أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - ثقافة الكراهية














المزيد.....

ثقافة الكراهية


صلاح زنكنه

الحوار المتمدن-العدد: 7093 - 2021 / 12 / 1 - 17:22
المحور: الادب والفن
    


أخطر ما يكدر صفو حياة أي شعب من الشـعوب والأمم ويهدد مستقبـله, هو نعرة الكراهية تجاه طائفة أو قوم أو ملة، وتبدأ أول ما تبدأ من حيث الانتقـاص من الآخر وتقزيمه وتشويهه والسخرية منه والاستهزاء به, ولا تنتهي عند حدٍ أو زمن معينين, خصوصاً حين تتكرس هذه الكراهية وتتكدس في الضمير الجمعي والوجدان العام, حتى تصبح لازمة من لوازم خطاب أمة ما وأدبياتها وسلوكياتها، لتتحول بـالتالي الى هوس مرضي يشل طاقاتها ويعرقل مسيرتها لتعيش في حالة استنفار دائم بغية درء خطر الآخر الكريه.

فالكراهية شئنا أم أبـينا هي الأرضية الخصبـة للإرهاب, والحاضنة الحقيقية له، وهي داء بلا دواء، تجعل من الصديق عدوا ومن الإيمان كفرا ومن الجمال بشاعة ومن الشهد سما، ذلك لأن الكاره المعتد بنفسـه وتاريخه وماضيه لا يطيق إلا ما يتوافق ويتطابـق مـع معتقـداته ومرجعياته وتشخيصاته, وكل ما عداها باطل وقبض ريح.

وشيئا فشـيئا تغدو الكراهية نسقـا في التفكير وجزأ لا يتجزأ من ثقـافة المرء الكاره والتي يتعايش عليها ذهنيا، فكل ما يندرج في مكونات الانسان الفكرية من قـيم ومبادئ ومعارف وآداب ومفاهيم وشعائر وسلوكيات, هو الذي يشكل في نهاية المطاف الثقافة بمفهومه العام.

وثقافة الكراهية مفهوم يدل على نبذ الآخر واقصائه وتهميشه وعدم الاقتراب منه أو الحوار معه أو الأخذ عنه، فهذا الآخر حسب سستم الكراهية الذي أخذ مساحـة واسـعة من تفكيرنا وتصوراتنا هو عدو متربص بنا، يريد النيل من مقدساتنا ونهب ثرواتنا وزعزعة قيمنا وثوابتنا, ويبغي سحقنا وهزيمتنا، فما علينا بالمقابل سوى أن نعد له السيف البـتار وربـاط الخيل والصواريخ والراجمات والكيمياوي والنووي, وجحـافل الجيش نرهب به عدونا وعدو الله.

وعدو الله هذا له لغة أخرى أعجمية، وسحنة هجينة غير سحنتنا النورانية, ودين مشبوه تخلى عنه الله، وحضارة عقيمة أقل شـانا من حضارتنا العريقة المترامية الأطراف، وله عادات وتقاليد وطقوس عجيبة غريبة مريبة، هذا ما لقنونا إياه في البيت والمدرسـة والمسـجد والشـارع والثكنة، جيلا بعد جيل حتى تبلّدت ذاكرتنا وتصدأت أفكارنا, ورحـنـا نجتر الأقـوال والأشـعـار والحكم عن أمجاد الأسلاف وبـطولاتهم في سـفوح المعارك, والتي تمخضت عن الملحـمة التراجيدية "أم المعارك" الخالدة التي خلدت المقابـر الجماعية وعمليات الإنفال وتجفيف الأهوار, وتشـريد خيرة أبـنـاء الشعب العراقي الى المنافي، وقمع وتجويع البقية الباقية.

وأسدل الستار على المشهد الميلودرامي بكوميديا "الحواسم" التي خيبت آمال وأوهام دعاة ثقافة الكراهية, من أصوليين وسـلفيين وقـومانيين الذين علقـوا أخطاءهم وهزائمهم على مشاجب الآخر الغربي الأوروبي المسيحي الفرنجي الجرماني اليوناني البوذي الهندوسي اليهودي الشيوعي الماوي المجوسي الماسـوني, وكلهم أعداء كفرة أنجاس, لا يتوانون عن أكل لحم الخنزير واحتسـاء الخمر وصعود القمر، لذا توجب الامتناع عن تناول الدولمة والهمبركر والبـيتزا, كونها أكلات أجنبية مسـتوردة من بـلاد الكفر والكفار, والاكتفاء بالتشـريب والثريد والباجة والملوخية و الفلافل, كونها أكلات قومية مبـاركة.
...
جريدة الصباح 15 / 2 / 2005



#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنحى السردي في شجرة الحروف
- مقامة الكيروسن بين المخيلة والواقع
- حلول الولادت ومسخها
- فنطازيا رأس الحصان الطائر
- ما لم يقلهُ النقاد في (ما لم يقلهُ الرواة)
- محطات الطفولة والكهولة في (هي والبحر)
- المتنطعون
- ثقافة الطفل
- الإسلام وثقافة العوام
- موظفون ثقافيون
- من أرشيفي القديم 15
- سماحيات 24
- مسؤولية الكتابة
- اللغة المتعالية
- مسؤولية المثقف
- الفدرالية وازمة المصطلح
- بنية الحكاية في (تيمور الحزين)
- # الأدب و الفعل الإنساني # حين تتوقف الكتابة أمام اللغز الأب ...
- # شاعر وقصيدة # دع أمريكا تكن أمريكا
- الأدب والحياة


المزيد.....




- مصر.. السيسي يتصل بفنان شهير للاطمئنان عن صحته بعد إشاعة وفا ...
- بزشكيان: نسعى لتعزيز العلاقات مع الجيران على أساس القواسم ال ...
- بيت المدى يؤبن الكاتب الساخر والمسرحي علاء حسن
- في ذكرى رولفو: رحلة الإنسان من الحلم إلى العدم
- اضبط الريسيفر.. تردد روتانا سينما الجديد 2025 هيعرضلك أفلام ...
- مصر تستعيد 21 قطعة أثرية من أستراليا (صور)
- إدريس سالم في -مراصدُ الروح-: غوص في مياه ذات متوجسة
- نشرها على منصة -X-.. مغن أمريكي شهير يحصد ملايين المشاهدات ل ...
- رد حاسم على مزاعم وجود خلافات مصرية سعودية في مجال الفن
- أخيرًا.. وزارة التعليم تُعلن موعد امتحانات الدبلومات الفنية ...


المزيد.....

- اقنعة / خيرالله قاسم المالكي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - ثقافة الكراهية