|
رِسَالَةٌ إِلَى شَهْرَزَاد
عبد الله خطوري
الحوار المتمدن-العدد: 7444 - 2022 / 11 / 26 - 18:53
المحور:
الادب والفن
وَحَصَلَ أَنْ حَلَّ آلعيدُ بدربنا العتيد، وشَطّ آلحنينُ إلى حبيب ناءَ بعيدا، شَطَّت آلدار وشط آلمزار، وكُتِمَتِ آلشغاف في صُحف آلأسرار في مغالق في آبارَ بلا قَرَار.كنا مولعين آنئذ بتحبير رسائل نُغرقُ فيها عواطفنا، نُهرقُ في نبراتها دَمَنا المدرار، نصمتُ نحترف آلصبر لا نبوحُ بآلكُلُوم بآلجروح وأوجاع أوشام صَدَى بصمات آلآثار... فيما يلي ما تبقى من رسالة كتبَها حب واجم ذات ربيع آذار ونحن بعدُ صغار، رام إرسالها إلى مَنْ لم تقرأها ولن تقرأها أبدا، فقد كُتِب على رسائل هائمي تلك آلسنين أن لا تَصِل مطلقا إلى مبتغاها ... "مِنْ عُمْق الشّـبَقِ أناديكَ أيها الجَسَدُ المُتَمَيِّحُ بعنفوان لا تملكه، أنادي فيكَ الوَشْمَ الذي يسكن الذاكرةَ، ويغني المَيْمَـرَ الأخيرَ، ويطعَنُ بالتيجان عُرْسا ماتَ أصحابُهُ منذ ذاك الفصل، أنادي فيكَ ذاكَ الفصل، وأدعُو وَقْوَقَةَ الآخرينَ تَخْطُبَ بلاغَتَها سِجلا يُبْقِي أَثَرَ الأرضِ المَوْدُوسَةِ التي جَفّ رزقُ أهلها فَساروا يُغَنُّون يَبَابَ ليلِهُمُ الأيْهَمِ، يهنون بعضهم البعضَ ويفرحون بالمأساة المنتظرة:(غَدّا العيدْ أُو نْدَبْحُو عِيشا وَ سْعِيدْ)(١) سِنُونَ يُهْمٌ تَـعَشّقُ فينا ألمَ الصدمة وهُوّةَ السقوط وآلاف آلألسنة تستعيرُ قناعا لتلاوة الذكر الحكيم وتُسَبِّحُ أَنْ يا رب مَددا، مَطرا، رزقا..الجمعةُ اليومَ والسبتُ غدًا..!!..لكَ أيها الجسدُ أشكُو هذه الثُّمَالةَ، ما بَالُكَ مُوَدّنا..؟؟..وَرْوارٌ أصابَهُ وَصْبٌ، هُزالٌ، عُضَالٌ.. أثقلتكَ مَشيئةُ آلمصائر في متاهات سراديب تبصق كل ليلة أفواها تَرُومُ المطرَ والفصلَ الجميلَ، وتعلنُ فيكَ هذا التحول الذي يَقود الى المقبرة.ليالٍ مُحْمِقَاتٌ قد رسمتْْ مُحيّـاكَ ملامحَ الغدر ونَبْذ القناع والستر..أيها الهرمُ..أين يَفَنُكَ؟ومِنْ أي زمن أنتَ؟؟من أي المخارج وُلِدْتَ؟؟ساعتُكَ هذه أم ساعاتُ غيرك؟؟مَوْسُونٌ أنتَ فَمَنْ يخيطُ كفنَك؟؟هاجسُكَ يعتريكَ فتصغي إِليه، يُعَلِّمُكَ هَمّ المُعْضلةِ والانسان الذبيح، فماذا جنيتَ؟؟خواء وتطلبُ الامتلاء؟؟!!لازلتَ غِرّا تعشقُ المطلق، سخريةَ المارد الأزرق الذي عَلاَ بكَ وحَلّق،حَلُمْتَ باليَمام فجاءَكَ العقعق يفجِّرُ فيكَ نشوةً ترفضُهَا ويخبركَ قُدُومَ هسْتيريا الإيقاعِ المسروق من زمن المجاذيب..وتفرح..!!..:(غَدّا العيدْ أُو نْدَبْحُـو عِيشَـا وَ سْعِــيدْ)وليلُـكَ أنتَ، مَنْ يذبَحُهُ؟مَنْ يخنقهُ؟لتسلمَ من هَمِّ الغثيان المتجدد كل ليلة..سأمٌ هو السأمُ..ضجرٌ أنتَ أيها الجسدُ المُتعفِّنُ..اُعْذُرْنِي..فأنا اُبْغِضُكَ بقدر ما أهواك..!!.. وأنتِ يا شهرزادُ، ما تفعلين بقوامكِ الوَميقِ الذي يسرق النظرات، ويغشى ما تبقى في القلب من نبضان، سترة تُنَمِّقِينَ بها حَناياكِ وتضحكين..عليكِ مني السلام أيتها الذميمة التي أحبها، وأعشقُ فيها عرسَ الذاكرة وسخرية الأماسي التي تتبعني، تمرُقني، تلعنني بإِعجاب..عيشي ذاكرتكِ لبعض الوقت أرجوكِ، عيشي أمسكِ الحاضر في المستقبل واخبريني ما كنتِ تفعلين..قد ملأتِ الأيامَ بالسهاد الذي يجري مجرى الدم المَحموم بشوك الورد المتفتِّح بلا زمن..إِني ألعنُ فيكِ نشوةَ الألم الذي يسبق الساعات جريا وراء سحاب لا يمطر الا الأجاج،،فلا وردة استكانتْ، ولا موت حطّ الرحال، فقلْ أين المسير؟أين ذاكَ الهتاف الذي رسم صورةً للذاكرة؟؟غشيتيه بملامح الاستفهام والتعجب، وردفتِ ابتسامةً تريدين بها ظَعَنا، وصرتِ طوطما تبتلعُ سَيرورتَه إِرهاصاتُ المجيئ والإِياب، روتينُ الصيرورات،مسوخ التحولات تبتلعُ فيكِ حقّ اللجوء المُمْتهانُ، وتَسْتَبْقِينَ على الفراغ سُوَيْعَةً لمَنْ لا وجود له،لذاك الأبله الذي تقتلين فيه نشوةَ ولذة الشعور بالنهاية..لقد أعلنتِ حبكِ للديمومة التي أمقتها نهاية لكل أسبوع،وأقرأُ فيكِ ذاكَ الشعورَ القديم الذي تخنقين تجدده، وتعلنين فيه نقطةً للنهاية، وتبتغين أملا لا تقدرين على معانقة أفيائه الحائرة،أعْلَمُ ذلك،فلمَ القناع؟لمَ الأوجه المرصّعة بالضباب؟؟لمَ الجحود؟؟لِمَ العقوق للشعور المنتاب؟؟؟أدعُو فيكِ هذه الكتابة المتعطشة،سماحةَ ذاك السيد الموشوم بحب الأطلال ووصف الأعين الحَوَرِ،،،يا لَيْلاَيَ المُتَوَهّمَةَ، منكِ إِليكِ أشكو الشعورَ الدفينَ الذي يُكِنُّ ولا يستكينُ، ويمقتُ عُضالَ الهزالَ الهجين، ويتخيل آلاف الأفئدة تتهاوى متهافتة نحو المتاهة الموضوعة عند متاريس نهاية كل أسبوع، أدعُو فيكِ حُمّى الدهاليز التي تسيرُ نحو النهاية وتصلي صلاةَ الغَبِنِ المحتار في ذاك الهيكل الرامي الى الاندثار..لقد بكى الطوطمُ سُخْفَ عبادَتِهِ آنستي، واهتزتْ أطرافُهُُ ارتعاشةَ السكير الْيُدْمِنُ السُّبات العميق.. لقياه..لقياه ماتت وانتهى الحَزين..وسارَ كل واحد يغني ليلاه..الكل مجنون بليلى، وليلى مجنونة بقيس، وقيس يبكي طلله الذي ظعنَ، ويسألُ السكنَ أغنيةََ..:(غَدّا العيدْ أو نْدَبْحُو عِيشَة وَ سْعِيدْ)ويحضرُ الذهنَ العيدُ والذبحُ والعيشُ السعيدُ..ومرقُ عرس الذاكرة، آنستي، هو مِنْ ثُمالةِ جسدكِ الوَميق المُتَمَـيَّح، قد أحبَّ الأرصفةَ ومتاريس الطريق الجَائرة بأشجى وجيب وأعذب آهَات تَطْفُرُ سَكْرَى من غثيان حلم تلك البنفسجة الزرقاء..ماذا بعدُ يا أيتها الجميلةُ فوق التصور، أرجوكِ، لا تتكلمي من وراء الكواليس، فقصص الليل انتهتْ، والسندبادُ قد ملّ الحَرَاكَ، والمارد الأهوك قد ضجر الطيران، وأنا من هُوّةِ السقوط أناديكِ،حَضيضي عَلمني أشياء كثيرة، فلا تَعْجَبِي، إِليكِ أبَلِّغُُ هذا السلام، وأظفر ببقايا يباب أنسجُ به حلمي المقوقع بالسراب، وأسردُ حكايتي الشريدة تُرِيحُ هواجسَ وأعصابا، وتتخذ من كل الأرصفة والشوارع المهووسة شاهدا لها في هذيان لا أول له ولا آخر..إِني من هذا العمق أناديكِ يا جِيمَتي الزرقاء التي غارتْ وانتشتْ في غورها ولم تَعُدْ أبدا، لا تتعجلي، فالحكمةُ تُعْرَفُ من أفواه البلهاء، مكبوتة أجسامهم أحلامهم، أطيافهم الولهى، فلا يظهر الا ذاك البله، وربما كان العَصْفُ تاجَ الفقراء..عليكِ مني السلام، أيتها الساكنة حلمَ السراب، إِنه غِرٌّ أعْلَنَ لجفنيْكِ الانتماء دونَ قناع، فاعذريني يا سوسنةَ السماء، اعذريني، يا سمائي ويا عناء..فالحب حاضرٌ والمقتٌ حاضرٌ، وأنا أبغضُكِ بقدر ما أهواكِ ..."
☆إشارات: ١_(غدا العيد ونذبحو عيشا وسعي):لازمة أهزوجة شعبية يتغنى بها أطفال المغرب قبيل العيد، ويبدو من خلال كلمة:(نذبحو)أن العيد المقصود هو عيد الأضحى، اما عيشا وسْعيدْ فهما آسمين لعائشة وسَعيد كما ينطقها اللسان المغربي الدارج
#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كَبْوَةُ آلْحُرُوفِ
-
أَرَى مَا لَا يُرَى
-
بُوسِيضُونْ مََازيغِي
-
طَيْفٌ
-
اَلشَّعْبُ
-
هِيجُو
-
لَمَّا آنقطعَ بُويَبْلانُ عن بُويَبْلانَاتِهِ
-
فُصُول
-
تَااااهُوووهُ
-
كَانَ يُحِبُّ آلْفَرَاشَاتِ
-
جَحيمٌ مُرْتَقَب
-
خَريف جَديد
-
الكلبُ الأندلسي
-
تَصَوَّرْ
-
اَلْحَرْطَانِي
-
عْمَارَةْ لَبْلَادْ
-
اَلْقَمَرُ آلدَّامِي
-
طَيْفُهَا
-
مُجَرَّدُ غَفْوَةٍ لَا غَيْر
-
رَبيعُ آلْهَفَوَاتِ
المزيد.....
-
محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع
...
-
-الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد
...
-
بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب
...
-
كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا
...
-
إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
-
سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال
...
-
الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
-
من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام
...
-
دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-.
...
-
-سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر
...
المزيد.....
-
طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11
...
/ ريم يحيى عبد العظيم حسانين
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
/ محمد نجيب السعد
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
-
عشاء حمص الأخير
/ د. خالد زغريت
-
أحلام تانيا
/ ترجمة إحسان الملائكة
-
تحت الركام
/ الشهبي أحمد
-
رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية
...
/ أكد الجبوري
-
نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر
...
/ د. سناء الشعلان
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
المزيد.....
|