أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - ظاهرة العقل الجمعي وميل الأنخراط (حادثة الوثبة ) إنموذجا















المزيد.....

ظاهرة العقل الجمعي وميل الأنخراط (حادثة الوثبة ) إنموذجا


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6436 - 2019 / 12 / 13 - 16:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


العقل الجمعي والعقل الواعي

حدث الخميس في ساحة الوثبة في بغداد ومن خلال ما نشر عنه كحدث وما وثق فيه من صورة يمكننا أن نقرأ ما جرى تحديدا كظاهرة باطنة في العقل اللا مباشر أو العقل الباطن للمشتركين فيه، وحتى من لم يشترك لكنه كان حاضرا في ساحة الفعل من خلال منظور سيكولوجي أجتماعي يؤشر إلى أبعاد نفسية تنم عن رغبات دفينة وربما تكون لها علاقة في تطور المعاناة المسبقة للحدث، فهو وإن كان نتيجة آنية لما قيل عنه ردة فعل على جريمة ولكنه أيضا يمثل حالة من حالات العقل الجمعي التي تختزن في نفوس فاعلي الحدث ومرتكبيه من الطرفين.
في ظاهرة الثورة وما يستتبع ذلك من سلوكيات فرديه وجمعية نؤشر لظاهرتين من مخرجات فعل الأستثارة فيها، أولا ظاهرة العقل الجمعي اللا إرادي أو ما يسمى بـ ((ميل الإندماج)) وهو سلوك تلقائي مدفوع بإحساسات قد لا تكون متوافقة بالضرورة مع روح الثورة وأسبابها وعلاتها، بل تنتج أحيانا من أستثارة نفسية قد تتطور وتتحول ولكنها تبدأ من حالة تعبيرية ذاتية وخاصة، بالمجمل يكون تكوين ونشأة العقل الجمعي يعود أساسا لحاجة النفس الفردية للخروج عن حالة رتيبة روتينية تتفاعل في لا وعيها مع التمرد أو التعبير عنها بشكل حاد، هذه العلاقة بين الحاجة وبين التصرف عكسية كلما زاد الأحتقان والكبت وعدم القدرة عن التنفيس عنها، كانت ردة الفعل الأستثارية أقوى وأعنف وربما تتحول إلى إنفلات مضطرب عن الضبط والسيطرة عليها.
في العادة في النشاطات الأجتماعية التي تجذب الكثير من الناس أو التي تثير فيهم الحماسة عادة ما تنجحت في أستثارة العقل الجمعي دون إدراك وأحيانا دون إرادة، ولكن من المؤكد أنه ليس كل من يشترك في هذه النشاطات أو يلاحظها أو يعيش أجوائها يمكن أن يتحول لجزء من الظاهرة، أو أنها تؤثر به بدرجة تنزع عنه طبيعة التحكم والسيطرة، وهذا يرجع إلى رساخة القناعة أولا بما يجري، وثانيا النضج العقلي الذي يمكنه أيضا أن يتحكم بالانفعالات السلوكية للأفراد.
فميل الإندماج مع الحدث الجمعي يزداد عادة في الحالات التالية:.
• أحتمالية التأثير والأثر تكون عالية جدا في صفوف من لا يحملون رأيا محددا ولا حاسما فيما يجري، وبالتالي فهم لا يرون أن الانخراط هنا مرتبط بما لا يؤمنون به أو يؤمنون به، فهم تحت تأثير اللا وعي الذي يصنعه الأخرون بهم.
• يكون الكثير بل الغالبية من الناس ممن يحملون في أعماقهم اللا واعية الرغبة في التحرر أو التمرد أو التعبير المقموع عن فرصة للتنفيس عن رواسب تراكمية وقهر جمعي، لذا فكلما إزدادت حالات القمع القديمة ذاتية كانت أو خارجية، أو الفشل في التعبير عنها طبيعيا كلما إزدادت فرصة تأثير ميل الإندماج لديهم، تعبيرا إنعكاسيا عما في الذات اللا واعية ومحاولة التخلص من الشعور بالتهميش أو حتى الإهانة المجتمعية.
• تعتمد قوة إثارة العقل الجمعي على مقدار ما يمكن أن يشعر الفرد أنه ضمن جماعة موحدة أو تتوحد على هدف، هذا ما نلاحظه مثلا في مباريات كرة القدم أكثر من غيرها من الألعاب الرياضية، فالعقل الجمعي لا ينصرف ولا يركز على نظرية اللعب أو الأداء بقدر ما يتمحور حول فرصة الفوز وتسجيل الأهداف، هنا يأت تجسيد مفهوم الشخصنة والأنتصار حين يكون الهداف أو من يحسم اللقاء بالفوز هو الشخص السوبرمان حتى لو كان لا يحمل مواصفات مميزة، فقوة الإثارة هنا ترتبط بنتيجة المباراة وليس بأسلوب اللعب.
• العقل الجمعي كظاهرة يرتبط أيضا بالمحددات الأجتماعية الضبطية (العرف والقانون والقيم المرعية) فكلما كان تأثير هذه المحددات قويا وفاعلا، كان الميل سلبيا في الانخراط العلني لما يصاحب هذا النشاط الجمعي أحيانا من تبعات أو خروج أو حتى تجاوز للمحذور، عليه نلاحظ في أحيان كثيرة أن تشجيع القوى الحاكمة أو المستحكمة أو التساهل في الملاحظة عما يجري فيها سيكون الميل عاليا، وهذا ما نلاحظه عادة في الممارسات الكبرى مثل زيارة الأربعين في العراق وما يصاحبها من تعب وأنقطاع عن العمل وأحيانا حتى تجاوزات تحصل ضد القانون والنظام.
• وأيضا قد يزداد الميل في حالات تتعلق بالبيئة المناخية أو لطبيعة ذات النشاط المتعلق بالبيئة، مثلا في حالات بعض السلوكيات الجمعية التي ترتبط بالبيئة وتأثيراها مثلا من انجده في تجمعات السباحة على الشواطئ، حيث إن ما يصاحب تلك النشاطات لا يتقيد بالأعراف ولا حتى بالذوق المجتمعي، وإنما يستجيب عادة لواقع الظرف المناخي، وكلما كان الأبتعاد عن الضوابط كلما أنخرط المشاركون في الهوس نحو مزيد من التحرر بدواعي المناسبة وقد لا يكون ذلك مخططا له من قبل.
كل هذه الملاحظات تتعلق فيما يعرف بتأثيرات العقل الجمعي وما يترتب عليه من نتائج على السلوك الجمعي بين الأفراد، تحت تأثير ما يسمى بالأستثارة للميل الاندماجي في غياب إرادة الفعل خاصة إذا كان ما يترتب على هذه الأستثارة فعل ذو أثر عام أو يؤدي إلى أثر عام، أما لكون طبيعته هكذا أو لكون هناك وسائل دعم تزيد من حالة الأستثارة والتفاعل، وهنا يلعب الموجه أو المحرض أو الدافع لهذا الحراك الجمعي من خلال الإعلام مع تطور وتنوع وسائله إلى دفع الكثيرين ممن ينخرط به إلى تحقيق هدف خاص قد لا يكون هو الهدف المعلن.
أما العقل الواعي المفكر المدبر الذي تجنب تأثيرات الظاهرة السالفة فهو يتخذ طريقا أخر، طريق المراجعة والنقد والأستبصار في جزئيات الحراك الثوري، ودراسة الواقع بعيدا عن هوس الأستثارة والميل السلبي لنتائج قد لا تخدم قضية الثورة والوطن والمستقبل، هذا ما نريده كمراجعة تصحح المسارات وتوضح الرؤية أكثر إنطلاقا من مسئولية النخب والمثقفين الثوريين من داخل روح الثورة ومحركها الأساس.
اليوم وكعراقيين في وضع اللا أستقرار واللا نظام المصاحب لطيش السلطة ولا أباليتها تجاه كل ما يجري، وتخليها عن أبسط الواجبات الملقاة على عاتقها وأولها حماية المجتمع من تأثيرات الوضع الضار والمنفلت عن حكم لقانون، نحن اليوم بحاجة إلى وقفة تأمل ومراجعة وإعادة قراءة لسيرورة الثورة ومصيرها وما تحقق فيها ومنها، هذه الوقفة النقدية الحتمية والضرورية تحصن لنا الهدف وتسلط الضوء على ما يجب وما أن يكون وليس تراجعا عن خطها الأساس والمعلن، فمن يؤمن بالثورة لا بد أن يؤمن بأن طريقها مكلف وطويل وبحاجة إلى ممارسة النقد الدوري لتؤشر خطوات النجاح كما تؤشر حالات العرقلة والتعثر، هذا الأمر الفكري ليس مطلوبا من شباب الساحات المنخرطين في المواجهة المباشرة على أرض الواقع بأن ينظروا ويستخلصوا العبر، بل هو دور النخبة المتخصصة ومنظري مسارها وعقلها الواعي، وعلى أن يبقى المجال مفتوحا للحوار والمناقشة وتأصيل كل ما له علاقة بالعمل الثوري المسئول.
وعلينا أيضا أن نتجاوز حالة ما حدث في ساحة الوثبة من أحداث صباح الخميس بالرغم مما قيل عنها أو فيها أو المشاركين أو الموجهين (الفاعلين الأصليين)، لتصحيح ونمذجة الوعي الجمعي بأتجاه الحراك الثوري ومساندته، دون أن يكون ذلك سببا في إنتكاسة لمسيرة هذا الحراك بما يلقي من تداعيات نتيجة تأثيرات الهوس الجمعي المصاحب للحدث، وأن تدرك الجماهير المنتفضة خطورة الإنجرار وراء ما يحاك لهم سرا وعلنا في الوقت الذي أوشكت فيه المهل الدستورية على النفاذ، مما يضع السلطة أمام التحدي الأكبر فيما يتعلق بأختيار الشخصية المناسبة التي تتفق وهدف الساحات ووفق مقاساتها، وأن لا تدع لهم سببا لفرض ما هو غير مقبول ولا مطلوب منها أصلا.
إن أخطر ما نواجهه اليوم في هذه اللحظات التاريخية الحرجة هو ما تعمل له عدة دوائر خارجية وأدوات محلية لإحياء فكرة التقسيم والتشظي، من خلال عدم إيفاء السلطة لواجبها وتعهداتها المعلنة في الأستجابة لمطالب الشعب وتطلعاته، هذا الخطر متمثل بطرح أسماء وشخصيات مرفوضة من الشارع العراقي ومن جماهير الثورة في الوقت الذي سيكون هناك فراغ دستوري، حيث أن طرح هذه الأسماء ليس الهدف منها حلحلة الامور والبدء بما هو صحيح، ولكن من أجل رمي الكرة في ملعب الثورة وجماهيرها بأعتبارها هي من لا تريد الحل ولا تريد الوصول لنتيجة واضحة، سيكون من الصعب على الثورة إذا القبول بها ولا رفضها، وعندها ستقوم جهات إنفصالية وبدواعي حماية كياناتها الفئوية من الفوضى واللا دولة بإعلان الإنفصال والإنسلاخ من الكيان العراقي الواحد، دون أن تكون هناك حكومة أو جهة تعالج الوضع كما حدث أبان أحداث سابقة، أنتهت بتدخل المحكمة الأتحادية وبناء على طلب الحكومة بإبطال كل ما جرى وفقا للدستور.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ((المشروع الوطني من أجل عراق أمن ومتطور))
- اللعبة السياسية بين البرلمان ورئاسة الجمهورية ح2
- اللعبة السياسية بين البرلمان ورئاسة الجمهورية ح1
- إلى ...................
- العراقيون بين خندق الوطن وخنادق الأخرين ح2
- العراقيون بين خندق الوطن وخنادق الأخرين ح1
- غزوة السنك بين صمت القبور وصراخ الصقور
- ثوار ومندسون والطرف الثالث
- المؤامرة الأمريكية!؟
- الحكومة العراقية بين سندان الامم المتحدة ومطرقة الثورة ح2
- الحكومة العراقية بين سندان الامم المتحدة ومطرقة الثورة
- أستقالة عادل عبد المهدي بداية حل ام بداية أزمة؟. ح2
- أستقالة عادل عبد المهدي بداية حل ام بداية أزمة؟. ح1
- الخطوة التالية ح2
- الخطوة التالية ح1
- العراق في قلب العاصفة
- ثورة تشرين حركة تعيير أم إرادة إصلاح ح2
- ثورة تشرين حركة تعيير أم إرادة إصلاح ح1
- التسويف ومخاطر الإنزلاق نحو العنف المتبادل
- معضلة الدستور وخيارات الأزمة ح2


المزيد.....




- استهداف أصفهان تحديدا -رسالة محسوبة- إلى إيران.. توضيح من جن ...
- هي الأضخم في العالم... بدء الاقتراع في الانتخابات العامة في ...
- بولندا تطلق مقاتلاتها بسبب -نشاط الطيران الروسي بعيد المدى- ...
- بريطانيا.. إدانة مسلح أطلق النار في شارع مزدحم (فيديو)
- على خلفية التصعيد في المنطقة.. اتصال هاتفي بين وزيري خارجية ...
- -رأسنا مرفوع-.. نائبة في الكنيست تلمح إلى هجوم إسرائيل على إ ...
- هواوي تكشف عن أفضل هواتفها الذكية (فيديو)
- مواد دقيقة في البيئة المحيطة يمكن أن تتسلل إلى أدمغتنا وأعضا ...
- خبراء: الذكاء الاصطناعي يسرع عمليات البحث عن الهجمات السيبرا ...
- علماء الوراثة الروس يثبتون العلاقة الجينية بين شعوب القوقاز ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - ظاهرة العقل الجمعي وميل الأنخراط (حادثة الوثبة ) إنموذجا