أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - يوم … في حياة زوج ، وزوجة ! ( قصة قصيرة )















المزيد.....

يوم … في حياة زوج ، وزوجة ! ( قصة قصيرة )


جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)


الحوار المتمدن-العدد: 6789 - 2021 / 1 / 15 - 11:44
المحور: الادب والفن
    


مريم في حالة من العجلة .. تضع ابريق الشاي على النار ، ينتظرها يوم طويل ، تُسرع في مشيتها متعثرةً بالخطى ، لتجلس أمام المرآة لتبدء طقسها اليومي في وضع الميك آب دون كلل ولا ملل ، تبدو في اقصى نشاطها ، وحيويتها .. يداها تتحركان برشاقة ، وهي تدندن بلحن خفيف لفيروز .. يمر الوقت الثمين ، وهي في عالم المكياج ناسيةً نفسها على الآخر .. يكاد الشاي ان يحترق .. تسرع الى تدارك الامر في اللحظات الاخيرة .. يناديها زوجها من الحمام يطلب منها ان تناوله المنشفة .. تخرج ، وهي تدمدم .. لماذا لم تدخلها معك حبيبي من البداية ؟
يخرج الزوج من الحمام ، يرتدي ملابسه على عجل ويَجهزْ للفطور ، ينتظر ، ومريم لا تزال في الميك آب ، يفقد الزوج صبره ، يباغتها : ينظر اليها كما كل يوم بعين ونص ثم يعلق ساخراً : الله الله ما هذا الجمال .. يُكمل : الستارة ستفتح بعد خمس دقائق يا ست ، والجمهور بالانتظار .. الم تسمعي صفير الجمهور الذي ينتظر على احر من الجمر … ! انتِ ذاهبة الى الدائرة ام الى المسرح ، تنهض مريم بهدوء اعصاب ، وتمر من امامه ، وهي تقوم بحركة اغراء مصطنعة .. حبيبي الا تمل من هذا الموشح ، الا تراه اصبح .. بايخ ؟ يذكّرها بالوقت ، وزحمة المرور في الطريق .. يتناول الاثنان الفطور على عجل ، والزوج لا يكف عن تفحص زوجته ، وتوجيه الانتقادات اللاذعة ، رامياً اياها بالمبالغة في المكياج ، وخرق الاحتشام في لبسها حسب وجهة نظره ، رغم انها ترى نفسها محتشمة قياساً بزميلاتها اللواتي يرتدين تنورات فوق الركبة !
يخرج الاثنان .. تهب عليهم نسمة صباحية باردة لكنها منعشة ، يستقلان السيارة .. تمتد يد مريم الى المذياع ، وتفتحه .. ينطلق صوت فيروز في اغانيها الصباحية المنعشة ، ومريم تردد معها ، والزوج يغلي .. تبادره مبتسمة : لا شئ حبيبي كألهم يمتص من السعادة رحيقها الشهي ، يتجاهل حكمتها هذه ، ويعتبرها بايخة .. يلقي نظرات من تحت لفوق على تنورتها التي تحركت ، وكشفت عن مساحة غير مسموح بها من سيقانها الجميلة ، ينبهها .. تسحبها الى الاسفل ، وهي تبرطم قائلةً : بالمناسبة : ثوب الواعظ لا يناسبك بتاتا .. يرد عليها : ولا ثوب المتفائلة ، والمرحة اكثر من المعقول يليق عليك كثيراً ..
تصرخ فجأةً .. المفتاح نسيت مفتاح الدولاب .. يوقف السيارة ، ويمد كلتا يدية في حركة مسرحية ، وكأنه يريد خنقها .. لم تنسين الاحمر والاخضر والروج والكحلة لكن المفتاح تنسينه كل يوم .. والوقت خاتون .. الوقت ، ستتسببين بفصلي .. تصمت مريم ، وتضم راسها في الرمال فهي المخطئة هذه المرة !
يوصلها الى عملها ، وينطلق بسرعة الى عمله .. بعد سويعات يتلقى منها اتصالاً تخبره فيه ان دائرتها تقيم اليوم حفلا وداعياً في احد الفنادق لمديرهم الذي انتهت خدمته ، واحيل على التقاعد ، وتطلب منه ان يضع ذلك في حسابه لانهم من المعزومين .. يتأفف فهو لا يحب الحفلات ، ومجاملاتها السخيفة ، والنفاق ، ودلع الموظفات ، ولكن ما العمل ، وقد صدر امر لا يقبل المناقشة ؟!
يعودون الى البيت بعد انتهاء الدوام .. تُسرع في اعداد الطعام ، يتناولون غدائهم على عجل ، لان مريم تريد استثمار الوقت لتهيئة نفسها للحفل ، فهي تحتاج وقتاً طويلاً ، كان واضحا ان ذهن زوجها في مكان آخر .. بمجرد ما استلقى الاثنان على الفراش لاخذ شئ من الراحة .. حتى تسللت يده كافعى تتلمس طريقها الى الاماكن الخفية في جسدها ، تقفز مريم كأن عقرباً لسعها ، وهي تعلن استنكارها : اياك ان تلمسني ! ليس هذا وقتها حبيبي ، اجلها الى ما بعد الحفلة .. ارجوك ، يسحب يده مكرهاً ومتململاً ، مزدرداً شهوته على مضض ، وهو يلعن الحفلة ، وابو الحفلة !
تنهض وتقف امام خزان الملابس المشرع على الآخر ، تُخرج اول بدلة ترفعها الى الاعلى ، وهي تتفحصها بنظرات خبيرة ، تمط شفتيها ، وتعيدها .. زوجها يراقبها مستمتعاً ، وهو يلتهمها بعينيه مسددا نظراته الى جسدها شبه العاري ، تُخرج الثانية ترتديها تستعرض نفسها امام المرآة .. تستدير ، وهي ملتفتة تحاول ان تنظر الى خلفيتها ، تخلعها غير مقتنعة ، يتأفف الزوج ، تُخرج الاخرى ترتديها ، تسأل زوجها عن رأيه ، فتذوب على لسانه كلمات المديح ، والغزل ، والنفاق كقطع الحلوى : كل شئ عليك حلو حبيبتي ما شاء الله عليكِ ، لا تقتنع بكلامه فهي تعرفه منافق ، ومصلحي .. تخلعها ، تبدو في غاية الاثارة ، وهي في ملابسها الداخلية ، تلسعه الرغبة ، تنتفض كل اعضائه المتحفزة دوماً ، تغلي مراجله ، وتتصاعد كما يتصاعد الزئبق الى الترمومتر ، ثم يهجم عليها كوحش جائع على فريسته ، فيسحبها الى الفراش ، وهي تدمدم ، وتعترض ، وتتظاهر بغضب لا أساس له ، لمسة منه كانت كافية لتذيب كل مقاومة .. ينسون الحفلة ، ومديرها المتقاعد ، ويتفجر داخلهم عنفوان الرغبة المكبوتة !
يخرجون الى الحفلة الموعودة ، تمازحه : استنفذت حصتك لهذا اليوم حبيبي ، ارجو ان لا تطالب بالمزيد هذا المساء ، ثم : بالمناسبة ألا تشبع ابدا ، يجيبها ساخراً : من ذا الابله الذي يشبع من الجنة ، ويرفض قصر السلطان ، وتاجه .. كما يقولون ؟ ويلي منكْ .. !
يبدء المطر يهطل في رذاذ خفيف كأنه يريد ان يغسل وجه المدينة المغبر ، فتتساقط حبات المطر معفّرة بالتراب ، فيتحول لونها الى داكن ، يُشغِّل الزوج المسّاحات ، ينطلقون بهدوء ، يصلون الى الفندق ، يجرون هربا من المطر ، يقفون لاهثين امام بابه .. يبدو من الطراز الانجليزي القديم ، سرت في المكان برودة المساء ! تدفع به الى الداخل هرباً من البرد …
امتلأ المكان بحرارة الانفاس ، اشتعلت الحركة في الصالة ، تعالت اصوات الثرثرة ، والقهقهات المصطنعة ، وتبادل الابتسامات المنافقة ، والسامة خاصة اذا كانت مصوبه الى هدف نسائي من وغد محترف ، كان الزوج غارقا في صمته .. تاركاً لزوجته حرية الحركة ، والانعتاق من سطوته .. نسوة واقفات على شكل نصف دائرة ، وجوه زائفة تختبئ تحت ستار كثيف من المكياج الرخيص .. زوجته واحدة منهن ، يثرثرن ثرثرة الضفادع الفارغة ، تسمع حفيف الثياب التي يبدو بعضها لشخص مثل الزوج متهتكة.. ارتفعت اصوات فتح سدادات المياه الغازية ، واخذ الاطفال يصيحون ، وهم يتراكضون بين المناضد ، ويتمازحون رغم حظر دخول الاطفال .. ترى الازواج يبدون كالقطط الاليفة بصحبة زوجاتهم ، اشترك في الحديث مع البعض منهم بداعي المجاملة بنصف عقل .. يقف المدير رافلاً في بدلة جديدة آية في الاناقة ، بلحيته الصغيرة المضحكة ، وابتسامته الباردة ، كقائد منتصر يراقب فلول الاعداء ، ولا كأنه قد تقاعد ، وانتهى امره ، يتضايق الزوج ، وهو يداري ضجرا بدء يزحف ، ويشعر بانه عاجز عن التنفس لكثافة دخان السجائر ، وتلاطم الانفاس .. تتفقده زوجته من وقت لآخر ، وتطمئنه بأنه لم يبق على النهاية الا القليل ، ثم تُلقي احدى الآنسات الجميلات كلمة بالمناسبة ، يُعجب الزوج بجمالها ورشاقتها ، يُحدّق فيها متفحصا حتى انتهاء كلمتها دون ان ترسخ في ذهنه كلمة واحدة مما قالت .. بقيت ذبذبات صوتها الرقيق عالقة في ذهنه ! تتنازعه العواطف ، واضح ان عاصفة عاتية من نوع ما قد اجتاحته .. يا للرجال !
يُقدَّم العشاء على شكل بوفيه مفتوح ، يهرع الكل مثل الذئاب الجائعة الى الاكل ، ثم لا تسمع الا اصوات المضغ ، والهمهمات الغير مفهومة ، والصادرة من افواه ممتلئة بالطعام ، يلتهمونه دون ان يمضغوه جيداً ، تتزاحم الايدي على الاطباق الشهية ، تتصادم الاطباق الفارغة ، والممتلئة ، وتُنثر النكات ، والتعليقات البايخة بسخاء .. ثم وزع القائمون على الحفل الهدايا على المدير اولا ، تبعه بعض الهدايا الرمزية لبعض الموظفين ، والموظفات ، وكانت زوجته من ضمنهم ، وكان مسك الختام مصافحة جماعية للمدير !
يعودون الى البيت ، وقد شارفت الساعة على الحادية عشرة ، يجلسون امام التلفزيون قليلاً ، سرعان ما يتسلل التعب ، والنعاس الى اجفانهم ، تنظر مريم الى من امامها بعينين يوشك ان يلتقي جفناهما ، وكأنها قد استوت تماما من الإجهاد ، فتسارع الى الفراش لتنام .. استعدادا لاستقبال يوم جديد ، يحاول الزوج الشره ان يبعث فيها شيئاً من النشاط ، لاخذ حصته المسائية ، تحتج هذه المرة بحدة على طمعه ، وتذكّره بأنه قد اخذ نصيبه كاملاً .. يستسلم الاثنان مرهقين لنوم عميق .. ثملين بدفء الاحلام ، وطراوتها … وغداً يوم آخر !!



#جلال_الاسدي (هاشتاغ)       Jalal_Al_asady#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللحظات الاخيرة قبل الرحيل … ! ( قصة قصيرة )
- زوج خائن ، و مخادع … ! ( قصة قصيرة )
- أستاذ علي … ؟ ( قصة قصيرة )
- ألارتماء في أحضان ألموت … ! ( قصة قصيرة )
- زواج مشروط … ! ( قصة قصيرة )
- لقاء عابر … ! ( قصة قصيرة )
- ألا ما أفضع ألخيانة … ! ( قصة قصيرة )
- ذكرى من الحرب لا تريد ان تموت … ! ( قصة قصيرة )
- وللقدر كلمةٌ أُخرى … ! ( قصة قصيرة )
- ألم ألألم … ! ( قصة قصيرة )
- علماني … ولكن ! ( قصة قصيرة )
- إستعادة الحب من مخالب الكبرياء … ! ( قصة قصيرة )
- دعوني لأحزاني … ! ( قصة قصيرة )
- إمرأة بمئة رجل … ! ( قصة قصيرة )
- زوجة نائمة في العسل … ! ( قصة قصيرة )
- ما وراء الشمس … ! ( قصة قصيرة )
- من قتل فائزة … ؟ ( قصة قصيرة )
- الظاهرة الترامبية العابرة … !
- انتفاضة تشرين … مخاض أملٍ جديد ! ( قصة قصيرة )
- غرباء في هذا العالم … ! ( قصة قصيرة )


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - يوم … في حياة زوج ، وزوجة ! ( قصة قصيرة )