أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - أمُومَة مُعَلَّقَة














المزيد.....

أمُومَة مُعَلَّقَة


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7690 - 2023 / 8 / 1 - 13:54
المحور: الادب والفن
    


زليخة آمرأة آعتصرها الشوق .. أخذها بعيدا ولم تفكر .. طوقها الانسحاق ولم تمل من الاستمرار .. يوجعها الآن عهدها الغابر كمطرقة صلبة تهوي بقوة وعنف تطرق دُسُرا غليظة في رأسها جهة اليمين جهة اليسار وسط الناصية مخلفة ثقوبا غائرة وآلاما مبرحة لا تستكين إلا بعد أن تتجرع ما لم يطب من الأقراص المهدئة .. هي لا تفكر .. لكن رأسها يؤلمها .. لا يهم .. لا بد يكون هذا مرضا فحسب .. هذا ما كان .. لا يجب الاهتمام بأي شيء الآن .. عزيزها الغالي راحت أيامها معه أووف غبرت في مدارج النسيان .. لقد نسيها رماها كخرقة هدب مهملة مهلهلة لا تستحق أدنى آهتمام .. لفظها كنواة مقرفة راح الريح يلعب بها يذروها دون ينتبهَ لاستغاثاتها ونداءاتها المتكررة .. أصما كان .. بَخخخْ .. لقد تغير .. فقدَ جميع أحاسيسه بسفره هناك .. ألقى بها وراء ظهره تماما كأن شيئا لم يكن .. بيد أن هذه النواة المبصوقة تمكنت أن تغرس نفسها في رحم الأرض .. في أعماق أعماقها .. تستكين هناك لحظة حتى إذا سقطت قطرات من مطر من رذاذ آستطاعت أن تخرق بقواها الواهنة القشرة لتستحيل نبتة خضراء يانعة قوية ترنو للشمس للنسيم مرحبة بالجداجد الحمقاء والنمل الزاحف واليعاسيب الطائرة والجراد الهائج، لا يهم، ليَأتِ مَنْ يَأتي يلقح أفوافها المفتوحة أبدا، وليفعلْ ما يشاء، لن تبالي، لقد مزقت الشرويطةُ المهملةُ المكفنةُ أطمارَها ساخطةً متبرمة تفتح الأبواب المواربة والنوافذ الموصدة للمريدين يقطفون من عسيلتها ورودا وأقاح .. لا شيء يهم .. فقط هذه اللحظات الشيء الوحيد الماثل أمامها الآن حقيقة واقعا تتحداها لتعيشها وإلا غطتها أتربة آلسنين برغامها، فلتتوغل في دناها الدنية دون تفكير .. لقد تركت كل شيء بعيدا لْهيهْ هناااك في باديتها القصية، ومضت قدما إلى الأمام تعيش حياتها كيفما أرادت الأقدار بَللِّي جابَتْ الوقت رغم كل ما قيل يُقال .. لا يهم .. اعتزلت الجميع .. ظلت وحيدة لمدد مديدة .. لا أحد مَدَّ يد العون .. الكل آعتزلها .. نظروا إليها بآزدراء آحتقروها وسَمُوها بجراحات عميقة .. ألسنتهم كانت سما زعافا .. عيونهم قرطاس .. قلوبهم غل يعشعش في ضغينة لا تكل .. إنهم لا يرحمون .. فكان لا بد لها أن تغادر ...
في أيامها الأولى بالمدينة الجديدة، تعلمت أن تحك جلدها بظفرها، وتعلمت أشياء أخرى .. اشتغلت هنا هناك .. أعمال متنوعة لا تحصى، وفي كل عمل تكتشف جديدا .. تدرك المعاني على حقيقتها وليس كما كانت تبدو لها في القرية السخيفة .. وآستخلصت تجارب جديدة .. وفي النهاية، ضربت كل عاداتها السابقة عُرض الهواء وقالت .. يا نفسُ هيتَ لك .. كان ذلك في السنين الأولى .. أما الآن، فقد ألفتْ شغب الدنيا بنت الكلب .. حتى الناس كفوا عن الكلام، على الأقل في حيها العتيق الذي آستغرقت فيه بعد طول رحيل .. لا يهم .. كانت المِرْآة أمامها كابية محَجَّبَة بهالة من ضباب وبخار يتصاعد من الغلاية التي يفور فوارها فوق وابور الغاز .. أسرعتْ فأغلقتْه .. يجب أن تنسى هذا البارزيط الذي ينخسها من حين لحين .. أن تهتم بنفسها وتعتني بصحتها، لكن المَرْأة الماثلة أمامها تنبئها بغير ذلك تماما .. لقد أضحتْ آمرأة مشروخة لم تَدَعْ لها السنون حتى باشْ تْخَللْ سنانها .. بخْخخ وفينْ هوما السنان ههه .. ها هي الآن بعد كل هذا العمر تلفي نفسها والمِرآة وحيدتيْن .. حتى هذه المرآة ضجرت من غضونها التي آنتشرت في جسمها كالحيات .. فلم يعد الردف ردفا ولا النهد نهدا .. لقد أخذوا كل شيء وتركوني .. كانت تتحسس ما تبقى لها من جسد مرتخ بحسرة وأسى .. صَدْر هرم متهدل أضناه الإرهاق .. عُنْقُداها طُرْطُبان فارغان متدليان كخفاشيْن أعْورَيْن مقرفيْن تستعين بأقمشة تكومها على بعضها كيْــ .. أووف .. جلد فقدَ نعومته أمسى هيدورة تتزلع أحشاؤها من يوم لآخر تتفرق تتقطع .. جيدٌ رخو كبطن ضفدع المجاري فقَدَ حتى قدرته على النقنقة البغيضة .. بطن فضفاضة عجينة آجتاحتها طبقات من الصقيع المتراكمة عبر الأحقاب .. فمَنْ يقبل بهذه السلعة الكاسدة .. إيييه كْصِيدَة نْتِ بَحْلَقْ فِيَّ مزيان ماعرفتينيشْ .. يا ويحها لم تعرف بعدُ معنى الاحتواء، معنى الحركة التي تخرق أحشاءها تخلف فيها زلزالا طوفانا من أعاصير تشعرها بالأمومة .. أووف .. أية أمومة .. هراء .. بالزعط .. نفضتْ رأسها بحركة خاطفة مستعجلة .. رشت على وجهها ماء .. ارتدت ملابسها على عَجل .. صفتْ شعرها المصبوغ بالحناء .. لفته في فوطة .. عدلت ما فضل من زينتها تجرعت قرصا آخر أغلقت باب الحمام وراءها وهي تبتسم .. لا شيء يهم ...



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فائية ابن المُؤَقِّتْ المراكشي
- تَاخْفيفْتْ نْبُوشفَرْ
- نحنُ _ آلمُترددين آلخائبين أبدًا _ نُ ...
- فِطْرَة عَارِية
- عِنَاااااقُ آلبَوَاشِق
- سِبَاقُ آلْحِمْلَان
- تَكَلّمِي أيّتُها الحَوّامةُ آلمتعجرفةُ
- مَاذَا لَوْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ .. ؟؟ ..
- طُوفَااان
- أعراسُ آيَتْ وَرَايَنْ
- أمازيغُ أنوال
- لَا .. لَمْ يَكُنْ أَهْلُونَا آنْدِيجِينْ
- اِفْعَلْهَا، أَيُّهَا آلسَّلَمُونُ، قَبْلَ يَفْعَلُوهَا بِكَ
- عَبَقُ آلْعَمَى
- قِطّةٌ تَمُوءُ
- يَرَقَةُ آلْخَرِيفِ
- كباشِقٍ يَمُدُّ آلْجَنَاحَ أعَاوِدُ آلصِّياح
- مُرُوووق
- خِلْتُنِي أَنَاهُ
- عُطْلَة


المزيد.....




- ضحك طفلك طول اليوم.. تردد بطوط على القمر الصناعي لمتابعة الأ ...
- الياباني أكيرا ميزوباياشي يفوز بالجائزة الكبرى للفرنكوفونية ...
- كيف تحولت شقة الجدة وسط البلد إلى مصدر إلهام روائي لرشا عدلي ...
- القهوة ورحلتها عبر العالم.. كيف تحولت من مشروب إلى ثقافة
- تاريخ اليهود والمسيحيين في مكة والمدينة حتى ظهور الإسلام
- رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 لكل التخصصات “تجاري، زراعي، ...
- بسبب شعارات مؤيدة لفلسطين خلال مهرجان -غلاستونبري-.. الشرطة ...
- العمارة العسكرية المغربية جماليات ضاربة في التاريخ ومهدها مد ...
- الجيوبولتكس: من نظريات -قلب الأرض- إلى مبادرات -الحزام والطر ...
- فيديو.. الفنانة الشهيرة بيونسيه تتعرض لموقف مرعب في الهواء


المزيد.....

- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - أمُومَة مُعَلَّقَة