|
حكايا جدو أبو حيدر -13-
كمال عبود
الحوار المتمدن-العدد: 5260 - 2016 / 8 / 20 - 14:50
المحور:
الادب والفن
كلب وأسد ***** على طرفٍ غير بعيد من الغابةِ ، تقع قرية سكانُها فلاحون ، بيوت القريةِ متراصّةٌ وأزقتها ضيّقة ، في ليالي الشتاء الباردة الطويلة ، وأيام الصقيع القارس ، تنحصر الأُسرُ في البيوت ... لا شئ في الخارج ، حتى دخان المواقد الخشبية لاتُرى في عتمات الليالي الحالكات ... وحدها كلاب القرية كانت تتجوّلُ على الأطراف. خرج أسدٌ من الغابة مُتجهاً إلى القريةِ في ليلةٍ صقيعيةٍ قاسية ، رأتهُ كلاب ُ القريةِ فهربت من أمامهِ ... لم تنبح ... كأنما أصابها الخرسُ ، ولم يُسمع لها حركة ، كَأَنَّ القرية من دون كلاب. دخل الأسدُ القريةٰ باحثاً عن فريسة ، مشى في أزقتها الخالية ، كان ثمة كلباً لم يستطع الاختباء ، بل وقف فوق سطحٍ عالٍ وحين رأى الأسد صار ينبح وينبح ويعلو نباحهُ ، والأسدُ في الزقاق ينظرُ إليهِ ، ولا يستطع فعل شئ... قال الأسد قبل أن يخرج من القرية : أعرفُ أنَّك لا تقارعُ أسداً بل الموقع الذي أنتَ فيه هو من يجعلكَ تنبحْ.
قال جاري مُعلقاً على الحكاية : ليست الشجاعة ، بل الموقع هو من يجعل البعض ينبح سواءً كان جوّا البلد أو برّا ، عند الخليج أو عند المحيط.
الخيّاط ماهر ***** تعلّم ماهر الخياطة ، تعلّمها بسرعة ، أتقنها ، من يُحِب المهنةَ يُبدِعُ فيها ، أثنى عَلَيْهِ المعلّم : أنا فخورٌ بك ، أنت ممتاز ، استلمْ الورشة منذ الآن ، أنت المسؤول عن الجميع في غيابي... مرّت أشهر وإدارةُ ماهر للورشةِ ممتازة ، وفي إحد الأيامِ قدمتْ فتاةٌ تتراقصُ في مشيتها ، دخلت الورشةَ وقالت ل ماهر بأسفٍ : هذا البنطال بحاجةٍ لتعديله على مقاسي. قال ماهر : تكرمي يا أختي ، ارجعي مساءً... أصلح ماهر البنطال ، عدّلَ مقاسهُ كما طلبت صاحبتهُ ، وفي المساء سلّمها وأخذ الأجرة... في اليوم التالي ، جاءت الفتاةُ مُكفهرّةَ الوجهِ ، غاضبةً ... قالت للمعلم : لقد نزعتم البنطال ، إِنَّهُ جديد ، شو هاالخياط الجاهل ، أنا أعرفك معلّم خياطة مشهور ...
قال المعلّم يُهدئ من روعها : إهدائ .. روقي .. أنا سأصلحُهُ بيديَّ ، تفضلي نأخذ القياس من جديد... غادرت الفتاة ، نظر ماهر الى المعلّمِ متوقعاً توبيخا وربما ازدراءً وسخريةً لكنَّ المعلم نظر مُبتسماً إلى ماهر قائلاً : احتفظ بالبنطال حتى المساء عادت الصبيّةُ مساءً ... بادرها المعلّم : أهلاً وسهلاً ، تفضلي ، ادخلي وجرّبيه ...
خرجت الصبيّة من غرفةِ التجريب مشرقةَ الوجه ، بشوشة ، ابتسامتها عريضة وعيناها فرحتان ، قالت للمعلّم : اي هكذا يفعل المعلم المشهور ، ما متل الناس الحمير اللي ما لهم علاقه بالمهنة... ودفعت الأجرة مضاعفةً وخرجت مسرورة... كانت نظرات ماهر حيرى ، توّجه بالكلام إلى المعلّم : يا.. قاطع المعلّم ماهراً : كنتُ واثقاً من عملك ولهذا كما رأيت ، لم المس البنطال ولم أعدّلْ بهِ شيئاً ، وأخذتُ الأجر مضاعفاً ، وأنت من صار ... قال ماهر : أنا الفعلُ لديّ وأنا الحمار ..؟
قال ماهر الذي ترك الخياطة: يا عمّي ، الخارج عم يلعب بسوريا مثل معلّمي بالخياطه بدون ما يشتغل أو يخسر شي آلو الصيت والثروة ، وفيه عنا مين بيقول عنه: أحلى معلّم ..؟ قال جدو أبو حيدر : وللحكايةِ اسقاطاتٌ أخرى...
***** اللاذقية، القنجرة، 2016
#كمال_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حكايا جدو أبو حيدر -12-
-
حكايا جدو أبو حيدر -11-
-
قطراتٌ من نبعها
-
حكايا جدو أبو حيدر -10-
-
حكايا جدو أبو حيدر -9-
-
حكايا جدو أبو حيدر -8-
-
للقصيدةِ أنتمي
-
حكايا جدو أبو حيدر -7-
-
حكايا جدو أبو حيدر -6-
-
حكايا جدو أبو حيدر -5-
-
تناغم أزلي
-
حكايا جدو أبو حيدر -4-
-
حكايا جدو أبو حيدر -3-
-
حكايا جدو أبو حيدر -2-
-
حكايا جدو أبو حيدر -1-
-
التيكيّا وأمثاله
-
الأثَافِيّ
-
انْعِطافات الخراب
-
تفاصيل
-
تهويمات في زمن القتل بين برزخين
المزيد.....
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|