أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - عْلَاشْ؟!














المزيد.....

عْلَاشْ؟!


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7445 - 2022 / 11 / 27 - 15:48
المحور: الادب والفن
    


لما تفحصتُ في إحدى ليالي الشتاء الباردة كتاب"ذكريات من منزل الأموات" لفيدور دوستويفسكي، تذكرت بشغف يافع متجدد عددَ آلمرات التي قرأت فيها هذه الفقرة أو ناورت فيها تلك، فآبتسمت مستشعرا قشعريرة فريدة تنتاب المرء عادة حين يعاود تجديد صلة رحمه مع عزيزي غال..مثل هذه الكتابات تجعلك تعيد قراءتها مرة مرة بطرق مختلفة، فهي ليست للاستهلاك العادي، بل معاودتها تدفعك لتُحَينَ فيها أحاسيسك وتَلَقيك المتجدد تبعا لتجاربك المعيشية المستجدة وما تمر به من أوضاع مشابهة أو مختلفة..معروف أن هذا الكتاب يصف فيه الكاتب بأسلوبه الخاص تجربة السجن في سيبيريا التي عاشها بعد أن حكموا عليه بالاعدام وخُفف الحكم الى النفي في إحدى سجون صحراء جليد الحياة حيث ظل يعاين الفقد تلو الفقد دون أن يستطيع فعل شيء ماعدا صبره في مقاومته ومكابدته من أجل البقاء قادرا على إتباع شهقاتِه زفراتٍ يُكمل بها مسيرة الحياة إلى حين(أتذكر هنا كذلك الشاعر الإحيائي محمود سامي البارودي وما عناه من إبعاد وفقد جراء نفيه بعيدا عن أهله وبلدته في منفى سرنديب..)الأصعب، في نظري، ليس أن يموت المرء، بل أن يموت الذين حوله كلهم ويبقى هو حيا..هذا موت مضاعف، فتجربة حدث الموت ليست قضية الموتى، كما يقول ألبير كامو، بقدر ما هي قضيتنا نحن الذين ننتظر دون أن ندرك طبيعة الرحلة إياها إدراكا يقينا، فلا أحد ممن آفتقدناهم عاد إلينا وأخبرنا بوقائع ما بعد الرحيل، ولولا شيء من إيماننا الراسخ برحابة ملكوت مالك الملكوت ورحمته بعباده وتصديقنا لوعده لَ...وتلك حكاية أخرى..كذلك تكلم فيدور وغيره كثيير ممن وَثَّقَ كُلومَه كتابةً أو لم يوثقها كما فعل ونفعل ويفعل أهلونا عندما آقتصرنا نقتصر يقتصرون على مناجاة أنفسهم أنفسنا شفهيا ببث ما نستشعره من مخاوف وتوجسات ولواعج في إحدى لحظات الشفافية والصفاء الوجوديَيْن التي نمر بها من حين لآخر، ولا بد، يكون كل منا مر بمثل بعض هذه الإشراقات إما بتجربة خاصة خضناها أو عشناها معاينة بلحظة ما من لحظات تعالقاتنا وأسلافنا الذين لم يعودوا بيننا...
أذكرُ فيما أذكر هنا أحد آخر المرتحلين من بين ظهرانينا في قرية الجبل ذات لحظة من لحظات تأمله في خلوته بين جموع الناس الملمومين في إحدى لمات بلدة (الفحص)..اااه..همس مبتسما يتنهد بطريقة جعلتْ تجاعيد وجهه تتمدد...فسألتُ ..

_عمي ميمون كولشي مزيان؟

_هِييييهْ ..

أجابني مجيلا عينيه في الحضور ...

_كنقلب على القَرْنِيَا دْيالي هنا ولهيه ف هاذ الجَمُّوعْ ما لْقِيتْ حَدْ حتى من ذوكْ الدراري للي عرفتهم صغار والُو حتى حَدْ ما بْقَى هنا كولشي مْشَى ..(٢)

ثم آسترسل يحدجني بإلحاح صارم ...

_دابا نتوما صحاب لمدارس واش قراوكم هادشي..؟؟..(٣)

_بْحَالَاشْ؟

_واش يمكن بْ لقرايا للي قريتو وكاتقريو تقولو لي فين تكون مشات القرنيا ديالي..؟!..(٤)

أجبته بسكينة نبرته نفسها ..

_فينْ غَانَمْشيوْ كَاملينْ..(٥)

_زَعْمَااا..ههه!!..مااانعرفْ.. (٦)

قالها مبتسما بهدوء ثابت..وأكمل ..

_من نيتك زي كُولَّنَشْ آنراحْ نتشنِي آيتْ الفحص غَرْ يَجْ اُومْشانْ آنَمْرَاوا قاعْ دينْ (٧)

ثم..لوح بسبابته المتجعدة نافيا بيقين..

_موووحاااالش...

_علاش؟

استفهمتُ وأنا أدرك تمام اليقين أنه لا يسأل لا يستفسر لا يستفهم لا يلتمس جوابا لأن نبرة حَنجرته المبحوحة وحركات وجهه وإيماءاته الممعنة في التفكير كانت تتكلم لغة يقين آخر، لغة أخرى غير إرادة معرفة الإجابات...

_تَمّا بْقَاتْ آعزيزي..فَ عْلاااشْ ...

قال..ثم صَمَتَ وعيناه مسمرتان في عيني تقولان بأحاسيس مستعصية ما لم تنبس به الشفاه ...


☆ إشارات:

١_علاش؟!:سؤال بلسان مغربي دارج بمعنى : لماذا؟!
_(الفحص):بلدة صغيرة في سفوح جبل بويبلان أحد قمم الأطلس المتوسط بالمغرب

٢_كنقلب على القَرْنِيَا دْيالي هنا ولهيه ف هاذ الجَمُّوعْ ما لْقِيتْ حَدْ حتى من ذوكْ الدراري للي عرفتهم صغار والُو حتى حَدْ ما بْقَى هنا كولشي مْشَى:أبحث عن أقراني الذين كانوا معي شيبا وشبابا لا أجد منهم أحدا لقد رحلوا

٣_دابا نتوما صحاب لمدارس واش قراوكم هادشي..؟؟..:أتراكم يا أهل المدارس قد درستم مثل هذه الوقائع

٤__واش يمكن بْ لقرايا للي قريتو وكاتقريو تقولو لي فين تكون مشات القرنيا ديالي..؟!..:هل تستطيع دراستكم أن تعرف أين ذهب كل الذين كانوا هنا

٥__فينْ غَانَمْشيوْ كَاملينْ:لقد ذهبوا الى أين سنذهب جميعا

٦__زَعْمَااا..ههه!!..مااانعرفْ:أأنت متأكد يبدو أن الأمر فيه شك ...

٧__من نيتك زي كُولَّنَشْ آنراحْ نتشنِي آيتْ الفحص غَرْ يَجْ اُومْشانْ آنَمْرَاوا قاعْ دينْ:بالامازيغية والمعنى:أأنتَ جاد عندما تزعم أننا سنجتمع جميعنا في ذاك المكان المعلوم؟؟



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رِسَالَةٌ إِلَى شَهْرَزَاد
- كَبْوَةُ آلْحُرُوفِ
- أَرَى مَا لَا يُرَى
- بُوسِيضُونْ مََازيغِي
- طَيْفٌ
- اَلشَّعْبُ
- هِيجُو
- لَمَّا آنقطعَ بُويَبْلانُ عن بُويَبْلانَاتِهِ
- فُصُول
- تَااااهُوووهُ
- كَانَ يُحِبُّ آلْفَرَاشَاتِ
- جَحيمٌ مُرْتَقَب
- خَريف جَديد
- الكلبُ الأندلسي
- تَصَوَّرْ
- اَلْحَرْطَانِي
- عْمَارَةْ لَبْلَادْ
- اَلْقَمَرُ آلدَّامِي
- طَيْفُهَا
- مُجَرَّدُ غَفْوَةٍ لَا غَيْر


المزيد.....




- كيف تُغيّرنا الكلمات؟ علم اللغة البيئي ورحلة البحث عن لغة تن ...
- ما مصير السجادة الحمراء بعد انتهاء مهرجان كان السينمائي؟
- وفاة الممثلة الإيطالية ليا ماساري عن 91 عاما
- البروفيسور عبد الغفور الهدوي: الاستشراق ينساب في صمت عبر الخ ...
- الموت يغيب الفنان المصري عماد محرم
- -محاذاة الغريم-... كتاب جديد في أدب الرحلات لعبد الرحمن الما ...
- -أصيلة 46- في دورة صيفية مخصصة للجداريات والورشات التكوينية ...
- -نَفَسُ الله-.. هشاشة الذات بين غواية النسيان واحتراق الذاكر ...
- جبل كورك في كردستان العراق.. من خطر الألغام إلى رفاهية المنت ...
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - عْلَاشْ؟!