أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي عبد الحميد - ماهية التقنع في المسرح














المزيد.....

ماهية التقنع في المسرح


سامي عبد الحميد

الحوار المتمدن-العدد: 7017 - 2021 / 9 / 12 - 01:37
المحور: الادب والفن
    


يحمل التقنع أو ارتداء القناع فكرتين هما التخفي والتحول، بمعنى اخفاء هوية الشخص أو تحويلها الى هوية مغايرة وتكمن قوة التقنع الفعالة في استخدامها ادائياً الذي يمتد من الطقس الديني الى الزينة المعمارية. والتقنع موجود في جميع الثقافات ويتم استيعابه كمادة تغطي وجه الشخص كاملاً أو جزءاً منه.
كان أول استعمال للقناع قد حدث كعمل سحري. بارتداء قناع من جلد الحيوان أو يمثل صفة حيوانية معينة يكسب مرتديه تلك الصفة، وما زال بعض المؤدين في مالي يرتدون قناعاً كبيراً يمثل الحيوان في الاحتفالات. وظف الشامانيون الاقنعة لكي يصبحوا واسطة للروح وفي ثقافات معينة في افريقيا وآسيا، فإن ارتداء القناع هذه الأيام يسمح لمرتديه الدخول الى حالة التشوه، وعندما سمح الدين ارتداء القناع أخذ القناع يفقد مهماته الموسمية والتظاهرية أو الطقسية ولكنه حافظ على مركزه المعاكس. ومازالت اقنعة مسرح (نو) الياباني بأشكالها المثالية تستعمل كوسائط لتجسيد ما هو روحي لدى الشخصيات وليس ماهو واقعي ولها مرجعياتها الانسان المتوحش بشعره الكثيف المضاد للإنسان المتحضر الذي يغطي جسده بشعر الحيوان، انما يفعل ذلك في سياق الكرنفال، وقد استخدم الاغريق القدماء في مسرحياتهم الساتيرية قناع الانسان المتوحش أو قناع العبد الذي يعكس صورة الإنسان غير المتحضر، وقد أدرك رجال الكنيسة المسيحية الروابط بين الأقنعة وممارسة العبادة الدينية.
تأصلت عروض القناع في انكلترا خلال القرنين السادس عشر والسابق عشر، في التخبط والتنكر الشعبي ورفعته الى مستوى المجاز الكيّس، وكانت لعناصر الغروتسك للفواصل الكوميدية والتي غالباً ما يؤديها المسامرون المحترفون علاقة بالكرنفالات وتقاليد الإنسان الوحشي.
ويعتبر القناع المسرحي رمزاً للعروض المسرحية في معظم ثقافات العالم. وفي عروض مسرح الكاتاكالي الهندي يتم صبغ وجوه الراقصين بعجينة الرز البيضاء، وقد عرّفنا المسرح الهندي التقليدي كيف يتحكم الممثل بوجهه ويحوله الى قناع. وقد طور الممثل الصامت الشهير (مارسيل مارسو) هذه المهارة وكذلك فعل (غروتوفسكي) مع ممثليه .
وقوفاً بالضد من الواقعية التي برزت من مسرح القرن التاسع عشر، راح الحداثويون المسرحيون في اوربا يعودون الى أقنعة (الكوميديا دي لارتا) الايطالية واقنعة المسرح الآسيوي، وقد استعمل المخرج الفرنسي (كوبو) الاقنعة لتدريب الممثلين كواسطة من وسائط التعبير، وحاول (ييتس) ابتداع برنامج خاص بتقنع الممثلين. وكان (ارتو) من الذين طبقوا ارتداء الاقنعة الكبيرة، وخلال السبعينيات استخدمت احدى الفرق المسرحية السويسرية قناعاً يغطي الجسم بكامله وبأشكال تجريدية. اتجهت التداخلية الثقافية في المسرح المعاصر نحو استخدام الاقنعة المقتبسة من تقاليد مختلفة، أما أن يرتديها الممثلون أو يحملونها بأيديهم، وتستخدم الاقنعة هذه الأيام في المسرح البصري ومسرح الجسد.
يختلف التقنع في المسرح عن ظاهرة التنكر أو التخفي، حيث أن القصد منه استبدال هوية الشخصية بهوية شخصية أخرى، أما القصد من التخفي فهو تغيير المظهر الخارجي للوجه أو الجسم، لكي لا يتعرف الآخرون على الشخص المتنكر. وقد يلجأ المتنكر الى الماكياج لغرض اخفاء أو تغيير ملامح الوجه، ويلجأ الممثل المتقنع احياناً الى الماكياج، لكي يحوّل الشخصية التي يمثلها الى شخصية أخرى . ويستخدم القناع المسرحي للتفريق بين المظهر والجوهر، بمعنى أن يخفي القناع وهو المظهر جوهر الشخصية. أو التفريق بين المظهر والواقع، وتعرف مكمن الحقيقة، وكان الكاتب المسرحي الايطالي (لويجي بيرانديلو) قد عمل بذلك المبدأ متسائلاً عن حقيقة الإنسان التي لا تظهر إلا بعد أن ينزع عنه قناعه. ومن الناحية الفلسفية يمكن القول، إن الانسان في حياته اليومية يتقنع مجازياً على وفق الظروف التي يمر بها، حيث يتحول من قناع الى آخر حسب المواقف والشخصيات التي تواجهه، فهو في البيت غيره في مكان العمل، أو هو مع الصديق غيره مع العدو . الممثل هو الآخر يتقنع مجازياً أي دون أن يرتدي قناعاً فعلياً، لأنه يحول خصائصه الذاتية الى خصائص الشخصية التي يمثلها .



#سامي_عبد_الحميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا لإلغاء الطقس المسرحي
- مسرح الشارع ظاهرة ثقافية يمكن تطويرها
- المخرج المسرحي مسؤوليته ومهمته
- مسرح الإناث وماهيته
- مسرحية (جيفارا عاد افتحوا الأبواب)
- ممثل الكوميديا بين الذات والموضوع
- المسرح والتداخل الثقافي
- عندما تُزاح الأعمدة يتهاوى الكيان
- (جيفارا عاد افتحوا الأبواب)
- ما المقصود بالمسرح البورجوازي ؟
- مسرح الكاباريه السياسي
- العلاقة بين الأداء والعرض المسرحي
- مرة أخرى ماذا يعني (المسرح الشعبي) ؟
- مسرحة القصيدة أو الشعر والدراما
- ما هو الجديد في أعمال المسرحيين الشباب ؟!
- الدكاترة والفرقة الوطنية للتمثيل
- الطقس والمسرح
- الطقس والمسرح 2
- ما المقصود بمصطلح (ميتا مسرح) ؟
- تطور مفهوم (الشخصية) في الدراما


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي عبد الحميد - ماهية التقنع في المسرح