أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نهاد ابو غوش - إعادة إنتاج الهزيمة














المزيد.....

إعادة إنتاج الهزيمة


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 6717 - 2020 / 10 / 28 - 03:00
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


إعادة انتاج الهزيمة
* نهاد أبو غوش
في حديثنا وتنظيرنا عن النكبة الكبرى أو النكسة، وما تلاهما من تطوّرات يغلب عليها الهزائم، نميل دائما إلى التركيز على الأسباب الخارجية والثانوية، كتآمر الأنظمة العربية، ومؤامرات الاستعمار، وفساد الأسلحة وقلة العتاد، متجاهلين السبب الجوهري الذي مكّن تجمعًا استيطانيًّا طارئًا على هذه البلاد من هزيمة شعب عميق الجذور في هذه الأرض، وفوق ذلك لم يبخل يومًا في تقديم التضحيات.
أيُّ تحليل علمي وموضوعي لأسباب النكبة يكشف أنَّ موازين القوى كانت مختلة بشكل فادح لصالح لمشروع الصهيوني؛ لأنَّ مجتمعًا استيطانيًّا مسلحًا بالحداثة بكلِّ ما تشمله من أدوات ووسائل مادية وعسكرية ونظم إدارية وتنظيمات اجتماعية، واجه مجتمعًا متخلفًا محكومًا بأنظمة بدائية، وموروثات اجتماعية وثقافية وسياسية، تنتمي للقرون الوسطى.
التخلّف ليس عيبًا أخلاقيًّا؛ لكي نخفيه أو نخجل من إبرازه وتحليله، فهو نتاج قرون من الاستبداد العثماني، وعقود قليلة، ولكنها قاسية جدًّا وحاسمة من الاستعمار البريطاني الذي كان راعيًا وحاضنًا للمشروع الكولونيالي.
في بداية مشروعهم لم يكن يهود الدول العربية من ضمن مخططات الصهاينة الذين جاء قادتهم وجمهورهم الرئيسي من وسط أوروبا وغربها، وحملوا معهم ثقافة أوروبا وقيمها، بما في ذلك التنظيم الدقيق، والتخطيط، والتعددية السياسية، والاهتمام بالعلم والبحث العلمي، وقيم الديمقراطية والمحاسبة ضمن المجتمع الصهيوني. لقد أسسوا الجامعة العبرية، ومعهد وايزمن للعلوم، ومعهد التقنية الحديثة (التخنيون) واتحاد نقابات العمال (الهستدروت) ، وشبكة الضمان الصحي المعروفة بصندوق المرضى (كوبات حوليم) وما يرتبط بها من مشاف ومراكز للرعاية الصحية، وكذلك الأحزاب وحركات الشبيبة والنساء، وشركات النقل العام، والصحف وصناعة الماس فضلا عن الصناعات الخفيفة الأخرى، وأدخلوا التقنيات الحديثة للزراعة، ، ونواة الجيش الحديث قبل سنوات طويلة من إعلان الدولة / النكبة.
في المقابل، تميزت قيادة الشعب الفلسطيني بطابعها الإقطاعي الديني التي كانت تضيق ذرعًا بمعارضيها ومنتقديها، فتوحي بأن شرعيتها السياسية مستمدة من وظيفتها الدينية لكي تخرس المعارضين، والثوار الأكثر جذرية وتقدما، وتعتمد على الولاءات العائلية والعشائرية، ولا تثق بقدرات شعبها وضرورات تنظيمه وتسليحه. وكان رهانها الأساسي معلَّقًا على إمكانية استرضاء بريطانيا وغيرها من الدول الاستعمارية. وكانت الأمية متفشية على نطاق واسع وخاصة في الريف، وهذا نشأ عن نظام ملكية الأرض الذي حرم نسبة كبيرة جدًّا من الفلاحين من أيِّ ملكية، وأبقاها حكرًا على السادة الإقطاعيين من فلسطينيين وغيرهم بموجب نظام الامتيازات العثماني. ما جعل قطاعات عريضة من الفلاحين تعيش على حد الكفاف، ولا تتوفر لها أي إمكانية لتعليم فضلا عن النشاط السياسي والاجتماعي.
بفعل النكبة، انهارت القيادة التقليدية للشعب الفلسطيني فانكفأت على نفسها والتحق بعضها بركب الأنظمة العربية، وسببت النكبة صدمة عنيفة للوعي والثقافة الموروثة ما أنتج بالمحصلة وعيًا وثقافة جديدين مهدا لانطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة، التي انتشلت الشعب الفلسطيني من هاوية الشطب والتبديد، ولكنها وعلى الرغم من كلِّ تضحياتها وإنجازاتها لم تحمل معها عناصر التثوير والتغيير الجذري لثقافة المجتمع وقيمه.
وكما يحصل الآن على امتداد الدول العربية، أدى فشل وتعثر مشروع الدولة العربية الحديثة، وفشل التنمية ومشاريع النهضة، وانتشار القمع والاستبداد ومصادرة الحريات العامة إلى تراجع الهوية الوطنية والقومية للشعوب العربية، وانبعاث الهويات الجزئية الطائفية والمذهبية والقبلية والعرقية، وارتداد هذه المجتمعات إلى عهود ما قبل الاستقلال.
أمّا في فلسطين، وإزاء تعثر المشروع الوطني وتعقيداته، فإنَّ الخطر يبقى قائمًا لانحسار الهوية الوطنية، والارتداد إلى هويات جزئية محلية وعشائرية وجهوية. وثمة شواهد كثيرة تنذر بذلك من بينها ضعف ثقة الجماهير بالنظام السياسي بكلِّ مكوناته، وغياب ثقافة المواطنة، وتراجع قيم الشفافية والمساءلة، وانتكاس الحياة الديمقراطية والحريات العامة، وانتشار المحسوبيات والواسطة والفساد بمختلف أشكاله، وانتشار مظاهر الفهلوة والتنفيع والزبائنية، فضلاً عن تدنّي الاهتمام بالمشاركة في الحياة العامة والسياسية، بما في ذلك تراجع مشاركة المرأة والشباب، ولعلّ طبيعة الانتخابات المحلية الأخيرة مثال واضح على ذلك.
يمكن لنا أن نسرد عشرات الأمثلة على أنَّ ما يجري هو إعادة إنتاج للتخلف الذي كان مسؤولاً عن هزائمنا، وهو ما يعني المساهمة في إعادة إنتاج الهزيمة.



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديبلوماسية الموساد
- ذكريات عن نعيم الطوباسي
- المسيحيون الفلسطينيون والهوية الوطنية
- في الذكرى السادسة لرحيل هشام أبو غوش: خسرنا مناضلا استثنائيا
- مسيرة حزب العمل الإسرائيلي من قمة السلطة إلى الاندثار
- القدس الكبرى الإسرائيلية: مساحات أكثر للضم وفلسطينيون أقل
- المرأة بين قيم الإسلام الخالدة ودين حزب التحرير
- حزب التحرير ينجح في توحيد الرجعيين والظلاميين وقيادتهم
- الفلسطينيون والتصدي لصفقة القرن
- التأسيس لدولة الأبارتهايد يصيغتها الصهيونية
- ماذا يفعل حزب التحرير في فلسطين
- ثغرات في جدار القدس
- أبعد من اعتقال الصحفي جهاد بركات
- حماس بين الإرهاب والشرعية
- ترامب وفلسطين: إعادة دخول المتاهة
- تجار الانقسام


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نهاد ابو غوش - إعادة إنتاج الهزيمة