أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - فَجيعةُ صديقِنا آلمَمْسُوح














المزيد.....

فَجيعةُ صديقِنا آلمَمْسُوح


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7691 - 2023 / 8 / 2 - 15:17
المحور: الادب والفن
    


كدَابَّة منهكَة رابض ظل في حانة عجفاء تطوقها روائح عطنة .. الكأس يدور .. الليل يدور .. الرأس يدور .. بداية النهاية .. نهاية البداية .. عالم من صخب مَسِّ هوس آلجنون .. ارتجاجات في كل مكان .. الرأس يغدو بخارا .. مَمْشَى النهار مسير الليل .. كوابيس في كل شبر من مسام .. وجهه ينفث الدخان .. الرأس عصارة خشخاش يدور كمروحة معلقة ببلادة في سقف واطئ تشلح الرطوبة محياه دون يُبْدي أو يعيد .. صورته الآن في المرآة تحيط به أعقاب سجائر ملفوفة محروقة .. هامة الدابة تبرك في الوسط تتوسط مرمدة تُقْصَلُ في أحشائها أعمار من لا عُمْرَ له .. كل شيء كان يدخن .. منخره فمه أذناه عيناه .. النار يزند وهجها في الرأس الذي يزداد لهيبه آضطراما .. قد أمسى مصير البقايا محتوما آلآن .. إنه مُزْدَرَدٌ لا محالة .. مُدَلَّى من جِمالاتٍ صُفر حمر ينتحب صراخها في الهواء .. مقلتان جاحظتان تحدجان خواء من هباء ويباب وتراب .. تزدحم الديدان ينتشر الذباب .. تغضب شموس لا تطفو في سمائها نجومُ .. كل السبل واضحة كمحجة يهماء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا مَنْ ولدته أمه في خرقة ذات حظ عظيم ... إن الذين يَرْوُون حكاية العالم هم في العادة مَنْ لا يحتسون حيواتهم كما يحتسيها الآخرون ... وكان قوم يمثلون حالة الهائمين على أنفسهم بحُداة بلا بعير يسوقون خيباتهم وراءهم أو قدامهم كما تَسُوق الأبعارَ قوائمُ خنافيس بِيتيلزْ اِيسْكَاغَابي في الفيافي والفلوات الخاليات .. ولحشاشة النفس آحتراق، رمس تعفوه الأعاصير تذروه الريح بلا هداية .. وكان قوم يضربون مثلا لتيههم بالنذير العريان، وأصله أن النذير الجادُّ المُغَوِّثُ يَتَعَرى ينسلخ من ثوبه يمسكه بيديه يلوح به ليلمع للرائين حتى تسبق رؤية الثوب سماع صوته الملهوف .. وإن مَثَلَ هذِي الدمن إذْ تلوكهم أظلافُها تخلق فيهم عُراة يصيحون بنذيرهم لا يسمعهم أحد يحترق الصوت فيهم يشمرون يلوحون بأثوابهم يحترق الشتات تضطرم الكتاتينُ والفلواتُ والرواح والغداة يحترق السَّراةُ يستغيثون يستنجدون بعُراة آخرين تناسل العري فيهم يتوسلون بآلهة بكماء بمردة أباليس تحترق غباوَتُهم لا أحد يبالي لا أحد يصغي لا أحد يهتم تأكلهم جِمالاتُ نيران سُود يمسون رمادا يذوب كصهارة النحاس لا أحد يسمع لا أحد يرد .. مَثَلُ هذا الصلف كمَثَل مهازل لا تخاف لا تستحي .. يشرب التالفون العكر من الأمواه يأكلون الطحالب ينقنقون كضفادع المجاري في ليالي الشتاء المديدة .. العين تكذب لا ترى غير هبائها والسديمَ، الأذن تكذب لا تسمع إلا طنين الخواء، الرأس غريب الوجه واليد واللسان .. هائمون في هيام كاذب في يهماء زائغة في ظلمات من بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب من فوقه زبانية قوامون يأمرون بالمنكر ينهون عن المعروف قدروا الخليقة حق قدرها فهم كجائحات الجِيَح رابضون .. درن الجسم .. تَلَجُّنُ الجماجم خماج الأوباء في أسواق النخاسة .. خلا لهم الجو فليبيضوا وليصفروا وليبولوا على أعقابهم لِتسلمْ لهم الهامات راكعة .. لتكن مشيئتهم .. ففي القلب نار ترفض أن تخمد إلا إذا أتت عليهم جميعا فلتدم لهم القوارع والقوارح وكل عام وهم في السعير ... والمسح كان قديما، ومازال .. فالبشر غدا قطيعا لا يُعرف أوله وآخره .. تكثر الوضاعة .. تذاع المذلة .. ضعنا عن أنفسنا تلفنا في فلوات ساخت أوهام الرغبات فيها .. كثرت العتبات .. كثر البغض في السحن .. على الهامش، ترانا مثخنين بأقدارنا نموت نحتضر نفقد ما تبقى لنا مِن ومِن ... نُمْسَحُ من على البسيطة نتلاشى نندثر برضانا في الشوارع في الساحات .. في المدن السوداء ينتشر دبيب أمَّات أربع وأربعين، كور الزنابير، وٍجار الضباع، كِناسُ الوحيش الأنيسِ، يثغو الأنام يخور يشخر يسكر يتناسل يتكاثر في الويلات في زمن من إفاخة يضْرِطُ يفسو يُدْعَوْن بالإشلاء والسأسأة يسمعون يطيعون يرقبون يرتقبون .. كدَابَّة منهكَة رابض ظل يفكر صديقنا الممسوح في أحشاء حانة عجفاء تطوقها روائح بلهاء ...



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمُومَة مُعَلَّقَة
- فائية ابن المُؤَقِّتْ المراكشي
- تَاخْفيفْتْ نْبُوشفَرْ
- نحنُ _ آلمُترددين آلخائبين أبدًا _ نُ ...
- فِطْرَة عَارِية
- عِنَاااااقُ آلبَوَاشِق
- سِبَاقُ آلْحِمْلَان
- تَكَلّمِي أيّتُها الحَوّامةُ آلمتعجرفةُ
- مَاذَا لَوْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ .. ؟؟ ..
- طُوفَااان
- أعراسُ آيَتْ وَرَايَنْ
- أمازيغُ أنوال
- لَا .. لَمْ يَكُنْ أَهْلُونَا آنْدِيجِينْ
- اِفْعَلْهَا، أَيُّهَا آلسَّلَمُونُ، قَبْلَ يَفْعَلُوهَا بِكَ
- عَبَقُ آلْعَمَى
- قِطّةٌ تَمُوءُ
- يَرَقَةُ آلْخَرِيفِ
- كباشِقٍ يَمُدُّ آلْجَنَاحَ أعَاوِدُ آلصِّياح
- مُرُوووق
- خِلْتُنِي أَنَاهُ


المزيد.....




- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...
- -النشيد الأوروبي-.. الاحتفال بمرور 200 عام على إطلاق السيمفو ...
- بأكبر مشاركة دولية في تاريخه.. انطلاق معرض الدوحة للكتاب بدو ...
- فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
- الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
- التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب ...
- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...
- تابعها من بيتك بالمجان.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...
- ليبيا.. إطلاق فعاليات بنغازي -عاصمة الثقافة الإسلامية- عام 2 ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - فَجيعةُ صديقِنا آلمَمْسُوح