أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - تتمة قصة (قَرعُ آلْمَمْسُوحِ) 2















المزيد.....

تتمة قصة (قَرعُ آلْمَمْسُوحِ) 2


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7703 - 2023 / 8 / 14 - 12:13
المحور: الادب والفن
    


أصْلُ آلحكاية
ـــــــــــــــــــــ
أصل الحكاية يا سادة يا كرام أني في صباح باكر من أيام الله قصدتُ بيت الراحة كعادتي كل صباح، إلا أني فوجئت بواقعة غير عادية لم تخطر على بالي ولا تصورَ حدوثها عقلي .. لم أجد متاعي في مكانه .. هُلعتُ .. لقد طار أو طيروه ما عدتُ أميز شيئا .. اختفى دون سبب دون مبرر دون إحساس دون دم دون نزيف دون ألم دون يترك أي أثر .. غَبَرَ تلاشى .. راح مني .. يا الله ماذا حصل ؟ماذا وقع ؟ ما هذه السماجة ما هذه المزحة السخيفة ما هذا القرف ؟ إنني ممسوح ممسوخ مسلوخ مشوه مقطوع مبتور .. آآه .. جعلتُ أخبط أصخب أصرخ أزمجر أضرب يدي برأسي ورأسي بالجدار المجاور حتى أغمي عليّ ...

"وقال الرجل لامرأته لما رأى ليلة القدر يا فلانة الله قد أراني ليلة القدر ونذرتُ إنْ رأيتُها أدعو ثلاث دعوات مستجابات فأنا أشاورك فماذا أقول فقالت المرأة قل اللهم كَبِّرْ لي أيْرِي فقال ذلك فصار ذَكَرُهُ مثل ظرف القرع حتى صار ذلك الرجل لا يستطيع القيام به..." (١)

خرجتُ من البيت يا سادة يا كرام مذهولا مرعوبا مما أصابني.وكنت قد عزمت على الذهاب إلى الطبيب إلا أن أمورا حدثت زادت وضعيتي تفاقما وتأزما ... أولا، كان صاحب البيت الذي أقطنه، يطلب بإلحاح مقرف أجرة كراء أربعة أشهر لم أدفعها، وكان قبلا قد هددني بإبلاغ المحكمة إن أنا تأخرت أكثر من اللازم.باءت محاولاتي بالمداهنة والمناورة والتسويف المعهودة كلها بالفشل.جعل يصرخ يتوعدني يأمرني بترك المحل مُخليا مسؤوليته بما يمكن أن يترتب عن موقفي آتجاهه مُشهدا عليّ حشدا غفيرا ممّن لا شغل لهم تجمعوا هكذا يراقبون الموقف يتفرجون. علا الضجيج.تزايد صراخ صاحب البيت وعناده وعزمه على تحقيق ما برأسه .. تبا ..

_عْطِيني فْلوسي ... (قال)

_ مْنين؟ (أجبت)

_من جيبيك..

_ما عندي جيب؟

_الله يخليك لا تصدع ليا راسي أرى ليا رزقي ...

_ماعنديش اليوم

_زيد معايا المخزن يَفْرقْ بيناتنا...(٢)

وذهبتُ معه إلى غايته،وجعل يفرّق بيننا المخزن .. كان القاضي يصرخ يضرب بمطرقة الخشب أمامه.كان المدعي يزعق يحرك رأسه بالنفي.كان المحامي يذرع بالبنود والأرقام يجأر.كنتُ مرخيا رأسي أفكر في مصيبتي أكثر مما أفكر في محفلهم اللاغب .. وفي لحظة، وبعد سين وجيم وشنو سَمْ مُّوكْ آشْ سَمْ بَّاكْ عَمْرَكْ دْخَلْتي الحبْسْ، سألني صاحب مطرقة الخشب ...

_عنديك شي ضمان؟

رفعتُ رأسي إلى سقف شاهق مزركش بخطوط معوجة دختُ وأنا أحاول عبثا قراءتها .. الضامن الله .. قلت دون مواربة ..

_تْعَاوَطْ مزيان تْكَّادْ استقمْ...

_واخَّـا...

_عندك باش تْخَلّصْ؟

_علَيّ أن أجد عملا آخر يعينني...

_فاشْ خَدَّامْ؟

_هْنَا وَهْنَـا

_كيفاش هنا وهنا؟

_فْ كُولشي...

_واش عندك عمل قار؟

_كل يوم ورزقه...

_واش مْوَالَفْ كتاكول الناس؟(٣)

_موالف كياكلوني...

_آش هادْ الهدرة للي كتقول؟؟(٤)

_شي للي كاين نْعَامْ سِيدي...(٥)

_واش كتفللّى؟(٦)

_حاشا سِيدي

_واش عندك شي راس؟

_عندي ..؟؟.. هههه ..

قلتُ ناكسا رأسي أحرص أن لا يخرج البلل من بين .. تبا .. لم أك أتابع ما يُقال حولي.كانوا يسألون يكتبون يدونون وأنا ساه يلغو لساني بكلمات لم أسمع منها شيئا لكن لاحظتُهم كلهم ورائي في القاعة يضحكون والذين أمامي مغتاظون يزمجرون بغضب حانق، وآخرون واقفون جالسون لا يأبهون؛ وفي لحظة لم أعرف كيف سقطتْ على رأسي قُرِعَتْ المطرقة على سنداني فخررت مغشيا، ولما أفقت وجدتني في حجرة مضغوطة النفس تستفزني أشباح مشلوحة تَخرُج من حيث لا أدري ترنو إلى فسيلتي المُغيبة تُخرِج لسانها هازئة ثم تنصرف.قضيت أسبوعا بالتمام والكمال في رحاب ضيقة رحبت بي لم أحفل فيها بعبء كراء ولا هم أكل أو مشرب أو مبيت.لكن المَسْح الذي أصابني آستمر يشغلني يقلق بالي خائفا مما يمكن أن يقع في غفلة أخرى من غفلاتي. بعد أيام السجن، رفض رب العمل رجوعي إلى العمل بحجة الحبس الذي كنت فيه والقضية التي لازلت متابعا بسببها وكثرة الشكايات من رفقائي وغير رفقائي التي جعلت تلاحقني والديون المتراكمة على عاتقي دون ضمان أو سداد و .. لم يبق لي مال، وحتى حوائجي القليلة آضطررت لبيعها كيفما آتفق بَلِّي جابْ الله كي أقلل من عدد مُطاردي .. لم أكن أقَمِّر الله شاهد لم أكن أسكر أو أدخن أو أفعل المنكرات أو أرمي ما بجيبي في العراء .. لكن هي القرينة الكحلاء التابعة والسعد الأسود يا لطيف .. فليكن للِّي ليها ليها .. بالزعط .. لقد تحول نهاري تسكعا في الطرقات، وليلي تملقا وإدمانا للحانات بما أملك من دريهمات يجود بها جلساء الكونطوار في غفلة عن وعن .. بَخْ .. فقدتُ كل شيء الآن .. عملي كرائي كرامتي ههه مُسختُ مسخا دُفنت بالحياة، ولم أنبس ببنة شفة.لقد سكنتني القناعة والوضاعة والرضى بالذي كتب عليّ وسطر في اللوح المحفوظ منذ أقدم الأزل .. كذا أكون كذا أعيش اللهم لا آعتراض ثم من الأفضل للإنسان كي يسلم من وجع الرأس أنْ يرتق فمه أن لا يفتحه أن يخيطه من أسفل لأعلى ومن أعلى لأسفل أن لا ينبس حتى لنفسه بالنجوى أن ينقطع نَفَسَه في نَفَسه أن يكتفيَ بالشهيق والزفير يتلو بعضه بعضا دون مماحكة أو محاولة آستفسار وفهم ما يجري هنا أو هناك.إن مَثلَ الإنسان في دُناه _ كنت أقول في خاطري _ كَمَثَلِ عهدة في عنق المستخلفين فينا.علينا أن نُقَبِّلَ الأعتاب نركع للمكتاب نرضى بمطارق الخشب مهامز النحاس تخنس رقابنا مْسَلْمِينْ مْكتفينْ لكم يا مَنْ ترزقوننا بمخلفات بقاياكم اللهم لا آعتراض.إنهم في كل مكان يتابعون يراقبون يعاينون.لقد لاحظتُ ذلك مليا في العمل أيام العمل في المحكمة في السجن في ردهات الطرقات المترعة بالفراغ حيث آنتشر الوبال وحَلَّ بالناس الموبوئين مثلي وباءٌ أشنعُ وأفظعُ يقتلهم أحياء يموتون في كل طريق لا يبالون، وخرج الكثير منهم فارين بخوائهم إلى الصحاري وبيد الفيافي وما وراء البحار حيث القبور تنتج المزيد من الشوك والحسك والسدر والنبق والضنك المضني آلاطيف ...

_يتبع

☆إشارات :
١_من ليلة ٥٩٦ الجزء الرابع من (ألف ليلة وليلة)
٢_المخزن هنا تعني الشرطة
٣_تأكل حقوق الناس
٤_الهدرة : اللغو الكلام الفارغ بلا فائدة
٥_الواقع والحقيقة يا سيدي
٦__واش كتفللّى؟ : أتسخر مني



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قرع الممسوح (قصة)
- وُجُودٌ أَكْرَى
- جَمَرَاتٌ مِنْ عَجَل
- بَارَكَاااا
- حُلُومُ الْحَالِمِين
- عُصَيْفيرُ الكِتَابَة
- سَبْعِيامْ دَالْبَاكُورْ
- بيولوجيا
- الأضواء آلحمراء
- مُجَرَّدُ زَفْرَة
- لَا شَيْءَ يَهُم
- فَجيعةُ صديقِنا آلمَمْسُوح
- أمُومَة مُعَلَّقَة
- فائية ابن المُؤَقِّتْ المراكشي
- تَاخْفيفْتْ نْبُوشفَرْ
- نحنُ _ آلمُترددين آلخائبين أبدًا _ نُ ...
- فِطْرَة عَارِية
- عِنَاااااقُ آلبَوَاشِق
- سِبَاقُ آلْحِمْلَان
- تَكَلّمِي أيّتُها الحَوّامةُ آلمتعجرفةُ


المزيد.....




- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - تتمة قصة (قَرعُ آلْمَمْسُوحِ) 2