أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن مدن - شقاء الوعي














المزيد.....

شقاء الوعي


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 7012 - 2021 / 9 / 7 - 14:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يمكن للوعي في لحظة من لحظاته، بل إنه غالباً ما يتحول الى مشكلة حقيقية، ويعوذ المرء بنفسه أن يمجد الجهل، ولكن الجهل يبدو في لحظة من لحظاته، بل إنه غالباً، ما يتحول الى نعمة بالنسبة لصاحبه.
الجاهل، أوالجاهل بالأمور إن أردنا تعبيراً أكثر تهذيباً، هو شخص قنوع راضٍ دائماً عما حوله، إنه بالأحرى لا يشغل باله بالبحث أو التنقيب أو التساؤل أو التحري، كل ما هو معطى هو حق بالنسبة له غير قابل للجدل أو النقاش، أما الإنسان المصاب بلوثة الوعي فإنه إنسان حائر، قلق، يطحنه التمزق بين وعيه وبين ما يراه أو يعيشه. “إن الوعي الزائد يمكن أن يكون عدواً يتربص في الأعماق، الوعي يمكن أن يكون عذاباً وجحيماً أرضياَ” هكذا تقول إحدى الكاتبات.يحدث ذلك لأن الوعي بالأشياء يخلق حرقة، فهو مبني على رغبة البحث عن الأفضل والأحسن والأجمل والإنسان الواعي له نظرة أبعد وأشمل، تتخطى المعاش وتتطلع نحو البعيد. نظرة تفحص تحلل وتقارن وتنقد وتقترح البديل،
لكن الوعي منبوذ دائماً شأنه شأن كل القيم والقضايا الجميلة، فالواعون هم تركيبة خاصة من البشر، فيهم مساحة للحلم وللشعر وللاستشراف، وإلى هؤلاء يجب أن ينتسب المثقف المسلح بالعلم والمضيء بالمعرفة، على خلاف أشباه المثقفين والمدعين والباحثين عن أدوار وبطولات، وما أكثرهم لسوء الحظ. وللواعين دائماً حاسة نقدية إزاء الظواهر والقضايا. إنهم يمتلكون تلك المقدرة المدهشة في النفاذ الى عمق الأشياء، إلى جوهرها، ولديهم الجرأة والشجاعة على الإمساك بالجمر ضريبة بحثهم عن الحق وعن الحقيقة.
انهم مسكونون بقلق المعرفة ومكتوون بحرقة السؤال ومفتونون بالمستحيل، وهم اذ يلقون بأنفسهم في خضم المجهول، فذاك لأنهم لا يقيمون كبير وزن لما عليهم أن يتحملوه لقاء انسجامهم مع ذواتهم، لقاء انحيازهم للمعدن الأصيل في نفوسهم في مواجهة الزائف والهش والمبتذل والسوقي والتافه والسطحي والاستعراضي، وكل ما يزيد الناس استلاباً على استلابهم واغتراباً عن فطرتهم.
وصف سارتر المثقف بالشخص الذي يقوم بمهام لم يكلفه بها أحد. وإن بدا هذا القول في الظاهر سخرية من المثقفين ودورهم، فإنه في الجوهر أميل إلى الشفقة على هذه الفئة المبتلاة من البشر التي وصفها سارتر نفسه ب "الضمير الشقي".
أما كيف يكون المثقف ضميراً شقياً فذاك ما نجد توضيحاً له في عبارة ديستوفسكي في كتابه "ملاحظات من العالم السفلي"، حيث سعى للتفريق بين نمطين من البشر، نمط يتأمل ونمط يفعل. يقول ديستوفسكي: "أقسم يا سادة أن شدة الوعي مرض، ومن يستطيع أن يفخر بمرضه؟ هل تعرفون، يا سادة، ربما أعتبر نفسي إنسانا ذكياً فقط، لأنني لم أتمكن طيلة حياتي أن أبدأ أو أكمل أي شيء".
لولا هؤلاء لما كان الوعي، لولا هؤلاء لما كانت منعطفات الحياة الكبرى وتحولاتها، لما كانت الأفكار الكبيرة، والكتب الخالدة والروايات والمسرحيات العظيمة، لولاهم لما كان التاريخ من حيث هو بحث دائم عن الأفضل والأجمل، من حيث هو توق دائم لحياة أكثر إشراقاً، ولوعي كجذوة النار التي حتى ولو توارت تحت الرماد لحين، فإنها تظل عصية على الموات مهما كانت الرياح عاتية.



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميكيس ثيودراكيس
- رسائل انفجاري مطار كابول
- تسييس الدين
- عن الدولة الوطنيّة
- ثوابت المثقّف وتحوّلاته
- محنة التنوير
- أمريكا وناقتها في أفغانستان
- على خطى ابن رشد
- في ذكرى سمير أمين
- محنة الطبقة الوسطى في العالم العربي
- التاريخ منطلقًا من الهامش
- وهم الدعم الغربي للتحوّل الديمقراطي
- صراع الهُويّات
- (النهضة) تتفكك
- المعذّبون في الأرض
- انحسار الفضاء العمومي
- ما أحزن قاسم أمين
- كلام الكتب وكلام الحياة
- مصطلح مطلي بالصابون
- دعوة أم (بزنس)؟!


المزيد.....




- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن مدن - شقاء الوعي