أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - سَرَااااب














المزيد.....

سَرَااااب


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7606 - 2023 / 5 / 9 - 12:14
المحور: الادب والفن
    


ما بين سراب وسراب يولد مزيد من السراب .. سبعينيات المغرب القرن الماضي لها ما لها وعليها ما عليها وأربعينيات المغرب القرن الماضي لها ما لها وعليها ما عليها أيضا .. كأن المغربي في ذينك الزمنين وما بينهما لم يتغير .. يكتشف رجل بدوي نقودًا في كيس من دقيق من بقايا "إعانات" ماريكان زمن الضنك والعوز، يحاول ما أمكنه الاستفادة منه بتصريفها لدى بنك العاصمة، ليجد نفسه يطارد خيط دقيق من طحنة لم تعد تصلح حتى للعجين .. أمس نزح مغربي من باديته بحثا عن كنز تحسين أحواله في أحواز أشباه المدن فلم يجن غير مزيد من الاغتراب والتيه والضياع .. أمس ارتكبت سلالة ذاك المغربي الجريرة نفسها انزاحت كَرَّة أخرى فلم تجد غير تيهها في الضياع.. ويبدو أن سلالات متعاقبة لم تستوعب بعد الدرس، فمازال مسلسل النزوح الفردي والجماعي مسترسلا بفعل عدة عوامل ذاتية وموضوعية تراكمت وازدادت الحال تعقيدا ..
يستهل أحمد البوعناني سرابه السبعيني بعودة إلى سراب أربعيني بمشهد صامت يظهر فيه رجل وحيد وسط حقل يرمي بعنف حجرا في آتجاه عدو متوهم غير مرئي، يبدو أنه يصارع بجنون قوى غيبية خارقة لا توجد الا في مخيلته، لا تنفع معها الأحجار التي يرميها بها ..ويا ليت الفتى حجرٌ تنبو الحوادثُ عنهُ وهو ملمومُ على حد تعبير (تميم بن مقبل) ... بين أمس وأمس يكمن ثمة وهم يجد الواهم فيه صعوبة في إدراك ماهيته فنراه دائب السعي كمخبول دينكيشوتي يروم رتق ما آنفتق من معيشه بمزيد من الفتق .. ويستمر هذا الكائن المتناسل في وهمه بحثه السيزيفي عن مرحلة يكمن فيها كنز ما يحسن به معيشه اليومي يتحول فيها من كينونة ركامية الى كينونة نوعية .. ما بين الأربعينيات والسبعينيات ثلاثون سنة ونيف من البحث المستعصي، وما بين السبعينيات ورديفاتها الحكاية نفسها .. ويبدو أن حلول الألفية الثانية لم تغير بداياتها شيئا ذا بال في المعادلة في آنتظار آنصرام ثلاثين أخرى تبشر أو تنذر بديستوبيا تكرار الوهم نفسه، سنجد الآن هنا مَن يررد عبارات تغير الأحوال بعد عتي السربيس والأعمال الشاقة المضنية سأؤُوب إلى الديار سأعود إلى جذوري ربما تركت فيها ما كنت أبحث عنه منذ البداية .. سأغادر مدن النيون والنحاس .. سأسافر نحوي، ففي جانب آخر من الأرض حِضن رحيب يسوده ضياء الحياة بلا ضجيج بلا ترهات بلا نفاق بلا أقنعة بلا وهم بلا سراب عاريا سأرفل في سجيتي في خمائل أختال في ثياب أجمات الصمت والسكون والفراغ الممتدد بلا حدود في الخلود في جانب آخر من العالم يسوده صفاء لا يعرف بغضا أو جفاء .. سأسكن وحيدا متفردا فويق تلة أو نَجْدٍ أو هضبة أو في أحشاء مَرْج في فضاء بلا ضفاف برائحة خشاش الارض والتراب سأعدو أركض كمسيح غير كذاب على ضفاف أنهر من حَباب وشعاع شمس يبدد السراب سأوصيهم يدفنوني هنااااك ...
أحمد البوعناني (1938 ـ 2011 ) مخرج سينيمائي من طينة خاصة .. مات وحيدا منكفِئا على نفسه في بيتٍ معزولٍ فَضَّلَ الانزواءَ فيه رفقة زوجته .. لا، لم يجد كنزه .. لا، لم يحقق حلمه ..
لم يكن هذا الانزواء آختياريا، بل فرضته معاناته مع مالكي الشقة التي كان يكتريها بالرباط منذ عدة سنوات ومضايقاتهم له من أجل الإفراغ وما ترتب عن تلك المضايقات من إحراق لجزء من أرشيفه السينمائي وكتبه والعديد من نصوصه المكتوبة بما في ذلك مسودة كتاب حول تاريخ السينما المغربية .. إن هذا الحريق، الذي لحق شقته المكتراة، وموت آبنته سببان رئيسان عجلا برحيله عن زمن ليس زمنَ الرجال .. مات في الحياة ميتة بدويه الباحث عن كينونة مستعصاة .. مات بعد مسيرة فنية وأدبية طويلة حافلة بالعطاء على عدة مستويات، انطلقت في منتصف الستينيات .. تخرج من معهد الدراسات السينمائية العليا بباريس في تخصص المونطاج والسكريبت سنة 1963، له مجموعة من النصوص الشعرية، أصدر منها ديوانين سنتي 1980 و 1981 .. له مجموعة من القصص ورواية بعنوان "المستشفى" صدرت سنة 1990، ومجموعة من السيناريوهات، وساهم في ما يفوق أربعين فيلما أخرجها أو شارك في إنجازها كسيناريست أو مساعد في الإخراج أو مدير فني وتقني ... من فيلموغرافيته نذكر العناوين التالية :
" طرفاية أو مسيرة شاعر " (1966)
و " ستة واثنى عشر " (1968)
و " الذاكرة 14 " (1971)
و " إيه يا زمان " (1972)
و "كان حتى كان أو الينابيع الأربعة" (1978)
و شريطه السينمائي " وشمة " (1970)
و شريطه :" السراب " (1979)
و " عود الريح " (2001) ...

هي لمحة من تاريخ إنسان اشتغل في صمت عاش في صمت مات في صمت .. بعيدا عن كل الأضواء التي تُثَارُ في أزمنة السراب على كل مَنْ هَبَّ ودَبَّ بآسم الفن وما يشبه الفن .. حياة الرجل مثل سرابه في "السراب" تبتدئ بخدعة تنتهي بفراغ .. عبث الأقدار .. صراع مع الظلم والتفقير والقهر والتهميش .. والنتيجة : لا شيء .. تبقى الأوضاع على ما هي عليه وعلى المتوهمين المهووسين المضي في سعيهم الحثيث نحو آفاق أخرى تبشر بمزيد من السرااااب ...



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الآنَ .. أضْحَكُ صامِتا أضْحَكُ صاخِبا
- اَلْأَبْلَهُ
- وفي لحظة خاطفة كنتُ وُلِدْتُ
- رائحة زنخة لمازوط يحترق
- وَأَسْمَعْتَ عُوَاءَكَ مَنْ بِهِ صَمَمُ
- وَلِلْمُفَقَّرِينَ وَاسِعُ آلنَّظَرِ
- مُتَشَائِلًا تَرْتِقُ قهوتي فُسَيْفِسَاءَ آلْأَحْلَام
- عطسة تشرفياكوف
- اَلْأَمَازِيغِيّ
- أَجْطِيطْ إينُو
- وَداعًا سَأغادرُ نَحْوِي
- سُنُونُوَةُ نِيسَانَ
- هامش حول الإحساس بالزمن
- إِيدَامِّنْ نْتَقْبيلْتْ / دماء آلْقَبِيلَة
- لعبة آلقطْعان التي تعيش
- هِيَ أشْياء تحدثُ وكفى
- زُحَلُ وطَائرُ آلْعَسَلِ
- عيد شهيد
- لَمَّا تَمُوتُ آلْأُمْنِيَّااااتُ
- كورونيات


المزيد.....




- مصر.. الفنان محمد عادل إمام يعلق على قرار إعادة عرض فيلم - ...
- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - سَرَااااب