أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - عيد شهيد















المزيد.....

عيد شهيد


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7588 - 2023 / 4 / 21 - 23:01
المحور: الادب والفن
    


في ليلة العيد الأخير، رَنَـا السيد "عين" إلى ذاكَ آلهلال آلمُستحيي بين آلغمام، تأملَ في كل ما يحصل وتساءل بإحساس قريب إلى البلادة الفطرية التي آفتقدها بتوالي الأيام والقرون:

_لِمَ يَقَعُ كل هذا؟؟؟

ولما أعيته القريحَةُ وآستنزف قُواه الجوابُ، قرر أنْ يلوذ الى إغفاءة زرقاء مبتسرة على شاكلة ما تفعل حلوم المعتوهين الذين عايشهم هنا أو هناك في كتب قرأها عاود قراءتها دون فائدة في راحة بال ...
_"كَــافُ" كافكا في حُـلَّتِه المرتبكة...
_"رَاسْكُولينْكُـوفُ" بتوازنه المسحوق...
_الأرْعَنُ "ديميتري أليكسوندروفيش" وسخافاته العرجاء ...
_"بيغونْجـيه"وقَرنه المفقوء...
_"كْــوَازيمُـودُو" آلمبتور آلمصير...
_دَرْدَابُ "أُوسكار" على قارعة آلأعمار...
_فِيَلةُ "فلاديمير كوش" الصادحة بالحُدَاءِ وشهوة العَناء...
_هلوسات فيرجينا المثقلة بالحجارة...
_زرقة الاصفرار وداعا ثيو سأغادرُ نحوي ...
_"بينك فلويد" وضحكته المبتسرة المخبولة المطوقة بمتاريس الجدران ...
_سفينة المجانين التالفة بين آلأمواج بلا هداية ...
_"حنظلة العربي" وجؤاره المَبحوح:(لا علاقة لي بالمدعو عيد سعيد لا من قريب ولا من بعيد، والله على ما أقول شهيد...)و.. الآخرون .. الآخرون كلهم.. بأسمائهم ودون أسماء .. الحاضرون الغارقون في الغياب .. كلهم حَاوَلُوا ليلة العيد البحث عن جواب في إغفاءة مبتسرة أو في آختلاس خاطف للأحلام المُستَـعْصِية .. فهل تراهم وجدوا هذا الجواب أم آستيقظوا وعاودوا إغفاءاتهم وهم حَيارى في يقظتهـم دون يدركوا معنى هذه "الرّحَى" العملاقة التي تطحن الهامات والنفـوس تغتال اللحظات الهاربة ..؟؟.. إيــهٍ.. العيد لحظة هـاربة إذن .. بَـالُونُ ينتفخ يتصاعدُ يتلولبُ تتطايرُ ألوانه في آللحظة آلتي تسعى آلمُقل وآلأيدي الإمساكَ بتفاصيله آلمستعصية .. كذلك كان أبي، كذلك عاشت أمي، أخَيَّتي، خالي خالتي، جدي جدتي وأصدقاء كرام كانوا معي وكل الأحباب الذين رَحلوا تباعا في دروبنا آلمنهارة، كصَيِّبٍ من آلقَطْرِ تناثرتِ آلأشلاء على آلاشلاء تذرو آلريحُ آلأنفاسَ وبقايا آلبقايا في كل حدب وصوب، على مائدة إفطار آلمغيب لَحْمٌ آدمي يحترق، في آلشرفة التي بلا نوافذ دَمٌ يتجمدَ، بين حَبْليْ أرجوحتها تعلقتْ سَميرةُ (١) محتضرة تحلمُ بآلأحلام تَصَّاعَدُ أطيافها إلى سماء بلا سماء .. لقد كانوا هنا، أمسِ فقط كانوا هنا.. لحظات تَفِرُّ من البَنان من القلب الرّجيف من الكيان، كل الكيان.. وككل لحظة هاربة، يتوجس "عين" خوفا من انصرامها وزوالها السريع ويتعجب من حضورها أصلا، مادام العيد في حياته المكلومة آستثناء لباقي الأيام المتشابهة في رتابتها المقيتة .. إنه يهابُ ويتوجس ويمقتُ الاستثنـاء، كيفما كان هذا الاستثنـاء، ويترقب ويداه على قلبه خشية ذاك القادم من وراء الجدران حيث آلآفاقُ غير الرحيبة بمهاوي مشرعة على فجائع ليست في آلحسبان، وحيث الزؤام يترقب الزوابع بُعَـيْدَ الفصل الجميل .. يترقب:(الهدوء الذي يسبق العواصف) .. السيد"عين"ينام الآنَ وفي كل آن هروبا من عاصفة ما بعد زُرْقَةِ صفاء الاستثناء .. يمقت هذا الهدوء الممنوح لأن الهبة لا مأمن لها، والسكينة سكين ذو حدين بل بألف حد هي تخيفه تفزعه كأنها آمتحـان، وكأن الفرح مقدمة مؤقتة، وآلحبور آستراحة قصيرة لنوبات من الحزن الأسود من المصائب القادمة .. القضية .. أنه قد ألف هذا الحزن الأسود ولم يألف بعد المسماة "أعياد" ..
فتـح آدم وزوجه عيونهما، فعَلِمَا أنهما في يوم عيد .. كانت أيامهما أعيادا كلها .. فيها الفرح، فيها اللقاء، فيها الرواء، فيها الحساسين المِلاح .. لم يكُ العيد بَعْدُ لعبة يلهو بها طفل مرعوب خشية تقنبله طائراتٌ عابرات للقارات دون طيار .. لم يك آستثناءً كما هو عيد آلجدران آلمخَضَّبَة بيَبَاب آلبوار .. كان قاعدة، لكـن _ ويا لفجيعة "لكن" هذه!! _ أعْقبتَها حالة آستثناء جديدة .. تلك الشجـرة آمتحان .. "عين" يكره الامتحان كيفما كان هذا آلاِمتحان لأنهم لقنوه مرغما أن فيه يُعزُّ المرءُ أو يُهان .. فآبتُسِـرت لحظـات الفــرح في صناديق مقفلة و ... دُفنَتِ آلبشاشة وآلتوق وآلشوق وآلعشق في غياهب الجِنان وطفق الزوجان يفكران .. وكان ثمن التفكير باهظا .. وردة ليست كالدهان، سوداء لا عَبيرَ لها، لا حياةَ لأفوافها العجفاء .. زفاف عارٍ مُهْدًى الى عالم قميئ مُتْرَع بآلصّلَفِ ستقل فيه الأعياد وستتغير القاعدة ويتبدل الاستثناء .. وطفق الزوجان يفكران .. سندور .. سندوخ وقد أثقلننا جاذبية آلاِنصهار إلى ما هو أدنى من الأدنى فينا وفي غيرنا .. من هنـاك مر العيد .. ومن هنا يمر دوما الزؤام..!!..لـِمَ يقع كل هذا..؟؟..تساءل "عين"، ولما لم تـجبه يقظته ولا إغفاءته المبتسرة التي على شاكلة خواطر مخرومة ككل ثرثرات المخبولين .. قرر أن يلوذ الى الصمت .. فرأى نفسه يغتال ملايين الأعياد المنبطحـة على وجهها وقد أكل منها الغيض الشيء الكثير .. وككل المعتوهيـن بَدَتْ له فكرة الاغتيـال مغرية كتفاحة عيد آنقـرض ويعاودُ الانقراض، يَسهل امتطاؤها، فآمتطى فكرته متلاشيا منهارا وهو يسبـح في الأجواء بلا جاذبية بلا رقيب في الأنحاء .. ثم راح يبصر نفسه قاتلا يعمد الى القضاء على كل أجداده التعسين .. من هناك مـر العيد .. وانتهى ب(عين) المطاف الى محطة اللارجوع .. لقد فعلها أخيرا ولمْ يَقل ..أف.. تبا ..!!.. ولم يندم .. إني ظلمت نفسي .. ولم يصعد الحنق الى زغب رأسه، ولم يحتج ولم يَدْعُ .. صبرا جميلا..!! .. بل آستلقى على ظهره وأراح رأسه على ذراعيه وطفق يرنو الى السنديانة التي لون أوراقها أخضرُ أدهمُ قاتمُ كلَون جنون الجِنان كَعَبَقِ أعشاب آلبحار، فلم يبصر إلا نفسه الثكلى .. وعلى حين غرة آنبرت من شفتيْه آبتسامة زرقاء ككركرة صبية صغار كانوا ذات غبش من صباح يلهون يرتعون قبل تقصلَ أمخاخهم عابرات آلجِوَار، ثم شرع يترنم بلازمة واحدة يكررها حتى أغْمِيَ عليه:
_ عــيـــد شـهــيـــد ..!!..

☆إشارات:
١_إشارة إلى فلذة الشاعر البعثي محمود سامي البارودي التي رثاها وهو في منفاه بسرنديب بمطولة من بحر الطويل مطلعها:
تَأَوَّبَ طَيْفٌ مِنْ سَمِيرَةَ زَائِرٌ
وَمَا الطَّيْفُ إِلَّا مَا تُريهِ الْخَوَاطِرُ
طَوَى سُدْفَةَ الظَّلْمَاءِ وَاللَّيْلُ ضَارِبٌ
بِأَرْوَاقِهِ وَالنَّجْمُ بِالأُفْقِ حَائِرُ
فَيَا لَكَ مِنْ طَيْفٍ أَلَمَّ وَدُونَهُ
مُحِيطٌ مِنَ الْبَحْرِ الْجَنُوبِيِّ زَاخِرُ
تَخَطَّى إِليَّ الأَرْضَ وَجْدَاً وَمَا لَهُ
سِوَى نَزَواتِ الشَّوقِ حَادٍ وَزَاجِرُ
أَلَمَّ وَلَمْ يَلْبَثْ وَسَارَ وَلَيْتَهُ
أَقَامَ وَلَوْ طَالَتْ عَلَيَّ الدَّيَاجِرُ
تَحَمَّلَ أَهْوَالَ الظَّلامِ مُخَاطِراً
وَعَهْدِي بِمَنْ جَادَتْ بِهِ لا تُخَاطِرُ
خُمَاسِيَّةٌ لَمْ تَدْرِ مَا اللَّيْلُ وَالسُّرَى
وَلَمْ تَنْحَسِرْ عَنْ صَفْحَتَيْهَا السَّتَائِرُ
عَقِيلَةُ أَتْرَابٍ تَوَالَيْنَ حَوْلَهَا
كَمَا دَارَ بِالْبَدْرِ النُّجُومُ الزَّواهِرُ



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لَمَّا تَمُوتُ آلْأُمْنِيَّااااتُ
- كورونيات
- أَغِيلَاسْ
- لَا خيارَ لَدَيْنَا
- طُفُولَةٌ بِلَا عَرِين
- مَوْتُ أَبِي آلْخَيْزُرَانِ
- مَارِسِ آلْجُنُونَ قَبْلَ يُمَارسَكَ آلْجُنُونُ
- طَبْلُ أُوسْكَار
- وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى آلْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى
- اَلزَّطْمَا
- ضُبَاح
- عَنِ آلْهِرَرَةِ وأشياء أخرى
- خَرَجَ وَلَمْ يَعُدْ
- رَذاذُ نِيسَانَ
- اَلْحُوذِيُّ وَآلْحِصَانُ
- ذُهَان
- تَادَوْلَى(العودة)
- عَطَبُ آلْوُجُودِ في قصيدة بَكيتُ عَلَى أَحِبّةٍ بَكوا عَلَي ...
- سلااااام
- ديستوبيا الحاضر


المزيد.....




- رحيل -الترجمان الثقافي-.. أبرز إصدارات الناشر السعودي يوسف ا ...
- “فرح عيالك ونزلها خليهم يزقططوا” .. تردد قناة طيور الجنة بيب ...
- إنتفاضة طلاب جامعات-أمريكا والعالم-تهدم الرواية الإسرائيلية ...
- في مهرجان بردية السينمائي.. تقدير من الفنانين للدعم الروسي ل ...
- أوبرا زرقاء اليمامة.. -الأولى- سعوديا و-الأكبر- باللغة العرب ...
- ابنة رئيس جمهورية الشيشان توجه رسالة -بالليزر- إلى المجتمع ا ...
- موسيقى الراب في إيران: -قد تتحول إلى هدف في اللحظة التي تتجا ...
- فتاة بيلاروسية تتعرض للضرب في وارسو لتحدثها باللغة الروسية ( ...
- الموسم الخامس من المؤسس عثمان الحلقة 158 قصة عشق  وقناة الفج ...
- يونيفرسال ميوزيك تعيد محتواها الموسيقي إلى منصة تيك توك


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - عيد شهيد