أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - الوحشية القصوى والجريمة الدامية!














المزيد.....

الوحشية القصوى والجريمة الدامية!


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 5297 - 2016 / 9 / 27 - 10:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يعيش السوريون حالياً ما لم يعش العالم برمته مثيلاً له: الوحشية القصوى والجريمة الدامية، ورغم ذلك، لم نضع يدنا حتى الآن على احتجاج أو استنكار رسمي حقيقي في العالم على ذلك، إلا ما ظهر بصيغة صدى هنا أو هناك، ما يفتأ أن يتلاشى أو يتذرّر تحت قبضات سلاح، أثبت أنه قادر على كشف المستور من العواطف الزائفة، والموغلة في الحقد الأسود الذي يأبى ويصر على البقاء في حيّز «السواد».

وقد أفصح التاريخ البشري عن مثل ذلك بمثال حي نعيش أصداءه، بل وجوده في ما يقوم به راهناً فريق «الحوثيين» في اليمن، يداً بيد مع حلفاء لهم أقسموا على أن يملكوا اليمن كليّاً، أو أن يحرقوا الأخضر واليابس وما بينهما، وهذه الاستراتيجية يراد لها أن تهيمن في العالم برمته، مُحدثةً بذلك ثنائية عالمية، خصوصاً في العالمين العربي والإسلامي.


تلك هي التي تتمثل في الاستئثار الكلّي بالوطن وفق نزعة من الأنانية الشمولية. أما هذه الأخيرة فقد تجلّت حتى الآن في صيغ اجتماعية، وكذلك دينية وأيديولوجية، مُعلِنةً أن هذه الصيغة منها أو تلك هي خاتمة الكمال والعدالة والعظمة والاستجابة لمطامح البشرية في الحرية والكرامة والمساواة. لقد جاء ذلك الفريق اليمني ليفرض نفسه على جميع بني جلدته، وبتحريض من دولة أجنبية، تجد مهمتها العظمى ماثلة في تحويل البشر، أو على الأقل هذا الشعب أو ذاك في اليمن أو العراق أو سوريا.. إلخ، إلى أيديولوجيا طائفية إثنية أو دينية!

ومنذ فجر الإنسانية ظلت المجتمعات الجديدة تعرف اختلافات في الهدف والمصالح ومنذ أنتجت حاجات ومصالح انقسمت بين فريقين، واحد وجد أنه هو وحده المخوّل بامتلاك ثمار تلك الحاجات والمصالح، في حين أن الفريق الآخر أخذ حالة الخذلان والإفقار والتشييء! وظهر ذلك خصوصاً في مراحل الصراع من التاريخ الإنساني القديم بين من راح يبحث عن حريته وكرامته وسعادته، ومن عمل بالقوة والقهر على امتلاك الكل بالكل.

وقد تطور ذلك الحال في عصور لاحقة، حين نشأت إمكانات هائلة للتطور والتقدم والسعادة يداً بيد مع ظهور أخطر وسائل القتل في أحوال النزوع إلى الهيمنة والقتل الشمولي. ولن ننقاد في هذا الطرح باتجاه ما يعلنه بعض «علماء الحياة» من أن ذلك مرتهن بما جدّ ويجدّ في حقل «الجينات» البشرية، بحيث قد يكون هذا نبيلاً بسبب نبل في جيناته، ويكون ذاك دنيئاً بسبب دناءة في جيناته.

وفي سياق ذلك نشأت علوم اجتماعية وأخرى طبيعية، برز ضمن الأولى العلوم السياسية في إطار مجتمعات سياسية ومدنية، وتوصل بعض العلماء إلى ضبط هذا الجديد على صعيد «السياسة والسياسي»، منهم كلاوزفيتش الذي وضع مقولة أراد منها ضبط الممارسة السياسية، حين أعلن أن السياسة إنما هي «فعل الممكن»، أما هذا الممكن فتركه مفتوحاً وفق الظروف والشروط العامة والمهيمنة في المجتمعات المعنية. وحدّد في النهاية أن «السياسة كي لا تخطئ فعليها أن تعمل في حدودها وضوابطها»، وإلا، فإن الأمر قد يقود إلى الأخطاء أو التهلكة.

وقد حدث ما حدث من جرائم في السلم كما في الحرب، قادت إلى كوارث، خصوصاً حين يهيمن نمط من المجموعات أو الطبقات، بصيغة «الاستفراد بالأربعة التالية: السلطة، والثروة، والإعلام، والمرجعية المجتمعية، التي قد تكون حزباً أو أيديولوجيا أو ديناً وغير ذلك»! ومنذ زمن بعيد كنا قد التقطنا ما راح يحدث ويهيمن ويتعمق من ضرورات لإصلاح وطني جديد في سوريا، ومن إنجاز لمشروع عربي في النهضة والتنوير والحداثة على صعيد الوطن العربي، وعلى نمط من الاتحاد المفتوح.

ها هنا تبرز حيثيتان اثنتان لهما في هذا السياق أهمية عظمى، أما أولاهما فتقوم على مطالبة الشعوب العربية علانية وبكثير أو بقليل من الإلحاح بإصلاح وطنها. وكانت تحركاتها من أجل ذلك بمثابة الهدية العظمى، التي على بعض النظم العربية المهيمنة أن تلتقطها، وأن تعمل -وفق الممكن- على الاستجابة لها، فالوطن هو أغلى ما يمتلكه البشر، خصوصاً أنه بإصلاح فاعل ما، تتقارب المواقف وتنحلّ المشكلات ويبقى البلد بخير. أما الحيثية الثانية، فهي تلك التي كبدت بعض الأوطان ثمناً هائلاً، حين لجأ بعض النظم العربية إلى العنف المفرط. وقد كان تحقيق تحديث أولّي مفتوح في حينه سبيلاً لتجنيب تلك الأوطان الدمار.

لقد حدث الآن ما حدث، ولا نجد أفضل من دعوة الأغراب الإيرانيين والروس والأميركيين والآخرين إلى الخروج من العالم العربي، وتركه لأهله، فهم أعلم بشؤون دنياهم. لقد امتد الحريق من العراق إلى سوريا واليمن وليبيا، كلٌّ حسب ظروفه وتعقيداته، فلنرفع دعوة الأخوّة والتضامن والتعاون على حل المشكلات والأزمات في بعض الأقطار العربية، من أجل مستقبل الوطن العربي ككل.



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا ومأساة الاستعمار الجديد
- كُفوا عن عار الخطاب الطائفي
- الطوائف والأعراق.. والآخرون!
- المؤامرة الكبرى على سوريا
- الجرح السوري والنظام العالمي
- النظام العولمي وسيادة القوة
- الجيوش غير الوطنية والانقلابات العسكرية
- خطاب التنوير ضد الإرهاب
- النزيف السوري والتدخل الدولي
- الاستشراق بين الأنا والآخر
- «داعش» وتحديات التاريخ
- أما آن لليل أن ينجلي؟
- من فلسطين إلى سوريا
- الدين لله والوطن للجميع
- سوريا وأسئلة اللحظة
- القصور التاريخي
- من الصهيونية إلى المشروع «الفارسي»
- الأزمة السورية والنهاية العصيّة
- أيها المتحاربون.. راعوا الفئات الضعيفة!
- عودة المشروع النهضوي العربي


المزيد.....




- سؤال صعب خلال فعالية: -مليونا إنسان في غزة يتضورون جوعًا-.. ...
- كيف تبدو تصاميم الحدائق والمناحل الجديدة المنقذة للنحل؟
- ماذا يعني قرار ترامب نشْر غواصتين نوويتين قرب روسيا على أرض ...
- ويتكوف: لا مبرر لرفض حماس التفاوض، والحركة تربط تسليم السلاح ...
- ويتكوف يتحدّث من تل أبيب عن خطة لإنهاء الحرب.. وحماس: لن نتخ ...
- فلوريدا: تغريم تيسلا بأكثر من 240 مليون دولار بعد تسبب نظامه ...
- عاجل | وول ستريت جورنال عن مسؤولين: واشنطن تلقت خلال الصراع ...
- عاجل | حماس: نؤكد مجددا أن المقاومة وسلاحها استحقاق وطني ما ...
- الهند والصين تُعيدان فتح الحدود للسياح بعد قطيعة طويلة
- حتى الحبس له فاتورة.. فرنسا تدرس إلزام السجناء بدفع تكاليف ا ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - الوحشية القصوى والجريمة الدامية!