أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - الإعلام المزدوج للنظام السوري














المزيد.....

الإعلام المزدوج للنظام السوري


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6267 - 2019 / 6 / 21 - 22:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في ثمانينات القرن الماضي كان النظام السوري منخرطاً في مواجهة أمنية عسكرية مع الإخوان المسلمين، وكان إعلامه يصم الآذان في كلامه عن الرجعية وعملائها وعن الامبريالية وأذنابها. وفي الوقت نفسه كان النظام يعمل بدأب وحزم، وتحت غبار معركته المفتوحة مع الإخوان المسلمين حينئذ، على استئصال كل قوة سياسية مستقلة، أكان يمكن إدراجها ضمن القوى الرجعية والامبريالية أم لا، أكانت يمينية أم يسارية، سلمية أم عنيفة، إسلامية أم علمانية، لا يهم، المهم أنها قوة مستقلة عن النظام، لم ينشئها النظام أو لم يتمكن من وضعها تحت إبطه بحيث تصبح طوع بنانه.
ودائماً كان للنظام السوري إعلامان لتغطية هذا السلوك: إعلام ظاهر وإعلام باطن. إعلام يتوجه به إلى العالم وإلى عموم الشعب السوري، وآخر يتوجه به إلى أنصاره وخاصته. الإعلام الأول وسيلته الصحف ومحطات الإذاعة والتلفزيون وخطابات المسؤولين أمام الناس. والإعلام الثاني وسيلته جهاز الحزب والمنظمات التابعة له والإشاعات والجلسات الخاصة وكلام المسؤولين أمام الدوائر الضيقة من المحظيين. مثلاً في الإعلام الرسمي الظاهر يكون الاتحاد السوفياتي صديقاً وفياً، وفي الإعلام الأسود أو إعلام الباطن، يكون الاتحاد السوفياتي متخاذلاً ولا يقدم لنا الأسلحة التي تجعلنا ننتصر. في الإعلام الرسمي تكون أحداث الإخوان في الثمانينات هجمة امبريالية رجعية تبرر ضرب حاملها الداخلي وهم الإسلاميون، وفي الإعلام الباطن يكون الشيوعيون أكثر خطراً من الإخوان بما يوجب ضربهم واستئصال شأفتهم. طبعاً المقصود هنا الشيوعيين المستقلين عن النظام والخارجين عن إرادته التي لا يرتاح حتى يفرضها حتى على الأطفال.
وما ينظم سياسة النظام الأمنية هو الإعلام الأسود الباطن وليس الإعلام الرسمي الظاهر. فحين يمكن أن يسبب تعارض هذين الإعلامين إعاقةً في التنفيذ العملي للسياسة الأمنية يكون الحل بالمزيد من الكذب. مثلاً حين كانت تتم مداهمة بيت أحد أعضاء حزب العمل الشيوعي في سوريا أو الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي (وهما الحزبان الشيوعيان اللذان تعرضا لعنف قمعي رهيب خلال فترة صراع النظام مع "الهجمة الرجعية الامبريالية") كان يُعبأ أفراد مجموعة المداهمة بمعلومات كاذبة عن الشخص تفيد بأنه مسلح، أو، أكثر من ذلك، تفيد بأنه من الإخوان. الهدف هو ضرب أدنى تعاطف يمكن أن ينشأ في دخيلة عنصر الأمن (والكثير منهم مجندون وليسوا متطوعين) تجاه اعتقال شخص شيوعي (غير رجعي) ومسالم (غير مسلح)، ولا ينبغي بالتالي اعتقاله بحسب الإعلام الظاهر.
اليوم تتكرر على مستوى أشد وأقسى حكاية الإعلام المزدوج. الإعلام الظاهر يتحدث عن جماعات أو عصابات مسلحة تخرب وتروع وتوقظ الفتنة ويجب قمعها وتطهير البلاد منها، ويجري الحديث في الوقت نفسه عن معارضة وطنية سلمية لها احترامها وحقها وحريتها. أما في الإعلام الباطن فيقال إن المثقف أخطر من حامل السلاح، وإن الكلمة الناقدة للنظام تشكل تغطية للرصاصة القاتلة. وتدأب أجهزة الأمن على اعتقال المثقف الذي يعبر عن رأيه ثم يتكفل الإعلام الباطن بالكذب ونشر الإشاعات لتشويه صورة المثقف وتبرير اعتقاله. والمؤسف أن هناك مثقفين يخدمون هذه الآلة الإعلامية المزدوجة حين يروجون، دون أي حس نقدي ودون أي حس بالمسؤولية، شائعات مختلقة بحق مثقفين سوريين لمجرد كونهم معارضين.
بكل بساطة يتحول مثقف معارض، عاش بؤس أن يكون الشخص معارضاً في ظل الاستبداد، إلى شخص انتهازي وعميل يبيع ذمته بالدولار، وذلك على لسان مثقفين نافقوا وانتهزوا وخبروا جيداً أروقة الأجهزة ونكهات قهوتها ولذة تسهيلاتها. إعلام مزدوج لا يجعل الإنسان السوري يستقر على يقين، أعلام يزرع الشكوك بين أبناء الوطن الواحد وينسف روابطهم المشتركة في كل مكان.

أيار 2013



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد اللع هوشة، الهامش الثري
- عبد العزيز الخير، تجارب متنوعة ومصير واحد
- خصوصيات معلنة
- تسرب المعاني
- الأصل السياسي لمجزرة السويداء
- تواطؤ الثقافة
- كابوس دانيال
- عين واحدة تكفي (إلى منير شعبو)
- عن كتاب -حكم العنف- لسلوى اسماعيل، مركزية الذاكرة في تكوين ا ...
- ادلب، من المستبد إلى المستعمر
- بلا اسماء
- شباب من سورية في باريس
- المدن كوجبات سياحية
- بين فرنسا وسورية
- السترات الصفراء، بين الشعب والمؤسسة
- أفعال مشينة
- مراجعة في الثورة
- الحرب في إدلب، لا عزاء للسوريين
- الطائفية و-الرماد الثقيل-
- اللجوء بوصفه تهمة


المزيد.....




- بعد 26 عامًا على رحيلهما: صور نادرة من -حفل الزفاف السرّي- ل ...
- حراشفه مميزة.. كيف صمد هذا الحيوان في وجه الصيد الجائر؟
- تركي الفيصل بعد صورة نتنياهو التوراتية لإسرائيل: هل سيمضي لا ...
- غزة تسجل 4 وفيات جديدة بسبب الجوع و100 منظمة دولية تتهم إسرا ...
- غضب لا يهدأ في صربيا: اشتباكات وأعمال عنف خلال مظاهرات بين م ...
- العمل أربعة أيام في الأسبوع مفيد للصحة، فلماذا لا يتم اعتماد ...
- سوريا: حصان هارب في شوارع دمشق
- السلطات الأميركية تثبّت أجهزة تتبُّع في شحنات شرائح الذكاء ا ...
- تنديد فلسطيني وعربي بمشروع سموتريتش الاستيطاني وحماس تدعو لل ...
- ترامب وبوتين يلتقيان الجمعة في ألاسكا وزيلينسكي بلندن لبحث إ ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - الإعلام المزدوج للنظام السوري