أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - الكسب والخسارة في غزوة السفارة ح1















المزيد.....

الكسب والخسارة في غزوة السفارة ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6453 - 2020 / 1 / 2 - 02:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الكسب والخسارة في غزوة السفارة


لا شك أن الواقع العراقي سياسيا منذ أن عرف الكيان العراقي الجديد نفسه ككيان مستجد له ملامحه الخاصة ونظرته السايكلوأجتماعية كأحد الأنظمة المولدة من إزدواجية تناقضية، عمقها الميل العنفي السلطوي العثماني وجديده البرتوكول السياسي البريطاني، وهو يعاني من ظاهرة تشظي سلوكي في وعيه وطريقة تعامله مع الأخر المختلف والمؤتلف والحيادي، بمعنى أن الشخصية السياسية أو التي تتقمص الدور السياسي في لعبة الدول والحكم والسلطة لم يجدد خياراته ولم ينفتح على مفاهيم وأصول السياسة غير ما عرف من تراث قاسي ومتسلط تراكم في وعيه الداخلي، وخبث وأنانية المكر البريطاني المستند على جذور النظرية الأنكلوسكسونية وأيضا بعمقها التأريخي.
الشعوب من عادتها أن تتطور وتستفيد من كل المعارف والعلوم والقدرات العقلية وتلائمها مع واقعها ليس السياسي فحسب بل ليمتد إلى جذور الشخصية الوطنية ذاتها، هذا التطور والأستفادة دائما ما كان نتيجة تحولات وهزات أجتماعية نجحت في تغيير مهم في القناعات وتغير في صقل المفاهيم، وبعدها تتفاعل مع المعطيات والأسباب والمقدمات والنتائج، ليخرج علينا النخبة الفكرية بما يشبه الزبدة من كل ذلك أما نظريات أو رؤى تتفاعل مع المجتمع وتعيد كل الأبجديات المعرفية والسلوكية إلى عالم التحديث والتطور.
إلى هنا الكلام نظري قد يكون صائبا ومفيدا وقد يكون مجرد قراءة شخصية، ولكن من خلال متابعة تاريخية للعنف السياسي العراقي وأساليب المخادعة التي مارستها السلطة السياسية والفكرية المتنفذة نجد أن السمتين هما الأبرز في تاريخ السياسة العراقية، لها من يبرر ولها من ينظر ولها شواخص سيكولوجية متينة داخل النفس والتوجه السياسي العراقي بصورة عامة، أبتدأ من سلسلة الانقلابات المستمرة والعصيان العسكري وتمرد بعض القوى وخروجها عن قانون السلطة وما رافق كل ذلك من تثقيف ودعوة لتأصيل الحدث وجعلها جزء من الذاكرة والشخصية العراقية السياسية، فمثلا بعد أحداث ثورة مايس عام 1941 وما تلاها وأعقبها من واقع سياسي عنفي يبين أن المؤسسة السياسية العسكرية وبرغم من مرور عقدين من الزمان على أنها الأحتلال العثماني للعراق ما زالت الثقافة السياسية والتعامل مع الخصوم هو ذات المنهج وبذات القساوة، على الرغم من أن طابع الحكم كان بريطانيا يعتمد قوة القانون وروح الديمقراطية وهو ما يتنافى مع الدموية العنفية التي رافقت الحدث السياسي.
تأصلت روح الأنتقام بين الخصوم السياسيين غذتها بعض الأيديولوجيات الفكرية وجذرت من وجودها التزاحم على السلطة من خلال ما عرف بالمؤامرات وحكاية الدسائس ونصب الشراك بعضهم لبعض، معتمدين على سياسة الدهاء والعمل المخابراتي البريطاني وما عرف عن الساسة والمنهج البريطاني من العمل الخفي وأقتناص أخطاء الأخرين والبناء عليها أما للأستفادة منها كأحد وسائل الأبتزاز لحين نفاذ قابليتها على ذلك، أو لأقصائها بدون خسائر ولا مسئوليات مباشرة، السلوك الانكليزي عندما يريد أن يواجه الخصم إن كان مؤثرا يقدمه للقانون محملا بأدلة دامغة، ولكنه حين لا يملك الدليل يلجأ إلى الطرق الأخرى للتصفية السياسية.
بعد أحداث تموز عام 1958 وما قيل عنها وفيها بدأت دورة العنف تأخذ أبعادا قاسية، ونزلت من دائرة الساسة الكبار إلى الشارع لتجيشه على واقع فوضوي يأكل بعضه البعض، ونتذكر جيدا ما حدث للعائلة المالكة من نهاية مفزعة وموجعة كان يمكن تلافيها بالطرق السلمية وحسب القانون، وفتح صفحة جديدة في الواقع السياسي العراقي عنوانه حقوق الإنسان والعدالة والبناء الاجتماعي السليم، طالما أن القائمون على الحدث عنونوا حركتهم باسم الثورة على واقع فاسد، فجاؤوا بالأفسد منه وهو مبدأ القتل الجماعي المنظم، الظاهر أن لعنة الأنتقام والقسوة المفرطة التي ورثناها عن أل عثمان والعصر العصملي كانت تأخذ مدى أوسع كلما كان العقل الجمعي مغيبا ومعيبا، لذا فأحداث ما بعد تموز 1958 ولغاية التاسع من نيسان 2003، جسدت بكل وضوح أن العقلية السياسية العراقية عقلية أنتقامية لا تتقيد بقانون ولا بأخلاق.
قد يكون من أهم الأسباب التي يمكن إلقاء اللوم عليها في هذا الواقع أن الحداثة السياسية والفكر السياسي المتطور وغياب سطوة القانون والديمقراطية والطبيعة القبلية لغالب وجوه السلطة، وخاصة عندما تأسست الملكية العراقية برأس بدوي يمثل قيم وتقاليد لا تتناسب مع قيم عصر التحضر والتخلص من راهنية الفكر القومي وتحوله إلى نظام عالمي أقتصادي يعتمد مفهوم المصالح ومنطق القوة، كل تلك الرواسب المجتمعية وما تحمله من قيم فكرية جعلت من الفكر السياسي العراقي يجنح نحو الانغلاق على ذاته والخشية من مواجهة الأخر وفق مبادي القانون والدستور، كما لم ينجح الساسة العراقيون في يوم من الأيام في الأنتقال والتبادل السلمي للسلطة، لكون الأساس الفكري والمقدمات التي يتعاملون بها وعلى أساسها ولغالبيتهم يعتمد على مفهوم الأبوية الأسروية وليس على مبدأ الإدارة القانونية.
مع أحتلال العراق وسيطرة القوى العسكرية الأجنبية على مقدرات البلد ومنها المنظومة السياسية وصناعتها، وقع المحتل ومن تعاون معه من العراقيين في نفس الخطيئة التي أرتكبها جنرالات تموز عام 1958 ومت تلاها من مجازر وفظائع بحق الخصوم وقد طالت حتى الأبرياء من الشعب، بخطاب شوفيني عنصري طائفي وخاصة في السنوات الأخيرة من قبل سقوط نظام صدام حسين، كانت العقلية العراقية ومن تاريخها العام والشيعي الخاص تحديدا، قائم على فكرة (الثارات) ومطالبة بإيقاع القصاص ليس من الجناة كما هو المطلوب عقلا وشرعا، بل حتى من ناس لا علاقة لها بالحدث وقد لا ترتضيه وتستنكره، هذا العمق النفسي والعقلي وميراث الخراب والقسوة وفشل المحتل الأمريكي بإرساء نظام إنساني قائم على مبدأ الحق في الوجود، تغولت فكرة القسوة وتعاظم الميل السلبي نحو قتل الأخر وإقصائه بأي ثمن حتى لو كان ذلك يغضب الله والشعب ويخالف القانون والدستور.
نعود لعنوان مقالتنا الرئيسي وهو حساب البيدر كما يقول المزارعون وهو الأصدق من حساب الحقل، ماذا كسب وما خسر من ذهب للسفارة الأمريكية محتجا على استهدافها لمقاتلي اللواء 45 حشد شعبي، ويفتخر البعض منهم على أنها غزوة من غزوات الإسلام الجهادي ضد الكفار والمنافقين والشيطان الأعظم، وقبل أن نقرأ الحدث ونعيه لا بد لنا أن نؤشر حالة مخلة بالقانون هي التي أبرزت الحدث وقدمته على أنه جزء من مسلسل العنف السياسي السلطوي العراقي، وتعامله اللا عقلاني واللا إنساني مع الواقع معتمدا على نظرية المؤامرة من جهة والخداع والدهاء في لعبة مكشوفة لا يجيدها أصلا لاعبوها.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن السيادة وأشياء أخرى
- الفراغ الدستوري والفراع السياسي..
- الرئيس صالح لم يعد صالحا برأي البعض
- المنهج الوزاري لحكومة مصغرة أنتقالية.
- بين سلمية الثورة وعنف السلطة
- رئاسة الجهورية بين مطرقة الدستور وسندان اللحظة الأخيرة.
- خيارات التغيير بين السلطة والشعب
- ظاهرة العقل الجمعي وميل الأنخراط (حادثة الوثبة ) إنموذجا
- ((المشروع الوطني من أجل عراق أمن ومتطور))
- اللعبة السياسية بين البرلمان ورئاسة الجمهورية ح2
- اللعبة السياسية بين البرلمان ورئاسة الجمهورية ح1
- إلى ...................
- العراقيون بين خندق الوطن وخنادق الأخرين ح2
- العراقيون بين خندق الوطن وخنادق الأخرين ح1
- غزوة السنك بين صمت القبور وصراخ الصقور
- ثوار ومندسون والطرف الثالث
- المؤامرة الأمريكية!؟
- الحكومة العراقية بين سندان الامم المتحدة ومطرقة الثورة ح2
- الحكومة العراقية بين سندان الامم المتحدة ومطرقة الثورة
- أستقالة عادل عبد المهدي بداية حل ام بداية أزمة؟. ح2


المزيد.....




- رسالة لإسرائيل بأن الرد يمكن ألا يكون عسكريا.. عقوبات أمريكي ...
- رأي.. جيفري ساكس وسيبيل فارس يكتبان لـCNN: أمريكا وبريطانيا ...
- لبنان: جريمة قتل الصراف محمد سرور.. وزير الداخلية يشير إلى و ...
- صاروخ إسرائيلي يقتل عائلة فلسطينية من ثمانية أفراد وهم نيام ...
- - استهدفنا 98 سفينة منذ نوفمبر-.. الحوثيون يدعون أوروبا لسحب ...
- نيبينزيا: روسيا ستعود لطرح فرض عقوبات ضد إسرائيل لعدم التزام ...
- انهيارات وأضرار بالمنازل.. زلزال بقوة 5.6 يضرب شمالي تركيا ( ...
- الجزائر تتصدى.. فيتو واشنطن ضد فلسطين وتحدي إسرائيل لإيران
- وسائل إعلام إسرائيلية: مقتل أبناء وأحفاد إسماعيل هنية أثر عل ...
- الرئيس الكيني يعقد اجتماعا طارئا إثر تحطم مروحية على متنها و ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - الكسب والخسارة في غزوة السفارة ح1