أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - جميعهم يقلّدون أبطال الأساطير














المزيد.....

جميعهم يقلّدون أبطال الأساطير


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 6730 - 2020 / 11 / 12 - 09:31
المحور: الادب والفن
    


أنتَ لست كلكامش ، فكلكامش أسطورة خلقها الناس في زمن ما . لا تتمسك الأساطير. اقرأها فقط من أجل المتعة . . . لكنّه لا يستطيع ، يرغب أن يكون كلكامش ، أو أعلى منه قليلاً كي ينال الخلود دون أن يسعى إليه ، وهو جالس على سريره يتقلب يميناً، ويساراً .
الأساطير ، أو الميثلوجيا هي الأدب، أو القصص القادم من التّاريخ ، كل ا الميثولوجيا، القديمة والحديثة تقع على قصص مثل قصة الطوفان ، تختلف في التفاصيل والأوضاع، لكن العبرة واحدة ، فقد أفني قوم عاد وثمود بالريح الصّرصر، ثم أفنى الطوفان أمة يقال أنها عمّرت. وروي أن زيوس الإله اليوناني المعروف قال لهرمز :سوف أرسل على الأرض مطراً عظيمًا، لم يصب الأرض مثله منذ أن استقرَّ الكون على صورته هذه، وإن النوع البشري برمته سوف يفنى من جراء ذلك، فإن ظلمهم يتعبني"
ظلم البشر يتعب اإله فيحضّر لهم إبادة جماعية . ياله من إلّه شرير ذلك الزّيوس .
المشكلة ليست في الأساطير ، بل في عقل حبيبي الذي يصدّق كل شيء خرافي، و ينكر الحقيقة. أقول له دائماً أنت لست زيوس، ولست كلكامش، و أنا لست عشتار، ولا يصدق . سألني من هو كلكامش؟ أجبت بما أجابت به الأسطورة :

"هو الذي رأى كل شيء إلى تخوم الدنيا
هو الذي عرف كل شيء وتضلع بكل شيء
سيد الحكمة الذي تعمق بكلّ شيء. "
أعجب الكلام حبيبي الذي يصدق الخرافة ، فقلت له:
رغم أنّه كان ظالماً ، لكنّك لا تشبهه في شيء. أنت ضعيف مغلوب على أمرك ، تحاول أن تبرز عظمتك .تتبجح بأنّك منذ خلقت، و أنت تمارس العدل .
قلت له مقطعاً من نصّ الأسطورة:
"الآلهة العظيمة خلقت جلجامش كأعجوبة
طوله أحد عشر ذراعا، عرض صدره تسعة أشبار
الشمس وهبته الحسن والجمال
وهدد الشجاعة والإقدام
ثلثاه إله وثلثه الباقي إنسان"
صدّق الكلام، هو لا يجيد قراءة الأدب فقط يبسمل، ويخطئ في البسملة أحياناً . قلت له:
هو يا صديقي إله و إنسان ، و أنت تقول أنّك في مرحلة الإله ، لقد مشى كلكامش طويلاً ، بحث عن الخلود، و أنت تعتقد أنّك خالد :
" مشى جلجامش في الظلام
ظلام دامس وما من شعاع
لا يرى من أمامه ولا من خلفه
اجتاز ثماني ساعات مضاعفة، علا صراخه
ظلام دامس وما من شعاع
لا يرى أمامه ولا من خلفه
اجتاز تسع ساعات مضاعفة فأحس بريح الشمال
ظلام دامس ولا من شعاع
اجتاز عشر ساعات مضاعفة
صار قريبا
بعد أن قطع إحدى عشرة ساعة مضاعفة
وصلت بشائر النور
وبعد أن قطع اثنتي عشرة ساعة مضاعفة عم الضياء"
هذا ما تصفه به الأسطورة ، أراك تقول عن نفسك أنّك نور على نور ، أي أنّك في أي مكان وجدت فيه يوجد النور، بينما نرى الظلمة تعمّ الكون بوجودك .



المشاهد الجميلة التي يشاهدها جلجامش قد توحي بانتهاء الصعاب، وهنا ينتهي مشواره الطويل، وقد آن الأوان لكي يستريح من عناء السفر والترحال، لكن في حقيقة الأمر تم تغير أساليب وأشكال الصعاب ليس أكثر، فهنا نجد تذكير جلجامش بمباهج الحياة وعليه أن يستمتع بها، متخليا عن هدفه المجنون ـ الخلود ـ فيظهر له الإله شمس محدثا:
"جلجامش أين تهيم على وجهك
الحياة التي تنشدها لن تجدها
لم يسلك احد الفانين هذا الطريق
ولن يفعل ما دامت الريح تهب على البحر"
إذا كانت عشتار إلهة الحب قد وقعت في حب جلجامش وعرضت عليه الزواج ولكنه رفض بسبب سوء معاملتها لعشاقها السابقين كالإله تموز. غضبت عشتار و طلبت من أبيها آنو إله السماء بأن يرسل ثوراً مقدساً من السماء لينتقم من جلجامش، فيرسل آنو ثور السماء العظيم المعروف بجوجلانا ويعيث خراباً بأوروك ولكن إنكيدو وجلجامش يتمكنان من قتله.
هي أسطورة- أي خرافة ، لكن عشتار و والدها آلهة و أنا أبي يقف في الدور من أجل ربطة خبز.
كان حبيبي، أو حبيبها عندما كان يحلم بأسرة ، وعائلة، فجأة ارتقى في المناصب ، أراد أن يكون هو الأسطورة ، وهو العظيم، فاق ظلمه ظلم الآلهة فعبده النّاس، وظن أنه خالد لا محالة ، هذا لم يكن حبيبي ، بل حبيبها لتلك العشتار الرخيصة ، المختلفة عن عشتار التي تقتل عشاقها.
في يوم من الأيام يثور الشّعب في أسطورة جديدة على النّذل الذي أذلهم ، و تبدأ أسطورة جديدة عنوانها : نحن خلقنا الأساطير ، وسوف تكون أسطورتنا قادمة.



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين، العلم، والأرهاب
- رسالة إلى السّرطان
- شعار - أمريكا أولاً-يتراجع
- لا تستسلم للحنين
- ظاهرة ترامب مستمرة حتى لو لم يربح
- الانتخابات الأمريكية
- - ليالي الموت في فيينا-
- سفسطة
- ثوب العيد
- الاحتجاج على الإرهاب الإسلامي
- عندما تبحث عن دفاتر عتيقة
- بعد منتصف الليل
- لستُ امرأة عظيمة
- سيرة ذاتية لكلّ امرأة في بلادي
- ععندما يصبح المسؤول ثائراً
- الجانب المظلم من الإنسان
- لن تكون الهمجية أقوى من اإنسانية
- خمسة آلاف عام من الحضارة، لكننا اليوم خلف التّاريخ
- لا فرق بين إدمان التّدخين، و إدمان الكحول
- احذر مخالفة القانون في السويد ، فالسلطة الرابعة تخطو خلفك


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - جميعهم يقلّدون أبطال الأساطير