|
أَجْطِيطْ إينُو
عبد الله خطوري
الحوار المتمدن-العدد: 7596 - 2023 / 4 / 29 - 17:50
المحور:
الادب والفن
عَيْنايَ بدأتْ نجومُهما تتكاثر تعلو تنحدر تتراقص تتمايل تتناثر تختلط تَسْوَدُّ الدنيا تتقلص، وإذا به وَمْضٌ خاطف لست أدري من أين وَ لا كيف حَلَّ لاح مارقا كبرق خُلَّب وأنا أتابع حركات السِّنور المبتور الذنَب تنزل سرعته الخاطفة من أعلى الجوزة لتقع قوادمُه بآتزان بهلواني على رحبة تْسَالَلَتْ (٢) المتربة يقفز منها برعونة إلى أزقاق (٣) ينطُّ إلى تَارَفَّادْتْ (٤) يعتلي درجات السلم الخشبي العجوز يلتحق بالسطح ثم شْشْْتْتْتْ بَرَّقْ ما تقشعْ (٥) يختفي كجني مارد لا قِبَلَ لعين إنْسِي بملاحقة شبحه المُبْرق .. هو نفسه ذاك المشاكس الشقي .. كيف غاب عني منظره المهدد .. هل نسيتُ صراعي معه حول طائري المزوق الجناح .. لقد آستصغرني اللعين سرق مني عهدتي. ما إنْ تركتُ السطح أُطَمْئِنُ جدتي أخبرها بوجودي في الجوار لا في السطح .. ها نتش أوسغين هانا جاي (٦) .. كي لا تُوغِل في إلحاحها الغاضب بضرورة وجودي حول مائدة الغذاء .. للِيغْ سِيرِيدَغْ إيفَاسْنِينُو (٧) شرشرشررر .. أسْمِعُها صوت آرتطام الماء على الأرضية أسكبه على يدي رأسي ووجهي لتهدأ سَوْرَتُها .. أنا غِي هنا.. حركَتْ يداها تلوح بها جهتي متوعدة .. عايَنْ واخَّا طُورَا أتَّاسَتْ دابا تْجِي (٨).. ولم أجئ لحظتها .. قصدت عهدتي أتفقدها؛ فإذا بي أمامها مباشرة زرقاء العينين كنجوم سماء بلا سحب في الظلام .. هُريرة سطح بَشِعَة الجمال، نُمَيْرَة لا عهد لها بأغرودة "قطتي صغيرة وآسمها نَميرة" (٩) التي حفظناها في المدرسة أو بـ.. "مْيَاااوْ".. تلقيها تذللا تضرعا لمَنْ يجود عليها بلُقيمات محتملة تَلقمُها .. كانت أبيةً تأنفُ المؤانسة والملاطفة في آصطياد رزقها .. أكْلُها اليومي قنص تقنصه في الأحراش والزرائب وهُرْي خزين المتاع وعلى السطوح تعتلي السلم الخشبي العتيق تثبُ فَوْقَ فوْقٍ دون تعب أو عناء وبين تلافيف عماليق الأشجار تتيه تنثني تلتفُّ تناور تختبئ تترصد تتربص حتى إذا حان حَيْنُ الحَيْنِ .. هوووب .. بطفرة واحدة تغرس قفزتُها براثنَها المُسننة في جسم الضحية الشاردة الغافلة .. سَمعْتُ الجلبة.خفت على صغيري. صعدتُ على عجل أتفقدُ عُشي الأثير، وإذْ همَمْتُ أضع رأسي في مقدمة السطح صادفتْها عيناي فآنتفضَتْ ماءتْ مُواءَها الخاصَّ الذي لا علاقة له بأصوات تصيتها هررة المدينة في الليالي المعتمة أو تلك التي تلجأ إلى أسفل الطاولة والموائد الحادرة تستجدي بقايا اللقم وسقط الغذاء .. هرتْ زمْجَرَتْ استشاطتْ .. نفشتْ وَبَرَها الأفعوانيَّ المُرَقَّطَ ..قَوَّست ظهرها .. قلتُ .. بَشْبَشْبَشْبَشْ .. آرَى آرَى .. وقفت مكانها تسمرت مزبدة .. هَدَّدَتْ تُدافعُ عن غذائها .. توسّلتُ أن لا تفعل بألواني الزاهية فعل المصائب وأنْ لا ..آه.. بين فكيها كانت تتزلزل ألواني آلقشيبة ترتعش ..لا لا لا .. مينوش ميغوش موش مُومُوش .. شرعتُ أجهرُ ما صادف لساني من أسماء يمكن أن تكون للقطط، لكن آلشقيّ أو الشقية _ ما عدتُ أميز ما يكون _ لم يستجب لم يتقبل فكرة أن يُنَادَى عليه بآسم ما .. خارج نطاق المُسميات هو .. تلك الألفة بينه وبين الإنسان لا عهد له بها إلا من بعيد البعيد .. تشجعتُ .. تقدمتُ .. تقدمَ .. صعدتُ .. هَمَّ ينزلُ وفريستُه بين فكيه متصلبة مستسملة .. قلتُ آرَى رددتُها أكثر من مرة .. رمق جهتي حدج جسمي الضئيل جعل يتفحص عينيّ مباشرة ودون مواربة، قال لسانُه الأعجمُ المُبينُ ..لا.. بطريقة أظهرتْ أنيابا وأضراسا وقواطع ونواجدَ ولسانا أمردَ أملسَ أحمرَ تَخرج الحِممُ السائلةُ من مَسامّه المتهللة لفطيرة طازجة على وشك الوقوع .. بين النزول والصعود، بين الشدقين المتحفزين، بين العينين المتلصصتين، بين السماء والأرض، بين العندلة والزمجرة .. كنتُ كان عصفوري الضئيل يُصَوتُ تضرب رجليه الهواء .. خطوةٌ أخرى خطاها رأسي إلى آلأمام. دون أن أحسَّ تقدمتُ بجسمي كاملا في لحظة واحدة، فقفز الحيوان المعاند آعتلى هامتي يروم تجاوزي فصادفتْ قوائمُه يَدَيَّ .. ضربتُ .. نعم .. لكمْتُ بكل قواي .. فَنَدَّت منه أصواااتٌ متعرجة متلولبة آنحرف بدنه لفّاااات آنثنى على إثرها في الهواء ليسقط على الأرضية ..لا.. لم يسقط الوحش الصغير.. استطاع أن يفعلها .. طار بهيكله الضامر تشقلَبَ نـزا متخلصا من الجاذبية مستسلما لها في آن .. لقد فعل ما تفعله الفهود في الغابات البعيدة، لكن الفرصة كانت مواتية لي كي أحقق مأربي بطريقة لم أخطط لها حيث لم يستطع النُّمَيْسُ الصغير الحفاظ على غنيمته التي سقطت من فيه في غمرة بحثه عن الخلاص وآنشغاله بفك ذيله من شرك حزمة الحطب التي وقع ضحية ضيقها بعد أن حاول التوغل بين ثنايا فجوة صغيرة داخل ركين نيكشوطن (١٠).ناور ماءَ هرَّ كخخخْ هدد جعل يجر جهة مهربه والفجوة يزداد ضغطها، ثم وقع الذي وقع، تخلص منه كما تفعل السحالي إذ تستشعر الخطر يحدق بها.ترك جزءا من ذيله في المكان وراح يَسْوَجيطْ (١١) يَضْغُو من شدة الألم هاربا يصدر أصوات كضغيب إيرْزازْ (١٣) عندما تتوغل في الفخاخ .. قمتُ بمناورتي المناسبة أنا آلآخر أنجزتُ ما كان عليّ فعله وإلا كنتُ سأضيعُ فرصتي الفريدة .. مددتُ قامتي ويمناي إلى السماء جهة الجسميْن الطائريْن ورجلاي على آخر خشبة في السلم العجوز .. وفي لحظة .. طرم طرم طرم .. لم أهتم لأي شيء، لم آبه، لم أحس .. فقط تمسكتُ بعصفوري القشيب ألَمْلِمُ جناحاته الخافقة أتحسسُ قُليْبَهُ المرتعبَ أمام نظرااات السنور مُوشْ أو تمُوشّوفتْ نتمورتْ (١٣) المهددة الغاضبة ترمي بلظاها الحانق من بعيد تلطع جرحها خلف صف الحطب دون تحاول ولو لحظة أن تختفي عن الأنظار .. هذا ليس غذاؤك .. أوليدْ نَّمْ .. أجطيطْ إينُو .. (١٤) إنه لي إنه لي .. شرعتُ أهذي ودماء ساخنة تسيل من جبهتي وأنفي وركبتي لاباس لابااااسْ .. طفقتْ أذناي تسمع حولها وأنا أسيخ أغرق في آلغبش وأذوب .. وفي ومضة، ساد الدنيا ظلاااام ... ☆ترجمات : ١_أَجْطِيطْ إينُو : عصفوري ٢_تسالالت : سلة قصبية تقليدية يستعملها البدويون وسيلة لتخزين الحبوب، ذات شكل أسطواني بأحجام مختلفة تُبلط فجواتها بطرق طبيعية بدائية من أجل تفادي الرطوبة ودخول الحرارة والهواء والقوارض والحشرات . ٣_أزقاق : الزقاق ٤_تَارَفَّادْتْ : شيء مثل جدار قصير لا يصل علوه الى سقف البيت يفصل مكانا عن آخر ٥_بَرَّقْ ما تقشعْ : عبارة بلسان الدارج تشير الى سرعة حدوث الحدث الى درجة لا تدركه الأبصار ولا تعي وقوعه العقول، والبرق هنا من البرق اللامع الذي يعشي الأعين حين النظر اليه ... ٦_ها نتش أوسغين : إني قادم ٧_للِيغْ سِيرِيدَغْ إيفَاسْنِينُو : أنا منهمك في غسل يدي استعدادا لتناول الغذاء ٨_عايَنْ واخَّا طُورَا أتَّاسَتْ : حسابي معك عسير عندما تأتي ٩_تقول أنشودة (قطتي صغيرة) : ﻗِـــــﻄَّـــﺘِــﻲ ﺻَــــﻐِــﻴــﺮَة ﻭَﺍﺳْــــﻤُـــﻬَﺎ ﻧَــﻤِـــﻴـــــﺮَة ﺷَـــﻌْــــﺮُﻫَـﺎ ﺟَـــﻤِــــﻴــــﻞْ ﺫَﻳْــــــﻠُــــﻬَـﺎ ﻃَـــــﻮِﻳـــــﻞْ ﻟﻌْـــﺒُـــــــﻬَـﺎ ﻳُــــﺴَــــــﻠِّــﻲ ﻭَﻫْـــــــﻲَ ﻟِﻲ ﻛَــــﻈِــــــﻠِّﻲ تُــــﻈْـــﻬِــــﺮُ ﺍﻟﻤَــــﻬَـــــﺎﺭَة ﻛَــــﻲْ ﺗَـﺼِﻴﺪَ ﻓَــــــــــاﺭَة ١٠_ركين نيكشوطن : حزم الحطب مصفوفة للاستعمال ١١_يَسْوَجيطْ : يموء مواء حادا من شدة الألم ١٢_إيرْزازْ : أرانب برية، والضغيب صوتها ١٣_مُوشْ تمُوشّوفتْ نتمورتْ : موشْ بالأمازيغية الوراينية بالمغرب هو الهر مؤنثه تموشوفت، وتمورت هي الأرض أو البلد، والعبارة تعني : هرة البلد . ١٤_أوليدْ نَّمْ .. أجطيطْ إينُو : إنه ليس لك إنه عصفوري أنا ...
#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وَداعًا سَأغادرُ نَحْوِي
-
سُنُونُوَةُ نِيسَانَ
-
هامش حول الإحساس بالزمن
-
إِيدَامِّنْ نْتَقْبيلْتْ / دماء آلْقَبِيلَة
-
لعبة آلقطْعان التي تعيش
-
هِيَ أشْياء تحدثُ وكفى
-
زُحَلُ وطَائرُ آلْعَسَلِ
-
عيد شهيد
-
لَمَّا تَمُوتُ آلْأُمْنِيَّااااتُ
-
كورونيات
-
أَغِيلَاسْ
-
لَا خيارَ لَدَيْنَا
-
طُفُولَةٌ بِلَا عَرِين
-
مَوْتُ أَبِي آلْخَيْزُرَانِ
-
مَارِسِ آلْجُنُونَ قَبْلَ يُمَارسَكَ آلْجُنُونُ
-
طَبْلُ أُوسْكَار
-
وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى آلْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى
-
اَلزَّطْمَا
-
ضُبَاح
-
عَنِ آلْهِرَرَةِ وأشياء أخرى
المزيد.....
-
زاخاروفا تعلق لـ RT على فضيحة كبرى هزت أمريكا والعالم بطلها
...
-
عاصي الحلاني ووائل جسار يعتذران لمهرجان الموسيقى العربية بسب
...
-
بسبب الأوضاع في لبنان.. عاصي الحلاني ووائل جسار يعتذران عن ا
...
-
رحيل فخري قعوار.. الأديب الأردني العروبي المفتون بقضية التقد
...
-
إنييستا.. اعتزال فنان لا ماسيا الخجول وقاتل دفاعات الخصوم
-
-تحت الركام-.. فيلم يحكي مأساة مستشفى كمال عدوان وصمود طاقمه
...
-
مسلسل عن محمد عبده وفيلم -كابتن ماجد-.. هذا ما كشفه تركي آل
...
-
الدنماركي توماس فينتربيرغ رئيسا للجنة تحكيم مهرجان الفيلم في
...
-
شموع وصلوات وموسيقى في إسرائيل لإحياء ذكرى 7 أكتوبر
-
أقوى إشارة وجودة HD … تردد قناة بطوط كيدز الجديد 2024 على ال
...
المزيد.....
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
-
والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
-
هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ
/ آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
المزيد.....
|