أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - بين سلمية الثورة وعنف السلطة














المزيد.....

بين سلمية الثورة وعنف السلطة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6442 - 2019 / 12 / 19 - 23:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ أنطلاق ثورة تشرين في الأول من تشرين أول 2019 كان الشعار الأساسي والمعتمد منهجا يوميا لها (السلمية المدنية وتحت سقف الدستور والقانون))، ليس ضعفا منها ولا خشية من أحد وهي تملك كافة المقومات المشروعة لذلك بعد تجربة فاشلة ومحبطة طوال ستة عشر عاما من الفساد والتخبط واللا قرار، بقدر ما كانت تمثل رؤية واقعية لإيمانها بأن الديمقراطية وحدها هي الطريق الأفضل والوحيد لإعادة العراق لجادة التحضر ونيل الحقوق الأساسية للشعب، ومن هذا المنعطف التاريخي سجلت الثورة وبإصرار موقفا مسئولا وناضجا لمواجهة السلطة وأحزابها ومن يقف خلفها بأستخدام ذات الآليات التي تتبجح السلطة بها في فرض نفسها على الواقع العراقي.
السلمية بالمفهوم الديمقراطي أن تمارس ما هو حق لك وبقدر ما عليك من واجبات متقابلة أمنها وشرعها العقد الأجتماعي الذي تنتمي له، ودون أن تنجر للعنف والتخريب والفوضى التي لا تنتج إلا ما يشابهها وربما أكبر وأشد ضررا، ولو كانت السلطة الحاكمة ومنظومتها السياسية تؤمن حقيقة أن ما عليها من واجب ومسئولية دستورية وقانونية لجلست منذ أول يوم تستمع وتناقش وتحاور قادة الثورة، وتبين موقفها وتبريراتها ثم العمل على حل الإشكاليات التي أعطت للثورة الحق بالخروج وإعلان نفسها، وبذلك فإنها قد عملت على تحصين الوضع وتمارس مبدأ القيادة والإدارة من موقع المسئولية الوطنية والألتزام الدستوري والقانوني الذي تستظل به وتمارس وجودها من خلاله.
كل النظم السياسية في تاريخ التجربة السلطوية عندما تؤمن وتتمسك بالأيديولوجيا بشكل أو بأخر أو كانت لها ميول بهذا الأتجاه، لا تتوانى مطلقا في مواجهة خصومها بكل بشاعة لأنها تعتقد أن أيديولوجيتها هي محض حق، وكل صوت منتقد أو معارض خلافها يعني الشر والباطل، الحكومة العراقية وأخص بالذكر توجهاتها المضمرة وإن كانت تدعي الديمقراطية وتعيش وتتكون في ظل جو ديمقراطي، إلا أنها مدفوعة بقوة بهذا الحس العنفي في مواجهة منتقديها وخاصة عندما يكون النقد ديمقراطيا يحسسها بفشلها بغهم روح الديمقراطية والمدنية، لأنها وببساطة ومن خلال التجربة منذ 2005 لليوم لم تمارس من خلال أداءها الكلي مفهوم ديمقراطية السلطة ومدنية التكوين، نعم أنها تنتظم في ظل دستور متحضر وقد تكون أمام الناس أنها دولة مؤسسات، ولكن هذه المؤسسات والدستور تنبعث منه رائحة العقائد والأيديولوجيات المغلقة التي لا تتسامح مع أي مس بها أو بعقيدتها.
وأيضا مثل الحكومة العراقية التي ترتبط بعلاقات عمل وشراكة مع قوة إقليمية يهمها بشكل جاد وملح أن تسيطر على مجريات الأحداث في البلد وهي تعاني من صراع وجودي، تظن أن كل حراك داخل المنطقة أو يمس حلفائها الأساسيين هو صراع ضدها شخصيا، وبحكم الأمر الواقع وقوة النفوذ كانت توجه كل ما تملكه من وسائل ضغط أتجاه الضد من هذه التحركات، أولا لتظهر نفسها أنها القوة المحورية القادرة على التحكم بالمنطقة، وثانيا خوفها من كسر حاجز الخوف والتردد الذي يسيطر على واقعها هي في دولتها ومجتمعها، الذي تشهد الوقائع المتكررة على أنه يعاني من تصدع حقيقي وعميق، زادت من وتيرته نتائج الصراع الدولي الذي تخوضه، والذي انعكس سلبا على شكل العلاقة بينها وبين الشعب وتزايد في المعاناة منه.
فلا نستغرب إذا من أن تكون السلمية التي أبدتها الثورة التشرينية والحس المدني الديمقراطي الذي سارت عليه أن يواجه بالعنف والسلبية المفرطة في التعامل معها، ليس خوفا على الديمقراطية وهيبة الدولة وسلامة المؤسسات والممتلكات العامة والخاصة، ولكن لما تشكل أمتداداتها التاريخية على الوضع العام محليا وإقليميا، ولكن في ظل سلطة نؤمن حقيقة بالمنهج الديمقراطي وحقوق الإنسان وتتعامل معه على هذا الأساس كانت النتائج والمخرجات تتغير بشكل أخر يؤدي إلى تمتين التجربة الديمقراطية ذاتها وتعزز من محاولة الإصلاح والتجديد المجتمعي والسياسي.
لا يمكن بأي حال من الأحوال تبرير أو تفسير ما جرى في الأيام الأولى من الثورة وخاصة الأسبوع الأول منها على أنها تدابير مسئولة أو قانونية، كانت النتائج ترتد عكسيا على مركز السلطة وبشكل عميق هدد من وجودها، بل وأطاح بمصداقيتها على أنها دولة مؤسسات ديمقراطية حين منحت جهات وقوى تحمل السلاح باسم الدولة أو مناصرة للسلطة أن تمارس عنفها اللا مسئول، وأطاح أيضا بصدقيتها كحكومة مستقلة تعمل وفق ما تمليه المصلحة الوطنية العليا، وهي تخضع بالكامل أما لإيحاءات خارجية أو تحت قوة الضغط واللوبي الإقليمي المباشر، وهنا نجحت السلمية في أن تعري هذه السلطة ومنظومتها السياسية كاملة على أنها خارج أسس ومفاهيم الديمقراطية الدستورية ومشروعيتها.
إن ما يعزز منهج الثورة ونجاحها هو فشل المنظومة لسلطوية في التعامل مع الواقع بعقلانية وبروح من الألتزام بالدستور والقانون، وهنا نجد أنفسنا أمام مقاربة عكسية هي (كلما زادت سلبية السلطة ظهر خيار السلمية كحل حضاري مقابلها)، وهذه المقاربة تحرج الوضع وتؤزمه بالقدر الذي يعجل من سقوط رهانات العنف والسلبية عاجلا أم أجلا، وتؤسس منظومة فكرية بديلة تدفع بالديمقراطية الحقيقية أن تتجذر في ضمير الشعب وعقليته الجامعة، وتقوض مفاهيم الأيديولوجيا والأفكار النابعة منها وتهزمها، وهذا ما يسجل لصالح الثورة ومشروعها التغييري من أنها تمثل أسس النظام القادم وجوهر ما يريده الشعب.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رئاسة الجهورية بين مطرقة الدستور وسندان اللحظة الأخيرة.
- خيارات التغيير بين السلطة والشعب
- ظاهرة العقل الجمعي وميل الأنخراط (حادثة الوثبة ) إنموذجا
- ((المشروع الوطني من أجل عراق أمن ومتطور))
- اللعبة السياسية بين البرلمان ورئاسة الجمهورية ح2
- اللعبة السياسية بين البرلمان ورئاسة الجمهورية ح1
- إلى ...................
- العراقيون بين خندق الوطن وخنادق الأخرين ح2
- العراقيون بين خندق الوطن وخنادق الأخرين ح1
- غزوة السنك بين صمت القبور وصراخ الصقور
- ثوار ومندسون والطرف الثالث
- المؤامرة الأمريكية!؟
- الحكومة العراقية بين سندان الامم المتحدة ومطرقة الثورة ح2
- الحكومة العراقية بين سندان الامم المتحدة ومطرقة الثورة
- أستقالة عادل عبد المهدي بداية حل ام بداية أزمة؟. ح2
- أستقالة عادل عبد المهدي بداية حل ام بداية أزمة؟. ح1
- الخطوة التالية ح2
- الخطوة التالية ح1
- العراق في قلب العاصفة
- ثورة تشرين حركة تعيير أم إرادة إصلاح ح2


المزيد.....




- ماذا قالت المصادر لـCNN عن كواليس الضربة الإسرائيلية داخل إي ...
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل
- CNN نقلا عن مسؤول أمريكي: إسرائيل لن تهاجم مفاعلات إيران
- إعلان إيراني بشأن المنشآت النووية بعد الهجوم الإسرائيلي
- -تسنيم- تنفي وقوع أي انفجار في أصفهان
- هجوم إسرائيلي على أهداف في العمق الإيراني - لحظة بلحظة
- دوي انفجارات بأصفهان .. إيران تفعل دفاعاتها الجوية وتؤكد -سل ...
- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - بين سلمية الثورة وعنف السلطة