أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - ( قَرعُ آلمَمْسُوح ) _ 4 _ تتمة















المزيد.....

( قَرعُ آلمَمْسُوح ) _ 4 _ تتمة


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7704 - 2023 / 8 / 15 - 10:15
المحور: الادب والفن
    


بيانٌ حقيقة ما يَحْدُثُ فِي آلحُلْم ...
_________________________

وقالت لي حبيبتي التي لم أرها أبدا، أنتَ جميل، وكنتُ خجلا .. العالم بائس والإنسان بعبارة البائسين شحاذ أو قملة أو في أحسن الظروف فسوة .. رأيت ( حَضي ) المزغوب (١) بلا زغب، بلا رأس بلا قرْن، معفرا في الحضيض .. رأيتُني بلا بخت أسعى بلا جدوى بين أرجل الراجلين والباركين .. رأيت أسناني وأضراسي تتحرك من مكانها، رأيت لساني ينسلُّ مارقا حنقا، وعضوي الأجدب سيجارة ملفوفة يدخنها رجل ثخين مثخم يشحج كبغل يخنخن كخنزير يبصق كلاما ملونا في محبة الممسوسين من بني البشر .. الفاقة القفر الفقر الفقراء التفقير المفقرون الزلط إلى ما قَتْلَش كَايشَيَّبْ (٢) .. أحسُّ زلزالا في فوهة فمي المطبق .. زلزال منعش لذيذ .. الأسنان تُقتلع من مواضعها. تصيبها الهشاشة والركاكة تطير رمادا. أتحسس لثتي .. أجد رأس عنزة .. ملتاعا أردت أستفيق، فألفيت نفسي في قبو معتم كسجني الكالح .. صرخت .. آآآ .. فإذا بصوت العنزة يملأ ثغاؤه المكان .. مَاااااعْ .. وما هي إلا لحظات حتى هجم عَلَيّ قطيع كامل من الماعز والتيوس القرناء والقرعاء .. يُعارهم وهبيبهم صَخَّ أذنيّ .. حاولتُ جاهدا الفرار والنجاة بجلدي، فسقطت في هاوية سحيقة عاريا كما ولدوني، لكن هذه المرة، في صورة بني آدم ممسوح الذكر .. صحتُ .. علا صوتي بالنحيب .. متاعي رزقي أريدهُ أريدُني .. لكن، أفعى هائلة بَدَتْ لي فاتحة خطمَها تريد حتفي، ولم أشعر إلا وحيوان صغير في حجم نمس صغير يخرج من مكان ما في مقعدتي يهاجم الأفعى .. أمام هذا المأزق، حملت عصا كانت بجانبي أهدد المتربص الفاتك، فغدَتْ بقوة قادر مَدْفَعا رشاشا صغيرا لا علاقة له بما كنا نلعب به في عاشوراء أو سِيدْ الميلُودْ فاتْ مَنَّا يَسَّارَا (٣) ، دون تفكير أطلقت النار هيَ وفين جاتْ (٤)، وأصبت الحيوان الذي كان يدافع عني مما جعل الرقطاء تتجرأ تقترب أكثر تروم آبتلاعي .. حاولتُ الهرب، لكن أشلائي وما تبقى لي من قوة وإرادة وعزيمتي في الخلاص أحسستها دُقتْ في الأرض بمسامير عملاقة ودُسر لا تُرى .. الحيوان الصغير يتعذب يتلوى ينتفض يرتعش معفَّرا في دمه والأفعى تزحف تزحف .. أغمضت عيني .. شعرت بغيبوبة .. سقطتُ مغشيا مدة لم أفق بعدها إلا وأنا غارق في أحضان آمرأة لا أعرفها في حسن وبهاء جاريات الحكايا القديمة .. طفقَتْ دون مقدمات تتحسس مكان مَسخي فلا تجد غيره ذاك الملولب المدلَّى المنفلت من بين ثناياي .. وَرَّني وحشكْ آلغابة (٥) .. غنت ضاحكة .. ولم أسأل من أين أتيتِ ولم تسأل كيف لك هذا، وكان بيني وبينها ما يكون بين الرجل والنساء ولما أصْبَحَ الله بالصباح إذا بكلب أخثم عظيم الخلقة في حجم بغلة جدي التي كان يركب عليها للسوق يهجم عليّ يأخذني بين أضلعه يعصرني .. قواي كلت تقهقرت .. غُصْتُ في عالم أسود غريب .. رأيت الكلب يجذع متاعي يجعله بين أنيابه يهرب لاهثا .. أردت أن أتبعه، لكن عزمي وهنَ تركني أخرُّ لا أعزم على شيء .. وجدت نفسي في كوخ خرب أترنح خائفا مهموما .. مندلق اللسان، أشرب من زجاجة بجانبي .. عاينت المكان .. نظرت مليا هنا هناك .. تثاءبَ كسلي آستسلمت للنوم كَرة أخرى .. وما بين تلابيب رُؤايَ كنت أسمع كلاما حول الحشر والنشر الصراط الميزان الحوض الجنة الزبانية النار وبيس القرار حول الحور وبطون أوراك العذارى ذوات الثغر الشفيف والعجز الرجيف .. أرى صبيانا كالملائكة سارحين بأجنحة صغار مثنى ثلاث ورباع ينشدون نعمة كالشمس لما طلعت ثبت الإشراق في كل مكان .. كانوا عرايا يجنون القطاف يحفرون حفرا يبتسمون .. قال أحدهم يخاطبني ...

_لمَ يشبه هذا المعتوه النعمة بالشمس؟

ولأني قلت "ما نعرف" أجاب آخر...

_لأن الشمس تُسَوي ما لا يسويه أحد أفهمتَ يا ...

وقال كلمة نابية تهينيي .. لم أبال سألت ..

_لكن، أنتم ما تفعلون هنا في مثل هذا المكان الخالي ؟

_نحن نلعب

_لِمَ تحفرون ما تحفرون ؟

_ألا ترى ألا تبصر ألا تفهم يا...

ضحكوا كلهم ضحكت معهم، وفي لحظة، التحق مَن كان في العَنان بمَن كان في الحُفر دخلوا جميعا وسط حتفهم الوشيك ودلقوا على أنفسهم التراب .. صرخت...

_ويحكم، ماذا تفعلون اخرجوا من هنا...

_اتركنا وشأننا إننا نرتع نلعب يا صاحب القرع ...

_إنكم ستموتون تقتلون أنفسكم...

_إنها لعبتنا الأبدية المفضلة من بين كل لعب الأزل..

_ويحكم كيف تلعبون ؟؟

_إنها الغميضة القط والفأر يا صاحب القرع أم تراك نسيت ؟

_ماذا أنسى ماذا أتذكر ماذا تقولون ..؟؟..

لم يجيبوا .. غطسوا في لمح البصر في ضحكهم المتصاعد وفي أتربتهم التي غطتهم وآختفوا كأنهم لم يكونوا أبدا...

أهبُّ من نومي ملتاعا غارقا في عرقي وخيبتي التي ظلت رابضة فوق بدني كجاثوم نَحْس بغيض .. لم يتغير شيء .. مجرد شمس تشرق مرة أخرى فوق رؤوس غادين رائحين .. قصدت المقهى .. غسلت وجهي .. تنفست الصعداء وبدأتْ عيناي تتسكعان كعادتهما تُتابعان أشياء تحدث دائما وأخرى تحدث لماما وأخرى لا تحدث بالمرة .. بقايا حافلة مهترئة لافيرايْ جامدة فارغة إلا من مسافرَيْن يتبادلان الكلمات النابية يتخاصمان على مقعد للجلوس .. يمرق أحد المعتوهين راكضا ممسكا مِقودا وهميا بين يديه زاما شفتيه .. فْفْفُووو .. يلقي بها في الهواء صارخا .. حَيَّدْ بَلاكْ لَحْديدْ دايَزْ .. يمر تاجر يتجول بحمارته .. ينحني الناس أمامه آحتراما .. يستعيذ بالله .. يلوك كلاما .. يجتر شتائم يلعن الحمير والعباد .. يقف بباب المقهى .. يضع يديه على أذنيه ويبدأ بالصياح ...

_أيها الناس أيها الأحباب ها أنا في دربكم أطلب ضيف الله فما أنتم فاعلون ...

_مرحبا بضيف الله...

ردد بعض الأطفال ساخرين وتمتم الرواد ما تمتموا غير مبالين...

_آصباح آربَّاح تعالوا هنا كلكم ادخلوا هنا في حفرة العالم السوداء (أشارَ إلى مؤخرة حمارته) .. سُوبيغْ نوفا (٦) استنشقوا عبيرها البعري تلذذوا بأصولكم التي تنكرونها .. نحن هنا هذا عالمنا أيها الغفاة الهائمون تمعنوا في حقيقتنا التي عبثا نراود نقاتل الزمن للهروب منها تفحصوا أشياءكم لا تشكروني إذا لاحظتم ما لاحظت قبلكم اشكروا أولياءكم ومستخلفيكم وأمراءكم وكلاب نفاياتكم ...

بينما كان الرواد يغرقون في قهقهاتهم مبرزين أسنان منتفضة مسوسة من جراء إدمان الحشيش والكيف، خطوت خطوات متثاقلة آتجاهه .. شرحت له حالتي، فقال لي ...

_النية ياوليدي دير النية ونعس مع الحمارة مع الحية مع مَنْ ما بغيتْ لا تخف .. هاك هاذ الجدول اشرب ماءه، إنه خليط من كلام أسيادنا وحليب حمارتي لا تخش شيئا فما عسى سيقع لك أكثر مما وقع اشرب سترى ما لم تره من قبل لا تنس النية كولشي في النية...

أخذت وصفته .. أضفتها إلى وصفة فقيه حومتنا وجعلت أطبق التعليمات كما قيلت لي بحذافيرها، وبدأت أنتظر ...

_يتبع بالجزء الخامس

☆إشارات :
١_المزغوب : باللسان الدارج المغربي تعني (النكد المنحوس)
٢_الزلطْ إلى ما قَتْلَش كَايشَيَّبْ : الفقر إذا لم يقتل صاحبه يشيب ناصيته من شدة الهموم
٣_سِيدْ الميلُود فات منا يسارا : أهزوجة شعبية يتغنى بها أطفال الجهة الشرقية من المغرب آحتفاء بذكرى المولد النبوي،
ومنها :أسيد الميلود فات منا يسَّارا
عندو دربوڭا وطبيلة مهتوكة
٤_هي وفينْ جاتْ : اعتباطا بشكل فوضوي دون تركيز أو تصويب
٥_لازمة أغنية شعبية مغربية بإيماءات اروتيكية مضمنة تؤديها المغنية الشعبية (الحمداوية) جاء فيها:
مولاي ادريس الحبيبْ
لي زارو مايخيبْ
لي حك عليه مادار مزيا
آه هاه، وا رامي .. كلها وكيتو
آه هاه، وا الغادي .. كلها وكيتو
وريني وحشك يا الغابة

ها آهاه هاه آهاه

هاك دراعي توسدو
تكايس تكايس لا تهرسو
ولا هرستيه راه الجبار حدايا
آه هاه، وا رامي .. كلها وكيتو
آه هاه، وا الغادي .. كلها وكيتو
وريني وحشك يا الغابة

ها آهاه هاه آهاه

گالو لي مسافرة معاه
وا گالولي مسافرة معاه
وانا ماشي معاه
بنات الحومة تعجبو فيه وفيا
آه هاه، وا رامي .. كلها وكيتو
آه هاه، وا الغادي .. كلها وكيتو
وريني وحشك يا الغابة

ها آهاه هاه آهاه
ها آهاه هاه آهاه
٦_سُوبيغْ نوفا : Supernova نجم متفجر ...



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ( قَرعُ آلْمَمْسُوح) 3
- تتمة قصة (قَرعُ آلْمَمْسُوحِ) 2
- قرع الممسوح (قصة)
- وُجُودٌ أَكْرَى
- جَمَرَاتٌ مِنْ عَجَل
- بَارَكَاااا
- حُلُومُ الْحَالِمِين
- عُصَيْفيرُ الكِتَابَة
- سَبْعِيامْ دَالْبَاكُورْ
- بيولوجيا
- الأضواء آلحمراء
- مُجَرَّدُ زَفْرَة
- لَا شَيْءَ يَهُم
- فَجيعةُ صديقِنا آلمَمْسُوح
- أمُومَة مُعَلَّقَة
- فائية ابن المُؤَقِّتْ المراكشي
- تَاخْفيفْتْ نْبُوشفَرْ
- نحنُ _ آلمُترددين آلخائبين أبدًا _ نُ ...
- فِطْرَة عَارِية
- عِنَاااااقُ آلبَوَاشِق


المزيد.....




- “مش هتقدر تغمض عينيك” .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 1445 ...
- قناة أطفال مضمونة.. تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 202 ...
- تضارب الروايات حول إعادة فتح معبر كرم أبو سالم أمام دخول الش ...
- فرح الأولاد وثبتها.. تردد قناة توم وجيري 2024 أفضل أفلام الك ...
- “استقبلها الان” تردد قناة الفجر الجزائرية لمتابعة مسلسل قيام ...
- مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت ...
- المؤسس عثمان 159 مترجمة.. قيامة عثمان الحلقة 159 الموسم الخا ...
- آل الشيخ يكشف عن اتفاقية بين -موسم الرياض- واتحاد -UFC- للفن ...
- -طقوس شيطانية وسحر وتعري- في مسابقة -يوروفيجن- تثير غضب المت ...
- الحرب على غزة تلقي بظلالها على انطلاق مسابقة يوروفجين للأغني ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - ( قَرعُ آلمَمْسُوح ) _ 4 _ تتمة