أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد الله خطوري - تَبْقَى عَلَى خِيرْ يَا صَاحْبِي














المزيد.....

تَبْقَى عَلَى خِيرْ يَا صَاحْبِي


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7561 - 2023 / 3 / 25 - 17:38
المحور: سيرة ذاتية
    


كَانَ سَعِيدًا سَعِيدُ يخطر خيلاؤُهُ بأمن بأمان بلا شهيق بلا زفير بلا نبضات تنبض بَمْ بَمْ بَمْ بلا بَدَن بلا كفن بلا تعب بلا شحوب بلا نصب بلا تعب بلا هواجسَ بلا حرقة بلا زرقة داكنة بلا دماء بلا داء بلا دواء بلا عصاعصَ مدعوسة بلا كسور بلا رضوض بلا فتق بِلا رتق بِلا ألم بلا موت..مفعما بالحركة بالحيوية بجأش الحياة..كَانَ سَعِيدًا سَعِيدُ..هكذا بَدَا لي كذلك كان دائما..لَم يَشْكُ أبدا لم يترنح في مشيته في عَدْوه في لعبه في جده في هزله .. لَما سافرَ لم يَقُلْ .. الله يهنيكْ (١).. تلك عادته لما كان يغادر دون مقدمات مسافرا إلى بلدته التي هناك..متلهفا كان دوما لملاقاتها في العطل القصيرة والمديدة..حتى آنتقاله المهني تم على حين غِرة زمن كورونا فر من بين أيدينا ونحن مطوقون في محابس دنانا الهينة..قال لي ذات مِيسَنْجَرَ ممازحا..شي نهار تلقى خاك مْشَى آخَايْ ها بُوجُورْ ديااالك لا تقلق على خوك تْهَلَّا .. كيفاش .. قلتُ .. كِي كَاتَسْمعْ لِلي مْشَى ورااااه مْشَى غير بْلَا ما يْوَصِّي .. قال .. تساءلتُ .. كيفاش.. أجاب .. هو كذلك للِي جَاتْ نُوبْتُو (٢) بْلا ما يْعَانَدْ يَمْشي وخْلاص .. أرَدْتُ أن أقول شيئا لحظتَها أو أشياء، لكن صمتتُ .. وفي الحُلْم أبصرت ما يشبه طيفا سمهريا سابحا بخيلاء في الفضاء .. كَانَ سَعِيدًا سَعِيدُ بين وُرَيْدات صُفْر حُمْر وخُضْر حِسان وظلال وارفات..دَعْني الآن إنهم يستعجلون..قال دون يحرك شفتيه، فتركتُه دون إرادة مني يذهب إلى ما وراء وراء غيوم تحجبها غيوم..هَـاااا..أشارَتْ يداه ثم مبتسما غاص في غبش الغياب..كَانَ سَعِيدًا سَعِيدُ..فتحتُ عَيْنَيّ رجعتُ أتابعُ طقوس صباح الحياة لا أنا بالقريب من القريب ولا أنا بالبعيد من البعيد..كنتُ تالفا هائما رأيتُني حتى وجدتُنِي أنبسُ دون إدراك..والموت فانٍ إذا ما ناله آلأجَلُ (٣) تَبْقَى عَلَى خِيرْ يَا صَاحْبِي..فياااا مَوْتُ حَنانَيْكَ، أعِدِ آلأحياءَ الذينَ عاشوا في حَنَايايَ عَلِّيَ ألقاهمُ حَساسِينَ تصدحُ في دُجايَ لن أقول لك وداعًا يا سعيدًا هناااكَ لن أجرؤ على قولها لن أجرؤ على تأبينك لا أستطيع مواجهة صورتك رَيَّانًا منطلقا ضاحكا ومبتسما، سأكتفي بهمسها بيني بين نفسي أناجيكَ خلسة تَبْقَى عَلَى خِيرْ يَا صَاحْبِي عاجز آلآن أنا لا أستطيع الكلام اليوم لا أستطيع البوح بأي شيء فقط أجهش بذهول مريب أتوجس خيفة مما لا تدركه عيناي كيف تغمض حياةٌ في مقتبل جأش عطائها عينيْها لجبروت غياب لا يسأل لا يستفهم لا يستفسر لا يستأذن يفعل ما يفعل غير مكترث لا يبالي كيف يجيئ الناس يذهبون يتركون أفلاذا صغارا زغب الحواصل لا يدركون ما خَبَرَ آلمُعمرون هكذا حللنا كذلك عشنا هنيهات ثم على حين غرة نُرَحَّلُ دون مقدمات دون همهمات دون وجهات نظر دون مفاوضات نُسلم الرحيلَ للرحيل تَبْقَى عَلَى خِيرْ يَا صَاحْبِي يا طائرَ آلأصيل آلجميل يا برعما من سنابل أينعتْ أزهرتْ بلغتْ جأشها تشقشق مازالت في مُروج ذاكرتي مهلا لِمَ رحلتَ مبكرا أيها آلفتى آلسمهريُّ لِمَ آلعجَلة ما هكذا آتفقنا ألَمْ نعقد آتفاقا ألَمْ نتواعد بلقاء قريب في فاسَ في صفرو في أهرمومو في المنزل في عَزَّابَا في مكناسَ في طنجة في تطوان في تازا في بويبلانَ في زحلَ في عطاردَ في طوبقالَ في مُحال...ألَمْ نتواعد أم تُراك نسيتَ آفاقا رسمناها جميعا بعد حين ستأتي كنت تقول دائما وأنت تصر على المضي قدما في مقارعة المطبات والحواجز والعراقيل لِمَ ترجّلتَ إذن لِمَ أسدلت الشِراع لِم أغمضتَ عينيك يا صااااح لِمَ لِمَ..اوووه..أهمسُ لروحك وأنت في خلوتك الأخيرة..حين سيقبل قدري هاتفا هذا موتك قابع يربض بالباب سأراه يراني أرى أمي أرى أبي أرى أُخَيَّتِي الصغيرة أرى الأهل كلهم والأصدقاءَ أراك أراكم جميعا تحيطون بي ببدني المترع بالرضوض بالأدواء تنظرون إلى صفيحة شَيخٍ هرم هش جَافٍّ ضعيفٍ كسيفٍ قَضَّ مضجَعَه الأرقُ لن أبالي بالأوجاع لن أبالي بالليالي لقد رحلتَ أنت قبلي لقد رحل المُرَحَّلُونَ لن أهلعَ لن أخاف وكيف أخاف وأنت لم تفعلها واجهتَ ما واجهتَ بشجاعة لَمْ تخطرنا سرها آستأثرتَ بها لوحدك فكنتَ لها أثيرا وكانت لك خيارا سأقفو أثرك يا سعيدُ لن أخافَ خَفْ أنتَ يا موتُ سأرحَلُ في يوم في لحظة في ومضة في زفرة في مكان في زمان ما أكيد سأتركك خلْفي تناورُ خَلَفًا تودي به إلى حَتْفٍ لا يهاب لن أتردد سأمد يدي إلى أشطانك آلمبرومة خذني يا هُوووهُ انتشلني من هبائي اسلبْ إرادتي آرْمِني في أحضان عمري الأول هنااااك حيث يرتع الطفل الذي كنتُه في رحاب أفياء بلا ضفاف سأنتشي طائرا أغمض آلعينين أمشي باحثا عنك يا بدرُ يا سعيدًا باحثا عن أروااااح لي قد رُحِّلُوا تباعا طِبْتَ مساء طبتَ ضحًى طبتَ مقاما طبتَ أصائِلَ تَبْقَى عَلَى خِيرْ يَا صَاحْبِي ...

☆إشارات:
١_الله يهنيكْ:دعاء براحة البال تقال في الفراق والوداع تقابل الى اللقاء
٢_جَاتْ نُوبْتُو:حان دوره، والمقصود حان أجله
٣_لا يُعجِزُ المَوت شَيءٌ دونَ خالِقِهِ
وَالمَوتُ فانٍ إِذا ما نالَهُ الأَجَلُ
وَكُلُّ كَربٍ أَمامَ المَوتِ مُتَّضعٌ
لِلمَوتِ وَالمَوتُ فيما بَعدَهُ جَلَلُ

عمران بن حطان



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نَزْعٌ أَخِير
- وَهْمُ آلأَشْكَالِ في قصيدة (من وحي واقعة المخازن) لأحمد الم ...
- عَيْنَا فَا
- تْنِيمَارْ نْبُويَبْلَانْ
- حَتَّى لَاااايَنْ / إِلَى مَتَى
- بَارَازِيطْ الحياة
- التتارُ آلجدد
- حِيلة ونصف
- دَنَاصِيرُ آلذِّكْرَيَاتِ
- اَلتَّحْرِيرَا
- رُبَّمَا سَأولدُ بُعَيْدَ قليل
- أحمد العياشي سْكِيرج
- مُنِيف مُعَلِّمُ آلْحَيَاة
- متلازمة بْرُوتيه Proteus Syndrome قراءة في عوالم هرفيه بازان
- مُحَال
- سَخافَةُ آلامْتِلَاك
- اُونْسُولْ دِي مَزْيَانَنْ
- جِييُومِيتْري
- VERTIGO
- مكنسة آلساحرة


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد الله خطوري - تَبْقَى عَلَى خِيرْ يَا صَاحْبِي