أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - سوريا ومأساة الاستعمار الجديد














المزيد.....

سوريا ومأساة الاستعمار الجديد


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 5290 - 2016 / 9 / 20 - 10:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ثمة حالة ربما ليست فريدة في تاريخ سوريا، ولكنها تمثل الآن الدرجة الأكثر وحشية وإشكالية في هذا التاريخ، وخاصة في ظل وحشيتها وإشكاليتها وصعوبة فك الارتباط بين الفاعلين فيها على تنوع اتجاهاتهم السياسية والأيديولوجية والأخلاقية، هذا أيضاً دون إغفال هويات ومواقع ما يعتبر أطرافاً أخرى تقدم نفسها بمثابتها محايدة، مثل المنظمات الدولية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة وما يرتبط بها من منظمات ومؤسسات محلية وعالمية، وخصوصاً منها تلك التي تقدم نفسها باعتبارها هياكل تعنى بحقوق الإنسان وبالدول المستقلة وذات السيادة الوطنية.

لقد نقلنا في مقالة سابقة ما قدمه الفيلسوف الألماني كانط وعالم الاجتماع العربي ابن خلدون، من آراء حول أولئك الذين يتدخلون في شؤون دول ومجموعات بشرية أخرى، فلاحظنا أن فكرة «التدخل» تتضاءل إلى فكرة «الزيارة أو الاستضافة» لدى دولة ما، مع احترام كامل للنظام القائم في البلد المعني. أما فكرة التدخل العسكري وما يلحقها على الأصعدة المتعددة، فهي حالة من العداء والتصرف اللاقانوني إزاء البلد المتدخل فيه، وتصل إلى مستوى «الحرابة والتدخل القسري»، وقد تطور ذلك إلى صيغة «الحروب الاستعمارية» الرامية إلى احتلال هذا البلد أو ذاك.

إن ذلك كله وضع بعض الدول المستقلة في حالة شائكة ومتحركة، وخصوصاً في المرحلة الراهنة المعيشة، فها هنا تجد القرار في أيدي الآخر، ويصبح الصراع مفتوحاً في أيدي هذا الأخير، فيحتار الباحث والمحلل في أي اتجاه يقود بحثه، فالحالة التي نعيشها نحن الآن هي نمط من الصراع بين «الكبار» على رقعة الصِّغار، وهذا نموذج أصبح ذا مشروعية في إطار «العولمة» وصُنّاعها الذين يعتبرون العالم سوقاً تمحى فيها الهويات والخصوصيات، لتستبدل بمنظومات سلعية مالية، ما يحدث انقلاباً في المجتمع، وقد يصل الأمر إلى تعريض ما يعتبر ثوابت تاريخية، إلى كونها حالات قابلة للتغيير والتبديل، مثل الهويات الوطنية والإنسانية، فالوطن يتحول إلى طائفة، والإنسان يعود إلى مرحلة «التوحش».

لقد تعاظم الأمر، بحيث أصبح هذان الطرفان الدوليان الكبيران هما المخولان بالتحدث في سوريا وعنها، وازدادت هذه الحالة على نحو تعاظم الخلاف والصراع فيه على سوريا، بحيث ظهر إلى العلن، وراحت المسألة السورية تختزل شيئاً فشيئاً إلى المهاترات بين الأميركي والروسي، وذلك على نحو غابت فيه المنظمات الدولية، وخصوصاً منها الأمم المتحدة، ناهيك عن غياب الطرف السوري نفسه، صاحب العلاقة، كما يفترض، وهذه حالة تدعو إلى الأسى وإلى الشعور بالاستفراد، وكأنها حالة تشي بعلاقة تبعية بين سيد ومسود، كما ظهرت في كتابات عدد من «المستشرقين»، الذين تحدثوا عن ثنائيات «الإبداع والتقليد»، و«السادة والأتباع». وقاد أحدهم ذلك إلى حالة كونية شاملة، حين تحدث عن «الشرق والغرب، اللذين لا يلتقيان»! وإذا كان «كيبلنج»، صاحب هذه الثنائية، قد أوصل المسألة إلى حدودها القصوى بين ذينك الفريقين، فقد أراد أن يحسم المسألة بالقطع بين الشرق والغرب، أو بين الغرب وبين كل العالم. وهكذا يقودنا هذا الخطاب الاستشراقي إلى تسويغ لما يحدث على صعيد الأميركيين والروس من طرف، والغربيين والشرقيين من طرف آخر.

إن ذلك الخطاب الاستشراقي الغربي يفضي بنا، على الصعيد السياسي، إلى الانصياع لما يتردد في بعض الوسائل الإعلامية العامة، وخصوصاً السورية والعربية، حين تتحدث عن المأساة السورية. ويبدو الأمر كأنما هو قائم على العلاقة بين الطرفين الغربيين، وكلاهما استعماري النزعة والسلوك. أما مادة التحدث والحوار بين الفريقين الغربيين، فأمر يخرج من يد أصحاب هذه المادة.

وكما يلاحظ، فإن الحوار بين الفريقين المذكورين لم ينجز سوى الاضطراب والتعقيد، وذلك على نحو يتفقد فيه المعنيُّ بموضوع ذلك الحوار، الوضوح أولاً، والمصداقية، السياسية والأخلاقية ثانياً! وماذا يمكن ذلك أن يعني في مرحلة تبدو برأي البعض وكأنها تبشر بما قد يفضي إلى انتداب أو هيمنة استعمارية، يصر عليها الفريقان المتحاوران؟ إنه قد يعني العودة إلى ما يريده البعض متمثلاً أو قريباً من مشروع سايكس- بيكو الشهير، ذلك المشروع الذي كان يلح على تقسيم سوريا الأم أرضاً وشعباً.

لقد تكلمنا عما أصبح عصياً على الآخرين. إلا أن اتفاقات الفريقين المتحاورين حول الهدنة في سوريا وما يساورها من الأوهام، تدعو أبناء الشعب السوري، بكل أطيافه وتجلياته الطائفية والعرقية والإثنية والعرقية وغيرها، لأن يكونوا حقاً أوفياء لأجدادهم، أمثال يوسف العظمة، وصالح العلي، وسلطان باشا الأطرش، وغيرهم كثير من أمثال خيرو الشهلي وفارس الخوري، ومن ثم أوفياء للوطن الكبير، سوريا العربية الأم، فالمرحلة معقدة أشد التعقيد، فعليهم أن يرتفعوا إلى مستوى الحدث الجلل، وأن ينتجوا وطناً حراً ديموقراطياً، وشعباً سعيداً، وهكذا، تواجه الأمور بتحدياتها الكبرى.



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كُفوا عن عار الخطاب الطائفي
- الطوائف والأعراق.. والآخرون!
- المؤامرة الكبرى على سوريا
- الجرح السوري والنظام العالمي
- النظام العولمي وسيادة القوة
- الجيوش غير الوطنية والانقلابات العسكرية
- خطاب التنوير ضد الإرهاب
- النزيف السوري والتدخل الدولي
- الاستشراق بين الأنا والآخر
- «داعش» وتحديات التاريخ
- أما آن لليل أن ينجلي؟
- من فلسطين إلى سوريا
- الدين لله والوطن للجميع
- سوريا وأسئلة اللحظة
- القصور التاريخي
- من الصهيونية إلى المشروع «الفارسي»
- الأزمة السورية والنهاية العصيّة
- أيها المتحاربون.. راعوا الفئات الضعيفة!
- عودة المشروع النهضوي العربي
- سوريا مَنْ الصديق ومَنْ العدو؟


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - سوريا ومأساة الاستعمار الجديد