أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راتب شعبو - أبو طالب وأم اسماعيل














المزيد.....

أبو طالب وأم اسماعيل


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6292 - 2019 / 7 / 16 - 18:10
المحور: الادب والفن
    


"لا يجوز أن أدحل سطحي وأترك سطح جاري، ستكون أنانية مني"، قال أبو طالب في سريرته. وتابع يخاطب نفسه "سيهطل المطر مساء اليوم كما يبدو، كيف أرضى أن استمتع بسطح لا يدلف فيما ينام جاري تحت الدلف". بعد أن أنتهى من دحل سطحه انتقل أبو طالب إلى سطح جاره أبي اسماعيل، نثر الرماد جيداً على السطح، ثم بدأ يدحله برضى شديد عن النفس.
كان المطر بدأ ينهمر حين وصل أبو اسماعيل، الذي كان يحرث أرضه البعيدة مع عائلته، إلى بيته. فشكر أبا طالب كثيراً على فعله الكريم، وقال إن الجار القريب خير من الأخ البعيد، واستراح هانئاً تحت سطح مدحول لا يدلف. ولم تكفّ ام اسماعيل عن تكرار الشكر والامتنان للجار الخدوم. في الليل قال أبو اسماعيل لزوجته: "كم هو محترم هذا الجار". وفي السهرات تحدث الزوجان عن أبي طالب وشهامته. ولكن في الواقع لم يفعل ابو طالب هذا طمعاً في أي مقابل مهما يكن.
وهكذا ثابر أبو طالب على العناية بسطح جاره كلما اعتنى بسطحه، دون أن يكترث أكان أبو اسماعيل في البيت أم لا. دائماً يصعد إلى السطح حاملاً من الرماد ما يكفي لسطحين، وأحياناً كان يؤجل العمل على سطحه إلى حين الانتهاء من سطح جاره، وعندها إذا لم يعطه المطر الوقت الكافي فإنه كان يهبط تاركاً سطح بيته دون عناية.
اعتاد أهل القرية على رؤية أبي طالب وهو يدحل سطح أبي اسماعيل، بات هذا المنظر عادياً، حتى صاروا حين يرون أبا اسماعيل على سطح بيته يقولون: عسى أن يكون أبو طالب بخير. واعتادت عائلة ابي اسماعيل على هذه الخدمة الثابتة التي يقدمها أبو طالب، والتي صارت بالنسبة لهم أمراً شبه طبيعي.
وقد صادف يوماً أن أبا اسماعيل كان نائماً حين أيقظه صوت حركه على سطحه، فتعكر مزاجه وكظم غيظه، غير أن ام اسماعيل قالت بحذر وهي ترى انزعاج زوجها: "أحياناً يكون ابو طالب مزعجاً". لم يعلق ابو اسماعيل على قولها، ولكنه في الواقع كان يريد أن يقول ما قالته حرفياً.
ذات يوم هطل مطر غزير لم يكن ابو طالب قد تنبأ به، واصل المطر انهماره دون رحمه، وتمكنت الماء من اجتياز كل التحصينات والتغلغل عبر الشقوق الناعمة والدلف عبر سطح أبي اسماعيل. اضطرب حال عائلة أبي اسماعيل وهم يواجهون هذا الدلف غير المتوقع. كانت حركة ام اسماعيل لا تهدأ وهي تضع الصحون والطناجر وكاسات الشاي تحت نقاط الدلف كي لا تسيل الماء في أرض البيت وتحيلها إلى عجين ترابي زلق. ومع وضع كل وعاء في المكان المناسب كانت ام اسماعيل تفرغ قهرها بالصراخ: "لعن الله والدك يا أبا طالب"، "لو لم تكن ابن زنى لدحلت السطح وحميتنا من هذا الشحّار"، "أرجو من الله تعالى أن تفارقك روحك القذرة قبل أن يتوقف هذا المطر". وبينما هي في سعيها هذا، كان أن سقطت دفقة من الدلف على رأسها وهي تستعد لوضع صحن آخر في مكان دلف جديد، فرمتْ الصحن من يدها بغضب ونظرت إلى الأعلى إلى مكان تسرب الدلف الذي اصاب رأسها ورفعت صوتها بيأس: "ليتني أرقص على قبرك يا ابن الكلب، العمى بقلبك وقلب من يوكل سطحه لك".
أما أبو اسماعيل فكان منكمشاً على نفسه في زاوية آمنة، وهو يراقب تزايد نقاط الدلف من السطح، ويمتلئ رغبة بالانتقام من أبي طالب مع امتلاء الصحون والطناجر والكؤوس بالماء.
وفي البيت المجاور كانت أم طالب توبخ زوجها قائلة "لا شك إنك دحلت سطح ام اسماعيل وتركت سطحنا يا مقصوف العمر، فقط كي تهنأ ام اسماعيل وترتاح فيما أنا أسابق الدلف هنا من مكان لآخر مثل كلبة جرباء. ليتني أترمل قبل أن يتوقف هذا المطر".

كانون ثاني 2016



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار لصالح مركز حرمون للدراسات المعاصرة
- العلمانية من منظور الأقليات الدينية
- العلويون السوريون بين الانفتاح والانعزال
- مديح المفاجأة
- السودان، خطوة إلى الأمام ومخاطر متربصة
- الهزيمة المؤسسة للهزائم
- نفوس مفخخة
- الاستبداد بوصفه نزوعاً شخصياً
- اتفاق داريا، الأرض مقابل الحياة
- حوار، عن الذات وعن الثورة
- هموم لغوية
- سلطات منزاحة
- إلى اختي الصغيرة
- الربيع العربي على خارطة العالم
- الإعلام المزدوج للنظام السوري
- عبد اللع هوشة، الهامش الثري
- عبد العزيز الخير، تجارب متنوعة ومصير واحد
- خصوصيات معلنة
- تسرب المعاني
- الأصل السياسي لمجزرة السويداء


المزيد.....




- BBC تقدم اعتذرا لترامب بشأن تعديل خطابه في الفيلم الوثائقي
- مغني الـ-راب- الذي صار عمدة نيويورك.. كيف صنعت الموسيقى نجاح ...
- أسرة أم كلثوم تتحرك قانونيا بعد إعلان فرقة إسرائيلية إحياء ت ...
- تحسين مستوى اللغة السويدية في رعاية كبار السن
- رش النقود على الفنانين في الأعراس.. عادة موريتانية تحظر بموج ...
- كيف نتحدث عن ليلة 13 نوفمبر 2015 في السينما الفرنسية؟
- ميريل ستريب تلتقي مجددًا بآن هاثاواي.. إطلاق الإعلان التشويق ...
- رويترز: أغلب المستمعين لا يميزون الموسيقى المولدة بالذكاء ال ...
- طلاق كريم محمود عبدالعزيز يشغل الوسط الفني.. وفنانون يتدخلون ...
- المتحف الوطني بدمشق يواصل نشاطه عقب فقدان قطع أثرية.. والسلط ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راتب شعبو - أبو طالب وأم اسماعيل