أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - عناقيدُ شتينباك















المزيد.....

عناقيدُ شتينباك


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7615 - 2023 / 5 / 18 - 09:21
المحور: الادب والفن
    


إذا آنعدمت (الانتهازية) يجب خلقها وصناعتها، بدونها لن يحقق المستغل مصالحه الفردية ..لذا، يسعى المتسلطون إلى خلق مزيد من الأزمات وإنتاج مزيد من الفقر والتفقير والعوز وصناعة مزيد من المحتاجين وتفريخ مزيد من الأفواه المفتوحة لتسهل السيطرة ويسلس التحكم .. من فعل نَهَزَ جاءت(الانتهازية) انتهزَ ينتهز انتهازًا، فهو مُنتهِز، والمفعول مُنتهَز، وانتهز الفرصة اغتنمها بادر إليها بل سعى إلى تشكيل أسبابها من أجل غنم قطافها .. الانتهازية بآعتبارها إحدى سمات الرأسمال الموغل في وحشيته، تحمل في معناها المجمل دلالة فعل سلبي قاهر موجه ضد المسيطر عليهم أو المراد السيطرة عليهم .. الانتهازيون يبتكرون فرصهم عادة من أجل تيسير آستغلال الآخرين يتخذونهم سلالم يصعدون درجاتها، هم أشخاص أفراد وجماعات ومؤسسات وشركات يحققون مصالحهم الخاصة على حساب مصلحة الآخرين أو المصلحة العامة دون الأخذ بعين الاعتبار القيم والمبادئ الانسانية، غايتهم ميكيافيلية (الغاية تبرر الوسيلة) في صورتها السلبية البشعة غير الأخلاقية، شعارهم(أنا وبعدي الطوفان) يتسلقون أشلاء الآخرين يستفيدون من جهدهم وعرق تعبهم ليصلوا إلى مقاصدهم بالمداهنة والمراوغة والحيل والتملق والتشدق الزائف، يرسمون الخطط، يصنعون الأزمات، ينتجون الآفات، يعيدون رسم الخرائط، يتحينون الفرص السانحة من أجل تحقيق مآربهم مهما كان الثمن، لا مبدأ لديهم، لا فكرة يؤمنون بها أو يدافعون عنها، همهم الوحيد استغلال الآخرين والركوب على أكتافهم ليحققوا أهدافهم عبر نشر الضنك الاجتماعي وآفتعال الحاجة، وحالما يحققون مراميهم يجمعون أرباحهم ويطلقون سيقانهم للريح غير مبالين بالأضرار التي آرتكبوها في حق المتضررين .. فيروسات هم بيننا دائما .. من لحم ودم من واقع وآفتراض من أرقام ومصالح ومؤسسات ولوبيات يتنسمون هواءنا يعيشون بين ظهرانينا في كل مكان وزمان نجدهم يتربصون يتحينون فرص القلاقل والمشاكل والأوباء ليضربوا ضربتهم ثم يحكموا سيطرتهم وسطوتهم على طرائدهم ...

في رواية "عناقيد الغضب" لجون شتينباك نعاين مثالا حيا لواقع الانتهازية والانتهازيين قاربه الكاتب بواقعية مُرة عرت زيف الحلم الأمريكي القائم على أسس واهية غير إنسانية.وقائعها تشبه تماما وقائعنا في بلدات إيمازيغن وبلدات السكان الأصليين في كل مكان أين تحدث محاولات ومناورات تسعى سعيها الحثيث للسيطرة على خيرات الأهالي من الغابات وغير الغابات وما تحويها وما يحيطها من مجالات وثروات طبيعية .. من بعيد أو قريب تأتي أطماع الشركات ولوبيات الأموال والأشخاص الذاتيين والمعنويين في العلن الواضح أو بطرق ملتوية تستغل ظروفا عامة (أزمات اقتصادية، أزمات طبيعية : جفاف قحط فيضانات ... آفات، جائحات، أوبئة...) وظروفا خاصة وحاجات الناس وضيق معيشهم وضيق أفقهم وقصور نظرتهم وسلوكاتهم الرعناء آتجاه مجالهم الحيوي ومحدودية وعيهم : (الرعي الجائر / اجتثاث النباتات البرية العطرية من جذورها / قطع الأشجار / استغلال أتربة الأرض بطرق عشوائية / المساهمة في تصخر وتصحر الأراضي الصالحة للزراعة ... ) ، لتحاصرهم أطماع اللاهثين بأسيجة محروسة بدعوى الوصاية والرعاية والمراقبة والتشدق بمسؤولية المحافظة على الإرث الحيواني والنباتي، ثم بعد ذلك تنزع منهم أراضيهم بحيل قانونية كثيرة متنوعة بتواطؤات ملتبسة من قنوات تشريعية وتنفيذية (تحفيظ الأراضي السلالية من ذوي الحقوق آخر مثال تعيشه كثير من المناطق) ووو ... تتدخل البنوك تغرق الفلاحين بديون لا قِبَلَ لهم بها في إطار الإصلاح الفلاحي وتنمية المجال القروي وإدماج القرويين في التنمية المجالية البشرية تعيد لهم جدولة تسديد ديون متراكمة مرات متكررة لتقع الفرائس المراد قنصها في المحظور الذي خطط لها الوقوع فيه، فتسلب أصول ملكيات الأراضي في نهاية المطاف من أصحابها الورثة الحقيقين بمبرر ما يُهَجَّرون إلى بلدات أخرَ بحثا عن حياة جديدة في مدن صفيح أحواز المدن وأشباه المدن .. كل الأماكن سيان .. لا أمل في آستعادة التراب للباحثين عن الأصول أو المهووسين بجينات أتربة الجذور .. يلفظك مستغل يتلقفك مستبد يبصقك آنتهااااازي يطوقك متواطئ تحاصرك مطاردة تجهز عليك فخاخ خفية وظاهرة من حيل محبوكة لانتهاز فرص مسكوكة لاستغلال لتعطيل لتفقير لتجويع لاجتثاث .. كل الطرق تؤدي إلى الأبواب الموصدة .. (أقول لك : "البنك أكثر من الرجال، أقول لك .. إنه الوحش .. الرجال صنعوه، لكنهم لا يستطيعون السيطرة عليه ..) ... فعلا، تسعة فصول من رواية واقع الأعالي، عفوا واقع سهوب أمريكا بتوابل حالكة سيطر بها الرأسمال الجشع على حقوق ذوي الحقوق من السكان الفلاحين لا حلم لهم سوى أن يظلوا بجاور أراضيهم يمتهنون حِرفة الأرض لا يتقنون غيرها يقعون من حيث لا يحتسبون تحت رحمة فتك شراسة أنياب وبراثن وحوش الرأسمالية الموغلة في لهطتها وجشعها وتوحشها الذي لا يشبع أبدا .. لتفسد أحوال البسيطين المتمسكين بالتراب يتحول معيشهم اليومي من مزارعين يحبون الأتربة وتحبهم إلى عمال مياومين سائسين في حظيرة الدواب حتى كأننا بمقهوري الأرض يلتقون جميعهم في مصير ضياع مشترك، كأننا بجيرمنال تعاد حكاية الموؤودين فيها من جديد، كأننا بأمنا الأرض في دراما الهند هي نفسها في كل مكان، كأننا بالفلاح الشيخ في أرض عبدالرحمن الشرقاوي دون جدوى يصرخ في وجه الغاصبين .. يااااا.. فتبا لسفالة الانتهازية وقماءة الانتهازين تبا لجبروت الرأسمال تبا لغبائنا المذقع ...
الرواية صرخة ديستوبية مدوية، صيحة إنذار قاتمة .. لسان حالها : هذا ما وقع هذا ما سيقع .. تبئر الرواية أحداث مأساة وقعت ووشيكة الوقوع في كل مكان وفي كل زمان مادام توابل إنتاجها يعاد إنتاجها عبر الأزمنة والعصور .. المعادلة واضحة لا لبس فيها : يجب على متضرري هذه البسيطة المعقدة العمل بوعي من أجل الخروج من مخلفات وتبعات الاستغلال الرأسمالي ومواجهته، ولن يتسنى ذلك الا إذا أخذنا بعين الاعتبار ما يلي :
_أيها المفقرون انتبهوا : الحياة ليست حلما يسعى الى تحقيقه الحالمون
_الحياة ليست خمرة يُستخلص آنتشاؤها من عنب ذي مزازة، بل هي صرخة غضب في وجه الغاصبين ...
_أحسن طريقة لتحقيق الأحلام عدم الوثوق بها
_عدم تصديق خرافة السعادة في الحياة، فهي مجرد حكايات
_عدم الخضوع لعادات الاستهلاك
_السعي نحو الامتلاك وشراء الأراضي والأطيان وبناء المنازل محض سراب استقرار خادع لا مسوغ عقلي للوثوق به
_عوالم أوهام الدَّعَة ورغد العيش سرعان ما تقتلع بالكساد والفساد في عالم رأسمالي غير مستقر..
_الديون تجلب مزيدا من الديون فالحذر الحذر
_الاستخدام المتطرف للموارد الطبيعية يخرب الإنسان أولا وأخيرا
_اجتثاث الطبيعة من جذورها وتخريب التراب إفساد سيؤدي ثمنه المرتبطون بالتراب أولا وأخيرا
_النضال ضد الظلم بشتى أنواعه فرض عين لا فرض كفاية
_ليس هناك فقر، هناك صناعة فقر ..
ليس هناك فقراء، هناك مُفَقَّرُون .. فلنتأمل ولنتدبر ...
_الهجرة بجميع أنواعها وتجلياتها لم تكن في وقت ما حلا ناجعا ولن تكون ...
_لنتذكر .. (لماذا لم تدقوا الخزان) .. الصيحة الكنفانية بلسان أبي الخيزران التي دقت أجراس الخطر في فراغ غير ذي صدى ..
_لا مجال للأعمال الخيرية ونشر ثقافة قَبول الصدقات تحت شعار التكافل والتضامن من أجل محاربة الفقر؛ بل هناك صراع طبقي الذي ليس صرعة من صرعات الفكر، بل واقع لا يرتفع يجب على كل مفقري العالم الوعي به وإدراك تجلياته وتبعاته .. فصغار المزارعين في عناقيد شتينباك متحكم فيهم من قبل مزارعين أكبر؛ وكبار المزارعين يستغلون العمال المهاجرين يدفعون لهم أجورا زهيدة، وهؤلاء تسيطر عليهم بنوك القروض، وهذه تتحكم في دواليبها مؤسسات معلومة، وهذه يسيرها مسيرون مبهمون ..
_المدعو : محاربة الفقر في الأيام الدولية والأممية والوطنية والمواسم والمحافل والمناسبات لا مجال لوجوده في واقع المفقرين؛ بل هناك أسباب ومسببات التفقير يجب فهمها قصد محاربتها محاربة عقلية فعالة
_يا مفقري العااالم، كفى ولادات زائدة عن الحاجة، أنتم أحوج ما تكونوا إلى كينونات نوعية لا حشود أفواه وأرانب ..
فما وقع في عوالم شتينباك قد يقع الآن هنا، وتفسخ وتَحلل وتَشتت وتَمزق وآغتراب عائلة قروية أمريكية بأجيالها المتتابعة جد وأب وأبناؤه في ثلاثينيات القرن الماضي في أمريكا سيعاد لا محالة بأبشع التجليات في أزمنتنا وأمكنتنا .. إنْ لمْ .. فالحيطة والحذر ...



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثم، من غير سلام ينصرفون
- فيها فاكهةٌ وحبٌّ ورَيْحَان
- تِيقَّااااادْ
- سَقَر
- أُلَاقِي آلمَنَايَا كالِحَاتٍ وَلَا أُلاقي آلهَوَانَا
- تِيرْجِينْ نَتْنِيمَارْ أَجْأَرُ بِها وكفى
- رَأَى مَا رَأَى تَلَا مَا تَلَا
- مَاتيلدْ دُو لَامُولْ تطبعُ قبلةً على شفاهنا ثم نموت
- سَرَااااب
- الآنَ .. أضْحَكُ صامِتا أضْحَكُ صاخِبا
- اَلْأَبْلَهُ
- وفي لحظة خاطفة كنتُ وُلِدْتُ
- رائحة زنخة لمازوط يحترق
- وَأَسْمَعْتَ عُوَاءَكَ مَنْ بِهِ صَمَمُ
- وَلِلْمُفَقَّرِينَ وَاسِعُ آلنَّظَرِ
- مُتَشَائِلًا تَرْتِقُ قهوتي فُسَيْفِسَاءَ آلْأَحْلَام
- عطسة تشرفياكوف
- اَلْأَمَازِيغِيّ
- أَجْطِيطْ إينُو
- وَداعًا سَأغادرُ نَحْوِي


المزيد.....




- الرئيس الايراني: نأمل ان نشهد تعزيز العلاقات الثقافية والسيا ...
- -الآداب المرتحلة- في الرباط بمشاركة 40 كاتبا من 16 دولة
- جوامع الجزائر.. فن معماري وإرث ديني خالد
- -قيامة ليّام تقترب-.. الصور الأولى من الفيلم السعودي -هوبال- ...
- الدوحة.. إسدال الستار على ملتقى السرد الخليجي الخامس وتكريم ...
- فنانون عرب يطلقون مبادرات لدعم اللبنانيين المتضررين من العدو ...
- عمرو دياب يعلن اعتزال الغناء في الأفراح بعد أشهر من واقعة -ا ...
- -جيل الصابرا-.. كيف تنبأ عالم مصري بمستقبل نتنياهو وإسرائيل ...
- فيلم -المتحولون واحد- يعود إلى الجذور برسائل عميقة عن الطبقي ...
- مغني الراب -ديدي- يواجه 120 اتهاما بالاعتداء الجنسي


المزيد.....

- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - عناقيدُ شتينباك