ثم، من غير سلام ينصرفون

عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7614 - 2023 / 5 / 17 - 11:16
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    

وحين آجتاز الأسيجة المسيجة المغروسة في أحشاء رحم أراضي آلبلدة مؤخرا، وحين خطا خطوات في آلأتربة متعثرا في نتوءات مَرْو الأنصاب ودقيق آلحصوات، جعل يرمق بأسى حدود هكتارات فلان ومساحات علان مكملا سعيَه قُدما مخلفا وراءه ركام حجارة بنايات أطلال دارسات مما ترك الغابرون والذين سبقوهم والذين قبلهم بلهاث أودعوا ظلالا مشوهة مما خالوه عيشا خالدا دائما، فإذا به محض هشيم بالكاد تُجشم الرياح تذريته بإهمال في كل آتجاه تلعب به بلا مبالاة؛ تيقن وهو يعبر نهر القرية العتيق متوغلا في خمائل غابة البلوط والكريش، تيقن إذ بلغ قمة وهدة شاهقة بتعب زافرا، تيقن بأسى أن رتل نمل الأنام هناك في الأسفلين يُغرقون هاماتهم في حُزن وقلق لا مبرر له البتة .. أكان عليهم بدل كل ذاك السعي المحموم الذي لا ينتهي، أكان عليهم أن يلهثوا دون آنقطاع وراء وهم تحقيق الغايات .. ألم يك جديرا بهم أن يتأملوا في آبتسامات عَبَرات أعين بعضهم البعض وفي دمائهم المشتركة المسفوحة هدرا على نُصُب أوثان جديدة، ألم يك حريا بهم معاينة مُقل شواهد القبور ترنو إلى مصيرها الحثيث راجية تهمس في حلومهم تنصحهم .. الحقوا أنفسكم يا أنتم ... لا، لم يتأملوا، لم يعاينوا، لم يلاحظوا، ظلوا بلا حلوم في الحلوم، لم يستطيعوا لحظة حدس صحوة الأبد الثاوية في حِضن حقول الفرح ..اااه.. ليتهم اكتشفوا قبيل فوت أون الأوان سعة الحياة ورحابة جمالها آلمروج التي تهدي دون مقابل ..اه.. لو أدركوا ويدركون كم تخطئ جموع الهائمين فويق التراب حين تبدّد لحظاتها الهاربة في سفاسف صغائر معاش نكرة، يفرّطون فرادى جماعات بأعوام البدايات والنهايات براءة الطفولة جأش الشبيبة آتزان الكهولة ورصانة حكمة بركة الأعمار في غرق وثوق بأوهام ديمومة خلود زائفة زائلة يسترسلون حتى إذا حان موعد الرحيل تنفسوها ..اااه.. دون إرادة زفرة وجع ندم واحدة مبتسرة ..ثم.. من غير سلام ينصرفون ...

#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل