أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - اللحظات الاخيرة قبل الرحيل … ! ( قصة قصيرة )














المزيد.....

اللحظات الاخيرة قبل الرحيل … ! ( قصة قصيرة )


جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)


الحوار المتمدن-العدد: 6788 - 2021 / 1 / 14 - 10:27
المحور: الادب والفن
    


انها تشعر بمدى قصر عمرها ، وان مرضا خبيثا يلتهم لحظاتها القليلة المتبقية في هذه الدنيا .. لم يعد يربطها بالحياة الا خيط واهن .. رغم محاولات العلاج الكيمياوي ، وغيره الا ان الامر لسبب او لآخر قد خرج عن السيطرة .. ادركت قبل الاطباء ان ايامها اصبحت معدودة ، وانها على حافة الموت ، وهي اليوم في حالة انتظار مرير للموت ، الذي هو اسوء من الموت الف مرة … !
لم تشعر بالمرض ، وهو يتسلل خلسةً الى جسدها الواهن ، وينفث سمومه في انحاء جسدها ، فيلتهم اجزاءً من خلاياه الحية ، ويحولها الى معطوبة .. ويغمر جسدها بآلآم في موجات متعاقبة لا تحتمل .. أي غدر هذا ؟ مرض خبيث ينسل من الخلف ، ويستعمر الجسد دون الم ، كالضبع .. يغدر ، ويحسن الغدر .. لا يواجه ضحاياه كبقية الامراض .. ينهش ايامهم الواحدة بعد الاخرى حتى يرديهم صرعى .. ويل للانسان كم من الاعداء يتربصون به ، يريدون انتزاع هذه الحياة .. هذه العطية .. مستعجلين استردادها … اي احساس بالحزن ، والمرارة هذا … !
كيف يمكن ان نختصر سنوات من الحب والحلم والتعب والمرارة في ثلاث حروف مبعثرة .. موت .. نهاية لكل شئ … بقيت تعيش انفاس الحياة الاخيرة وحيدة تداعبها تفاصيل الذكريات الشاحبة التي عبرت افق حياتها القصيرة حتى ولو كانت تافهه .. فهي لم تتخطى الاربعين بعد .. كأنها تجري مراجعة متأخرة ، وسريعة لحياتها ، او تحاول ان تجد عزاءً في الحلو منها يعينها على تحمل اللحظات الاخيرة قبل الغياب الابدي !
اجهشت في البكاء ، وهي تتذكر ايامها مع زوجها ، وحبيبها الذي مد الموت اصابعه ، واختطفه من أحضانها ، وادمى قلبها .. وسبقها الى العالم الآخر صريعا ضحية من ضحايا الارهاب .. كم شعرت بالالم ، والحسرة على اعمارٍ ذهبت بلا ثمن .. بقيت مع ابنتها الوحيدة تصارع الحياة ، وتشق طريقها بشجاعة نادرة .. لا حياة لها الا ابنتها الغالية ، ذكرى ذاك الغالي الذي غادر مبكراً .. لكن الذي يؤلمها الان انها لم توصل ، وحيدتها المسكينة الى بر الامان ، فهي لا تزال صبية صغيرة لا تدرك من الحياة شيئاً .. مهما اشتد عليها الم المرض لا يساوي شيئاً امام عذابها ، وهي تتصور ابنتها ، وحيدة في هذه الدنيا القاسية التي لا ترحم !
تتذكر اليوم الذي جاءوا به بنعي زوجها ، شعرت حينها ، وكأن نصفها قد مات معه ، وكم بكت ، وهي تضع مع كل دمعة شيئاً من حزنها ، والمها .. كانت اياماً ، وكأن الزمن لا يمر فيها .. وكم تعذبت ، وهي تنظر الى ابنتهما ، مرعوبة من كم الخوف فوق التصور من المستقبل المجهول الذي يتربص بهما .. كيف .. واليوم ستترك هذه البنت التعيسة الحظ لوحدها في هذه الدنيا .. تدرك مهما احتضنها اخوالها ، واهتموا بها فلن يعوضوها عن دفء ، وحب ، وحنان الام ، والاب … ! انها تؤمن بان الموت حقيقة مخيفة علينا مواجهتها يوما ما .. لحظةً ما .. مهما طال ، او تأخر هذا اليوم ، او تلك اللحظة ، فهما قادمان قادمان لا محالة … !
كثيرا ما كانت تسمع الناس يتكلمون عن الموت ، والكل كان يفضله مفاجئاً على ان تتسرب الحياة لحظة بعد لحظة مع الالم ، والوجع ! واليوم كم تشعر بهذه الحاجة الى ان ينتهي الامر ، وترتاح ! هل يمكن للانسان ان يسابق الزمن المحتوم ، ويختار الميتة التي يريد ؟!
يدخل عليها شقيقها .. تطفر دمعة من عينه ، وهو يسألها ان كان هناك شئ تريده .. لم تعد قادرة حتى على البكاء .. كانت عاجزة حتى عن التأوه .. تشعر بالخوف الشديد ، وهي ترى شقيقها يجهش باكياً .. كأنها تناجيه بنظراتها التي تكاد ان تنطفئ فتقول : قل لي ، يا اخي ان هذا كابوس .. محض حلم سخيف سوف استيقظ منه .. يسود صمت قاسي على المكان .. تقول في صوت واهن بارد كالقشعريرة ، وهي تحاول ان تؤجل مداهمة الموت قليلاً .. انها تريد ان ترى ابنتها .. يذهب شقيقها ، ويعود بالصبية وهي تبكي .. ليجد ان كل شئ قد انتهى .. يغمض عينيها الاغماضة الابدية .. !
ينطلق في الفضاء صوت قادم من طيور النورس ، وهي تحلق عاليا .. بعيدا عن لحظات الاسى ، والالم .. لترحل بعيداً … !!



#جلال_الاسدي (هاشتاغ)       Jalal_Al_asady#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زوج خائن ، و مخادع … ! ( قصة قصيرة )
- أستاذ علي … ؟ ( قصة قصيرة )
- ألارتماء في أحضان ألموت … ! ( قصة قصيرة )
- زواج مشروط … ! ( قصة قصيرة )
- لقاء عابر … ! ( قصة قصيرة )
- ألا ما أفضع ألخيانة … ! ( قصة قصيرة )
- ذكرى من الحرب لا تريد ان تموت … ! ( قصة قصيرة )
- وللقدر كلمةٌ أُخرى … ! ( قصة قصيرة )
- ألم ألألم … ! ( قصة قصيرة )
- علماني … ولكن ! ( قصة قصيرة )
- إستعادة الحب من مخالب الكبرياء … ! ( قصة قصيرة )
- دعوني لأحزاني … ! ( قصة قصيرة )
- إمرأة بمئة رجل … ! ( قصة قصيرة )
- زوجة نائمة في العسل … ! ( قصة قصيرة )
- ما وراء الشمس … ! ( قصة قصيرة )
- من قتل فائزة … ؟ ( قصة قصيرة )
- الظاهرة الترامبية العابرة … !
- انتفاضة تشرين … مخاض أملٍ جديد ! ( قصة قصيرة )
- غرباء في هذا العالم … ! ( قصة قصيرة )
- حُلمٌ … مخجِّل ! ( قصة قصيرة )


المزيد.....




- يحقق نجاح كبير قبل عرضه في السينما المصرية .. أيرادات فيلم أ ...
- في جميع أدوار السينما المصرية .. فيلم الشاطر رسميًا يعرض في ...
- لمى الأمين.. المخرجة اللبنانية ترفع صوتها من في وجه العنصرية ...
- وصية المطرب أحمد عامر بحذف أغانيه تدفع فنانين لمحو أعمالهم ع ...
- قانون التوازن المفقود.. قراءة ثقافية في صعود وسقوط الحضارة ا ...
- وفاة الفنانة الإماراتية رزيقة طارش بعد مسيرة فنية حافلة
- ماذا بعد سماح بن غفير للمستوطنين بالغناء والرقص في الأقصى؟
- فيديوهات وتسجيلات صوتية تكشف تفاصيل صادمة من العالم الخفي لم ...
- مونديال الأندية: هل يصنع بونو -مشاهد سينمائية- مجددا لانتزاع ...
- الشاعرة نداء يونس لـ-القدس-: أن تكون فلسطين ضيف شرف في حدث ث ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - اللحظات الاخيرة قبل الرحيل … ! ( قصة قصيرة )