أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نهاد ابو غوش - المسيحيون الفلسطينيون والهوية الوطنية














المزيد.....

المسيحيون الفلسطينيون والهوية الوطنية


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 6710 - 2020 / 10 / 21 - 09:36
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


تتردد بين الفينة والأخرى تحذيرات عن المخاطر التي تحيط بالوجود المسيحي في الشرق، وهي تحذيرات لها ما يبررها بعد ما تعرض له المسيحيون في العراق وسوريا، وسلسلة التفجيرات الدموية للكنائس في مصر والتي سبقها وصاحبها رواج خطاب الفتنة والتكفير، واستمرار النظر إلى المسيحيين كأهل ذمة، ورعايا منقوصي الحقوق، وفشل كل الدول العربية بلا استثناء في بناء دولة المواطَنة القائمة على المساواة التامة بين المواطنين الأحرار في الحقوق والواجبات، بصرف النظر عن الدين والعرق والقومية والجنس.
نشير إلى أن دولة جارة وقريبة هي تركيا، شهدت خلال العقد الثاني من القرن العشرين فقط، تراجع نسبة المسيحيين فيها من حوالي 30% من إجمالي السكان إلى ما دون الواحد في المئة، وذلك على أثر مذابح الإبادة التي تعرض لها الأرمن والسريان والأشوريون، وحملات التطهير العرقي وتبادل السكان التي شملت اليونانيين سواء البنط على سواحل البحر الأسود، أو الاغريق غرب الأناضول.

ماذا بالنسبة لفلسطين، مهد المسيح؟ وهل من خطر يتهدد الوجود المسيحي في بلادنا؟ غالبا ما تتم الإجابة على هذا السؤال باللجوء إلى الإنشاء وحيل البلاغة والكلام العاطفي عن الوحدة الوطنية، والتذكير بعدد من رواد الحركة الوطنية والمثقفين والمبدعين والسياسيين المسيحيين، أو تحميل الاحتلال مسؤولية النزيف المستمر في أعداد ونسبة المسيحيين بين الفلسطينيين الباقين في وطنهم. لكن ذلك لا يكفي لتفسير ولا لتبرير أن نسبة المسيحيين في فلسطين تراجعت من نحو 20 في المئة من إجمالي الفلسطينيين قبل النكبة، إلى ما دون 2% في الأراضي المحتلة عام 1967، في حين تصل نسبة المسيحيين في الأراضي المحتلة عام 1948 إلى نحو 10% من تعداد الفلسطينيين العرب، و2% من إجمالي سكان دولة إسرائيل.
يتحمل الاحتلال بلا شك المسؤولية الكبرى عن الظروف المأسوية التي فرضت على جميع أبناء الشعب الفلسطيني بمسيحييه ومسلميه، وهذه الظروف تدفع قطاعات بأسرها للتفكير بالهجرة، ولعل أسبابا ثقافية وديموغرافية تجعل فرصة هجرة المسيحيين وإمكانية اندماجهم في المجتمعات التي يهاجرون إليها أسهل من المسلمين، وللتدليل على ذلك نشير إلى أن الغالبية الساحقة من الجاليات الفلسطينية في أميركا اللاتينية، تشيلي على وجه الخصوص، هم فلسطينيون مسيحيون.

إذن التحذيرات والمخاطر جدية وحقيقية، وهي لا ترتبط بداعش والتنظيمات الإرهابية وجرائمها فقط، بل بالثقافة الداعشية وشيوع بيئة طاردة وغير مشجعة، حيث لا زلنا نسمع حتى اليوم من يلقي دروسا في المساجد ويدعو إلى فرض الجزية على المسيحيين متجاهلا المحتلّين والمستوطنين، ونسمع كذلك من يفتي بحرمة تهنئة المسيحيين بأعيادهم، أو يستكثر قيام السلطة بتحصين عدد من مواقع البلديات والمجلس التشريعي للمسيحيين.

خطورة النزيف المسيحي لا تقتصر على مجال الحقوق والواجبات وثقافة التسامح التي نصبو إليها، بل تتعداها إلى المساس بالهوية الوطنية الفلسطينية، فهذه الهوية منذ نشأتها هي هوية تعددية تزدان بكل مكونات المجتمع الفلسطيني وألوانه وأطيافه، وهي نقيض الهوية الأحادية الإقصائية العنصرية التي حملها المشروع الصهيوني، هويتنا الفلسطينية تشبه الثوب الفلسطيني الزاهي المطرّز وعلمنا الرباعي الألوان، ولا تشبه علم داعش ولا "شادور" طالبان.
رحم الله الرئيس الراحل ياسر عرفات، حين استفزّه مشروع اسرائيلي- أميركي لاقتطاع حي الأرمن في البلدة القديمة في القدس وضمّه للحي اليهودي، فرد قائلا "أنا ياسر عرفاتيان"، وكان دائما واعيا لأهمية الصورة التعددية للهوية، وحريصا على تمثيلها في المؤسسة الشرعية الفلسطينية بما يشمل الطائفة السامرية واليهود المعادين للصهيونية وخاصة جماعة (ناطوري كارتا) إلى جانب المسلمين والمسيحيين، والقضية تتطلب بالضرورة نقاشا صريحا ومفتوحا وعلى أعلى درجات المسؤولية، لتشخيص المشكلة، وإيجاد الحلول، ووقف النزيف، وحماية الوجود المسيحي التاريخي في فلسطين.



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الذكرى السادسة لرحيل هشام أبو غوش: خسرنا مناضلا استثنائيا
- مسيرة حزب العمل الإسرائيلي من قمة السلطة إلى الاندثار
- القدس الكبرى الإسرائيلية: مساحات أكثر للضم وفلسطينيون أقل
- المرأة بين قيم الإسلام الخالدة ودين حزب التحرير
- حزب التحرير ينجح في توحيد الرجعيين والظلاميين وقيادتهم
- الفلسطينيون والتصدي لصفقة القرن
- التأسيس لدولة الأبارتهايد يصيغتها الصهيونية
- ماذا يفعل حزب التحرير في فلسطين
- ثغرات في جدار القدس
- أبعد من اعتقال الصحفي جهاد بركات
- حماس بين الإرهاب والشرعية
- ترامب وفلسطين: إعادة دخول المتاهة
- تجار الانقسام


المزيد.....




- أحمد الطيبي: حياة الأسير مروان البرغوثي في خطر..(فيديو)
- خلل -كارثي- في بنك تجاري سمح للعملاء بسحب ملايين الدولارات ع ...
- الزعيم الكوري الشمالي يشرف على مناورات مدفعية بالتزامن مع زي ...
- الاحتلال يقتحم مناطق في نابلس والخليل وقلقيلية وبيت لحم
- مقتل 20 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة
- بالصور: زعيم كوريا الشمالية يشرف على مناورات -سلاح الإبادة- ...
- ترامب يفشل في إيداع سند كفالة بـ464 مليون دولار في قضية تضخي ...
- سوريا: هجوم إسرائيلي جوي على نقاط عسكرية بريف دمشق
- الجيش الأميركي يعلن تدمير صواريخ ومسيرات تابعة للحوثيين
- مسلسل يثير غضب الشارع الكويتي.. وبيان رسمي من وزارة الإعلام ...


المزيد.....

- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد
- تشظي الهوية السورية بين ثالوث الاستبداد والفساد والعنف الهمج ... / محمد شيخ أحمد
- في المنفى، وفي الوطن والعالم، والكتابة / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نهاد ابو غوش - المسيحيون الفلسطينيون والهوية الوطنية