عبد الله خطوري
الحوار المتمدن-العدد: 7713 - 2023 / 8 / 24 - 12:00
المحور:
الادب والفن
مِنْ بَر لبَر، من فج لفج، من شِعْبٍ لشِعْب، من قشلة لثكنة، من روع لروع، من بلدة لبلدة، من مدينة لأخرى ... ظل مسافرًا خدوما مطيعا مقداما غير هياب مبادرا مقتحما مناورا سُبُلَ الحياة يجتزئ حظا يُمَكِّنُهُ من الاستمرار في البقاء .. بقية ذَمَاء من رمق آلجبال ظل يكابد يجاهد في تحقيق مَعيش يعيشه المرء في كرامة وإباء وشرف .. شفافا تحيطه البدور مُشْرقات رأيتُه تحفُّه نَواضِرُ آلزهور، قلب صاف مثل الحليب، أبيض مثل شمع النحل، مثل ثلج آلشتاء، مثل قلوب الصغار لحظة الميلاد، أبصرتُهُ وسط لجج آلحضور مُتَوَّجًا بما لا أفقه من آيات الحبور والامتنان والإشادة، مُسَرْبَلًا بجلابة وراينية من دثار الليالي الباردات مُوشاة بتطريز قشيب تمتزج فيها النصاعة بالسواد، وتخطيطات آتخذتْ أشكال مربعات ومستطيلات عمودية وأفقية، يُرَتل بأريحيةِ غسقِ الفجر فواصلَ من آلْآيِ متوازية منتظمة وأذكارا شجية، وقد لَفَّ رأسَه بلفافة الصباح .. شاش أخضر يعصب به عنقه، فلا يظهر منه إلا وجهه الحليق المحمر البشوش؛ أو مُزَيًّا لمحتُه بكسوة الخيَّالة العسكريين الرمادية، يفرد ذراعيْه على آتساعهما واقفا على ظهر حصانه (رَتيب) برجليه معا أو برجل واحدة .. أغمض عينيَّ، أخشى مكاره قد تصادف الحركات على حين غرة، أفتحهما، فألفيه هُوَ هُوَ معلقا في الهواء بلا حبال بلا مَساند، قنةُ رأسه مسندة وسط السرج المهتز لشدة وقع خطوات الفرس على أرضية ينتفض غبارُها يتعالى نقعُها يُعْشي الرؤية بغبش يجعل الفارس والفرس يغطسان سوية في لحمة غلالة غريبة أشبه برؤى يقظة تختلط الحقيقة فيها بالحقيقة .. يطيران في فضاء بلا مَدى ... وسط القوم وجدتُني رائقا أرى ما لا يَرى الأنام .. كذا شعرتُ، كذا أحسستُ .. هَـزْ رَاسَكْ آالْعيَّانْ .. قال أبي .. فهززتُ رأسي أبصرُهُ سامقا في شموخه، أرنو إلى أسفل .. أرى آلعوالم كلها مجتمعة ريانة مؤتلفة متألقة .. أَنْظُرُ كَرَّة أخرى أبصرُ ما لا يُرَى ...
#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟