أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نهاد ابو غوش - المسلمون في أزمة














المزيد.....

المسلمون في أزمة


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 6720 - 2020 / 11 / 1 - 03:18
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


• نهاد أبو غوش
أخطأ الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون في تصريحه أن "الإسلام في أزمة"، فقد دفع ذلك التصريح العناصر الانتهازية والمتسلقة، وصيادي الفرص، والمصطادين في المستنقعات والمياه العكرة إلى الإيحاء أن ماكرون يقصد الإيمان والعقائد الإسلامية، فهذه مسائل تتعلق بقناعات الناس ويصعب البرهنة عليها أو إقناع الجميع بها، ولو تحدث أحدهم فقال أن الإسلام في أزمة مشيرا إلى تعدد وتنافر الاجتهادات الفقهية والتصورات الإيمانية للمذاهب والفرق المختلفة، لأمكن القول بكل سهولة أن المسيحية في أزمة وكذلك البوذية والهندوسية واليهودية وكل الأديان بشكل عام، سواء الأديان الإبراهيمية التي نسميها السماوية، أو الأديان التي هي أقرب لطريقة العيش فضلا عن الأديان الروحانية ومختلف أنواع العبادات، والدليل على ذلك هو تشتت هذه الأديان والمذاهب، وانفضاض معتنقيها عنها، والبون الشاسع بين القيم الروحانية والأخلاقية لهذه الأديان وبين السلوك الفعلي لمعتنقيها من البشر.
أما لو قال ماكرون أو غيره أن "المسلمين في أزمة" لاتفق معظم المسلمين معه، بمن في ذلك مشايخهم ودعاتهم، ولنكتفِ بتعداد المعايير الموضوعية والعلمية التي تؤكد أزمة الشعوب الإسلامية ومنها التخلف الاقتصادي والتبعية، وتراجع جميع مؤشرات التنمية البشرية من معدلات الدخل، ومؤشرات التعليم والصحة، وتدهور الحريات العامة، وارتفاع مستويات البطالة والفقر والأمية وانتشار الأمراض والأوبئة، وشيوع الفساد والاستبداد في معظم الدول المسماة "إسلامية" أو تضم نسبة كبيرة من المسلمين، وكثرة الصراعات الداخلية والحروب الأهلية، وقمع الأقليات القومية والدينية، وأخيرا وليس آخرا تفريخ "الإرهاب" بشكله الدموي والعبثي البعيد عن أي مشروعية وتصديره إلى العالم اجمع.
ومن المشكلات التي يواجهها المسلمون، ويتكرر وقوعها بين وقت وآخر، اقتناع عدد كبير منهم، وبخاصة من قياداتهم ودعاتهم، أن ثمة مؤامرة كونية على الإسلام، يشترك فيها الأميركان والروس، الرأسماليون والشيوعيون، المسيحيون واليهود والهندوس والبوذيون، تتخذ أحيانا تعبيرات رمزية مثل كتاب سلمان رشدي "آيات شيطانية"، أو الرسوم الدنمركية، أو مجلة "شارل ايبيدو"، وأخيرا تصريحات الرئيس الفرنسي. وفي أحيان أخرى تتخذ المؤامرة شكل الحروب مثل حرب الشيشان، وأفغانستان، والروهينجا، ومسلمي الايجور في الصين.
ويجري تضخيم هذه الأحداث والتركيز على البعد الديني بحيث يكون المسلمون هم الضحايا، وإهمال العناصر غير الدينية في القضية، مع إهمال وجود أمثلة معاكسة، مثل اضطهاد المسيحيين في باكستان، والمذابح التي ارتكبت ضدهم في العراق وسوريا، أو انحياز الولايات المتحدة للمجاهدين الأفغان ضد روسيا، ولمسلمي كوسوفو ضد الصرب، وتدخل إسرائيل لمصلحة أذربيجان ضد أرمينيا.
من المؤكد أن قوى اجتماعية وسياسية محلية، القوى المسيطرة وأدواتها في كل بلد، وحتى على مستوى إقليمي، تتخذ من هذه الأحداث ذريعة ووسيلة لحرف اهتمام الناس عن قضاياهم المحلية، وعن القضايا التي يمكن لحراكهم أن يؤثر فيها، وقد باتت هذه وسيلة مجربة لدى هذه القوى المسيطرة لشحن الناس وتوجيه اهتمامهم وغضبهم نحو عدو تتيحه الصدفة مثل شارل ايبيدو، أو سلمان رشدي أو ماكرون، حيث لا يمكن فعل شيء عمليا ضد قائمة الأعداء المفتعلة هذه. في حين كان يمكن لحراك الناس وغضبها أن يؤثر على قضاياها المباشرة والملموسة، وحتى أن يؤثر على قضية التطبيع بين بعض الأنظمة العربية وإسرائيل.
ليس الدين وحده هو الذي يمكن أن يحرف انتباه الناس وطاقة الغضب المخزنة لديها عن مسار التأثير في الأحداث، فقد أمكن لأحداث مشابهة جرى التجييش لها أن فعلت فعلا مماثلا، كمباراة كرة القدم الشهيرة بين مصر والجزائر. لكن الدين يظل أسهل تناولا وأكثر استخداما نظرا لسهولة ذلك، ووجود مؤسسات دينية وأهلية وأحزاب جاهزة للانخراط في العملية، وجمهور جرى تجهيله وصياغة وعيه على فرضية أن ثمة مؤامرة كونية على دينه وإيمانه، كما أن ثمة جيوشا من الرسميين والصحفيين والإعلاميين والمثقفين ومرشحي الانتخابات وانتهازيي الأحزاب، جاهزة للإسهام في المجهود الحربي.
اللافت في حملات التجييش والتحريض التي تنشط لعدة أيام أو أسابيع ثم لا تلبث أن تنطفئ، أنها تتركز في المدن والأوساط الأشد فقرا ومعاناة – ولعل في ذلك دليلا إضافيا على أنها موجهة ومسيّرة- فهي أكثر ما تنتشر في دول مثل بنغلادش وباكستان والدول الأكثر فقرا، والدول التي تعاني من صراعات دينية وطائفية كنيجيريا، بينما لا نكاد نجدها في دول متقدمة صناعيا واقتصاديا مثل ماليزيا، ولا في الدول ذات الدخل العالي مثل الإمارات وقطر والكويت والسعودية، بل لا نجدها في تركيا التي يتزعم رئيسها حملة التجييش والتحريض، ربما لأن القائمين على الاقتصاد التركي لا يجدون في هذه المظاهرات والحراكات سوى مضيعة للوقت.
كل من دفع إلى حملات التحريض ساهم في ترسيخ أزمة المسلمين، وبناء مزيد من جدران وأسوار القطيعة مع العالم. المظاهرات الصاخبة، والأيدي المهددة المتوعدة وبعضها يحمل السيوف والعصي، والحناجر الصارخة الغاضبة المتوعدة، والوجود المرعدة والمتشنجة، وحرق الصور والمجسمات والتهديد بفتح باريس ردا على الإساءات المزعومة للنبي محمد، كلها ساهمت في تقديم خلفية تتناسب مع عمليات قطع الرؤوس، لتثبت أن المسلمين فعلا في أزمة خلقها زعماؤهم وقادتهم ورؤساؤهم الذين ما زالوا يعتاشون على هذه الأزمة ويرفضون نداءات الحداثة والتقدم والتنوير.



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فساد الحكم في إسرائيل
- نتنياهو المعتدل
- هل يمكن للفلسطينيين إعادة بناء أوراق قوتهم
- إعادة إنتاج الهزيمة
- ديبلوماسية الموساد
- ذكريات عن نعيم الطوباسي
- المسيحيون الفلسطينيون والهوية الوطنية
- في الذكرى السادسة لرحيل هشام أبو غوش: خسرنا مناضلا استثنائيا
- مسيرة حزب العمل الإسرائيلي من قمة السلطة إلى الاندثار
- القدس الكبرى الإسرائيلية: مساحات أكثر للضم وفلسطينيون أقل
- المرأة بين قيم الإسلام الخالدة ودين حزب التحرير
- حزب التحرير ينجح في توحيد الرجعيين والظلاميين وقيادتهم
- الفلسطينيون والتصدي لصفقة القرن
- التأسيس لدولة الأبارتهايد يصيغتها الصهيونية
- ماذا يفعل حزب التحرير في فلسطين
- ثغرات في جدار القدس
- أبعد من اعتقال الصحفي جهاد بركات
- حماس بين الإرهاب والشرعية
- ترامب وفلسطين: إعادة دخول المتاهة
- تجار الانقسام


المزيد.....




- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نهاد ابو غوش - المسلمون في أزمة