أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - عَيْنَا فَا















المزيد.....

عَيْنَا فَا


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7559 - 2023 / 3 / 23 - 00:22
المحور: الادب والفن
    


تستفزني المقرفة المُضطجعة كبغي قذرة في كأس زجاجية بلهاء.يقتحمني سُخامُها. يتوغل ويستقر، وأغرقُ أنا في عُباب القطران المجدب.لازالت الكلمترات السبعون تطن في أذني حريقا ملتهبا رغم جلوسي في المقهى منذ وصولي قبل ساعتين.أُوارُ الطريق المزفتة سوء تزفيت يأكل حوافي العجلات مخلفا في قنة رأسي ضباحا حادا يزدرده هدير ريح سموم عجفاء...

_ إنه أَجُـــوفي ...

قال أحدهم بصوت مرتفع.

وأردف آخر:

_ بَا بَا بَا بَا...

مُرخِّما الباء منغما مدتها بإيقاع ورايني متعرج يتواصل مداه في الردهة الفارغة إلا مني ومن إحداهن توزع آبتسامتها في الهواء مجانا...

_باغي شي حاجة أخرى؟؟

قالت بوداعة مبالغ فيها مرخية صدرها في وجهي المتفحص في أوراق بيضاء مبعثرة على المائدة.

_ لا...

قلتُ ناكسا رأسي متمليا المقرفة التي أوشكتْ على إنهائي قبل أن أتجرع منها قطرةً واحدة...
عينا فا...نغمتان تناغيانني.نوتتان تسموان بي إلى فياف مائية يصخب فيها البجع ألحانا هلامية.نسمتان نديتان يهدهد رياهما لهف المفجوع.مُقْصًـى كان هواه لا يزال،والآن تلفيه يهوي في هوى يزريه يزدرده يقتله، مهاوي سحيقة تسحقه شظية من سهامهما تودي به الى مهالك لا قرار لها...
هاهو الآن يعاود الزيارة ضاربا عُرض الحائط منطق العقل وقيود المراسيم.لا يأبه لشيء، فقط يراهما ويستكين في بؤبؤيْهما العسليتين، ويضع عن كاهله وقر القِلَى مسافرا في بحيرة لا موج فيها لا ذعر.."وزرتكِ حتى قلتِ ليس له صبرُ"..صدقتِ.. أنا الصبُّ المصابُ بتباريح شذاكِ.عجلي وصالي أو اغتالي لهفي، اصدميه، ابقريه، اقطعيه..هذا قلبه شَغِفُ، زاده الهوى كلَفَا..خذيـه، اجهزي عليه، اغتاليه عله يبرأ من فواجع الودادة التي لا تفتأ تصْلِيه نارا تلظى لهيبُها في حشاشته المتيمة بالكستناء الساكن عينيك يا..فا..!!..

**********
ِ لاتيراس فارغة الآن بعد أن أشار مؤشر الساعة الى الواحدة زولا.كراسي بيضاء مقلوبة على وجهها كاشفة للهواء عن عمق الفواجع القابعة في مؤخراتها الثلاثية الأوتاد.أشجار الآرنج تقاوم نضارتُها الكابية القذى المنبعث عموديا من سماء رمادية فارغة.إنها القيلولة.إنهم نائمون الآن أو هم على وشك إنهاء وجبتهم الزوالية.هكذا افترض الأمر.هكذا تخيله.هكذا يمكن أن يكون.أما هي،فلا محالة تستعد للذهاب الى فرضها السنوي الأخير.هذا ما أخطرته إياه في آخر لقاء بينهما منذ أسبوع.ووعدته.. ولم يبق على الموعد الا ساعات معدودات يحسها ثقيلة مضجرة.

_كْـلاوْ الصنادق ورْمَاوْ القَـــزَانْ بَـــرَّا.....

عوى ذئب عجوز متبرما ساخطا ملوحا بيديه في الهواء ضاربا خصما وهميا لا تراه إلا عيناه الكسيحتان.

_ اخرج برا...

قال النادل المتجهم الوجه.

_ خليه...

قالت المغناج وهي تطوق خصره...

_ آجي آحْبيبي آجي آوُولينُو(١)...

_ بَــعَّــدْ عليَّا...

_ ما تقلاااقش أغزالي..آوُولِينو..آش حَبْ الخاطر؟؟

فنفر منها العجوز معنفا زاعقا...

_ الغضب الغضب الغضب..!!..

************

فيا أيتها الوحوش ابعدي..ويا أيتها البوائق اصرفي غيظك عن شعابنا ووهادنا.. امهلينا يا عواصفُ لحيظات نختلسها من زمن آبق نعيش فيه للمرح.ننسى كل شيء.لا نتذكر سوى رقصات الفَراش وأغاني العنادل عَلَّ سويداءنا تنديه الخزامى من عبيرها الفواح..يافاءتي..هل كنتُ أرجو أن تموت صبابتي كما هفا لذلك الشعراءالمعتوهون بحب الأعين الحَوَر..قاوَموا عبثا إطراقة الرأس إغماضة الجفون، فلم يجدوا غير البلوى واللوعة والرفض والنفور فآنقضى جَلَدُهُمْ بحريق جمر وقاد بطيئ خمدوه ببيلسان حرف مخبول لا يسمن ولا يغني من لهف، فليس يسعفهم بعد البين بكاء ولا بلاسم ولا صبر..فاءتي..ما كل هذا البهاء؟؟نديني، خصبيني، خضبيني، طوقي آنتكاستي، اغرقيني في أعطافكِ كي أسمو الى ذُراكِ..إنني من لججي السحيقة أمدُّ يدًا عجفاء تروم أُمًّا رَؤوما، تبحث عن عطاء..تبحث عن سخاء...

*************
جلس العجوز مترنحا على العتبة.نظر الى السماء.المقرفةُ في الكأس تتربص، تتحدى كما هو ديدنها دائما.الشجيرات الخضر تلفحها الآن ريحٌ شرقية حارة.رتل من الماعز يَلُوحُ من بعيد يتلو بعضه بعضا.تخترق صفوفه سيارة رعناء مخلفةً هالة من غبار وتراب.توزع القطيع على جنبات الطريق أو ما هو كالطرريق في آستنفار مباغت. السوداء تحتضر الآن لافظة آخر أنفاسها في جوفي بينما لازال أحدهم يشحج ينهق من مسجل الراديو..

_ جيلالي يا بوعلام زاد الحال عليَّا...

_ الحال هو اللي زاد علينا حْنَا...

هتف الشيخ وهو يرفع يديه الى السماء..

_ يارب...

ثم صمت.

_سير بحالك...

قال أحدهم ممسكا إياه من مؤخرة سرواله المتآكل ثم ألقى بجسده الضامر خارج المقهى ليسقط متهالكا على زليجات صفر مخضبا بقطرات دماء سالت من جبينه الصلد.نظر الى السماء وقال..

_ يارب...

أكملتُ ما تبقى من الحرطانية في جوفي ثم توجهت الى مرحاض هالني جذامه وقرفه..قطبتُ جبيني وتقلصَتْ أحشائي في أمشاجي.اختلط الحابل بالنابل..كانت المغناج تعاقر المتهجم وهو يصرخ من فرط لذة مصطنعة عالقا بين فخذيها المبروصيْن، وشيء كالدم أو كالصديد يتساقط من شدقيه وشدقيها..دوامة من صداع وحُمَام (٢)..وضعتُ أصبعي في حلقي فخرج خليط أبرص بَرْقَعَ الجدران المفحَّمَة.أمسكتُ رأسي بين يدي وصرختُ في صمت:

_ مِيييييرْدْ..!!..(٣)


بحثتُ عن شيء من الماء، فلم أجد الا صوته الزاعق:

_"جيلالي يابوعلام...."

_ مييييررردْ..!!..

عدتُ أدراجي حسيرا يقتلني الصداعُ ولما هممث بالخروج آستقبلتني عاصفةٌ من مطر..عاصفة من أطياف قزح..كانوا يهرولون الى المقهى باحثين عن ملجأ، بينما وضعتُ يدي في جيب بنطالي ورحتُ أتبع أثر خطوات شيخ يعتمر رزة (٤) رمادية صاعدا الى فوق حيث عينا فا تناغيان الأفُقَ...

☆إشارات:
١_آوُولينو:عبارة أمازيغية تعني(يا قلبي)
٢_حُمام: (اسم) الحُمَامُ : حُمَّى الدواب وهي عبارة عن علَّة ترتفع بها حرارةُ أبدانهم مصدر حُمَّ
٣_كلمة نابية فرنسية يمكن ترجمتها ب لفظة..تبا!!..
٤_الرزة:العمامة توضع على الرأس



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تْنِيمَارْ نْبُويَبْلَانْ
- حَتَّى لَاااايَنْ / إِلَى مَتَى
- بَارَازِيطْ الحياة
- التتارُ آلجدد
- حِيلة ونصف
- دَنَاصِيرُ آلذِّكْرَيَاتِ
- اَلتَّحْرِيرَا
- رُبَّمَا سَأولدُ بُعَيْدَ قليل
- أحمد العياشي سْكِيرج
- مُنِيف مُعَلِّمُ آلْحَيَاة
- متلازمة بْرُوتيه Proteus Syndrome قراءة في عوالم هرفيه بازان
- مُحَال
- سَخافَةُ آلامْتِلَاك
- اُونْسُولْ دِي مَزْيَانَنْ
- جِييُومِيتْري
- VERTIGO
- مكنسة آلساحرة
- لَا شَيْءَ لَهُمْ لا شيءَ لنا لا شيءَ لي
- اَلتَّقاعُدُ آلأَخيرُ لمالك بن حريم الهمداني
- اَلشَّارَفْ


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - عَيْنَا فَا