أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - التتارُ آلجدد














المزيد.....

التتارُ آلجدد


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7555 - 2023 / 3 / 19 - 18:22
المحور: الادب والفن
    


في "صحراء التتار" للايطالي دينو بوزاتي (1906 - 1972) التي نشرت للمرة الأولى عام 1940، نحن بمعية ضباط وجنود في محميتهم وقلعتهم العتيدة على الحدود يترقبون هجوم عدو محتمل قادم من بعيد.إنهم في أماكنهم واقفين يتربصون تقتاتهم لحظاااات تتعاقب بتثاؤب رتيب.عيونهم واجفة ترنو الى أفق قريب سحيق حيث يمكن أن يعن هجوم ما مباغت في أي لحظة، غير أن العدو المرتقب لا يظهر.. تبا..اوووف..أولائك المهدِدون الغزاة الطامعون ذَوُو الأشداق المفتوحة لا يظهرون.. وحده خواء الفلاة وفراغها يقتحمان البآبئ،والريح آلصرصرُ تهب من كل حدب وصوب تزمجرُ.تطمس العواصفُ المتعاقبة والتيارات المتشابكة شغافَ القلوب الواجفة، بطوق عَدَمي تطوقها، لا خلاصَ منه، ليظل"سكان"الحصن الحريصون عليه سجناءَ قلعتهم بأسوارها الشاهقةالسميكة المدكوكة، سجناء آنتظار قميئ لا يشهر حربا لا يعلن سلما، لا يهاجمهم أحدٌ، لا يفسد خلوتهم آلواجفة أحد، وحده سراب خواء الامتداد يحاصرُ مُقَلَهم ليزيد الأمرَ التباسا..كل شيء هادئ في الميدان آلشرقي في آلميدان الغربي في جميع الميادين..لا زحف لا كَرّ لا فرّ لا عراك لا مباغتة لا توغل لا مخاتلة لا مناورة لا خشخشة لا حركة لا تشابك لا صياح لا صراخ لا وجيبَ قلوب تسرع في النبضان..لا شيء من كل ذلك لا شيء..لقد وقع الجميع، إذن،ضحية توجس خوف وهم جماعي من قدر ماحق آت لا محالة آسمه:مجهول لا يأتي...وها هي الأيام والليالي والشهور والسنون تمضي، والتاريخ يطوي التاريخَ يقفو الزمنَ الزمنُ، يتسارع، وأطلال الجنود هناك في برجهم المُحَصَّن يرنون من نوافذ أغْلقتْ فتحاتها،لا ريحَ يلج الردهات لا رُواءَ لا أشعة شمس تنساب لا نسيمَ يتسلل لا ثقة في هواء أو ندى أو رذاذ أو عيادة أو عزاء، لا أمل في أمل أو رجاء..يقبع القابعون في معاقلهم بحرص آحتراس يترقبون عدوا لا يبدو للعيان؛والحياة تغدو عبثا ثقيلا، ضياعا، كابوسا بيكيثيا كافكاويا..إن الانتظار عند هذين الأديبين ومَنْ لف لفهما (١) مشكلة وجودية فردية قد تعبر عن حالة انسانية جماعية؛ لكنها في"صحراء التتار"الذين لا يأتون، الترقب يتكثف يتكدس يصبح إشكالية جماعية مشكلتها خيبة توقعات بُنيتْ على آفتراضات خاطئة تَعد بحساسية غير متوازنة العدة لعدو قادم من بعيد من وراء حدود البراري والبحار كما جرت العادة في تجارب خلتْ..للي عضو الحنش كيخاف من الحبل..والحال، أن التهديد ظل صدى تاريخ عاشت ويلاته المدينة دون أن ينال من عنفوانها وكبريائها القليل أو الكثير؛وتستمر اللحظات المعيشة تتوقع الضربات النائية البعيدة، دون ان يحدث شيء،فيتبخر زمن الانتظار مخيبا آمال الانتظار، وهذه الخيبة يتفاقم الشعور بحدتها المتوارثة لأنها تتجدد كل يوم..كل لحظة..لننتبه..إننا نعيش هذه الإحساس بوعي أو دونه في مجمل حيواتنا فردية كانت أو جماعية؛وكلما أسرعت مقطورات الأعمار في خببها اللاهث، كلما آزداد الإحساس تفاقما بهول الانحدار الجارف الذي سيودي بنا بحصوننا التليدة لا محالة في يوم في سنة في نيف من الأقدار في لحظة في ومضة عين في آلتفاتة في غفلة في شرود..بتواطؤ بمؤامرة محبوكة مفضوحة..هاهم التتار قادمون يا سادة، بنسخة جديدة هذه المرة، وهنا المأساة، العدو يبدل جلده، يغير آستراتيجيته والتجارب السابقة في المقاومة والمواجهة والمكابدة لا لن تجدي نفعا، فالغزاة لا يهجمون من بعيد،لا يقدمون من سحيق الأمكنة أو من فلوات آلأزمنة، لقد كانوا دوما معنا، كطفيليات آلفطر نبتوا من بين ظهرانينا في غفلة منا ونحن نترقب التتار الغريب نبت تتار قريب أنتجته نطف نشاز أهل الدار غُرست في زمن غلط، وُلدتْ كما يولد أي هجين مجهول الجينات مطموس البصمات..يُشهر سمه الزعاف كما آتفق، لا حُرمة لميت أو تاريخ،لا منجاة لحي أو جغرافيا من فساده الحانق المستشري، فلنستعدْ لنحترسْ..هم جزء من كياننا يرومون إفساد كينونتنا..لننتبهْ..المعركة مغايرة هذه المرة ولا أحد في ساحة العراك غيرنا...

☆إشارات:
١_تجدر الإشارة أن كاتبا فرنسيا كتب رواية مماثلة سماها شاطئ سِيرْتْ Le Rivage des Syrtes، هو جوليان گراك، نشرت في عام 1951، ورفض منحه جائزة غونغور لأجلها كما رفض نعته بسرقة الفكرة من بوزاتي لعدم آطلاعه عليها الا بعد أن نشرت في فرنسا عام 1949، بينما كتب گراك روايته في 1948 ونشرت في 1951..وتبدو فكرة الانتظار عند كراك مختلفة في فلسفتها عن نظيرتها العبثية لدى بوزاتي وبيكيث وحتى كافكا لتغدو فكرة رومانسية تستحق أن تُخْتَبر وتعاش"بعد كل ما حدث وكل ما لم يحدث، فإن الانتظار جميل..في نهاية المطاف"...



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حِيلة ونصف
- دَنَاصِيرُ آلذِّكْرَيَاتِ
- اَلتَّحْرِيرَا
- رُبَّمَا سَأولدُ بُعَيْدَ قليل
- أحمد العياشي سْكِيرج
- مُنِيف مُعَلِّمُ آلْحَيَاة
- متلازمة بْرُوتيه Proteus Syndrome قراءة في عوالم هرفيه بازان
- مُحَال
- سَخافَةُ آلامْتِلَاك
- اُونْسُولْ دِي مَزْيَانَنْ
- جِييُومِيتْري
- VERTIGO
- مكنسة آلساحرة
- لَا شَيْءَ لَهُمْ لا شيءَ لنا لا شيءَ لي
- اَلتَّقاعُدُ آلأَخيرُ لمالك بن حريم الهمداني
- اَلشَّارَفْ
- تَاءُ آلتأنيثِ غيرُ آلساكنةِ التي لها مَحَلٌّ مِنَ آلإعراب
- لَعْكَاسْ
- إِنْصَافُ آلنَّاقَة
- مجرد واقع لا غير


المزيد.....




- السويد.. هجوم جديد بطائرة مسيرة يستهدف الممثلية التجارية الر ...
- -البحث عن جلادي الأسد-.. فيلم استقصائي يتحول إلى دليل إدانة ...
- تقرير رويترز 2025: الجمهور يفضل الفيديو والصحافة البشرية وهك ...
- هكذا تصوّرت السينما نهاية العالم.. 7 أفلام تناولت الحرب النو ...
- بعد أسابيع من طرح الفيلم ونجاحه.. وفاة نجم -ليلو وستيتش- عن ...
- ابتكار ثوري.. طلاء -يعرق- ليُبرّد المباني!
- كيف يساهم تعليم العربية بكوريا الجنوبية في جسر الفجوة الثقاف ...
- بالتزامن مع تصوير فيلم -مازيراتي: الإخوة-.. البابا لاوُن الر ...
- -الدوما- الروسي بصدد تبني قانون يحظر الأفلام المتعارضة مع ال ...
- المرحلة الانتقالية بسوريا.. مجلس شعب جديد وسط جدل التمثيل وا ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - التتارُ آلجدد