسكي في ذمّة النسيان


المزيد.....




- السعودية.. الشرطة تتدخل لمنع شخص بسلاح أبيض من إيذاء نفسه في ...
- فيضان يجتاح مناطق واسعة في تكساس وسط توقعات بمزيد من الأمطار ...
- إدانات ألمانية وأوروبية بعد تعرض نائب برلماني للضرب
- مقتل مراهق بأيدي الشرطة الأسترالية إثر شنه هجوماً بسكين
- مجتمع الميم بالعراق يخسر آخر ملاذاته العلنية: مواقع التواصل ...
- هايتي.. فرار عدد من السجناء ومقتل 4 بأيدي الشرطة
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل أحد حراس القنصل اليوناني أثناء مراس ...
- قتيلان في هجوم استهدف مرشحا لانتخابات محلية في المكسيك
- محلل سياسي مصري يعلن سقوط السردية الغربية حول الديمقراطية ال ...
- بيلاروس تتهم ليتوانيا بإعداد مسلحين للإطاحة بالحكومة في مينس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حمد - انتخابات أوروبا ديمقراطية وانتخابات العراق ديمقراطية جدا !