زهرة الهينو

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث
(Mohammad Abdul-karem Yousef)

الحوار المتمدن-العدد: 7350 - 2022 / 8 / 24 - 14:32
المحور: الادب والفن
    

هي الزهرة الوحيدة في العالم التي لا أريد قط أن أقدمها لك......
هناك من الزهور ما يشكل لغة يفهمها الناس جميعا لأنها لغة العالم تماما مثل الموسيقى ......
ومن الزهور ما هو رحيق يداوي الجروح......
ومن الزهور ورود ٌ مالها رائحة........
ومن الزهور من يغرك منظره للوهلة الأولى.......
ومن الزهور من يدمي يديك ......بلمسه......
وقدميك .......في البحث عنه.......
إنها لغة الزهور...وعالمها المضني......الجميل......المتنوع....... مثل البشر........

لكن زهرة الهينو بطعم خاص......

يحكى أنه في العام 1923 حدث زلزال مدمر في اليابان ......
وبسببه تشرد الكثير من الناس وهجروا منازلهم....إلى الساحات الكبيرة ......
وفي إحدى المدن القريبة من مركز الزلزال ....صدف أن كان هناك ساحة كبيرة تابعة للجيش الياباني.....

ساحة مهجورة.... ليس فيها إلا المخلفات والركام.....وحارس بائس على بوابة الساحة المسوّرة.....

تقدم جموع الناس من أطفال ونساء وشباب وشيوخ باتجاه الحارس .....
وطلبوا منه شيئا واحدا فقط..... الدخول إلى الساحة هربا من نتائج الزلزال......

رافق نيكي إخوته الثلاثة ... وأمه ... ووالده.....
كان والده يسميه دائما.... القرد.... وعندما يداعبه كان يسميه القـُرَيد....
شعر نيكي بالحرارة .... تسري في جسده نتيجة الجموع........
وفجأة شاهد والده ألسنة اللهب....تشتعل في الجوار.....كان اللهب يلتهم كل شيء....كل شيء....

طلب والده أن يقي إخوته بجسده من حرارة اللهب..... لكن نيكي القـُرَيد تمرد وقفز فوق السور ... وسبح في النهر المجاور......
في هذه الأثناء كانت زهور الهينو تتورد وتتورد.....تتأجج وتتأجج .... وكادت تصل السماء......

كانت الحرارة تذيب كل شيء.....تخرج من الأرض لتعانق السماء......
وتأخذ بطريقها كل شيء...... النبات والبشر والحجر....وأهل نيكي......
كانت زهور الهينو....تغطي المكان.....تخرج من الأرض لتصل إلى السماء.....

اليوم نيكي صار عمره 96 عاما.....يأتي بين الحين والآخر يتذكر ما حدث......

لا يوجد أي شيء داخل السور سوى نقاط بيضاء..... وعظام.....وبقايا أناس كان يحبهم .....

يتذكر نيكي المشهد ويقول: لو أطعت والدي تلك اللحظة ....لكنت بجانبهم.... هناك .....

ترى من المسؤول عما حدث..... الحارس المسكين الذي ضَعُف لحظة وسمح للجموع بالدخول .... أم زهور الهينو؟

لزهور الهينو في اليابان مذاق خاص......ولون خاص.... وذكريات......أناس أحببتهم يوما...ولا زالوا بقلبي....

#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات