أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الغاء عقوبة الاعدام - عبد الله خطوري - فَعَلْتُهَا وَأَنَا مِنَ آلضَّالِّينَ















المزيد.....

فَعَلْتُهَا وَأَنَا مِنَ آلضَّالِّينَ


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7633 - 2023 / 6 / 5 - 00:06
المحور: الغاء عقوبة الاعدام
    


من الأشياء التي لا أستطيع فهمها أو تفهمها أن يقتات أحدهم خبز حياته اليومي عبر فعل قتل آلإنسان بمبرر الوظيفة أو الخدمة أو تنفيذ الأوامر .. هي مجرد خدمة (١) كغيرها من الخدمات التي يجب على أحدهم القيام بها من أجل وأجل وأجل وغير ذلك من التشدقات ..
من العادات القميئة التي آكتسبتها البشرية عبر تاريخها الدموي إقبالها ومشاركتها طواعية وبحماسة مَرَضية محمومة في فعل القتل العمد للإنسان في الساحات العمومية في المعارك في السجون في المعتقلات في التمردات في الثورات والصراعات المبررة وغير المبررة .. أهُو قدر الإنسان أن يظل قَابِيلِيا (نسبة إلى قابيل) تستنسخ جينات السادية في سلالته مزيدا من ركام القتل والفتك ونزوعا نحو إراقة الدماء لأي غاية كيفما كانت ..
الغيرة تقتل
الحب يقتل
الخير يقتل
الشر يقتل
الشرف يقتل
التهتك يقتل
الثأر يقتل
النظام يقتل
الفوضى تقتل
القضاء يقتل
القدر يقتل
العدالة تقتل
الحقد يقتل
العصبية تقتل
الانغلاق يقتل
الانفتاح يقتل
الأفكار تقتل
الحماسة تقتل
الحاكم يقتل
المحكوم يقتل
رقاب الناس والمتسلطون عليها تقتل، حتى المدعو تسامحا في كثير من الحالات يفعلها .. إلى غير ذلك من سلسلة قتل البشر للبشر التي آبتدأت منذ بداية الخلق، ويبدو أنها ستظل تستمر بالوتيرة نفسها وربما بإيقاع مضاعف إلى ما لا نهاية .. المسكون بجنون سَلْب الحياة سيجد أكثر من مبرر فلسفي وقانوني وأخلاقي ليفعل فعلته الشنعاء يغلف إجرامه بسمت من المسوغات المتهافتة التي لن تخفي مرض سعار إحداث فعل القتل بالغير الثاوي في نفوس مخبولي الإنسانية .. أقَدَرُ الإنسان أن يظل يبحث عن حلم سائغ داخل فوضى متوارثة (٢) من الأحلام المتراكمة المتشابكة بعضها فوق بعض يختلط فيها الآدمي بالحيواني، العقلي بالغريزي، هابيل بقابيل، الحاكم بالمحكوم، المتسلط بالمتمرد، الجنيرال بالمجندين، الجائر بالأوامر بمنفذيها، واضعو القوانين الجائرة بمسلوبي الإرادة ... لقد أضحى إجرام القتل وسفك الدماء سلوكا بشريا متوارثا لا مجال لإنكاره أو التغافل عنه أو التغاضي عنه لكثرة تواتره وآطراده عبر تاريخ الإنسانية جمعاء .. القضية ليست نشازا أو سلوكا طارئا عابرا أو حدثا عارضا لا خطورة فيه، بل إرثا متوارثا ثاويا في جينات سلالة آدم مع سبق إصرار وترصد، بوعي ولا وعي، يشترك في ذلك الفرد والجماعة، الخير والشر، السوي والممسوس، الهداة والعصاة، المتسلطون والمتمردون، العادلون والخارجون عن القانون .. (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) (٢) ... لقد أضحتْ عادة من العادات القميئة التي آكتسبتها البشرية عبر تاريخها الدموي أن تقبل الحشود بلهفة تشارك بطواعية وبحماسة مَرَضية في فعل معاينة ومشاهدة عَرْض القتل العمد ( استعراض spectacle show ) بطلاه إنسان يقتل إنسانا في الساحات العمومية كما الحال في حلبة صراع الرومان Gladiator لا شيء تغير، الطقوس نفسها بالتوابل نفسها بالسيناريوهات السمجة نفسها التي غرقت فيها هذه الحشود عقب ما عرف بالثورة الفرنسية والإقبال الجماعي على المشاركة في مهرجان القتل والتلذذ به أيما تلذذ، وآستمر هذا العته الجماعي طيلة تواريخ المعارك والحروب وراء الجدران الخلفية في السجون في المعتقلات في التمردات والثورات والصراعات المبررة وغير المبررة .. أهو قدر الإنسان أن يظل قَابِيلِيا (نسبة إلى قابيل) تستنسخ جينات السادية في سلالته مزيدا من ركام القتل والفتك ومحبة إراقة الدماء لأي غاية كيفما كانت، فالمسكون بجنون سلب الحياة سيجد أكثر من مبرر فلسفي وقانوني وأخلاقي ليفعل فعلته الشنعاء ويغلف إجرامه بسمت من المسوغات المتهافتة التي لن تخفي مرض سعار إحداث القتل بالغير الثاوي في نفوس مخبولي الإنسانية .. أقَدَر الإنسان أن يظل يبحث عن حلم سائغ داخل فوضى متوارثة (٣) من الأحلام المتراكمة المتشابكة بعضها فوق بعض يختلط فيها هابيل بقابيل، الحاكم بالمحكوم، المتسلط بالمتمرد، الجينيرال بالمجندين، القضاة بالجلادين، الناطقون بالأحكام بمنفذيها العشماويين (١)، واضعو القوانين بمسلوبي الإرادة ...

ما بين 1808 و 1814 رسم الإسباني (غويا) لوحات تجسد مخلفات الحرب والصراعات التي عرفتها اسبانيا، خصوصا مواجهة ثوار مدريد للغزو العسكري لنابليون .. الحديث هنا عن لوحة (الثالث من مايو) أو (كتيبة الإعدام) التي يبدو أنها تجسد حكاية العنف والمعنٍفين في إحدى تجلياته الصارخة ... موضوع اللوحة : تنفيذ الإعدام على مجموعة من الثوار من طرف جنود نابليون ... تُصور اللوحة عملية من عمليات الإعدام التى تعرض لها ثوار من الشعب الإسبانى عبر عرض مجموعة من الجنود بزيهم العسكري الرسمي حانيي الرؤوس يوجهون فوهات بنادقهم نحو مجموعة من المواطنين العزل .. حرص غويا على جعل المنطقة التى يظهر فيها المقبل على الإعدام مضيئة ليسلط الضوء على آنفعالات وجهه التى آستطاعت قبيل اللحظة الأخيرة التخلص من التردد والحيرة والرعب والفزع وأعلنت تحديها للموت وزبانيته .. الأشكال طرحت بألوان غامقة داكنة مبرقعة بالأصفر والأحمر وبلمسات عريضة ... تجتذب العينَ ألوانٌ تتعالق ليبقى التركيز على الثائر الذي سيُعدَم ببؤرة الضوء التي تحيطه وتحتويه وقميصه الأبيض وسرواله الأصفر الزاهي بلون سنابل القمح في نهارات الصيف القائظة ... لعله مايو أيار آخر .. لعلها فعلا لحظة بداية نضج المراعي والحقول والبراري في مروج آلحياة، نهاية الربيع .. ربيع الشباب بداية موسم الحصاد وجني الثمار (٤) ..
هي لوحة تُرَى بالعين تُسمع بالأذن تُحس بالقلب تُفهم بالعقل ويُشم عَبيرُها ودخانها ودمها وترابها ورغامها ويُلمس وهجها وتضاريس الوجوه وملامح الاجساد والصدور المشرعة أبوابها على معانقة الرصاص بالقلوب تُحْدَسُ بالحلوم بالأحلام، مطلق الأحلام .. إنها لوحة كل الأحاسيس وكل الحواس ... انها دعوة للسلام الواقف على رجليه، الفاتح ذراعيه على آتساعهما، الرائي المبصر لما وراء أفق الأفق، حادي الحداة، منشد الأمل في الحياة .. أنشودة الدم والكبرياء .. لوحة تُجَسِّدُ عُمْرَ السَّلاَمِ القصيرِ في الدنيا الدَّنِية وعمره المديد في تعالقه الحالم بالشهادة وعوالم الأرواح الصافية الشفافة التي لا نهاية لرُوائها البهي .. هي لوحة ضد فعل الإماتة لا ضد الموت في ذاته .. وبالتالي هي دعوة للسلام دعوة للوئام دعوة للحياة ...

☆إشارات :
١_أضحى تنفيذ الإعدام وظيفة من الوظائف الروتينية التي تجري بها حياة الإنسان، ومنفذ الإعدام(executorExécuteur) شخص عامل موكل له تنفيذ وتطبيق حكم الإعدام والقتل.ويُطلق عليه عدة أسماء في البلدان المختلفة، ففي مصر يسمونه "عشماوي"، بينما في السعودية يسمونه السياف نسبة إلى السيف الذي يستخدمه لتنفيذ القتل، والجلاد نسبة الى فعل الجلد الذي يفضي في كثير من الأحيان الى انجاز فعل القتل ... وقد صرح حسين عشماوي أشهر منفذ أحكام الإعدام في مصر، أن موسوعة "جينيس" العالمية قامت بتسجيل رقم حالات الإعدام التى نفذها والذى وصل إلى 1070 حالة إعدام، كأكبر منفذ لعدد حالات إعدام منذ التسعينيات وحتى إحالته على المعاش فى 2011 .
٢_هناك خاطرة للأرجنتيني بورخيس تجسد هذا الملمح المثالي جاء فيها :
(بعد أنْ قتلَ قابيل أخاه هابيل، التقى الأخَوان من جديد، في أرضٍ خلاء.
مِنْ بعيدٍ عرفَ كلٌّ منهما الآخر، فكلاهما كان مدِيدَ القامة.جلس الأخَوان أرضاً وأشعلا نارا وأعَدّا طعاماً.كانا صامتَيْن كما يصمت الأشخاص المتعَبون في آخر النهار.وفي السماء الْتَمعَتْ نجومٌ لم تكن لها أسماء في ذلك الزمن البعيد.على ضوء اللهب، رأى قابيل أثرَ ضربةِ الحجَر على جبهة أخيه، فسقطَت قطعة الخبز من يده، قبل أن يحملها إلى فمه، وطلب الصفحَ عن جريمته .. قال له هابيل:
- أأنتَ الذي قَتَلْتَني، أم أنا الذي قتلتُك؟ إنّي ما عدتُ أتذكر. وعلى أيّة حال، فها نَحْنُ معا، كما كنا في الزمن القديم.
قال قابيل:
- الآن أيقنتُ أنك صفحتَ عني، لأنّ النسيانَ هو الصفح. أنا أيضا، سأحاول أن أنسى.
أجاب هابيل بصوت هادئ:
- نعم، هو ذاك، فالخطيئة تَبْقىٰ ما بَقِيَ النَّدَم.

_ خورخي لويس بورخيس.
ترجمة: عبدالقادر وساط

٣_ آية ١٩ و ٢٠ من سورة ( الشعراء )
٤_لنتذكر أحد عتاة الجلادين ماذا قال: (إني لأرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها، وإني لصاحبها، والله لكأني أنظر إلى الدماء بين العمائم واللحى وانى دعوت الله ان يبلوكم بي فاستجاب)



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مُوتْ لَارْضْ
- آدْيَاوِي المُوزيطْ نَغْ آدْيَاسْ دي المُوزِيطْ
- وَحِيدًا يَخُوضُ غِمَارَ آلْيَخْضُور
- آرَّتْ لْبَالْ
- أَمْخَطَا نْتَقْبِيلْتْ
- دُوسُونْ دُوزْ 212
- جَلَبَة
- تْرَاتَّاسْتْ Tratast
- قُبَيْلَ آلْحُلْمِ بِقَلِيلٍ
- في آنتظارِ قيامةٍ أخرى لا تبقِي ولا تذَر
- تَامَغْرَبِيتْ عْلَاشْ لا
- وَقَدْ سَمَّانِي جُعْلا
- إِعْدَامٌ
- كُلُّ تلكَ آللقاءات إشارات فآستعدْ
- رقصة آلسموراي آلأخيرة
- كأنها لَمْ تَغْنَ بالأمْسِ جِنانُنا
- آفُلُّوسْ نِيكْرَنْ آكَدْ إيخَمَّنْ اُورْ يَكُّورْ آنِي
- عناقيدُ شتينباك
- ثم، من غير سلام ينصرفون
- فيها فاكهةٌ وحبٌّ ورَيْحَان


المزيد.....




- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة


المزيد.....

- نحو – إعدام! - عقوبة الإعدام / رزكار عقراوي
- حول مطلب إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب ورغبة الدولة المغربية ... / محمد الحنفي
- الإعدام جريمة باسم العدالة / عصام سباط
- عقوبة الإعدام في التشريع (التجربة الأردنية) / محمد الطراونة
- عقوبة الإعدام بين الإبقاء و الإلغاء وفقاً لأحكام القانون الد ... / أيمن سلامة
- عقوبة الإعدام والحق في الحياة / أيمن عقيل
- عقوبة الإعدام في الجزائر: الواقع وإستراتيجية الإلغاء -دراسة ... / زبير فاضل
- عقوبة الإعدام في تونس (بين الإبقاء والإلغاء) / رابح الخرايفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الغاء عقوبة الاعدام - عبد الله خطوري - فَعَلْتُهَا وَأَنَا مِنَ آلضَّالِّينَ