أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسن مدن - التاريخ منطلقًا من الهامش














المزيد.....

التاريخ منطلقًا من الهامش


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 6985 - 2021 / 8 / 11 - 01:24
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يعكف الباحثون في التاريخ عادة على تتبع الأحداث الجسام التي غيّرت مجرى هذا التاريخ من حروب وانقلابات وثورات، ولكنهم، في الغالب الأعم، يغفلون ما نريد أن نصفه بهامش التاريخ ونعني به تلك التفاصيل الكثيرة التي يبدو غالبها ذا طابع إنساني حميم، وهي لا تقع في بؤرة الواقعة التاريخية، أي أن الحديث لا يدور عن الحرب أو المعارك الكبرى أو الهزائم والنكبات ونيل الاستقلال وما هو في حكم ذلك من أحداث، وإنما يدور حول جوانب تبدو بسيطة وهامشية لو نظر إليها من زاوية الحدث التاريخي الكبير، لكنها جديرة بأن تمنحنا فرصة كبرى للتعرف الى المرحلة التاريخية التي تعود إليها أكثر مما تمنحنا رواية الوقائع التاريخية الكبرى .

كان محمد عابد الجابري يفرق بين ما يدعوه التاريخ الكبير والتاريخ الصغير، في خانة الأول يضع تلك الأحداث التي يمكن أن تستوعب في ثناياها مجموعة من التواريخ الصغيرة، التي لا تعدو كونها، في نهاية المطاف، مجرد تفاصيل في الحدث التاريخي الكبير، ولكن الجابري يظل، حتى في هذا التفريق، عند حدود الوقائع السياسية، ولا يذهب إلى ما نحن بصدده هنا، وهو الوقوف على تفاصيل صغيرة تجري على هامش الواقعة التاريخية الفاصلة، ومفردة الهامش هنا مجازية فقط، من أجل عقد المقارنة بين الحاسم والأقل حسماً، حين يتعين علينا عند دراسة حملة نابليون على مصر،مثلاً، ألا نكتفي بالمعارك الحربية، وإنما نذهب إلى يوميات العلماء والأطباء والفنانين والمصورين وسواهم الذين كانوا ضمن الحملة كي نُكون فكرة عن تفاصيل الحياة في مصر يومذاك .

ولا يعني هذا النوع من الكتابة أن الباحث، وهو يفعل ذلك، يكون خلواً من الهدف، وهو لا يكتفي بتقديم تلك التفاصيل تاركاً للقارئ وحده استخلاص الاستنتاجات الضرورية حول تلك المرحلة، وإنما يقدم هو رؤيته ولكن ليس على شكل خطاب سياسي تعبوي . فهو لا يقوم بدور الداعية، بمقدار ما يسعى لإبراز جوانب إنسانية مغفلة، تساعد معرفتها على إضاءة زوايا مهملة في التاريخ .

لعل هذا يفسر لنا الاهتمام الذي توليه الدراسات الحديثة لما يمكن أن ندعوه التواريخ الفرعية، من قبيل تاريخ النساء أو تاريخ الأقليات في هذا البلد أو ذاك، ويمتد هذا الاهتمام إلى مجالات الأدب، خاصة في الرواية، حيث نقع على الكثير من الروايات التي تحاول أن تتبع سيرة أجيال متعاقبة من النساء، من خلال سرد حكايات عن نساء معاصرات يستعدن سيرة أمهاتهن وجداتهن، وعلى هذا النحو أيضاً ينتعش الاهتمام بتاريخ الأقليات في المجتمعات لتبيان المسار المتوتر تارة، والمتسامح تارة، من علاقة المجتمعات بالأقليات المقيمة بين ظهرانيها.

في هذا الاهتمام بالتواريخ الفرعية نوع من رد الاعتبار لحقائق ووقائع كثيرة غيبتها الرواية الرسمية الأحادية للتاريخ التي إما أن تكون صيغت بمنطق ذكوري، حين يتصل الأمر بتاريخ النساء، أو بمنطق إقصائي، حين يتصل الأمر بتاريخ الأقليات أو المجموعات الصغيرة والمهاجرين . ومن شأن أمر مثل هذا أن يؤكد أن كتابة التاريخ يمكن أن تنطلق من الهامش أو الجزئي بمقدار لا يقل عن انطلاقها من المتن، أي من الواقعة التاريخية الصاخبة، فالهامش المغفل ربما احتوى من التفاصيل التي قد تؤدي معرفتها إلى إعادة فهمنا للتاريخ .



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وهم الدعم الغربي للتحوّل الديمقراطي
- صراع الهُويّات
- (النهضة) تتفكك
- المعذّبون في الأرض
- انحسار الفضاء العمومي
- ما أحزن قاسم أمين
- كلام الكتب وكلام الحياة
- مصطلح مطلي بالصابون
- دعوة أم (بزنس)؟!
- ما أُنفق على (الجهاد)
- بين الحلم والشعار
- ميكيس ثيودوراكيس نابذ العدوان
- صور بالأبيض والأسود في كابول
- الجوع أشد فتكًا
- في ذكرى أحمد الذوادي
- عن جاهزيّة شعوبنا للتقدّم
- تعبنا من الخوف
- سور الصين الفولاذي
- لكُل شيء تاريخه
- فكر متأمل وآخر مرتجل


المزيد.....




- نتنياهو يعلق على قبول حماس وقف إطلاق النار والسيطرة على الجا ...
- لوكاشينكو: العالم أقرب إلى حرب نووية من أي وقت مضى
- غالانت: عملية رفح ستستمر حتى يتم التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح ...
- الرئيس الجزائري: لا تنازل ولا مساومة في ملف الذاكرة مع فرنسا ...
- معبر رفح.. الدبابات تسيطر على المعبر من الجانب الفلسطيني مع ...
- حرب غزة: هل يمضي نتنياهو قدما في اجتياح رفح أم يلتزم بالهدنة ...
- اتحاد القبائل العربية في سيناء.. بيان الاتحاد حول رفح يثير ج ...
- كاميرا مثبتة على رأس الحكم لأول مرة في مباراة الدوري الإنكلي ...
- بين الأمل والخوف... كيف مرّت الـ24 ساعة الماضية على سكان قطا ...
- وفود إسرائيل وحماس والوسطاء إلى القاهرة بهدف هدنة شاملة بغزة ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسن مدن - التاريخ منطلقًا من الهامش