صلاح زنكنه
الحوار المتمدن-العدد: 4980 - 2015 / 11 / 9 - 01:22
المحور:
الادب والفن
هذا الحطام الهائل الذي أحدثه القصف الجوي يعيق حركة السير تماما حيث فرق الأنقاذ والأسعاف والأطفاء منتشرة بشكل عشوائي وهي تعمل بارباك واضح , وثمة جثث مرمية
هنا وهناك وعشرات الجرحى يئنون ويستنجدون ونساء يولولن ويلطمن وأطفال يبكون دون هوادة , أما ذلك الرجل الذي يبدو مسؤولا كبيرا ولفافة التبغ لا تفارق شفتيه
, لا يعرف ماذا عليه ان يفعل في موقف كهذا ,
أنه مرتعب بلا شك , اذ أنه برفع رأسه الى السماء بين حين وأخر وكأنه يخشى الكر ثانية , لذا تراه يستعجل مساعديه ويوبخ حراسه الملتفين حوله .
وما ان زعقت صفارة الانذار زعيقا متقطعا معلنة عن غارة جديدة حتى انفض كل من حوله وتوارى هو الأخر كما توارى الناس ولم يبق غير بعض الجرحى وطفل يحبي ظل يدور ويدور بين ركام الجثث والدماء والحطام
وهو يبكي بحرقة ومرارة كأنه قد أضاع لعبته الأثيرة , وفجأة توقف الطفل وكف عن البكاء وتهللت أساريره وارتمى على جثة وراح يشمها ويدس رأسه بين أحضانها لاهثا يردد بلهفة ...
ماما .. ماما .. ماما
والطائرات تحوم وتحوم ...........
صوب نظرة دامعة نحو الطائرة الأولى فهوت ...
صوب نظرة أخرى نحو الطائرة الأخرى فهوت ...
صوب نحو الثالثة والرابعة والخامسة فهوت كلها ...
غفا الطفل ... وعمّ سكون تام .
1991
#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟