أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - وللقدر كلمةٌ أُخرى … ! ( قصة قصيرة )















المزيد.....

وللقدر كلمةٌ أُخرى … ! ( قصة قصيرة )


جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)


الحوار المتمدن-العدد: 6780 - 2021 / 1 / 6 - 15:57
المحور: الادب والفن
    


الاخوات .. ساجدة وماجدة من رحم واحد ، لكن ميولهن مختلفة او متناقضة ، فالاولى اي ساجدة تعشق الادب بكل اشكاله ، وتموت فيه ، ونادرا ما تراها تقضي ليلها بدون كتاب تقرأه في الرواية او المسرح او النقد …تعرف الادباء العرب ، والاجانب بأسمائهم الحقيقية ، وليس اسماء الشهرة ، وحتى سيرة حياة كل واحد منهم تقريبا ، وتتابع اخبار الفن الراقي ، والثقافة بالساعة …
اما اختها ماجدة … فلا تستأثر الثقافة باهتمامها ، ولا بأي شئ آخر يتعلق بها ، وبالخصوص الادب فهي لا تطيقه ، ولا تطيق مدمنيه من المعقدين كما تسميهم … اهتمامها اولا واخيرا بالملابس ، والموضة ، وتسريحات الشعر ، والاتيكيت … وغيرها من سطحيات الامور ، ولا تطيق المطالعة ابداً .. فهي تبدي تعجبها ، واستغرابها ممن يقرء ساعات دون ان يغفو بعد دقائق على الكتاب او في احسن الاحوال يصاب بالصداع ، ويتناول حبة او اثنين من الاسبرين …
لكنها في مجال اهتمامها تعرف كل مصممي الازياء العالميين ، وآخر اخبار العروض ، واحدث الافلام السينمائية ، وآخر اخبار النجوم المثيرة ، وحكاياتهم .. حتى ، وهم في السرير ، ومن هو اللقيط فيهم ، ومن هو الابن الشرعي … وساجدة بدورها ايضاً تبدي دائماً تعجبها ، واستنكارها الشديدين لمن يستهلك الوقت الثمين في امور أخرى تسميها بالتافهه بصحبة شئ آخر غير الكتاب …
فكان لكل واحدة منهن حياتها ، ولا دخل للاولى بحياة الثانية ، والعكس صحيح ، والحياة ماشية على هذا القياس المعتدل ، والمنطقي ، والمتوازن ، ولا مشاكل بألمرة … الاسرة سعيدة ، ومنسجمة ، والوالدين رأسهم بارد ، والحياة ما احلاها … لكن هذا الامر لا يعجب بالتاكيد القدر صاحب القرار الفصل في حياتنا ، ولا راد لامره !
هل يوجد مخلوق واحد على سطح هذا الكوكب يستطيع معاندة القدر ، وينفرد بصنع مستقبله بنفسه متحدياً هذا الذي نسميه بالقدر الذي يحشر انفه في الصاعدة ، والنازلة ؟ لا يوجد … من نحن حتى نستطيع صنع مستقبلنا بانفسنا دون ان يخطه لنا القدر ؟ ولا شئ … ! مجرد كتل من اللحم نصفها معدة ، والنصف الاخر اعضاء تناسلية … تمشي على اثنين ، واحياناً على اربع ، والناس معادن !
في طرف آخر من المدينة … الاخوين محمد ، ومحمود ايضا اشقاء من رحم واحد ، ولكن ميولهم ليست واحدة .. فمحمد له نفس ميول ساجدة الادبية ، والثقافية ، وهو نسخة ذكورية متطابقة منها في كل شئ ، وبالذات الاهتمام المشترك بالثقافة بشكل عام ، وبالخصوص منها الادب ، والفن التشكيلي ، والباليه ، وغيرها من الفنون الراقية الاخرى .. أما محمود فلا ميول له الا في السيارات ، وموديلاتها ، وانواعها ، والملابس ، والرقص ، وقصات الشعر للذكور ، وتسريحات الشعر للاناث ……
يعني الامر غاية في البساطة ، ومحلول لاي انسان عنده ذرة عقل ، او حتى خبل ، فيكون التوزيع : محمد مع ساجدة ، ومحمود مع ماجدة ، هكذا يقول العقل ، وهكذا يقول المنطق ، وهو ما نريده ويريده الكل … وينتهي الامر … ماذا عن القدر ولي امرنا ، وصاحب القرار النهائي في حياتنا ، ومسيّرها ، ومنغصها … هل يتفق مع هذا المنطق ام له كلمة أخرى ؟
اكيد له … فهو يتدخل ، ويحشر انفه كعادته دائماً ، ويعكس الاية ، فيكون عنده الصح خطأ ، والخطأ صح … ويكون محمود زوجاً لساجدة ، ومحمد زوجا لماجدة هكذا ببساطة ، وبمنتهى الغباء … اي الثقافة مع اللاثقافة ، واللاثقافة مع الثقافة … هذا ما خطه القدر ، وغادر !
ومن هنا تأتي التعاسة … وتُخلق المشاكل الزوجية من طلاق ، وتشريد للاطفال ، وعنف ، وجرائم ، وخيانة ، وغيرها من المشاكل الاسرية … ليس لقلة المنتوج ، وانما ببساطة لسوء التوزيع ..
تتم الخطبة ، وكما يعرف الكل ان فترة الخطبة هي في حقيقتها فترة التصنع ، والتكلف ، والزيف ، والخداع ، وغياب الصراحة ، والضحك على الذقون ، ولا يمكن التعويل عليها في قياس نجاح او فشل مشروع الزواج المرتقب … فادعت ساجدة على ضرسها حبها للسيارات ، والملابس مجاراةً لخطيبها محمود ، وهذا ما بادلها به محمود من ادعاء حبه الكاذب للادب ، واضاف عليها من عندياته الفلسفة ، والمنطق لزيادة التقارب ، وتكثير المحبة الهشة ، والسريعة الكسر … ساجدة كانت تعرف انه يكذب ، وخطيبها محمود كان يعرف هو الآخر انها تكذب ، وتنسحب هذه التمثيلية على ماجدة ، ومحمد … وهكذا يعيش الكل في كذبة كبرى !
فيتم العرس ، وتقام الافراح ، والليالي الملاح ، ويبدء شهر العسل … وطبيعي لابد ان يأتي اليوم الذي يذوب فيه الثلج ، ويبان المرج … فيقوم الاربعة بسفرة سعيدة مشتركة الى شمال البلاد ، وتبدء اولى ملامح النقار ، والخلاف بين المتناقضات الحادة الاربعة .. فالزيت لا يمكن خلطه مع الماء ، لا يطيق الاول الثاني …
فيبدء محمد بالتململ من زوجته ماجدة التي يصفها بالسطحية ، والعديمة الفهم ، وفي ساعات الغضب ، والشدة بالغباء في اهم ، وامتع شئ في الحياة الا ، وهو الادب .. منشط العقل ، وباني الذوق ، والشخصية ، ومهدم الوهم والخرافة ، ورافض للدجل والخزعبلات والترهات … وينسحب هذا على ساجدة التي ترى في زوجها محمود شخصاً باختصار ، ومن الآخر .. سطحي ، وتافه ، وهذا التشخيص ، والوصف القاسي على ذمة ساجدة ، ولا دخل لنا في الامر … !
الاعتيادي عند كل زوجين ان يجلسوا مع بعض على مقعد واحد في الباص … يتبادلون الاحاديث ، فتنفتح امامهم دنيا جديدة من الاحلام ينسجون منها بخيالهم عالما افتراضيا جميلا لهم ، ولأطفالهم في المستقبل ، ويخططون لقادم الايام والسنين ، وطبيعي ايضا عندما ينتهون من كل هذه الامور العائلية .. يعرّجون على الاهتمامات المشتركة الاخرى فيذوبون في بوتقة واحدة ، ويحلمون نفس الحلم … لم لا وهم من ذوي الاهتمام المشترك ، والرؤية الواحدة …
اما اذا جلس زوجان من مختلفي او متناقضي الاهتمام فلك ان تتصور المشهد … فترى الزوجة تهرب بنظرها الى النافذة ، وهي تتظاهر بمتابعة المناظر الطبيعية ، وغير الطبيعية … حتى ولو كانت غير خلابة ، وقبيحة .. هربا من زوجها الذي يصدع راسها باهتماماته ، واحاديثه السخيفة ، والبعيدة كل البعد عن ميولها ، واهتماماتها … وهذا ما فعله محمود مع ساجدة … ظل يهذي في حديث ممل عن السيارات ، ونوع المكائن في اللومبرديني ، ومن هم ابطال الرالي للعام الماضي ، ومن هو المرشح للفوز هذا العام ، فهو شخصيا يرشح شوماخر ذ جونيور ، ويسألها رأيها ، فتتجاهله ، وتتجاهل سؤاله السخيف ، فهي لا تعرف الاب ، فكيف لها بالابن … !
ماذا تفعل ساجدة زوجة محمود مضطرة ؟
تتحايل ، وتخلق الاعذار ، وتجلس بجانب محمد ، وهي تقول في جذل : هذا مكاني الطبيعي ، وابتسامة الرضا تملأ وجهها ، ويستمرون في حديثهم المعمق عن الادب ، والادباء … مستمتعين بلحظات من نشوة الانسجام ، والتوافق الفكري بالغة الندرة ، والتي تغمر العروق فتعطيها حياة ، وهو ما تفعله شقيقتها ماجدة .. تتسلل بدورها لتجلس مع محمود ، وتعطيه توقعها بفوز شوماخر ذ جونير في الرالي القادم ، ويعم الانسجام ، ويتوازن الميزان ، ويقل النقار بل ينعدم … تنتهي كل الخلافات بالمزيد من القبل المحمومة ، ويعود الزوج الزعلان الى فراشه بجوار زوجته ، وكل شئ يسير باتجاهه الصحيح ، وتعود الامور الى طبيعتها …
هناك اعتلال في الكون سببه الرئيسي سوء توزيع كل شئ في الحياة ، وليس في الزواج فقط … لهذا لا تتوقع ان ينتهي يوما الفقر ، والحرمان ، والظلم ، والعذابات بكل اشكالها … والالم !



#جلال_الاسدي (هاشتاغ)       Jalal_Al_asady#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألم ألألم … ! ( قصة قصيرة )
- علماني … ولكن ! ( قصة قصيرة )
- إستعادة الحب من مخالب الكبرياء … ! ( قصة قصيرة )
- دعوني لأحزاني … ! ( قصة قصيرة )
- إمرأة بمئة رجل … ! ( قصة قصيرة )
- زوجة نائمة في العسل … ! ( قصة قصيرة )
- ما وراء الشمس … ! ( قصة قصيرة )
- من قتل فائزة … ؟ ( قصة قصيرة )
- الظاهرة الترامبية العابرة … !
- انتفاضة تشرين … مخاض أملٍ جديد ! ( قصة قصيرة )
- غرباء في هذا العالم … ! ( قصة قصيرة )
- حُلمٌ … مخجِّل ! ( قصة قصيرة )
- من هنا مرّت فاطمة … ! ( قصة قصيرة )
- القمار ، وعواقبه … ! ( قصة قصيرة )
- التطبيع خيار سلام … ام مشروع فتنة ؟!
- جنون ، وضياع … ! ( قصة قصيرة )
- الشعوب العربية … آخر من يعلم ، وآخر من يهتم !
- المصالحة الفلسطينية … الحلم !
- هل اصبحت الحرب مع ايران قدرا … لا مفر منه ؟
- عودٌ على بدء … !


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - وللقدر كلمةٌ أُخرى … ! ( قصة قصيرة )