|
راسكولنيكوف
عبد الله خطوري
الحوار المتمدن-العدد: 7728 - 2023 / 9 / 8 - 15:31
المحور:
الادب والفن
اليوم الأول : جالس بمقهى أرنو إليكَ ترنو من فجوة بجدار ، أطللتَ بتوجس إلى ما يمور بآلخارج ، فإذا بها بنايات شاهقات في شارع مديد مليء بجلبة لا تنقطع . فغرتَ فاك غير مصدق .. لا شيء تغير، بل تفاقمت آلأمور سوءا .. تبا .. تراجعتَ . تعثرتَ بأثاث مبعثر خلفك . تنمل ما تبقى من توازن في ساقيك آلمتشجنتيْن ، وظللت مكانك لا تنبس لا تتحرك ؛ وإذا بها سِنَة من غفوة أتتْ من حيث لا يدري أحد أغلقَتْ تينَيْك العينين نمْتَ ... أي رُعب ، أي ريبة ، أي توجس ، أي آرتباك في مقلتيْكَ المخدرتيْن المتحفزتيْن راسكولنيكوفـ ، أي أسرار فيهما ، بل أي عناء رغم مرور أزيد من قرن ونيف على وجودك آلملتبس بغرفة سطحك المعتمة .. !! ..
اليوم الثاني : قتلتَ المرابية العجوز، قدّمت للبشرية خدمة لا تُقدّر بثمن .. هكذا فكرتَ، كذلك خمنتَ الأمور تكون؛ لكن، لِمَ كل هذي الكوابيس ما ذنب مَنْ صادفتك تنجز منجزك الفكري حتى يودي بها هوسك المجنون .. إنك الآن لا تختلف عن أي نطفة طفيلية قاصلة عن أي قاتل آخر أهوك في أي زقاق ضيق جانبي يقتل من أجل حاجة إلى مال .. لم تعد ثمة غاية مُثلى أيها السفاك المأجور .. لقد تحولتَ .. بل قُلْ : لقد مُسِختَ ... ( ١ )
اليوم الثالث : جاءتك نجلة الكهل مارْميلادُوفُ أو جئتها ما عدتَ تميز شيئا لكن فور خروجها أو خروجك تأكدتَ يقينا بأنك تحب .. اوووف لقصور هذه العاطفة .. لقد وقعتَ ..
اليوم الرابع : منعزلًا ظللتَ تفكر في عالم قديم ينزلق من خلفك ومن بين يديك مستقبل يعزلك في حاضر لا يأبه بك ...
اليوم الخامس : جعلتَ تقرأ ما سَوَّدَ مارميلادوف في الحان .. لم تك تعلم أنه يبوح بآخر آهاته المعتمة قبل يسلم زمام سكره الآني لسُكْر أبدي .. ( ٢ )
اليوم السادس : كانوا لا يعلمون بأنك في غرفة آلسطح نائما، فآنشغلوا ببحثهم الدؤوب، وآنشغل ديدنُكَ بسُبات ميتافيزيقي لا يلين ...
اليوم السابع : كان طَرْقا عنيفا على الباب .. وها .. يظهر ضباط وجنود مدججون بالسلاح يقتحمون حُجرة يعتقلون يختمون أوراقا بالشمع الأحمر، ويتصلب الحكم في أقسى العقوبات .. يقظا نائما كنتَ تحلم بكوابيس البرد والبارود والرصاص طيلة الليل والنهار ...
وبعد ذلك : في آليوم الثامن، من الليلة آلأخيرة من الشهر الثامن من ذاك العام، جاءت حشود متجهمة رفقة لَمَمٍ ممن لا شغل لهم صعدوا الدرجات زعقوا كسروا ما كسروا اخترقوا الجدران والنوافذ توغلوا عبر خرم آلمفتاح دخلوا زرافات فرادى يُهوْهِوُون لاهثين حاصروا محاولةَ خفقان طارئة خارجَ حشرجات فقاقيع جلد مجدور أمسكوا قدميْن حاولتا خرق السقف والطيران بعيدا أودعوا قلبا وجدوه يخفق في الرأس سيارةً مسيجة ثم آنصرفوا ...
☆إشارات : ١_تتركز حبكة الرواية حول جريمة قتل الشاب الجامعي الموهوب رسكولينكوف للمرابية العجوز وشقيقتها والدوافع النفسية والأخلاقية للجريمة الرواية المعاناة النفسية لراسكولنيكوفـ بعد قتل المرابية من تأنيب الضمير ومن التمزق الداخلي والحيرة والقلق. ومما يزيد في تعقيد الحالة النفسية انه لم يقتل المرابية وحدها بل أضطر الى قتل شقيقتها التي لم يكن ينتظر وجودها في البيت، وذلك لاخفاء آثار الجريمة، وهكذا فقدت الجريمة احدى أركانها، فقد أراد ـ راسكولينكوف ـ قتل المرابية بالذات لأنها تستغل الآخرين وتستنزف قواهم ، غير أنه قتل انساناً بريئاً آخر من هنا بدأت الكوابيس المرعبة تسيطر عليه ونوبات الحمى والهذيان بالاضافة الى الأزمات النفسية التي هزت كيانه وقادته في النهاية الى الاعتراف بجريمته امام المحقق _ بافيري بتروفيتش _ الذي أتسم بقوة الحدس واليقظة والحساسية فهو قد تتبع خيوط الجريمة وأمسك بتلابيبها بكل دهاء وذكاء فريدين. فهو ادرك منذ البداية أن _ راسكولينكوف _ ليس هو القاتل فحسب بل ابدى في سير التحقيق معه فهما عميقاً لمشاعره ونزعاته وآرائه الفلسفية وقد استطاع المحقق _ بتروفيتش _ الإحاطة بمختلف الملابسات والدوافع والأحداث التي دفعت ـ راسكو لينكوف ـ إلى القتل ... ٢_مما جاء في تلك آلمسودة كما تركها صاحبها على تلك المائدة التي جمعتكما ذات شرود في ذات حان كاب في ذات زقاق خلفي معتم : مارْميلادُوفُ آسْمي آلآنَ أنَا وها قد آقْتربَ حَيْنُ حياتي دنا يهصر آلآهات هنا، من جلديَ آلمعصفر عبر مُسَيْمَاتي رَنا، لم يرَ غير سمادير سهام قنا طفقتْ تطفرُ كالعلق تقفو آثار أوبئة تتفتق ترتق في آلمُؤَقِ شاخ اللحظةَ قلبي ضنا، لم تذق طعم مرارته غير تجاعيد فناء تلبس لون عري صافنات لم أجن من جناها غير سُكْر سموم قطوف آلجَنَى .. لِيَكُنْ .. مِييييرْدُ .. مارْميلادُوفُ أنَا ...
#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آلُ يَغْنَانَ
-
كَانُوا سُعَدَاء
-
أَنْيَابُ آلْبَرّ
-
تَاجْنُوفْتْ / عاصفة
-
كُنُوزُ عَلي بابا
-
اِنْقِراضُ آلْأَجَمَاتِ
-
عَطَبُ آلنَّوَارِسِ
-
طيور غابات آيَتْ وَرايَنْ
-
طَيْفُ فَانْ كُوخْ
-
آبْرِيدْنَّغْ
-
صُبْحٌ ضُحًى وَمَسَاء
-
لَعلها إغفاءة آحتضار
-
لَيْتَهُمْ مَا فَعَلُوا
-
شُطْآنٌ تَائِهَة
-
هَزْ رَاسَكْ آالْعيَّانْ .. قال أبي
-
عُيُونٌ بِأَلْوَانِ آلْفَرَحِ لَمَّا كَانَ لِلْفَرَحِ عُيُون
-
وَمْضَةُ آلْبِدَايَاااات
-
يَمَّاتْنَغْ
-
عَلَّنِي
-
آمْعُوشَّابْ آلرّغَام
المزيد.....
-
حماس ترد : -إستسلام -القسام- مسرحية سخيفة-
-
المؤرخ الإسرائيلي آفي شلايم: دولة الاحتلال ترتكب -إرهاب دولة
...
-
متحف اللوفر يرفع أسعار تذاكره بنسبة الثلث
-
وداع مؤثر للمغني الإيرلندي شين ماكغوان
-
-ليلة عيد الحب-: إيسوب ولافونتين وشهرزاد في مؤتمر الحكي الأو
...
-
بومبيي: اكتشاف موقع أثري لسجن كان يُستخدم كمخبز
-
فيلم “Transformers” الأخير : هل ننصح بمشاهدة صراع العمالقة ا
...
-
ناقد سينمائي: على هوليود محاسبة نفسها على تأييدها المطلق لإس
...
-
انطلاق معرض جدة للكتاب بالسعودية
-
حيثُ ينمو الليمون ويكثرُ الشِعر
المزيد.....
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
-
سعيد وزبيدة . رواية
/ محمود شاهين
-
عد إلينا، لترى ما نحن عليه، يا عريس الشهداء...
/ محمد الحنفي
-
ستظل النجوم تهمس في قلبي إلى الأبد
/ الحسين سليم حسن
-
الدكتور ياسر جابر الجمَّال ضمن مؤلف نقدي عن الكتاب الكبير ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال وآخرون
-
رواية للفتيان ايتانا الصعود إلى سماء آنو
...
/ طلال حسن عبد الرحمن
-
زمن التعب المزمن
/ ياسين الغماري
-
الساعاتي "صانع الزمن"
/ ياسين الغماري
-
الكاتب الروائى والمسرحى السيد حافظ في عيون كتاب ونقاد وأدباء
...
/ السيد حافظ
-
مسرحية - زوجة الاب -
/ رياض ممدوح جمال
المزيد.....
|