أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - الحكومة العراقية بين سندان الامم المتحدة ومطرقة الثورة














المزيد.....

الحكومة العراقية بين سندان الامم المتحدة ومطرقة الثورة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6429 - 2019 / 12 / 5 - 01:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن من أحرج الظروف السياسية التي تواجهها الحكومات في أي دولة أن تكون مرفوضة شعبيا ومحل أنتقاد دولي، فهي تعيش هاجس الخوف من غضبة مواطنيها في كل لحظة، لا سيما إذا فقدت الدعم الدولي لها وتتحول إلى سلطة شاذة في نظر المجتمع الدولي وعليها مواجهة هذا التحدي وهي فاقدة للأسباب الممكنة، فالعالم اليوم لم يعد يعترف بحكومات الأمر الواقع ولا يمكن أن يتسامح مع دول مارقة لا تتمتع بثقة شعبها ولا تأييده، وما يجري ضد الكثير من الحكومات اليوم من إجراءات سياسية وحتى أعتبارية تصب في خانة الرفض لها، وهي جزء من إعادة رسم خارطة العالم الجديد على أسس تتوافق مع عالم ما بعد العولمة واللا حدودية، عالم الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان والتعاون الدولي وحماية السلام العالمي ولو بالحد الأدنى منها.
هنا لا بد أن نشير إلى أن واقع السياسة العراقية ومنذ أن أصبح للعراق كيان دولي في أوائل القرن الماضي كانت محكومة دوما بقواعد وأسس لا تحيد عنها حتى لو أرادت أن تفعل ذلك إتباعا أما لمبادئ وأيديولوجيات فكرية، أو حتى مجرد الأنتماء لوطن يقال عنه أنه مستقل وذو سيادة، الأولى أن كل من يحكم العراق لا بد أن يكون بموافقة ورأي وتخطيط بريطانيا عبر أذرعها ومؤسساتها العلنية أو المستترة بعناوين مجهولة، وثانيا أن السلطة التي تنصب عليها أن تكون مسنودة من قوى وأفكار خفية لها أيدي فاعلة وصانعة للقرار، لذا لا يمكن أن ينجح أي شخص مهما كان أن يغادر هذه القواعد والأسس، وبالتالي فمصلحة الشعب وإرادته دائما تصاغ وفق هذه القواعد والأسس بطريقة أو أخرى.
الواقعية الحقيقية أن نقول ما هو حقيقي بلا لف ولا دوران ولا وطنية زائفة نجمل بها القبيح الذي لا يمكن ستره بغربال، الدولة العراقية وكل حكوماتها المتعاقبة من أول حكومة في عهد فيصل الأول وإلى حكومة عبد المهدي المستقيلة هي صنع إرادات دولية، ولم تكن في يوم من الأيام (صنع في العراق)، فهذا الواقع المر لا يمكن أن يدع أي حكومة منتخبة أو منصبة أن تكون بمعزل عن القرار الدولي وقوانينه مهما أدعت أو أرادت ذلك، فهي أما تخضع بالكلية وتتماهى معه أو تحاول أن تسوق وجودها على أنه أمر عراقي خالص لكن بمعونة دولية أو أممية، وهذا ما جرى تحديدا في حكومات جمهورية بريمر بعد 2003، فهي نتاج قرار أمريكي بغطاء أممي وتحت رقابة الأثنين حتى مع التدخل الإيراني المستمر في شؤونها فهي بالأخير تحت رحمة القرار الخارجي الذي جاء بها.
هذا السندان المزمن موضوع دوما على حالة ووضع الفعل والتشغيل سواء علمنا به أو تجاهلناه ولكنه حقيقة لا يمكن تجاوزها، وبالتالي لمن يريد أن يكسر أي حكومة ما في العراق يحتاج لمطرقة بالقدر الذي يكفي للمهمة وبنجاح، حتى ثورة تشرين الحالية لا بد أن تعي هذه الحقيقية وأن لا تجعل من نفسها أداة للغير وتسخر من حيث لا تعلم لمشروع مضمر، بل عليها أن تقتلع معادلة التأسيس من أولها وأختيار سندان أخر هو سندان العراق وأمنه ومستقبله ووجوده، وإلا سوف تنجح فقط في تحطيم شكلي وتغيير نظام من خارجه لا من علل وجوده الأولى، الخطوة الأساس أن لا ندع أصابع بريطانيا أن تعيد ترتيب البيت العراقي بمعرفتها وخبرتها لأنها بالتأكيد أصابع خبيثة تحركها مصالح المجتمعين بالغرف البعيدة المحصنة من كل أشكال الإعلام والصورة.
في الإحاطة الأخيرة لممثلة الأمم المتحدة المقيمة في العراق تكاملت صورة السندان والمطرقة وشكلت بداية لنهاية النظام الحالي بصيغته البريمرية وأدواته الإيرانية، وعلى الحكومة العراقية ومؤسسات الأحزاب وقواها أن تتهيأ لفصل جديد من لعبة الأمم تلك، فالمطرقة سوف لن تتوقف عن الطرق على رأس العملية السياسية الراهنة بكل تفصيلاتها وفصولها، وأظن أن لعبة الأمم هذه قد لا تكون ناجحة بإعادة نمذجة الواقع البريطاني المفروض على الواقع السياسي العراقي، بشرط أن يعي قادة الثورة والحراك أن الأسس القديمة أنتهى دورها بعد أن أسترد العراق وشعبه هويته الوطنية.
هذا الوعي الوطني المتنامي في خط شروعه وصعوده مرتبط كل نجاحه بالتصدي الجاد لفروع كثيرة من أذرع بريطانيا القديمة، منها ما هي أفكار سياسية زرعت في اللا وعي الأجتماعي والسياسي، ومنها مؤسسات كبرى تدير قطاعا واسعا من الرأي العام العراقي، ومنها بناء فوقي وبنى تحتية قام عليها الأقتصاد العراقي ومن ثم القرار السياسي لترابطهما الجدلي في العمل والنتيجة، وأخيرا إخراج مفاهيم السلطة ودورها القديم في إدارة البلد لتتحول حكومات العراق إلى منظومة إدارية كاملة لا منظومة سلطة وتحكم.
هذه المهمة قد تكون للقارئ البسيط شيء بسيط وممكن السيطرة عليه ما دام الثوار على قدر من الجدية في عملية التغيير القادمة، ولكنها في الواقع مهمة صعبة ومعقدة ومحفوفة بالمخاطر ليس على مستوى شخصي أو شخصاني بل وحتى على مستوى وجود الدولة، والتاريخ مليء بالألغام التي أختزنتها بريطانيا للوقت المناسب، من قضية الحدود لقضايا المياه والتركيبة السكانية والاتفاقات الخفية التي أبرمتها أيام سلطتها على العراق، وأيضا نحن نعلم أن كل البناء السياسي والأجتماعي في العراق بدأ من القوانين البسيطة إلى منظومة التفكير الجمعي مصممة وفق قياسات وزارة المستعمرات البريطانية قديما، ونفذتها وتنفذها كل الحكومات البريطانية المتعاقبة وبحرص على بقائها نافذة إلى حين.
هل تعي السلطات العراقية هذه الحقائق وهل تعرف أنها مجرد ديكورات شكلية لسلطة خفية تتلاعب بمصير العراق وشعبه، وهل تعلم أن كل ما تفعله لا يعدو أن يكون مجرد تنفيذ لسياسة قديمة مرسومة بالدقة وبعيدا عن نظرية المؤامرة، لكنها واقع علينا أن لا نتجاهله، فحيتما ترفع بريطانيا وخلفيتها وأداتها أمريكا العظمى يدها في وجههم عليهم أن يفهموا الإشارة جيدا، وعليهم أن يستجيبوا للأوامر العليا من مصدرها الأول، اليوم بريطانيا أستنفذت من حكومات بريمر المتعاقبة كل ما مطلوب منها، حين شعرت أن الخطر يقترب من مؤسساتها الأهم والأكبر والأقدر على تحريك السياسة العراقية بشكلها التفصيلي، والعاقل الفهيم يدرك ما أقول من بين السطور.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أستقالة عادل عبد المهدي بداية حل ام بداية أزمة؟. ح2
- أستقالة عادل عبد المهدي بداية حل ام بداية أزمة؟. ح1
- الخطوة التالية ح2
- الخطوة التالية ح1
- العراق في قلب العاصفة
- ثورة تشرين حركة تعيير أم إرادة إصلاح ح2
- ثورة تشرين حركة تعيير أم إرادة إصلاح ح1
- التسويف ومخاطر الإنزلاق نحو العنف المتبادل
- معضلة الدستور وخيارات الأزمة ح2
- معضلة الدستور وخيارات الأزمة ح1
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح5
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح4
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح3
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح2
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح1
- المسؤولية القانونية والدستورية لرئيس مجلس الوزراء في الدستور ...
- في نقد الدستور العراقي (مواد دستورية معطلة)
- ملاحظات على قراءة الدستور العراقي
- تفصيلات الدستور والنصوص (تعديلات واقتراحات لسد النقص) ج2
- تفصيلات الدستور والنصوص (تعديلات واقتراحات لسد النقص) ج1


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - الحكومة العراقية بين سندان الامم المتحدة ومطرقة الثورة