أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - صوت الانتفاضة - المكان والسعادة














المزيد.....

المكان والسعادة


صوت الانتفاضة

الحوار المتمدن-العدد: 7656 - 2023 / 6 / 28 - 02:56
المحور: المجتمع المدني
    


"من جميع الأماكن التي اقمت فيها، ما من مكان جلب السعادة الحقيقية لنفسي وترك فيها اسف الحنين الى العودة اليه، الا جزيرة سان بيير" روسو.

لم نزر سويسرا يوما-ولا نظن اننا سنزورها ابدا-، لكن عندما تقرأ نصا كٌتب عام 1776 أي قبل أكثر من قرنين ونصف القرن من الزمان، فأن الخيال سيسرح بك بعيدا، تقول إذا كان ذلك المكان بتلك الروعة والجمال في ذلك الزمان، فيا ترى كيف سيكون منظره اليوم؟ روسو تنقل كثيرا بين المدن والبلدات الأوروبية، فقد كانت النزهات والمشي والاستكشاف هواياته المحببة له، لكنه توقف عند هذه الجزيرة، واصفا جمالها وروعتها، وما تركته في نفسه من أثر جميل.

تشاهد في بعض الأحيان فيديوهات تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي، يصور فيها امكنة مختلفة من العالم، تبرز فيها معالم الجمال والهدوء، بحيرات، انهار، جداول، شلالات، أراض خضراء، نظافة، ترتيب، تنظيم؛ تشعر ان الناس هناك سعيدين الى حد ما، فالمكان له خصوصية عند الانسان، دائما ما تجد إعلانات شركات السياحة يقول "نحن نعرف اين تجد سعادتك"، و "اين" هي من المقولات الأساسية التي تدل على المكان.

لا يمكن الجزم بشكل تام ان من يعيش في مكان جميل يكون سعيدا، فليس كل من يعيش في "جزر بالي" مثلا هو انسان سعيد، فهذه رؤية قاصرة جدا؛ لكن في مقابل ذلك تجد امكنة سيئة، او اسيء لها، امكنة تصحرت، تحولت الى بور، وامكنة يسودها الفوضى والخراب، تحكمها وتتقاتل عليها العصابات والمافيات والميليشيات، فحتما لا يمكن ان يكون الانسان فيها سعيدا، حتى لو كان ثريا؛ فهل من الممكن ان نتصور اليوم ان انسانا ما يسكن في "الجنينة" غرب دارفور يكون سعيدا، وهو يشاهد عمليات اغتصاب النساء والأطفال وعمليات القتل والنهب وناسا تموت من الجوع.

يقال ان مسؤولا عربيا زار العراق في تسعينات القرن الماضي، وعندما نزل من الطائرة كانت هناك سيارة فارهة بانتظاره، اقلته من المطار باتجاه فندق الرشيد، وعندما سٌئل كيف شاهدت بغداد قال: "كأني ازور سان فرانسيسكو"، لقد عبر عن سعادته، له كل الحق، فقد نزل في المطار، راكبا سيارة فخمة، سائرا في شوارع نظيفة، ثم الى ارقى فندق في بغداد، لكن لو ان الطريق الى الفندق يمر عبر حي المعامل والرشاد والشماعية والثورة وسبع قصور والعبيدي وحي الكوفة والغرير وجف تنك وحي طارق ومناطق خلف السدة، مناطق البؤس والشقاء، لكانت تعبيراته عن السعادة تختلف كثيرا.

روسو في الاعترافات كان يرى باريس وطرقاتها الجميلة، وتناسق صفوف بيوتها وقصورها من المرمر والذهب، لكنه عندما دخلها من طريق اخر، رأى منظرا مختلفا: "لم ار سوى شوارع صغيرة قذرة قميئة، وبيوت بشعة سوداء، وجو من الدنس والفقر. ومتسولين، وحوذيين، وتجار للثياب القديمة... كل ذلك صدمني" لم يشعر بالسعادة في باريس، لهذا هجرها، وتمنى عدم العودة اليها.

عندما يعلن ان "بغداد أسوأ مكان للعيش في العالم" فتلك حقيقة تامة، انها مكان موحش، فقدت كل جمالها ورونقها، لكن هذا الإعلان قاصر، ففي العراق هناك "امكنة" مدن واقضية ونواحي وقرى لا تعرف كيف تعيش الناس فيها.

اعتقد ان هناك شاعرة دنماركية لها ابيات شعر تقول فيها:

سأجلس في المقهى، لأتخذ قراراً حول حياتي
نعم حياتي أنا
لكن، بحق الشيطان
أهذه حياة
تستحق أن يؤخذ لها قرار

هذه الشاعرة تعيش في مكان اسمه "الدنمارك" وتكره حياتها، فماذا ستقول لو انها عاشت في السودان او اليمن او سوريا او العراق او فلسطين او ليبيا.
طارق فتحي



#صوت_الانتفاضة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما الذي يريده (طباخ الريس)
- بصدد العمال الأجانب
- جون كيري والمالتوسية
- (حركات المودة)
- الموازنة وحال العمال والكادحين والمعطلين
- عمل النساء في مكبات النفايات
- صدى العمال تواكب مسار الحركة الاحتجاجية
- (أسلحة نووية للجميع)
- الحياة في معامل الطابوق
- عندما تحكم القوى الدينية المجتمع
- مسرح الدمى
- زيلنسكي في قمة جدة او دمية وسط الدمى
- حول سٌلم الرواتب
- رأي شخصي في ممارسة الأول من آيار
- سيناريو السودان. الى اين؟
- -قبل الورقة الأخيرة-
- هيكلة شركات وزارة الصناعة
- التاسع من نيسان الديموقراطية المشؤومة
- رأي في السياسة- شبح الحرب النووية يتصاعد
- -مؤتمر من اجل الديموقراطية- حوار مفترض


المزيد.....




- ترامب يلجأ إلى كلمات أغنية -الثعبان- للحديث عن المهاجرين
- الأونروا: ادعاء وجود مناطق آمنة في قطاع غزة -كاذب ومضلل-
- الاحتلال الإسرائيلي يشن حملة اعتقالات في الضفة الغربية
- الأونروا: نزوح قرابة 300 ألف شخص من رفح خلال أسبوع
- العراق .. الخارجية البرلمانية تدعو للبدء باجراءات انهاء عمل ...
- الحرب على غزة في يومها الـ219.. القصف الإسرائيلي يستمر ويترك ...
- ترامب يقرأ كلمات أغنية -الثعبان- لوصف المهاجرين
- مفوض «الأونروا»: ادعاء وجود مناطق آمنة في رفح «كاذب ومضلل»
- ترمب يشبه المهاجرين بـ-ثعبان- مستعينا بأغنية شهيرة
- رئيس بلدية رفح: 48 ساعة تفصلنا عن المجاعة والعطش.. على العال ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - صوت الانتفاضة - المكان والسعادة