أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - الأصل السياسي لمجزرة السويداء














المزيد.....

الأصل السياسي لمجزرة السويداء


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6256 - 2019 / 6 / 10 - 13:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعيد الجريمة البشعة التي ضربت السويداء في 25 من الشهر الجاري، وراح ضحيتها ما يزيد عن 250 ضحية، إلى الذهن، الجريمة التي ضربت قرى ريف اللاذقية الشمالي في آب 2013، والجريمة التي ضربت طرطوس وجبلة في أيار 2016. في كل هذه الجرائم توجد إشارة استفهام حول الدور الغائب لقوات نظام الأسد في التصدي لهذه الاختراقات السهلة والبدائية: كيف يتمكن الانتحاريون من تجاوز الحواجزالكثيرة وصولاً إلى الهدف؟ أو كيف تغيب القوى المكلفة حماية القرى، فيفاجأ الأهالي بالمجرمين فوق رؤوسهم ويُقتلون في بيوتهم ثم تأتي النجدات الأهلية قبل ساعات من نجدة قوات النظام التي يفترض أنها ترابض في المناطق التي تشكل خطوط تماس؟
وفي حين تذهب تفسيرات كثيرة إلى أن المجزرة الرهيبة في السويداء، هي نتيجة نوع من تواطؤ غير معلن لنظام الأسد مع داعش، لكي تدفع السويداء ثمن موقفها برفضها الخروج إلى الحرب مع هذا النظام، وحمايتها أكثر من 40 ألف من أبنائها الرافضين الالتحاق بالخدمة الالزامية، وبروز ظاهرة مشايخ الكرامة غير الموالية للنظام؛ فإن تفسيرات موالية لنظام الأسد تذهب إلى القول إن ما جرى هو ثمن "الانتصارات" في الجنوب، كما جاء في جريدة الأخبار في تناولها خبر مجزرة السويداء: "كان لا بد لأحد ما أن يدفع فاتورة الانتصار الذي حققته سورية في جنوبها"، دون أن ندري لماذا يكون هذا "الأحد ما" أهالي السويداء بالتحديد.
لا شك أن هناك تفاصيل مريبة تحيط بهذه المجزرة، مثل نقل دواعش مخيم اليرموك إلى منطقة الأشرفية والعورة في شمال شرق السويداء في أيار الماضي، وسحب القوات النظامية من محيط القرى من حوالي الشهر، ثم سحب الأسلحة من الناس قبل بضع ايام من المجزرة، وصولاً إلى اطفاء الكهرباء في ليلة الجريمة، ..الخ، هذا فضلاً عن حرية تنقل عناصر داعش بالمئات وبسيارات دفع رباعي في منطقة مكشوفة ويفترض أنها منطقة عمليات عسكرية خاضعة للمراقبة، وكيف انسحب من نجا من هذه العناصر بعد المجزرة بالسيارات في الوقت الذي يمكن لحوامة واحدة أن تدمرها بسهولة ..الخ.
ولا شك أن لدى أهل السويداء شعور راسخ بتعرضهم لخيانة ما، وهو الشعور الذي دفعهم لطرد دوريات الأمن التي جاءت إلى القرى بعد المجزرة، ولطرد وفد النظام (المحافظ وقائد شرطة المحافظة وأمين فرع الحزب) من تشييع ضحايا المجزرة.
غير أن وراء هذه الواجهة "العسكرية" أصل سياسي منتج للمجازر يجب رؤيته والتوقف عنده دون الضياع في تفاصيل المجزرة. التقدم العسكري الذي يحققه النظام اليوم، سبقه نشاط سياسي وإعلامي حثيث عزز العزل السياسي للجماعات المسلحة التي تواجه نظام طغمة الأسد بوصفها جماعات متمردة بلا مشروع سياسي أو جماعات إسلامية متطرفة.
غير أن التقدم العسكري للنظام، رافقه، وعلى طول الخط، تراجع حاد في شرعيته السياسية الداخلية: أولاً، حين عرض أبشع أنواع الممارسات العنفية ضد الأهالي، والتي تضعه في خانة الغزاة والمحتلين، ولاسيما استخدام السلاح الكيماوي والتهجير القسري والنهب والعبث في التركيب الديموغرافي للبلد. وثانياً حين عرض تبعية سياسية وعسكرية مهينة، فبات الروس والإيرانيون يفاوضون الأهالي والجهات السورية المعارضة بدلاً من النظام، ما أظهره كقوة أجنبية تجاه الأهالي. وثالثاً، حين عرض عجزاً عسكرياً تاماً إزاء الاستباحة الاسرائيلية لسورية.
لم يعد في رصيد النظام إذن اي قيمة سياسية داخلية (نؤكد على القيمة الداخلية لأنها مستقلة عن القيمة الخارجية كما تبدو في عيون الدول الكبرى التي لا تكترث كثيراً في القيمة السياسية للنظام وترى أن قيمة نظام الأسد تكمن في مجرد قدرته على الاستمرار، مع قابليته الدائمة للانخراط في المنظومة العالمية بالطبع). لم يعد لطغمة الأسد من رصيد سوى القوة (وهي قوة مستعارة فوق ذلك)، والقوة تعتاش على الخوف، إذن يجب أن يحدث بين وقت وآخر مجزرة مروعة تدفع الناس لإهمال أي قيمة سياسية أمام قيمة الأمان التي يمكن أن يوفرها الطرف القوي.
بدلاً من التنافس السياسي، كرس نظام طغمة الأسد التنافس على القوة، وهذا هو الأصل المنتج للمجازر. الطلب على القوة يزداد مع تزايد الخوف بين الأهالي، وهل هناك ما يخيف الأهالي أكثر من مجزرة مفاجئة تستهدف مدنيين عزل دون تمييز؟ هذه المجازر هي رسالة للجميع ولكل فرد إنه مستهدف ويحتاج إلى حماية قبل اي شيء آخر، حتى لو جاءت هذه الحماية من جهة مرفوضة ولا تمتلك مشروعية. أليس هذا الحال هو حال بعض أهالي درعا الذين فروا خوفاً من تقدم قوات نظام الأسد وكانوا جاهزين لقبول الحماية ولو من إسرائيل؟
حين تأتي هذه المجازر على يد تنظيم مهووس بالقتل، مثل تنظيم داعش، فإن النظام يستثمرها لصالح منطق القوة الذي لم يعد يمتلك سواه، وهذا ما يضع "التغاضي والتسهيلات" المفضية إلى هذه الجرائم المروعة موضع التصديق. هذا يشكل إدانة كافية لنظام الأسد، حتى لو كانت المعلومات المتعلقة بهذا الجانب خاطئة. يكفي أن يكون الوعي السوري العام، أو الجزء الأكبر منه، مستعداً لقبول فكرة تواطؤ النظام مع داعش، حتى يكون ذلك إدانة كافية للنظام. يكفي أن يجد الأهالي في إسرائيل ملاذاً من النظام ليكون ذلك إدانة له وليس للأهالي الذين يبحثون عن أمانهم ويفرون بحياتهم وأطفالهم أينما كان.
حسناً فعل أهالي السويداء في طرد ممثلي النظام من عزاء أولادهم وأحبتهم، وحسناً فعلوا حين تصدوا ببطولة وبوسائلهم البسيطة لمجرمي "الدولة" في غياب الدولة، ولكن الراجح، في ظل سيادة منطق القوة، أن حصيلة المجزرة سوف تميل، مع ذلك، إلى زيادة طلب الأهالي على قوة النظام، الذي سوف يزداد طلبه بالمقابل على المجازر.
بقاء النظام الذي يستمد شرعيته من القوة، هو بيئة مجازر لا تنتهي، ولا مخرج منها إلا بالتحول إلى نظام ذي شرعية سياسية. أو، بلغة ابن خلدون، لا خروج لنا من بيئة المجازر المتنقلة والمتكررة إلا في التحول من "المُلك الطبيعي" إلى "المُلك السياسي".



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تواطؤ الثقافة
- كابوس دانيال
- عين واحدة تكفي (إلى منير شعبو)
- عن كتاب -حكم العنف- لسلوى اسماعيل، مركزية الذاكرة في تكوين ا ...
- ادلب، من المستبد إلى المستعمر
- بلا اسماء
- شباب من سورية في باريس
- المدن كوجبات سياحية
- بين فرنسا وسورية
- السترات الصفراء، بين الشعب والمؤسسة
- أفعال مشينة
- مراجعة في الثورة
- الحرب في إدلب، لا عزاء للسوريين
- الطائفية و-الرماد الثقيل-
- اللجوء بوصفه تهمة
- متحف للدم الحار
- أخرج من سوريا كي أعود إليها
- مواطنون وأعداء
- فلاحو سوريا، التاريخ ما وراء حجاب السياسة 2
- فلاحو سوريا، التاريخ ما وراء حجاب السياسة 1


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - الأصل السياسي لمجزرة السويداء