مختار سعد شحاته
الحوار المتمدن-العدد: 7405 - 2022 / 10 / 18 - 17:47
المحور:
الادب والفن
عرفتُ:
عرفتُ اثنين أصابتهما عدوى كورونا؛ أما الأول: تناول كأس براندي، وراح يحكي سر الإعجاز العلمي في "ومن الأرض مثلهن"...
والآخر: كان طيبًا كأمي،
حين اشتدت الحمي المصاحبة للعدوى، استعان بالمعوذتين، وتفل في وجه الشيطان على يساره المعوج،
ثُمَّ نام...
عرفتُ في الأيام الأخيرة طفلاً، كانت الأحلامُ التي يراها في المنام كلها تدور حول طائرةٍ ورقيةٍ تحطُّ كل مساءٍ في بلدٍ جديدة،
وحين أتمَّ خمسًا وأربعينَ سنةً، راودتُه الحكاياتُ، ومزَّق الخطاباتِ السريةَ في دفتر واجبِ زميلة الابتدائية، واكتفى بوظيفته الحكومية،
ثُمَّ عاش...
ومات ابنًا للنظام...
عرفتُ في الأسبوع الأخير نجمةً، تحبُ السهر في الليالي القمرية،
تصاحبُ وحشًا في غابة مرة،
وترقصُ على مركب صياد مرة،
وتغني على بابِِ خيمة أمازيغي في جبال أطلس،
ومعي شربتْ حتى الفجر، ودخنتْ بامتنان للتبغ وللإفريقي الذي باعنا آخر تذكرة للماريجوانا في حديقة ماركس أقصى الشمال الشرقي للمدينة...
عرفتُ في الساعات الأولى من صباح اليوم شيخًا،
-كان صديقي فيما مضى-
يغسل كل يوم جسده من ذنوب العباد بالصلاة على النبي، والسجدة الأخيرة في آخر سورة العلق،
ويؤمن أن الحلال والحرام بينهما خيط رفيع كخيط الفجر الوديع...
الآن؛ أتعرفُ على الجالس في الكرسي أمامي، يلبس نظارة قراءتي السوداء، ويضع طرف سبابته على مفتاح تشغيل اللاب توب أمامي،
ويكتب مثلي هذه القصيدة...
مشغول الذهن بالشبه الكبير بيني وبين الشيخ والطفل والنجمة ومريضيّ كورونا...
كأنه أمي.
#مختار_سعد_شحاته (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟