عباس موسى الكعبي
الحوار المتمدن-العدد: 6985 - 2021 / 8 / 11 - 20:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من كتاب: العراق: قلب الشرق الأوسط
ترجمة: عباس موسى
الحلقة: 5
باتت الكوت تحت قبضة الجنرال طاوزند الذي احس منذ أسابيع بان الأرض ممهدة أمامه باتجاه بغداد. فقد ذكر في تقريره أن القوات التركية أقل تنظيماً بكثير مما كان متوقعا ، وأن قواته منهكة وتفتقر للثبات. ونظرًا لطول المسافة التي تقطعها مواصلاته وحقيقة أنها كانت تعتمد كليًا على النقل المائي، باستثناء السكك الحديدية ذات النطاق الضيق والمسافات القصيرة ، وبالنظر إلى العزلة الكاملة لقواته، إلا إنه لم يوقف تقدمها، بل فرض نفوذه وامرهم بالتحرك إلى الامام في مطلع شهر تشرين الثاني/ نوفمبر.
في الحادي والعشرين من ذات الشهر ، واجه قوة تركية وهزمها، وبعد ذلك بوقت قصير امست القوات البريطانية على مقربة من الأطلال التاريخية لمدينة المدائن (طاق كسرى)، العاصمة القديمة (للساسانيين) قبل مجيء العرب. في ذلك المكان، واجه قوات تركية فاعلة ومحصنة تماما. وبناءً على معطيات الموقف، تم اقتياد الجزء الأكبر من القوات البريطانية تحت جنح الظلام، وشُن هجوما فجر ذلك اليوم. واستولى على خطين من الخنادق واسر عدد من الجنود. بيد ان تعزيزات تركية قوية قد وصلت أثناء القتال لانقاذ الوضع.. وبحلول الخامس والعشرين من الشهر، استعاد الأتراك كل الأراضي التي فقدوها. وخلال الليل بدأ البريطانيون بالتراجع. وبعد مسيرات مرهقة وقتال عنيف ، وصلت القوة الصغيرة البريطانية إلى الكوت مرة أخرى في 3 كانون الأول/ ديسمبر ، بعد أن فقدت 4500 مقاتل، ولكن جلبت معها 1600 أسير. وبعد خمسة أيام، تم محاصرة المدينة من قبل القوات التركية.
في تلك اللحظات، ظهر المشير الألماني فون دير غولتز متفوقا على نور الدين باشا في الميدان. تحت توجيهاته ، تم شن عدة هجمات على الفور ضد الحامية البريطانية المعزولة ، لكن جميع تلك الهجمات لم تكن مجدية. وعليه، تحركت القوات التركية إلى الجنوب من البلدة ، وأقامت دفاعات محصنة ضد اي هجوم محتمل تقوم به قوات الإسناد البريطانية. وهكذا تم عزل الجنرال طاوزند تمامًا عن قاعدته وعن بقية القوات البريطانية.
شهد مطلع العام الجديد جهودًا حثيثة لكسر الحصار وإنقاذ الجنرال طاوزند وحاميته. فخلال الأيام القليلة الأولى من شهر كانون الثاني / يناير، تم طرد الأتراك بنجاح من مواقعهم الأمامية وأجبروا على التراجع الى خط جديد ليس بعيدًا عن الكوت نفسها ؛ لكن جميع الجهود البريطانية لاختراق ذلك الخط قوبلت بالفشل التام.. فقد كانت الخسائر كثيرة لدرجة أن المهاجمين اضطروا إلى ايقاف ارسال التعزيزات. في غضون ذلك ، تسلم خليل باشا مهمة القيادة العليا للقوات التركية.
يتبع..
#عباس_موسى_الكعبي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟