أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال عبود - حكايا جدو أبو حيدر -1-














المزيد.....

حكايا جدو أبو حيدر -1-


كمال عبود

الحوار المتمدن-العدد: 5206 - 2016 / 6 / 27 - 01:59
المحور: الادب والفن
    


همهماتْ، همهماتْ ، همهماتْ، همهماتْ، همهماتْ ....

** 1 **

وصلتُ إلى مدينتي ( حماه) ، كان الوقتُ مساءً ، مازال باستطاعتي أن أزور والدتي ، قبل السفر إلى قطعتي العسكرية البعيدة ، دخلتُ البيتَ ، سلّمت على الوالدة...
قالت لي: ألم تتأخر عن السفر ، تعال ، سأحضّر العشاء ، أين كنت؟
قلتُ وأنا اناولها كيساً كان في يدي: كنتُ في تعزية صاحبي!

استلمتْ الكيس ، فتحته ، فاحت رائحة ( الشنكليش) .. ابتسمت الوالدة ( هذا ما تحبه ): تسلم إيديك...
وضعت الوالدة العشاء على الطاولة ، كان ( الشنكليش) في صدر الطاولة ، بدأنا الطعام ، كانت الوالدة مسرورةً وهي تغرف غرفاً من الشنكليش ، تأكل لقمة .. تتلمظ .. طيب .. والله طيب ...

قلت: أكيد طيّب ؟
قالت: لم أذق أطيبَ منه ، يسلم أيدي اللي عملته...
قلتُ: التي عملتهُ ماتت ، كنت في تعزيتها منذ ساعتين...
قالت: من هي ؟ من أين؟
قلتُ أم صاحبي ، يعرف أنكِ تُحبين الشنكليش ، قال لي بعد التعزية: هذا من صنع المرحومة ، هدية لوالدتك التي تحبه...

من أين هي؟
قلتُ من الغاب ، يعني ما من مذهبنا ..؟
تسمّرت أمي في مكانها ، دارت عيناها في محجريهما ، نظرتْ الى الصحن الفارغ على الطاولة...

بعد لحظات ، سمعتُ كلاماً لم افهمهُ
فقط سمعتُ ... همهماتْ.

** 2 **

كنتُ خجلاً من مرافقي ، صعدنا إلى الباص ، بقينا واقفين ، محشورين ، من المدينة إلى القرية ، لم أستطع أن أقلّهُ بالتاكسي لغلاء الأجرة ، كان مرافقي أول مرة يأتي إلى القرية ضيفاً...

وصلنا ألى البيت ، استقبلتنا الوالدة: أهلاً وسهلاً ، حيّاكم الله...
قال الضيفُ: كيف حالك يا خالة؟
قالت: الحمد لله ، إن شاء الله تبقوا بخير...

دلفت الوالدة الى المطبخ. بينما أجلستُ ضيفي في الصالون أخذت منه كيساً قال إِنَّهُ للوالده وقال: إكراماً لها كوني أزورها للمرة الاولى.....

تبعتُ الوالدة إلى المطبخ: اعملي الغذاء يا أمي لو سمحتي...
قالت أمي: من هذا ، لم تقل أنَّك ستجلب أحداً...
قلتُ: إنّه قادمٌ من عند أخي من الشام... خذي هذا الكيس!

فرحت الوالدة ، قالت: كيف حال أخيك ، ما أخباره ، ومن صديقه هذا؟

وفتحت الكيس ....
كانت داخله جلّابيّة جديدة ، وغطاء رأس...
فرحت بهما جداً: إِنَّ اللون يناسبني ، ونوع القماش أيضاً...

تسلم أيدي أخيك ، ذوقه حلو...
قلتُ: الهديه ليست من أخي ... إنها من صديقه الذي يجلس في الصالون ، وهذا الشاب يا أمي ... هذا ما من مذهبنا ...
تسمّرت في مكانها ... دارت العينان في محجريهما ، نظرت إلى الهدية الجميلة ...

بعد لحظات ، سمعتُ كلاماً لم افهمهُ
فقط سمعتُ ... همهماتْ.

** 3 **

خرجتُ من الجامع ( الجديد) ، هو ليس جديداً ، عمره أكثر من مئة عام ، لمّا بُنيَ أطلقوا عليه الجديد وبقي هكذا...
الجامع ليس بعيداً عن سوق القزازين ، ذهبت لمحل يقصُ الزجاج ، قلتُ للولد الجالس في المحل: أين المعلّم؟
قال: في الجامع ، سيأتي حالاً...

على باب المحلّ وقفتُ أنتظر ، وإذ بصديقٍ لي يقف جنبي ، ويقول: كيفك؟ اشتقنالك ، كيف الأولاد ، ليش ما تزورنا ..؟
كنتُ بدوري أسأله عن حاله والعمل .. عن الأولاد والأصدقاء المشترَكين.

في نفس الوقت ، دخل صاحب المحل وبعد لحظات دخلت اِمرأه مغطاة الرأس تسأل عن عطيّة ما:
قالت: من مال الله؟
قال صاحب المحل: روحي الله يبعث لك...
قالت: زوجي مريض وأولادي جائعون ، و....
قال صاحب المحل وهو يكزُّ على أسنانه: روحي .. اطلعي برا .. العمى .. خليصينا .. بدنا نشتغل ... أف....

خرجت المتسوّلة مُطرقة الرأس ، بعد عدة أمتار قليلة استدارت على صوت صاحبي أبو جورج ورجعت...
ناولها صديقي ورقة نقديّه وقال: حرام كسر الخواطر...

التفتَ صاحب المحل نظر إلى ابي جورج ، وحين رأى الصليب الذهبي على صدر صديقي يلمعْ ، تسمّر في مكانه... دارت العينان في محجريهما ... دققَ النظر ملياً في الصليب الصغير...

بعد لحظات ، سمعتُ كلاماً لم افهمهُ
فقط سمعتُ ... همهماتْ.

** 4 **


كنت جارهم الجديد، سكني في ( القحطانيّة ) ، هناك عرفتها ، الفتاة الطبيعية ،... عفوية الحركات .. رقيقه الطباع .. بسيطة اللباس والتعابير .. سلسة غير متكلّفه .. ومثقّفة دون شهادةٍ أكاديميّه ... كرديّةَ الحبِّ والهوى ...
إنّها قمر كردستان الجميل البهي ... صوت الناي وبحة الصوت الصافي .. رقرقة الينابيع ... غزالة جبال قنديل .. الزهرة آلتي لا تذبل ... أقول صادقاً: ...

دخلتُ بيتَها أولَ مرّه ، قلتُ :
سأُعرفكم بنفسي ، أنا غريب عن المنطقة ، أنا ..
قاطعتني شاهيناز:
أهلاً وسهلاً بك ، مين ما كنت .. وشو ما كنت .. ومن أي مكان كنت .. أنت إنسان متلنا .. أنت عا الرأس ..

أعطيتها هدية متواضعة ، أخذتها بفرح .. فَرِحٍ كبير ، فككت غلاف الهديه ( ساعة الحائط ) .. علّقتها في صدر الغرفة .. وقفت في مكانها .. نظرت إلى الساعة: أحلى هدية من أحلى أخ ..
وغمزت بعينها بدلال قائلة لي: خيي.. بدي هدية الي خاصة...

قالت ذلك أمام الجميع ،
قالت ذلك بصوتٍ عالٍ دون ....
همهماتْ .

-----
القنجرة، 2016



#كمال_عبود (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التيكيّا وأمثاله
- الأثَافِيّ
- انْعِطافات الخراب
- تفاصيل
- تهويمات في زمن القتل بين برزخين


المزيد.....




- -بيت الشعر في المغرب- يتوّج بجائزة الأكاديمية الدولية للشعر ...
- عودة الأدب إلى الشاشة.. موجة جديدة من الأعمال المستوحاة من ا ...
- يجمع بين الأصالة والحداثة.. متحف الإرميتاج و-VK- يطلقان مشرو ...
- الدويري: هذه أدلة صدق الرواية الإيرانية بشأن قصف مستشفى سورو ...
- برقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2025 لجميع التخصصات عبر ...
- دورة استثنائية لمشروع سينما الشارع لأطفال غزة
- تصاعد الإسلاموفوبيا في أوروبا: معركة ضد مشروع استعماري متجدد ...
- انطلاق أولى جلسات صالون الجامعة العربية الثقافي حول دور السي ...
- محمد حليقاوي: الاستشراق الغربي والصهيوني اندمجا لإلغاء الهوي ...
- بعد 35 عاما من أول ترشّح.. توم كروز يُمنح جائزة الأوسكار أخي ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال عبود - حكايا جدو أبو حيدر -1-