أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال عبود - حكايا جدو أبو حيدر -19-














المزيد.....

حكايا جدو أبو حيدر -19-


كمال عبود

الحوار المتمدن-العدد: 5325 - 2016 / 10 / 27 - 23:21
المحور: الادب والفن
    


**النّغلْ**

هناك ، تحتَ شجرةِ صنوبر كبيرة ، في حديقة عامّة ، على مقعدٍ خشبيٍ باهِتٌ لَونُهُ ، قديمٌ طلاؤه ، أضلاعهُ الخشبيّةُ تخفي أنين أشخاصٍ جلسوا عليه يوماً ، وربما تخفي حكاياتٍ فيها بعضُ أسرارٍ وبعضُ فرح... هناكَ جلستُ ، وضعتُ عكازي على يميني ، ورحتُ أجوس بناظري إلى الأعلى ، حيثُ خيوط الشمس الذهبيّة ، تلتّفُ جدائلاً مع خيوط الورق الإبري لشجرة الصنوبر الجميلة.


من الطبيعي التحاور مع الأشياء ومع النفس ... أتحاور الآن مع الأوراق المبعثرةِ فوق الارض - جميلة هذه الأشكال الفوضويّه - وتلك الحصى اللامعة أحياناً ، وهذه عصافير الدوري الذكية التي تعرف أين تعيش وأين تجد مأكلها ...

وتلك حجارة الطريق المرصوفة بعناية وحكاياتُ من رتّبها ، ومن نسّق الأزهار حول بركِ الماء ونوافيرها الصغيرة ؟ ثمّة قَصصٌ وحكايات يُحضِرُها الجالس فوق المقعد الحزين ... كم تملك من أسرار وآهات وآمال البشر الذين جلسوا فوقك وسمعت أحاديثهم وربما بوحهم وشكواهم أيها المقعد العجوز مثلي؟
كم مرّ أمامك عشّاقٌ وصبيةٌ صغار يتقافزون كما الكرات أم يهيمون بأذرعتهم كما فراشات الربيع ..؟

هذا اليوم كانت حكايةُ ** النغل **
والنغلُ يا سادتي لقبٌ لرجلٍ عرفته من تسعةٍ وعشرين عاماً ولم أره من ذلك الحين ، افترقنا متخاصمين في الرؤى والأهداف - لكنّهُ - والحق يُقال - أطربنا مدة طويلة بصوته العذب ، ولأنه ليس عندليباً ولا كناراً أو حسوناً فقد حمل لقب "النغل"... مرّ أمامي ، نظرَ بإتجاهي ، تجاوز المقعد بخطوات .. وقف وتراجع إلى الخلف ..
جلس قربي قائلاً : مرحباً
قلتُ : أهلاً وسهلاً.
نغمةُ الصوتِ جذبتني ، نظرتُ فإذا هو النغل!
قال : أراك هنا ..؟ أما عرفتني ..؟
قلتُ : العتب على الذاكرة .. ذَكّرني ..؟ آه أنت النغل ، كيفك ..
قال : ماذا تعمل هنا ؟
قلتُ وماذا يعمل كهلاً مثلي ..؟ وقلتُ- عن قصد- دون مواربةً : أتجسّسُ على الناس...
قال : حسبتُكٓ تجاوزت الماضي .. وارتحت من الهموم ..
قلتُ: نحن متخاصمان ، ولا يهمني من الماضي إِلَّا عبرتهُ ... كيف حال رفاقك ..؟
قال : ألا تقرأ لهم .. ؟
قلتُ بلى ... بضعةٌ منهم يكتبون جيّداً .. ثائر.. وكمال .. ونبيل .. والكردي الجميل صاحب الابتسامة الدائمه ، أمّا الآخرون - زباله - كما عهدتهم عن قربْ ..

امتّد الحديث ساعة وأكثر قليلاً ، قال أثناء الحديث : عندي سوْال خاص ..؟
قلتُ أعرفهُ .. تعال ... وهمستُ في أذنه ( ... ... ... ) .
تراجع إلى الخلف ..
: لماذا لم تقل هذا ذاك الوقت البعيد ...؟ لماذا حملت الهمَّ كل الوقت؟
قلتُ لأَنِّي أحبكم ولا أريد أن تتناحرون مع بعض ..
قلتُ وأنت ماذا تفعل ..؟
قال وضعي مثل تلك الحكاية:

( نظر الجملُ إلى نفسهِ مُتحسّراً وقال مُخاطِباً ربّهُ : ياالله خلقتني بشكلٍ مقيت ... فقبلتُ .. خلقتَ لي سناماً غليظاً .. فارتضيتُ .. جعلتَ لي خفّاً أدوس بهِ على الرمال الحارقه ، اعيشُ في الصحاري .. أجوع وأتحمّلُ العطشَ أياماً وليالي .. قبّلتُها حكمتكَ راضياً .. أمَّا أن تجعلَ الحمار يقودني ... فهذه صعبة ... صعبة وكبيره .. كبيره كتييير ).
قلتُ : صار لك تسعةً وعشرينَ عاماً ولم تعرف أنّ من يقودَ ثورتكم حمار ....؟
قال : شو قصدك ...؟
قلتُ - مُتعمداً -: ما يلبق لك لقب نغل ... يليق بك وصف (البغل)*
غادر الرجل ...
قلتُ أحاور نفسي : ما كان يجب أن يزعل ... ربّما لن أراهُ الّا بعد تسعةٍ وعشرين عاماً .. في الآخره

*****
* البغل يُرجِعُ أصلُه الى الحصان ، يقولون له : من أباك أيها البغل فيقول : خالي هو الحصان. كنايةً عن الخجل من أصل والده الحمار - تماماً كحال ( ثوار ) اليوم ، لا أصلَ لهم.
* النغل: طائر ليس عندليباً أو كناراً ولا حسوناً ، هو نتاج تلقيح زوجين مختلفين من الطيور حسنة الصوت.



#كمال_عبود (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آمِنَة
- أوراقٌ خريفيَّة
- حكايا جدو أبو حيدر -18-
- دِلاءٌ ليستْ للبيع
- حكايا جدو أبو حيدر -17-
- من وحي العيد
- من وحي الحرب -1-
- عواطف
- حكايا جدو أبو حيدر -16-
- حكايا جدو أبو حيدر -15-
- حكايا جدو أبو حيدر -14-
- حكايا جدو أبو حيدر -13-
- حكايا جدو أبو حيدر -12-
- حكايا جدو أبو حيدر -11-
- قطراتٌ من نبعها
- حكايا جدو أبو حيدر -10-
- حكايا جدو أبو حيدر -9-
- حكايا جدو أبو حيدر -8-
- للقصيدةِ أنتمي
- حكايا جدو أبو حيدر -7-


المزيد.....




- مهرجان البحر الاحمر يشارك 1000 دار عرض في العالم بعرض فيلم ...
- -البعض لا يتغيرون مهما حاولت-.. تدوينة للفنان محمد صبحي بعد ...
- زينة زجاجية بلغارية من إبداع فنانين من ذوي الاحتياجات الخاصة ...
- إطلاق مؤشر الإيسيسكو للذكاء الاصطناعي في العالم الإسلامي
- مهرجان كرامة السينمائي يعيد قضية الطفلة هند رجب إلى الواجهة ...
- هند رجب.. من صوت طفلة إلى رسالة سينمائية في مهرجان كرامة
- الإعلان عن الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي ...
- تتويج الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في د ...
- -ضايل عنا عرض- يحصد جائزتين في مهرجان روما الدولي للأفلام ال ...
- فنانون سوريون يحيون ذكرى التحرير الأولى برسائل مؤثرة على موا ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال عبود - حكايا جدو أبو حيدر -19-