أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - المؤامرة الأمريكية!؟














المزيد.....

المؤامرة الأمريكية!؟


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6430 - 2019 / 12 / 6 - 01:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الخطاب الإيراني السياسي اليوم ومن قبل يعتمد على ركيزة كبرى فحواها هي أن المنطقة الإقليمية برمتها تعاني من أثار مدمرة لمؤامرة أمريكية صهيونية تستهدفها، وأن على المنطقة الإقليمية كلها أن تشترك بهذه المهمة أي بالتصدي لها بكل ما يمكن أو يسمح به الحال، ومع أفتراضنا أن هذا واقع السؤال الذي يدور هنا من هو الذي يمنح إيران حق الفرض أو حتى حق الأفتراض والبناء على ذلك؟، وهل من واجب دول المنطقة أن ترضخ لهذا الأمر حتى لو تعارض مع قناعاتها أو مصالحها مثلا؟، وهل من الممكن أن تجتمع دول المنطقة مع كل أختلافاتها السياسية والعقائدية على فرضية معقدة وهي ترى أن الطرف الداعي يمارس هوسا يوميا ورغبة معلنة بأن تكون كامل المنطقة تحت إرادة ورغبة فرضيتها هذه؟.
لا ننكر أن أمريكا كدولة ذات حدود أستراتيجية مفتوحة على كل شيء يناقضها كمصالح ومواقف، وتعمل جاهدة لإعادة بناء عالم القطب الواحد بقيادتها دون أن تترك للأخرين حتى فرصة القبول أو الرفض، الغريب في الأمر أن هذا الوصف ينطبق أيضا على رغبة إيران أيضا كدولة محورية في المنطقة ترى أن بإمكانها أن تكون الند للمشروع الأمريكي، ولكن على حساب مصالح ورغبات الأخرين ورغما عنهم، العلاقات الدولية شهدت حالة مماثلة من قبل أيام الحرب الباردة في القرن الماضي بين أمريكا والأتحاد السوفيتي، وكانت النتيجة معلومة للجميع.
المؤامرة الحقيقية هي التي تجعل من أي شعب أو مجتمع ضحية عقليات تشيع الخوف وتضعضع لديه الرغبة في بناء وطن خالي من أمراض الصراع والتنازع، لقد فعل النموذج الصيني هذه الفكرة وفعلها خلال عقدين أو ثلاثة لتتغير بوصلة التفكير الجمعي لديه نحو التنمية المستدامة والمنطلقة بالقوة للتنافس بدل التنازع، لقد تحول هذا المجتمع المؤدلج بأفكار التناقض مع الأخرين، إلى فكرة أن يكون منتجا قادرا على أن يحول قوته ووجوده لعنصر نجاح عالمي ليكون به حرا وسعيدا ومستقل.
كل دول المنطقة لديها الفرصة الحقيقية لأن تتحول إلى نمور أقتصادية بما تملك من مقومات مشجعة وتجارب ناجحة تسندها ثروة نفطية ومجتمع شاب ديموغرافيا، ويمكنها بناء أقتصاديات قادرة أن تسعد شعوبها بأفضل الحلول لحياة حرة كريمة، بدل الانخراط في صراعات تأكل تلك المصادر وتجعلها رهينة نظرية المؤامرة، وما يتبعه بعد ذلك من إشغال يومي وتفصيلي للتهيؤ الدائم لها ويدفع تكاليفها من فرص المستقبل.
المؤامرة والوقوع في أسر فوبيا الأخر سلاح أيديولوجي مدمر وإن كان صالحا في فترة من الزمن لعض الأنظمة الشمولية التي تحكم بالحديد والنار، إلا أنها في عالم اليوم عالم الفضاء الواحد والتواصل اللا محدود، يكشف عن غباء عميق في تشكل العقل المؤدلج وعلى عدم قدرته أن يستغل هذا الفضاء ليعطي أنموذج منفتح ومتصالح مع الأخر، في الوقت الذي يخصص فيه كل جهده وطاقته وأقتصاده لفرض رؤيته على الأخرين يخسر الكثير من رصيده الشعبي ويخسر أكثر في موقعه الفكري، فالشعوب عادة لا تتعادى على أسس الأيديولوجية والأفكار بل أن من يدفع بها لمواقع التصادم هم عادة من لهم مصلحة في إضعافها وتفريقها، والدليل أن أكثر الشعوب التي خاضت الحروب فيما بينها عادت للتعاون والتعارف والصداقة حين تتوفر إرادة الحكام بهذا الأتجاه.
أمريكا ليست دولة بريئة ولا حمل وديع ولا هي أتحاد جمعيات خيرية تعتني بحقوق الإنسان والحيوان، أمريكا أعظم قوة عسكرية وأقتصادية وعلمية في العالم، ولديها مصالح وأرتباطات متشابكة في كل مكان تهتم بأمنها وفق أستراتيجيات مدروسة بحرفية يساهم بها عشرات الألوف من المختصين من مختلف العلوم والمعارف، ولا تعتمد في رسم وحماية أمنها على شخص ولا على مؤسسة واحدة بيدها مفاتيح الحقيقة كاملة، أمريكا بالمختصر دولة تاجرة وجشعة بما تحمل من فوقية صنعتها الإيمان بفلسفة القوة، فلا يمكن أن تجلس لتتأمر على فلان وفلان لأنه يحمل العقيدة الفلانية أو المذهب الفلاني، إنها تنظر للعالم نظرة البحث عما يدعم المصلحة ويعزز القوة حتى لو تطلب الأمر أن تنازع الشيطان أختصاصه، هذا هو واقع الحال كما هو وعلى الأخرين أن يفهموا حجمهم وما يمثله في وسط هذه النظرية والمعادلة ويدركوا كيف عليهم التعامل مع الحقائق على الأرض بروح عملية.
لكل دولة مصالح ولكل دولة أهداف معلنة وخفية وهذا القانون ليس بدعة جديدة، بل هو واقع حتى في العلاقات الشخصية بين الأفراد وبعضهم، المشكلة ليست هنا بل في كيفية التعاطي الإيجابي معه وكيف يمكننا أن نصل إلى قواعد عمل مشتركة تجنبنا الخسائر اللا مبررة، أما على الصعيد الأكبر العلاقات الدولية وما يشوبها من تناقضات وتنافس يصل حد الإيغال في التطرف لحمايتها، هناك قوانين متفق عليها أفتراضية أو ضمنية تحمي العلاقات الدولية من الأنهيار والذهاب إلى الصدام، أنا لا أقول علينا التسليم كليا بما تريده أمريكا أو تفرضه بالقوة، ولكن ما أريده أن نفهم جملة من الحقائق والقوانين قبل أن نبني سياستنا ونصيغ مشروعنا الخارجي، أن التعاون الدولي الإيجابي وتحصين الأمن المجتمعي بوسائل حماية ذاتية وإشاعة الديمقراطية وأحترام حقوق الإنسان والقانون وسيادة مبادئ العدالة، كفيلة تماما أن تجنب شعوبنا حالات العداء والتدخل في شؤونها.
لم يعد مقنعا اليوم أن ننساق خلف فوبيا أمريكا والمؤامرة الكونية وما إلى ذلك من مبررات تحاول غسل أدمغة الشعوب، وتشغلها عن مشروع بناء المستقبل برؤية العقل الطموح الذي يسابق الزمن ولا ينظر للخلف إلا لقياس ما قطعه من أنجاز تاريخي للبشرية، علينا أن نتخلص من عقد الكراهية التي تزرع الشك والخوف والريبة بدل العمل على إرساء نظم وقوانين دولية تحمي السلام العالمي والأمن الدولي وتعزز من قيم التسامح، بغير هذا سنبقى في دائرة التخلف والنكوص فيما العالم من حولنا يقطع الأشواط العلمية والنجاحات الأقتصادية وينعم بالسلام والحياة المزدهرة على كل الصعد والمجالات.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكومة العراقية بين سندان الامم المتحدة ومطرقة الثورة ح2
- الحكومة العراقية بين سندان الامم المتحدة ومطرقة الثورة
- أستقالة عادل عبد المهدي بداية حل ام بداية أزمة؟. ح2
- أستقالة عادل عبد المهدي بداية حل ام بداية أزمة؟. ح1
- الخطوة التالية ح2
- الخطوة التالية ح1
- العراق في قلب العاصفة
- ثورة تشرين حركة تعيير أم إرادة إصلاح ح2
- ثورة تشرين حركة تعيير أم إرادة إصلاح ح1
- التسويف ومخاطر الإنزلاق نحو العنف المتبادل
- معضلة الدستور وخيارات الأزمة ح2
- معضلة الدستور وخيارات الأزمة ح1
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح5
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح4
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح3
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح2
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح1
- المسؤولية القانونية والدستورية لرئيس مجلس الوزراء في الدستور ...
- في نقد الدستور العراقي (مواد دستورية معطلة)
- ملاحظات على قراءة الدستور العراقي


المزيد.....




- مسجد باريس الكبير يدعو مسلمي فرنسا لـ-إحاطة أسرة التعليم بدع ...
- جيف ياس مانح أمريكي يضع ثروته في خدمة ترامب ونتانياهو
- وثيقة لحزب الليكود حول إنجازات حماس
- رئيس الموساد: هناك فرصة لصفقة تبادل وعلينا إبداء مرونة أكبر ...
- لقطات جوية توثق ازدحام ميناء بالتيمور الأمريكي بالسفن بعد إغ ...
- فلسطينيو لبنان.. مخاوف من قصف المخيمات
- أردوغان: الضغط على إسرائيل لوقف حرب غزة
- محلات الشوكولاتة في بلجيكا تعرض تشكيلات احتفالية فاخرة لعيد ...
- زاخاروفا تسخر من تعليق كيربي المسيء بشأن الهجوم الإرهابي على ...
- عبد الملك الحوثي يحذر الولايات المتحدة وبريطانيا من التورط ف ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - المؤامرة الأمريكية!؟