|
صَبَاحُ آلْخَيْر
عبد الله خطوري
الحوار المتمدن-العدد: 7458 - 2022 / 12 / 10 - 15:54
المحور:
الادب والفن
يَعْبُرُ الشارعَ الفراغُ آلأهوكُ وأنا،وأناسٌ لا ملامحَ تُميزهم هناك هنا تُرَى ظلالُ أشباحهم آلكسيفة.إنهم يَمرون وكفى كما مَرَّ قبلهم كثيرون وكما سيمر بعدهم كثيرون في سلسلة لا تنتهي تكتكاتُ كثرتها الرتيبة..وجوه لا تعبيرَ فيها.جامدة باردة حيادية. خالية من كل إشارة تدل على عوالمهم ودواخلهم.يعبرون ثم هوووب تسرطهم طرقات متشعبة يغبرون.يتناسلون في عبورهم.يتواترون رغم قلتهم..رتل مخلوقات على شكل بشر من كارطون أو كاغيط نيلون.في الكيس وراء ظهري سمكات ماتتْ غَلاصمُهن، فهن يتنفسن بلا فائدة أو كذلك بَدَوْن لي.ماتت ندواتهن منذ مدة لا أستطيع تحديدها بالضبط،قد تكون طويلة،قصيرة..لا أدري..المهم أن النَّفَسَ آنْحَبَسََ، لا شهيق لا زفير،وقلبهن السابق الحيوي الخافق لم يعدْ يدق تلك الدقات العجيبة الصاخبة بشيء عزيز آسمه:الحياة..لا أعرف أحدا.الوجوه كامدة.لا أعرف منها لا القليل ولا الكثير.يعنون يظهرون ظهورا عابرا في أويقات خاطفة ثم يغيبون..في السماء، ضباب أغبرُ يخفي أسراب طيور آحترفت آرتياد مَطارح نفايات قريبة تقتات من أحشائها جيفا وبقايا حيوات..طيرُ بقر مجدور، لقلاق كسولة، طيور بُغاث، فراخ ماء ملوثة بمستنقعات فضلات تتزاحم تتسابق تتشابك تتصارع حول مخلفات بشر يسكن معلبات، تحلق جماعات وفرادى في آتجاه خارج مدينة آلزحام في موعد لا تخلفه مع فضلات يستغلها الفلاحون والأهالي سمادا لغرس ما يزودون به دورتهم البيولوجية..كل شيء قابل للاستهلاك، إننا نقتات أي شيء..المهم أن تظل الأسنان مشتغلة، وهذه الآلة الطاحنة مُستمرة في علكها الممكن والمستحيل، سيان عندها مادام هذا البدن قابع على هذه البسيطة يطلب يلح في طلب المزيد من أجل المضي في حياة تشبه آلحياة..اووف..يجب أن لا أولي آهتماما لمثل هذه التفاهات..نعم.. سخافات..استهلكْ يا هذا واصمتْ..لا تفكر..لا تثرثر..لا تتكلم..!!..فذباب روائح المطارح يترقب فقط ويتحين فرصة آنفتاح الأفواه كي....... يعبر الإسفلتَ آلمُنَدَّى خواء من غبش الصباح.الزقاق فارغ إلا مِن أنا ومن تاجر فوق طِوَار ضيق يتلكأ ببلادة في ترصيص بضاعة مُدَلاة في الخارج كوطاويط مقرفة.ربما يفكر في آخر الشهر وحياة التقسيط الموزعة عبر حوانيت الجملة ومتاجر الحي وغير الحي..لا حياة لديه تستحق أن تُعاشَ بعد كل هذا العمر الطائش..إنه يعدو يركض طيلة النهار والليل ليُصور بضع أشداق من رأس المال لا تكفي أرباحه_إنْ وُجدتْ_ الأفواهَ المُشرعة لأفراد عائلة منتظرة هناك وراء معلبات آلعمارات..تجارة تقسيط تترقب فرصة ما لبيع سلعها..يتحرك الجسم بالتقسيط.تعيش الروح بالتقسيط.تخمد آلأنفاسُ بالتقسيط.تُؤَجَّلُ آلأعمارُ بالتقسيط.كل شيء قابل للتقسيط..البضائع المرصوصة في الزوايا والمخزنة في الدهاليز والنَّائِسَةُ في الهواء كالأقدار المزهود فيها، الدرجات الإسمنتية المعقوفة، الصعود،الاِنحدار،أسلاك الهاتف المفرغة من الحياة،بالوعات المزاريب،قُصاصات الزليج الأحمق المفروم تحت عجلات المارين الآئبين الرائحين الغادين لاتجاه وبلا آتجاه، بنو البشر، الأشياء، أكوام الخشاش المصفوفة في فوضى في أكياس ينوء بحملها ظهري الوهن، عصاي التي أتوكأ عليها والتي لي بها مآرب أخرى لا أقوم بها لأني لا أستطيعها أو لا أعلمها،حروف زغيبات البياض المتبقية من سنين عثراتي، حتى نسيم الصباح، يخرج اووف مُكبلا مُصفحا مُجزءا من ثنايا أو من ثغرات حوافٍ غير مرئية يصطدم بجدران بلون البَرَص، يطوف في رصيف الخواء، يصعد الى فوق عبر درجات باردة مستندا على درابزين مشقق عجوز مثلي كتجاعيد مهترئة تهاب السقوط، يصل إلى لاتيراس أين تبدأ الشطآن والبحار.يجد الفراغ والتبلد فيقصد مباشرة بالوعة مرحاض يغرق فيها دون أوبة.. السمكة تَعُومُ.تَعُبُّ حياةَ من ماء غارق في الماء.ترمق شيئا أبيض مُغريا يثير آشتهاء. تدنو.تحرك زعانفها بحيوية.تترقب.تقترب.تتناول الطعم من شص متربص..هووب.. تقع..تتحرك في ردود فعل سريعة خائبة..تتخبط يمينا شمالا دون هداية..لقد وقعت.. الصياد في مكانه ينتبه.يجذب.هي لا تستطيع فكاكا.."حب أم فجيعة؟"..لا تقدر فعل شيء تنتفض دون جدوى.."أظنه حبا.."..تَمُرُّ لحيظات.تصمت فيها غلاصمُها.تجمد الزعانفُ لتستقرَّ وأخواتها في كيس من أكياسي المحمولة على ظهري..أدْعَكُ ذبابةً تهاوتْ صُدفة على جبهتي.أنظرُ لبقايا الدم مُختلطا بأمعائها وأشيائها الصغيرة في يدي.أضحكُ.أمسحُ بطن راحتي على مؤخرة بنطالي.أتجرعُ ماء. أتمضمضُ.أبصقُ أمامي كيفما آتفق دون مراعاة أي أحد..لا يهم..فالفراغ يحفني من كل آتجاه..إني أثرثرُ لا محالة..أعرف ذلك..قهقهَ الفمُ للريح،فدخل للتوِّ الفمَ ذبابُ وغبارُ وباعوضُ حَثَّ خطاه سريعا من مستنقعات خارج المدينة وداخلها ومن كل الأنحاء..مهترئ أنا أجر جثتي في إسفلت أحمق غير مبال بخطواتي المتهاونة. متخشب صبيحة سبت أو أحَد أو خميس ما عدت أدري أمشي أرنو إلى وجوه غير موجودة تمر في ذاكرتي ناجية من هذيان النسيان وأفخاخ آلخرف.الأشياء متصلبة لا إحساس لها، فقط صوت الانكفاء يعانق الاِنكفاء.بعض الهررة يطارد بعضها بعضا قرب فوهات موصدة..الجو ندي ممطر جميل هذا الصباح، هكذا فكرتُ..نسيم البحر والزهور الصغيرة والحشائش في أكياسي تتلاعب في الأجواء كما الرغبات بين الأضلع أثناء الانتشاء في أحلام عصية.ثقل الخطوات يزيدني آتزانا في آقترابي من مدارج مآدب شفير نهايات مرتقبة في آلأفق أين تزقُو بطاريق حرة فريدة لا أطواق تطوق رغباتها الخالدة..القطط التي كانت تنط قبل قليل آختفتْ،ربما آبتلعتها بالوعات موصدة فوهاتُها.دخَل بَشَرٌ العراء العاري.خطا آخرون مربعات إسفلت ميت.لا أعرف أحدا..تعابير الوجوه حيادية. خرجْتُ من خروجي.قصدتُ أمامي.نظرتُ الى الساعة في يدي،فآنتبهتُ أني لا أملك ساعة.ههه.ضحكتُ بعض الشيء..سَـ.. سَـ... سَوفَ أفعل شيئا..سَأصرخ ربما أعاود الصراخ،لكني لن أفعل شيئا، فقط سأسْأل عن..لست أدري ماذا..ربما سأُخْطَرُ سيُهْمَسُ لي بأجوبة غير ذات هُدَى، أعبرُ المَدَى ثم بكل بساطة أنصرف، أكنس رأسي أخطوها خطوات عرجاء تطأ ما تبقى من لفافة أزهاري شيبتي كان قد أحضرها معه زمنٌ ما لمناسبة ما نسيتها.أبصق لستُ أدري لماذا..أكمل طريقي وفي أذني صَدى بقايا نغمات تنبعث من بَعيد من مُكبر صوت مذياع ربما، استرسل كخرافة شائبة يكذب على للناس:صباح الخير...
#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إِدْمَان
-
الأَنَكُولُوجِيَا
-
اِرْتِقَاء
-
ثُمَّ تُورِقُ
-
وُجُوهٌ مُخْتَلِفَة
-
نَقَاهَة
-
اِنْتِشَاء
-
تْمَزْكِيدَا
-
شِحَاذَة
-
سَأكْتُبُني
-
وَفِي آلْأَجْوَاءِ بَقَايَا ذُبَاب
-
مقْصَلةُ آلأعْمار
-
عْلَاشْ؟!
-
رِسَالَةٌ إِلَى شَهْرَزَاد
-
كَبْوَةُ آلْحُرُوفِ
-
أَرَى مَا لَا يُرَى
-
بُوسِيضُونْ مََازيغِي
-
طَيْفٌ
-
اَلشَّعْبُ
-
هِيجُو
المزيد.....
-
تركي آل الشيخ يكشف عن رسالة لن ينساها من -الزعيم-
-
الاحتفاء بالأديب حسب الله يحيى.. رحلة ثقافية وفكرية حافلة
-
رغم انشغاله بالغناء.. ويل سميث يدرس تجسيد شخصية أوباما سينما
...
-
قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال
...
-
“رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس
...
-
افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية
...
-
هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
-
-هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم
...
-
-بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
-
إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية-
...
المزيد.....
-
الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية
...
/ عبير خالد يحيي
-
قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي.
/ رياض الشرايطي
-
خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية (
...
/ عبير خالد يحيي
-
البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق
...
/ عبير خالد يحيي
-
منتصر السعيد المنسي
/ بشير الحامدي
-
دفاتر خضراء
/ بشير الحامدي
-
طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11
...
/ ريم يحيى عبد العظيم حسانين
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
/ محمد نجيب السعد
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
المزيد.....
|